للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يَقُولَ: لَا أَرَاهُ فَتُعْرَفُ الْمَسَافَةُ ثُمَّ تُعْصَبُ الصَّحِيحَةُ وَتُطْلَقُ الْعَلِيلَةُ وَيُؤْمَرُ الشَّخْصُ بِأَنْ يَقْرَبَ رَاجِعًا إلَى أَنْ يَرَاهُ فَيَضْبِطَ مَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ وَيَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ.

(وَ) تَجِبُ دِيَةٌ (فِي) إزَالَةِ (كَلَامٍ) قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: لَا يَعُودُ (وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ) صَاحِبُهُ (بَعْضَ حُرُوفٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ (لَا) إنْ كَانَ عَدَمُ إحْسَانِهِ لِذَلِكَ (بِجِنَايَةٍ) فَلَا دِيَةَ فِيهِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَزَالَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ (وَتُوَزَّعُ) الدِّيَةُ (عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا عَرَبِيَّةٍ فَفِي) إزَالَةِ (بَعْضِهَا قِسْطُهُ) مِنْهَا فَفِي إزَالَةِ نِصْفِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ حَرْفٍ رُبُعُ سُبُعِهَا لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتَرَكَّبُ مِنْ جَمِيعِهَا هَذَا إنْ بَقِيَ فِي الْبَاقِي كَلَامٌ مَفْهُومٌ وَإِلَّا وَجَبَ كَمَالُ الدِّيَةِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْكَلَامِ قَدْ فَاتَتْ (وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَزَالَ رُبُعُ كَلَامِهِ أَوْ عَكَسَ) أَيْ قَطَعَ رُبُعَ لِسَانِهِ فَزَالَ نِصْفُ كَلَامِهِ (فَنِصْفُ دِيَةٍ) اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ وَلَوْ قَطَعَ النِّصْفَ فَزَالَ النِّصْفُ فَنِصْفُ دِيَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(وَ) تَجِبُ دِيَةٌ (فِي) إزَالَةِ (صَوْتٍ) مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ عَلَى اعْتِدَالِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ لِخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (فَإِنْ زَالَ مَعَهُ حَرَكَةُ لِسَانٍ)

ــ

[حاشية الجمل]

بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ ثُمَّ يَقْرَبُ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَقُولَ سَمِعْتُهُ فَيَعْلَمُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي تَصْوِيرِ الْبَصَرِ بِأَمْرِهِ بِالتَّبَاعُدِ أَوَّلًا فِي مَحَلٍّ يَرَاهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَصْوِيرٌ فَقَطْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ وَهُوَ أَوْجَهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَصَرَ يَحْصُلُ لَهُ تَفَرُّقٌ وَانْتِشَارٌ عِنْدَ الْبُعْدِ فَلَا يُتَيَقَّنُ أَوَّلَ رُؤْيَتِهِ حِينَئِذٍ فَأُمِرَ فِيهِ بِالْقُرْبِ أَوَّلًا لِتَيَقُّنِ الرُّؤْيَةِ وَلِيَزُولَ احْتِمَالُ التَّفَرُّقِ بِخِلَافِ السَّمْعِ فَإِنَّهُ إذَا حَصَلَ فِيهِ طَنِينٌ ثُمَّ أُمِرَ بِالتَّبَاعُدِ فَيُسْتَصْحَبُ ذَلِكَ الطَّنِينُ الْقَارُّ فِيهِ فَلَا يَنْضَبِطُ مُنْتَهَاهُ يَقِينًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقْرَعَ السَّمْعَ أَوَّلًا وَضُبِطَ فَإِنَّهُ يَتَيَقَّنُ مُنْتَهَاهُ فَعَمِلُوا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَحْوَطِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَيَضْبِطُ مَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ) فَلَوْ أَبْصَرَ بِالصَّحِيحَةِ مِنْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ وَبِالْعَلِيلَةِ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ فَمُوجِبُهُ النِّصْفُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ اهـ ز ي وَلَوْ اُتُّهِمَ بِزِيَادَةِ الصَّحِيحَةِ وَنَقْصِ الْعَلِيلَةِ اُخْتُبِرَ فِي الصَّحِيحَةِ بِتَغْيِيرِ ثِيَابِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَبِالِانْتِقَالِ لِبَقِيَّةِ الْجِهَاتِ فَإِنْ تَسَاوَتْ الْغَايَاتُ فَصَادِقٌ وَإِلَّا فَلَا اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: لَا يَعُودُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَأْتِي هُنَا فِي الِامْتِحَانِ وَانْتِظَارُ الْعَوْدِ مَا مَرَّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ صَاحِبُهُ بَعْضَ حُرُوفٍ) كَإِرْثٍ وَأَلْثَغَ خِلْقَةً أَوْ لِآفَةٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ لَا بِجِنَايَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَدَمُ إحْسَانِ الْبَعْضِ خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَتَجِبُ الدِّيَةُ بِكَمَالِهَا حَيْثُ بَقِيَ لَهُ كَلَامٌ مَفْهُومٌ وَضَعْفُهُ لَا يَمْنَعُ كَمَالَ الدِّيَةِ كَضَعْفِ الْبَصَرِ وَالْبَطْشِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِجِنَايَةِ الْحَرْبِيِّ لِأَنَّهَا كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَغَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأُولَى أَنَّ جِنَايَةَ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ كَالْحَرْبِيِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ لَمْ يُبَيِّنْ عِلَّةَ الْأَوْجَهِ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ أَنَّ الْجِنَايَةَ الْغَيْرَ الْمَضْمُونَةِ كَالْآفَةِ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَقَضِيَّتُهُ أَيْ التَّعْلِيلُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِجِنَايَةِ الْحَرْبِيِّ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا أَحْسِبُهُ كَذَلِكَ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا عَرَبِيَّةً) وَأَسْقَطُوا لَا لِتَرَكُّبِهَا مِنْ الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ لَهَا وَالنُّحَاةِ لِلْأَلِفِ وَالْهَمْزَةِ مَرْدُودٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا ذُكِرَ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَلِفَ تُطْلَقُ عَلَى أَعَمَّ مِنْ الْهَمْزَةِ وَالْأَلِفِ السَّاكِنَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سِيبَوَيْهِ فَاسْتَغْنَوْا بِالْهَمْزَةِ عَنْ الْأَلِفِ لِانْدِرَاجِهَا فِيهَا فَإِنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ وُزِّعَتْ عَلَى حُرُوفِ لُغَتِهِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ كَأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فِي لُغَةٍ وَاحِدٍ وَثَلَاثِينَ فِي أُخْرَى وَلَوْ تَكَلَّمَ بِلُغَتَيْنِ وُزِّعَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا اهـ شَرْحُ م ر

وَقَوْلُهُ وُزِّعَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَقَلُّ الْعَرَبِيَّةَ.

وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَلَوْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَهَا وُزِّعَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ وَقِيلَ: عَلَى أَكْثَرِهِمَا حُرُوفًا وَقِيلَ: عَلَى أَقَلِّهِمَا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَرَبِيَّةً) احْتَرَزَ بِهَا عَنْ غَيْرِهَا فَإِنْ كَانَتْ لُغَتُهُ غَيْرَهَا وُزِّعَ عَلَى حُرُوفِ لُغَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ وَلَوْ أَذْهَبَ لَهُ حَرْفًا فَعَادَ لَهُ حُرُوفٌ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُهَا وَجَبَ لِلذَّاهِبِ قِسْطُهُ مِنْ الْحُرُوفِ الَّتِي يُحْسِنُهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي فَلَمْ يَذْهَبْ إلَّا رُبُعُ كَلَامِهِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رُبْعُ الدِّيَةِ لِيُتِمَّ حَقَّهُ فَإِذَا اقْتَصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَلَامِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْقِصَاصِ مُهْدَرَةٌ اهـ س ل (قَوْلُهُ رُبْعُ سُبْعِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا نَسَبَ الْحَرْفَ لِلثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا كَانَ رُبْعَ سُبْعِهَا.

وَعِبَارَةُ ح ل وَرُبْعُ السُّبْعِ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ بَعِيرٍ لِلْكَامِلِ وَيُؤْخَذُ لِغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إطْلَاقُ ذَهَابِ رُبْعِ الْكَلَامِ وَنِصْفِهِ مَجَازٌ وَالْمُرَادُ رُبْعُ أَحْرُفِ كَلَامِهِ أَوْ نِصْفُ أَحْرُفِ كَلَامِهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ الْمُفِيدُ فَائِدَةً يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهَا تَوْزِيعٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّوْزِيعُ عَلَى حُرُوفِ الْهِجَاءِ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الشَّافِعِيَّ وَالْأَصْحَابَ وَنَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُفْهَمَ مِنْهَا غَيْرُ الْمَقْصُودِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ) إذْ لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَ ذَلِكَ وَاجِبَهُ فَدَخَلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَمِنْ ثَمَّ اتَّجَهَ دُخُولُ الْمُسَاوِي فِيمَا لَوْ قَطَعَ النِّصْفَ فَذَهَبَ النِّصْفُ وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِأَنَّهَا إذَا وَجَبَتْ بِذَهَابِهِ بِلَا قَطْعٍ فَمَعَ الْقَطْعِ بِالْأَوْلَى اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ الْمَضْمُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ) ظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ لِسَانَ الْأَخْرَسَ فِيهِ دِيَةٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً لِأَنَّ النُّطْقَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ لَا يَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْحُكُومَةُ عَلَى الْأَصَحِّ لِئَلَّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>