للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِتَّةٌ شُرُوطٍ أَحَدُهَا (أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً) غَالِبًا بِأَنْ يُفَصِّلَ الْمُدَّعِي مَا يَدَّعِيه

ــ

[حاشية الجمل]

التَّعْبِيرُ بِالْبَابِ يَقْتَضِي انْدِرَاجَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ تَحْتَ كِتَابِ الدِّيَاتِ السَّابِقِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، وَلِذَا عَبَّرَ الْأَصْلُ بِكِتَابٍ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش عَبَّرَ بِالْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى شُرُوطِ الدَّعْوَى وَبَيَانِ الْأَيْمَانِ الْمُعْتَبَرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَبِيهٌ بِالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ فَلَيْسَ مِنْ الْجِنَايَةِ اهـ وَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ الْقَاتِلِ إنْكَارَ الْقَتْلِ اسْتَدْعَى ذَلِكَ بَعْدَ بَيَانِ مُوجِبَاتِهِ بَيَانَ الْحُجَّةِ فِيهِ وَهِيَ بَعْدَ الدَّعْوَى، إمَّا يَمِينٌ وَإِمَّا شَهَادَةٌ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم، وَفِي الْمُخْتَارِ الدَّعْوَةُ بِالْفَتْحِ إلَى الطَّعَامِ يُقَالُ كُنَّا فِي دَعْوَةِ فُلَانٍ وَمَدْعَاةِ فُلَانٍ وَهُوَ مَصْدَرٌ وَالْمُرَادُ بِهِمَا الدُّعَاءُ إلَى الطَّعَامِ وَادَّعَى عَلَيْهِ كَذَا وَالِاسْمُ الدَّعْوَى وَالدَّعْوَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَالدُّعَاءُ وَأَحَدُ الْأَدْعِيَةِ وَقَوْلُهُ وَالْقَسَامَةُ أَيْ الْأَيْمَانُ مِثْلُهُ فِي الْمُخْتَارِ فَقَدْ فَسَّرَهَا بِالْجَمْعِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَعِبَارَتُهُ وَالْقَسَامَةُ بِالْفَتْحِ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ إذَا ادَّعَوْا الدَّمَ يُقَالُ قُتِلَ فُلَانٌ بِالْقَسَامَةِ إذَا اجْتَمَعَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَادَّعَوْا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ صَاحِبَهُمْ وَمَعَهُمْ دَلِيلٌ دُونَ الْبَيِّنَةِ فَحَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَتَلَ صَاحِبَهُمْ فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقْسِمُونَ عَلَى دَعْوَاهُمْ يُسَمُّونَ قَسَامَةً أَيْضًا اهـ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَالْقَسَامَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ مَصْدَرُ أَقْسِمُ قَسَمًا وَقَسَامَةً وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إذَا ادَّعَوْا الدَّمَ، وَخُصَّ الْقَسَمُ عَلَى الدَّمِ بِلَفْظِ الْقَسَامَةِ، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْقَسَامَةُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ يَقْسِمُونَ وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ اسْمٌ لِلْأَيْمَانِ

وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ الْقَسَامَةُ الْجَمَاعَةُ يَشْهَدُونَ عَلَى الشَّيْءِ أَوْ يَشْهَدُونَ بِهِ وَيَمِينُ الْقَسَامَةِ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِمْ، ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى الْأَيْمَانِ نَفْسِهَا اهـ فَتْحُ الْبَارِي انْتَهَتْ وَعَلَى هَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ مِنْ مَعْنَاهُ لَا مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ يَمِينٌ كَنِسَاءٍ مُفْرَدُهُ امْرَأَةٌ وَالتَّعْبِيرُ عَنْ مِثْلِ هَذَا بِالْجَمْعِ تَقَدَّمَ لِابْنِ قَاسِمٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الدِّيَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَرْبَعُونَ خِلْفَةً، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ نَوْعَ تَسَمُّحٍ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِالْجَمْعِ اسْمُ الْجَمْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي كُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَمْعِ وَاسْمِ الْجَمْعِ وَاسْمِ الْجِنْسِ، وَالتَّرْجَمَةُ بِهَذَيْنِ لَا تَشْمَلُ الْفَصْلَ الْآتِيَ فَيُزَادُ فِيهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا، وَلِهَذَا اعْتَذَرَ م ر عَنْ قُصُورِهَا فَقَالَ وَلِاسْتِتْبَاعِ الدَّعْوَى لِلشَّهَادَةِ بِالدَّمِ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي التَّرْجَمَةِ وَإِنْ ذَكَرَهَا فِيمَا يَأْتِي اهـ وَقَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي أَيْ هُوَ ذِكْرُ الْقَتْلِ مِرَارًا فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُدَّعَى هُوَ الْقَتْلُ لَا الدَّمُ.

وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ إلَخْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ) وَبَقِيَ سَابِعٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَمْضِيَ عَلَى الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَدْ أَفْتَى ز ي تَبَعًا لمر بِأَنَّ الْحَقَّ إذَا مَضَى عَلَيْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ لِمَنْعِ وَلِيِّ الْأَمْرِ الْقُضَاةَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبُهُ قَاضِيًا يَدَّعِي عِنْدَهُ بِهِ اهـ رَحْمَانِيٌّ اهـ مَدَابِغِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ، وَقَدْ نَظَّمَ بَعْضُهُمْ الشُّرُوطَ السِّتَّةَ بِقَوْلِهِ

لِكُلِّ دَعْوَى شُرُوطٌ سِتَّةٌ جَمَعْت ... تَفْصِيلَهَا مَعَ إلْزَامٍ وَتَعْيِينِ

أَنْ لَا تُنَاقِضَهَا دَعْوَى تُغَايِرُهَا ... تَكْلِيفُ كُلٍّ وَنَفْيُ الْحَرْبِ لِلدِّينِ

اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً غَالِبًا) خَرَجَ بِغَالِبًا مَسَائِلُ فِي الْمُطَوَّلَاتِ مِنْهَا مَا إذَا ادَّعَى وَارِثُ مَيِّتٍ صُدُورَ وَصِيَّةٍ بِشَيْءٍ مِنْ مُورِثِهِ لَهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوصَى بِهِ أَوْ عَلَى آخِرِ صُدُورِ إقْرَارٍ لَهُ مِنْهُ بِشَيْءٍ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِنْهَا النَّفَقَةُ وَالْحُكُومَةُ وَالرَّضْخُ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَفْصِلَ الْمُدَّعِي إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ التَّفْصِيلِ السِّحْرُ فَلَوْ ادَّعَى عَلَى سَاحِرٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ بِسِحْرِهِ لَمْ يَفْصِلْ فِي الدَّعْوَى بَلْ يَسْأَلُ السَّاحِرَ وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى بَيَانِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إطْلَاقُ غَيْرِهِ يُخَالِفُهُ اهـ خَطِيبٌ اهـ س ل وَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى وَحَلَفَ فَعَلَى مَنْ تَكُونُ الدِّيَةُ وَمَا مِقْدَارُهَا إنْ لَمْ تُوجِبْ الْقِصَاصَ، وَفِي الدَّمِيرِيِّ عَنْ الْمَطْلَبِ أَنَّهُ حَيْثُ صَحَّتْ الدَّعْوَى يَسْأَلُ السَّاحِرَ وَيَعْمَلُ بِبَيَانِهِ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَقَرَّ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ فَمَاذَا يَفْعَلُ وَلَعَلَّهُ تَجِبُ دِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى السَّاحِرِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْجَانِي، ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَفِي الْعَمْدِ عَلَى الْجَانِي نَفْسِهِ وَالسِّحْرُ فِيمَا ذُكِرَ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ عَمْدًا فَالدِّيَةُ فِيهِ عَلَى الْجَانِي وَلَمْ تَتَحَمَّلْهَا الْعَاقِلَةُ وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَتَتَحَمَّلُهَا عَنْهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَسَامَةِ الْمُسْتَحِقِّ وُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي وَشَكَّكْنَا فِي تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِمْنَا كَوْنَهُ خَطَأً مَثَلًا وَتَعَذَّرَ تَحَمُّلُ الْعَاقِلَةِ لَهُ وَالدِّيَةُ فِيهِ عَلَى الْجَانِي، وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى الْخَطَأِ فَلِأَنَّهُ أَقَلُّ اهـ ع ش

<<  <  ج: ص:  >  >>