للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي السَّمْعِ كُلٌّ مِنْ أُذُنَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ (وَ) فِي إزَالَتِهِ (مَعَ أُذُنَيْهِ دِيَتَانِ) لِأَنَّ السَّمْعَ لَيْسَ فِي الْأُذُنَيْنِ كَمَا مَرَّ (وَلَوْ ادَّعَى) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (زَوَالَهُ) وَأَنْكَرَ الْجَانِي (فَانْزَعَجَ لِصِيَاحٍ) مَثَلًا (فِي غَفْلَةٍ) كَنَوْمٍ (حَلَفَ جَانٍ) أَنَّ سَمْعَهُ بَاقٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ انْزِعَاجُهُ اتِّفَاقًا وَذِكْرُ التَّحْلِيفِ مِنْ زِيَادَتِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْزَعِجْ (فَمُدَّعٍ) يَحْلِفُ لِاحْتِمَالِ تَجَلُّدِهِ (وَيَأْخُذُ دِيَةً) وَلَا بُدَّ فِي امْتِحَانِهِ مِنْ تَكَرُّرِ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ وَلَوْ تَوَقَّعَ عَوْدَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ قَدَّرَهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ اُنْتُظِرَ وَشَرَطَ الْإِمَامُ أَنْ لَا يُظَنَّ اسْتِغْرَاقُهَا الْعُمُرَ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ وَيَجِيءُ مِثْلُهُ فِي تَوَقُّعِ عَوْدِ الْبَصَرِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ نَقَصَ) السَّمْعُ مِنْ الْأُذُنَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (فَقِسْطُهُ) أَيْ النَّقْصُ مِنْ الدِّيَةِ (إنْ عُرِفَ) قَدْرُهُ بِأَنْ عُرِفَ فِي الْأُولَى أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فَصَارَ يَسْمَعُ مِنْ دُونِهِ وَبِأَنْ تُحْشَى فِي الثَّانِيَةِ الْعَلِيلَةِ وَيُضْبَطُ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْأُخْرَى ثُمَّ يُعْكَسُ فَإِنْ كَانَ التَّفَاوُتُ نِصْفًا وَجَبَ فِي الْأُولَى نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ رُبُعُهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ قَدْرُهُ بِالنِّسْبَةِ (فَحُكُومَةٌ فِيهِ بِاجْتِهَادِ قَاضٍ) لَا بِاعْتِبَارِ سَمْعِ قِرْنِهِ فَلَوْ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ قَدْرَ مَا ذَهَبَ مِنْ سَمْعِي قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (كَشَمٍّ) فَفِيهِ دِيَةٌ وَفِي شَمِّ

ــ

[حاشية الجمل]

الْجِهَاتِ وَفِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَالْبَصَرُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ وَتَوَسُّطُ شُعَاعٍ أَوْ ضِيَاءٍ وَمَا زَعَمَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ مِنْ أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى السَّمْعِ لِقِصَرِ إدْرَاكِهِ عَلَى الْأَصْوَاتِ وَذَاكَ يُدْرِكُ الْأَجْسَامَ وَالْأَلْوَانَ وَالْهَيْئَاتِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَثْرَةَ هَذِهِ الْمُتَعَلِّقَاتِ فَوَائِدُهَا دُنْيَوِيَّةٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ جَالَسَ الْأَصَمَّ فَكَأَنَّمَا صَاحَبَ حَجَرًا مُلْقًى وَإِنْ تَمَتَّعَ فِي نَفْسِهِ بِمُتَعَلِّقَاتِ بَصَرِهِ

وَأَمَّا الْأَعْمَى فَفِي غَايَةِ الْكَمَالِ الْفَهْمِيِّ وَالْعِلْمِ الذَّوْقِيِّ وَإِنْ نَقَصَ عَنْ دَرَجَةِ تَمَتُّعِهِ الدُّنْيَوِيِّ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا هَذَا مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى إدْرَاكِهَا التَّفَكُّرُ فِي مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْبَدِيعَةِ الْعَجِيبَةِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَقَدْ يَكُونُ نَفْسُ إدْرَاكِهَا طَاعَةً كَمُشَاهَدَةِ نَحْوِ الْكَعْبَةِ وَالْمُصْحَفِ فَمِنْ فَوَائِدِ الْإِبْصَارِ مُشَاهَدَةُ ذَاتِهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ أَوْ فِي الدُّنْيَا أَيْضًا كَمَا وَقَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَلَا أَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (أَقُولُ) وَيُرَدُّ بِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَكُونُ نَافِعًا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعْرِفَةِ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَلَقَّاةِ مِنْهُ وَذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالسَّمْعِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَفِي سَمْعِ كُلٍّ مِنْ أُذُنَيْهِ إلَخْ) أَيْ لَا لِتَعَدُّدِ السَّمْعِ فَإِنَّهُ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا هُوَ التَّعَدُّدُ فِي مَنْفَذِهِ بِخِلَافِ ضَوْءِ الْبَصَرِ إذْ تِلْكَ الطَّبَقَةُ مُتَعَدِّدَةٌ وَمَحَلُّهَا الْحَدَقَةُ بَلْ لِأَنَّ ضَبْطَ نُقْصَانِهِ بِالْمَنْفَذِ أَقْرَبُ مِنْهُ بِغَيْرِهِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَهُ فَانْزَعَجَ إلَخْ) وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى النَّقْصِ هُنَا وَفِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي إلَّا إنْ عَيَّنَ الْمُدَّعِي قَدْرَ النَّقْصِ وَطَرِيقُهُ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُتَيَقَّنُ نَعَمْ لَوْ ذَكَرَ قَدْرًا دَلَّ الِامْتِحَانُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ إلَّا مَا ذَكَرَهُ مَا لَمْ يُجَدِّدْ دَعْوَى فِي الثَّانِي وَيَطْلُبُهُ اهـ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ حَلَفَ جَانٍ أَنَّ سَمْعَهُ بَاقٍ) وَلَا يَكْفِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ بِجِنَايَتِي لِأَنَّ التَّنَازُعَ فِي ذَهَابِهِ وَبَقَائِهِ لَا فِي ذَهَابِهِ بِجِنَايَتِهِ أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِهِ.

(فَائِدَةٌ) الْحَوَاسُّ الظَّاهِرَةُ خَمْسٌ وَكَذَا الْبَاطِنَةُ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ

خَيَالٌ ثُمَّ وَهْمٌ ثُمَّ فِكْرٌ ... وَذِكْرٌ ثُمَّ حِفْظٌ فَهِيَ خَمْسٌ

وَسَمْعٌ ثُمَّ إبْصَارٌ وَشَمٌّ ... وَذَوْقٌ ثُمَّ خَامِسُهُنَّ لَمْسٌ

لَكِنَّ الْبَاطِنَةَ إنَّمَا أَثْبَتَهَا الْفَلَاسِفَةُ لَا أَهْلُ السُّنَّةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَوَقَّعَ عَوْدَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ إلَخْ) فَإِنْ عَادَ فِيهَا لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَقَوْلُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْهَا خَبِيرَانِ بِأَنْ قَالَا لَا يَعُودُ أَوْ تَرَدَّدَا فِي الْعَوْدِ وَعَدَمِهِ أَوْ قَالَا يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي مَحَلِّ الْخَبِيرَيْنِ مَا هُوَ حَتَّى لَوْ فُقِدَا مِنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَوُجِدَا فِي غَيْرِهِ هَلْ يَجِبُ قَصْدُهُمَا أَمْ لَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ وَقُرْبِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَبَ عَلَى مُرِيدِ إسْقَاطِ أَرْشٍ قَصْدُهُمَا وَإِلَّا فَلَا أَوْ يُقَالُ: لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَسَافَةٍ لِأَنَّهُ بِزَوَالِهِ وَجَبَ الْأَرْشُ عَلَى الْجَانِي فَإِنْ أَحْضَرَهُمَا سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْهُ وَإِلَّا طُولِبَ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِالْأَرْشِ ظَاهِرًا حَتَّى يُوجَدَ مَا يُسْقِطُهُ وَلَعَلَّ هَذَا أَوْجَهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يُظَنَّ اسْتِغْرَاقُهَا الْعُمُرَ) أَيْ الْغَالِبَ وَهُوَ سِتُّونَ سَنَةً وَكَتَبَ عَلَيْهِ مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَ السَّمْعُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ ادَّعَى زَوَالَ بَعْضِهِ مِنْ الْأُذُنَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا وَكَذَّبَهُ الْجَانِي صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ وَقُسِّطَ وَاجِبُ السَّمْعِ عَلَى الزَّائِلِ وَالْبَاقِي إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ اهـ بِاخْتِصَارِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا) أَيْ عُرِفَ مِنْهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَقِسْ عَلَيْهِ نَظِيرَهُ الْآتِي كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا اهـ سم (قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا لَوْ نَقَصَ مِنْ أَحَدِهِمَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ لَا بِاعْتِبَارِ سَمْعِ قَرْنِهِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ فِي السِّنِّ وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ الْمُوَافِقُ فِي الشَّجَاعَةِ اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمِصْبَاحِ يُقَالُ: هُوَ عَلَى قَرْنِهِ مِثْلُ فَلْسٍ أَيْ عَلَى سِنِّهِ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هُوَ قَرْنُهُ فِي السِّنِّ أَيْ مِثْلُهُ وَالْقَرْنُ مَنْ يُقَاوِمُك فِي عِلْمٍ أَوْ قِتَالٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَالْجَمْعُ أَقْرَانٌ مِثْلُ حَمْلٍ وَأَحْمَالٍ اهـ (قَوْلُهُ كَشَمٍّ وَضَوْءٍ) أَيْ فَإِنَّهُمَا مِثْلُ السَّمْعِ فِيمَا ذَكَرَ لَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ أُزِيلَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ مَحَلِّهِ وَجَبَ دِيَتَانِ وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا اُمْتُحِنَ وَلَوْ نَقَصَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَجَبَ الْقِسْطُ وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي الشَّمِّ مُسَلَّمَةٌ وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ لَمْ يَذْكُرْ الثَّانِي مِنْهُمَا وَهُوَ أَنَّهُ إنْ زَالَ مَعَ الْأَنْفِ وَجَبَ دِيَتَانِ لَكِنَّ الْحُكْمَ مُسَلَّمٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشَّمَّ لَيْسَ حَالًا فِي جُرْمِ الْأَنْفِ فَلَا يَنْدَرِجُ وَاجِبُهُ فِي وَاجِبِهِ كَالسَّمْعِ وَالْأُذُنَيْنِ وَغَيْرُ مُسَلَّمَةٍ بِجُمْلَتِهَا فِي الضَّوْءِ بَلْ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يَجِيءُ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>