للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بِلَا تَأْوِيلٍ) فَيُهْدَرُ مَا أَتْلَفَهُ لِضَرُورَةِ حَرْبٍ لِأَنَّ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْ الْبَاغِينَ لِقَطْعِ الْفِتْنَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا بِخِلَافِ مَا يُتْلِفُهُ الْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَبِخِلَافِ مَا تُتْلِفُهُ طَائِفَةٌ ارْتَدَّتْ وَلَهُمْ شَوْكَةٌ وَإِنْ تَابُوا وَأَسْلَمُوا لِجِنَايَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ.

(وَلَا يُقَاتِلُهُمْ الْإِمَامُ حَتَّى يَبْعَثَ) إلَيْهِمْ (أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ) أَيْ يَكْرَهُونَ (فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً) بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا (أَوْ شُبْهَةً أَزَالَهَا) عَنْهُمْ لِأَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إلَى أَهْلِ النَّهْرَوَانِ فَرَجَعَ بَعْضُهُمْ إلَى الطَّاعَةِ (فَإِنْ أَصَرُّوا) بَعْدَ الْإِزَالَةِ (وَعَظَهُمْ) وَأَمَرَهُمْ بِالْعَوْدِ إلَى الطَّاعَةِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ أَهْلِ الدِّينِ وَاحِدَةً (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَتَّعِظُوا (أَعْلَمَهُمْ بِالْمُنَاظَرَةِ) ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (ثُمَّ) إنْ أَصَرُّوا أَعْلَمَهُمْ (بِالْقِتَالِ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ ثُمَّ بِالْقِتَالِ (فَإِنْ اسْتَمْهَلُوا) فِيهِ (فَعَلَ) بِاجْتِهَادِهِ (مَا رَآهُ مَصْلَحَةً) مِنْ الْإِمْهَالِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ إنْ اسْتَمَالَهُمْ لِلتَّأَمُّلِ فِي إزَالَةِ الشُّبْهَةِ أَمْهَلَهُمْ أَوْ لِاسْتِلْحَاقِ مَدَدٍ لَمْ يُمْهِلْهُمْ (وَلَا يَتْبَعُ) إذَا وَقَعَ قِتَالٌ (مُدْبِرَهُمْ) إنْ كَانَ غَيْرَ مُتَحَرِّفٍ لِقِتَالِ أَوْ مُتَحَيِّزٍ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ (وَلَا يَقْتُلُ مُثْخَنَهُمْ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مِنْ أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ أَضْعَفَتْهُ (وَأَسِيرَهُمْ) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ بِذَلِكَ فَلَوْ قُتِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَلَا قَوَدَ لِشُبْهَةِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ وَلَّوْا مُجْتَمَعِينَ تَحْتَ رَايَةِ زَعِيمِهِمْ اُتُّبِعُوا (وَلَا يُطْلَقُ) أَسِيرُهُمْ (وَلَوْ) كَانَ (صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً) أَوْ عَبْدًا (حَتَّى يَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ) وَلَا يُتَوَقَّعَ عَوْدُهُمْ (إلَّا أَنْ يُطِيعَ) أَيْ الْأَسِيرُ (بِاخْتِيَارِهِ) فَيُطْلَقُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ، وَكَذَا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ إنْ كَانُوا مُقَاتِلِينَ وَإِلَّا أُطْلِقُوا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ (وَيُرَدُّ لَهُمْ بَعْدَ أَمْنِ غَائِلَتِهِمْ) أَيْ شَرِّهِمْ لِعَوْدِهِمْ إلَى الطَّاعَةِ أَوْ تَفَرُّقِهِمْ وَعَدَمِ تَوَقُّعِ عَوْدِهِمْ (مَا أُخِذَ) مِنْهُمْ (وَلَا يُسْتَعْمَلُ) مَا أُخِذَ مِنْهُمْ فِي حَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ لَمْ نَجِدْ مَا نَدْفَعُ بِهِ عَنَّا إلَّا سِلَاحَهُمْ أَوْ مَا نَرْكَبُهُ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ إلَّا خَيْلَهُمْ (وَلَا يُقَاتَلُونَ بِمَا يَعُمُّ كَنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ) وَهُوَ

ــ

[حاشية الجمل]

الرَّافِعِيُّ الظَّاهِرُ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُمْ اهـ سم. (قَوْلُهُ أَيْضًا كَذِي شَوْكَةٍ مُسْلِمٍ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا مِنْ خُرُوجِ بَعْضِ الْعَرَبِ وَاجْتِمَاعِهِمْ لِنَهَبْ مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَمْوَالِ بَلْ هُمْ قُطَّاعُ طَرِيقٍ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ بِلَا تَأْوِيلٍ) . وَأَمَّا بِتَأْوِيلٍ فَهُوَ الْبَاغِي. (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا تُتْلِفُهُ طَائِفَةٌ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَنَصُّ عِبَارَتِهِ أَمَّا مُرْتَدُّونَ لَهُمْ شَوْكَةٌ فَهُمْ كَالْبُغَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ائْتِلَافُهُمْ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ، وَتَضْمِينُهُمْ يُنَفِّرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ خِلَافًا لِجَمْعٍ جَعَلُوهُمْ كَالْقُطَّاعِ مُطْلَقًا لِجِنَايَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُقَاتِلُهُمْ الْإِمَامُ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قِتَالَ الْبُغَاةِ يُخَالِفُ قِتَالَ الْكُفَّارِ مِنْ وُجُوهٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ أَيْ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ أَمِينًا أَيْ نَدْبًا وَقَوْلُهُ فَطِنًا نَاصِحًا أَيْ نَدْبًا مَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُنَاظَرَةِ وَإِلَّا فَوُجُوبًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَمِينًا) أَيْ عَدْلًا عَارِفًا بِالْعُلُومِ وَبِالْحُرُوبِ فَطِنًا فِي الْحَرْبِ نَاصِحًا أَيْ لِأَهْلِ الْعَدْلِ وَكَوْنُ الْمَبْعُوثِ عَارِفًا فَطِنًا وَاجِبٌ إنْ بُعِثَ لِلْمُنَاظَرَةِ وَإِلَّا فَمُسْتَحَبٌّ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ مَا يَنْقِمُونَ) بِكَسْرِ الْقَافِ قَالَ تَعَالَى {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا} [الأعراف: ١٢٦] اهـ شَيْخُنَا، وَفِي الْمُخْتَارِ نَقَمَ عَلَيْهِ فَهُوَ نَاقِمٌ أَيْ عَتَبَ عَلَيْهِ يُقَالُ مَا أَنْقِمُ مِنْهُ إلَّا الْإِحْسَانَ وَنَقَمَ الْأَمْرَ كَرِهَهُ وَبَابُهُمَا ضَرَبَ وَنَقِمَ مِنْ بَابِ فَهِمَ لُغَةً فِيهِمَا اهـ. وَأَمَّا النِّقْمَةُ فَفِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ مَا نَصُّهُ وَنِقْمَةٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ كَمَا فِي النَّاصِرِيَّةِ، وَفِي شَرْحِ الْيُونَانِيَّةِ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ اهـ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا) الْفَتْحُ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ يَفْعِلُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فَالْكَسْرُ شَاذُّ لَكِنْ هَذَا فِي الْمَصْدَرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا يَظْلِمُ بِهِ وَهُوَ بِالْكَسْرِ فَقَطْ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ الْجَلَالُ، وَفِي الْقَامُوسِ الْمَظْلِمَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ مَا يَظْلِمُهُ الرَّجُلُ اهـ رَشِيدِيٌّ

(قَوْلُهُ النَّهْرَوَانِ) قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ بَغْدَادَ خَرَجَتْ عَلَى عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أَوْ لِاسْتِلْحَاقِ مَدَدٍ) أَيْ زِيَادَةِ جَيْشٍ، وَفِي الْمِصْبَاحِ الْمَدَدُ بِفَتْحَتَيْنِ الْجَيْشُ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ مُثْخَنُهُمْ) أَيْ وَلَا مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ أَوْ أَغْلَقَ بَابَهُ أَوْ تَرَكَ الْقِتَالَ مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يُلْقِ سِلَاحَهُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ) ، وَكَذَا أَمَرَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُنَادِيَهُ يَوْمَ الْبَصْرَةِ وَهُوَ يَوْمُ الْجَمَلِ أَنْ يُنَادِيَ بِذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَثْنَى الْإِمَامُ مَا إذَا أَيِسَ مِنْ صَلَاحِهِمْ لِتَمَكُّنِ الضَّلَالِ مِنْهُمْ وَخَشِيَ عَوْدَهُمْ عَلَيْهِ بِشَرٍّ فَيَجُوزُ الِاتِّبَاعُ وَالتَّذْفِيفُ كَمَا فَعَلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِالْخَوَارِجِ اهـ سم. (قَوْلُهُ فَلَا قَوَدَ) أَيْ وَتَجِبُ فِيهِ دِيَةُ عَمْدٍ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ لِشُبْهَةِ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْ فَإِنَّهُ يَرَى قَتْلَ مُدَبَّرِهِمْ وَأَسِيرِهِمْ وَمُثْخِنِهِمْ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُطْلَقُ أَسِيرُهُمْ فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ إلَخْ فَهَذَا التَّقْيِيدُ مِنْ الشَّارِحِ رَاجِعٌ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرٌ سِبَاقَهُ يُوهِمُ رُجُوعَهُ لِلِاسْتِثْنَاءِ فَقَطْ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يُطْلَقُ أَسِيرُهُمْ إنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْعَةٌ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً وَقِنًّا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ تَفَرُّقًا لَا يَتَوَقَّعُ جَمْعَهُمْ بَعْدَهُ، وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ، وَكَذَا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْقِنِّ إنْ كَانُوا مُقَاتِلِينَ وَإِلَّا أُطْلِقُوا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ إلَّا أَنْ يُطِيعَ الْحُرُّ الْكَامِلُ الْإِمَامَ بِمُتَابَعَتِهِ لَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَيُطْلَقُ وَإِنْ بَقِيَتْ الْحَرْبُ لِأَمْنِ ضَرَرِهِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَيُرَدُّ لَهُمْ بَعْدَ أَمْنِ غَائِلَتِهِمْ مَا أَخَذَ) وَمُؤْنَةِ خَيْلِهِمْ وَحِفْظِ سِلَاحِهِمْ وَغَيْرِهِ مِمَّا أَخَذَ مِنْهُمْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مَا لَمْ تَسْتَوْلِ عَلَيْهِ يَدٌ عَادِيَةٌ بِقَصْدِ اقْتِنَائِهِ لَهَا تَعَدِّيًا فَمُؤْنَتُهَا عَلَيْهِ مَا دَامَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَأُجْرَةُ اسْتِعْمَالِهَا إنْ اسْتَعْمَلَهَا بِأَنْ عُدَّ غَاصِبًا لَهَا فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ لَمْ نَجِدْ إلَخْ) نَعَمْ يَلْزَمُ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ كَمُضْطَرٍّ أَكَلَ طَعَامَ غَيْرِهِ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَهَلْ الْأُجْرَةُ لَازِمَةٌ لِلْمُسْتَعْمِلِ أَوْ تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ

؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ

فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>