وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ (لَا بِغَيْرِ إيلَاجٍ) لِحَشَفَتِهِ كَمُفَاخَذَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ (وَ) لَا (بِوَطْءِ حَلِيلَتِهِ فِي نَحْوِ حَيْضٍ وَصَوْمٍ) كَنِفَاسٍ وَإِحْرَامٍ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِعَارِضٍ (وَ) وَطْئِهَا (فِي دُبُرٍ وَ) وَطْءِ (أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ أَوْ الْمُعْتَدَّةِ أَوْ الْمُحَرَّمِ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ كَأُخْتِهِ مِنْهُمَا وَأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَمَوْطُوءَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ خَبَرِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَ وَقْفَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ وَطْءَ أَمَتِهِ الْمَحْرَمِ فِي دُبُرِهَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي إنَّهُ يُوجِبُهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ قُلْت الظَّاهِرُ مَا نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالْوَطْءِ فِي قُبُلِهَا شُبْهَةُ الْمِلْكِ الْمُبِيحِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ يُبَحْ دُبُرًا قَطُّ. وَأَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْمَمْلُوكَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ فَسَائِرُ جَسَدِهَا مُبَاحٌ لِلْوَطْءِ فَانْتَهَضَ شُبْهَةً فِي الدُّبُرِ وَالْوَثَنِيَّةُ كَالْمَحْرَمِ وَلَا يُعْتَرَضُ بِالْمُزَوَّجَةِ فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا لِعَارِضٍ كَالْحَيْضِ انْتَهَى (وَوَطْءٍ بِإِكْرَاهٍ أَوْ بِتَحْلِيلِ عَالِمٍ) كَنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ بِلَا شُهُودٍ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ وَالْخِلَافِ (أَوْ) وَطْءٍ (لِمَيِّتَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ) ؛ لِأَنَّ فَرْجَهُمَا غَيْرُ مُشْتَهًى طَبْعًا بَلْ يَنْفِرُ مِنْهُ الطَّبْعُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ وَلَا بِوَطْءِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ حَرْبِيٍّ، وَلَوْ مُعَاهِدٍ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِلْأَحْكَامِ وَلَا بِوَطْءِ جَاهِلٍ بِالتَّحْرِيمِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بُعْدِهِ.
ــ
[حاشية الجمل]
أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ مُرْتَدَّةَ أَوْ ذَاتَ زَوْجٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا أَيْ الْمُحْرِمِ وَقَصَدَ بِهَذِهِ الْغَايَةِ الرَّدَّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا، وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الِاكْتِرَاءِ اهـ حَجّ وَشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ شُبْهَةً) وَمِنْهُ التَّزْوِيجُ وَيُحَدُّ بِوَطْءِ أَمَةِ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ مِنْ الْغَانِمِينَ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْإِعْفَافِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَلَا بِوَطْءِ حَلِيلَتِهِ) أَيْ زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَكَمَا سَيُشِيرُ لَهُ قَوْلُهُ الْآتِي. وَأَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْمَمْلُوكَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِعَارِضٍ أَيْ وَهُوَ الْأَذَى فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَإِفْسَادِ الْعِبَادَةِ فِي الصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ، وَفِي دُبُرٍ تَحْرِيمُهُ أَيْضًا لِعَارِضٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِعَارِضٍ عَنْ قَوْلِهِ، وَفِي دُبُرٍ. (قَوْلُهُ وَأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ أَوْ الْمُعْتَدَّةِ) أَيْ قَطْعًا، وَقِيلَ فِي الْأَظْهَرِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَحْرَمِ أَيْ فِي الْأَظْهَرِ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى الْمَحْرَمِيَّةِ الَّتِي لَا يُسْتَبَاحُ الْوَطْءُ مَعَهَا بِحَالٍ اهـ مَحَلِّيٌّ. (قَوْلُهُ وَأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ نَسَبٍ تَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلَا يُقَالُ لَهَا أَمَتُهُ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ كَوْنُ أُمِّهِ مِنْ النَّسَبِ أَمَتَهُ وَلَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَنْ كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ مُبَعَّضًا، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ مِنْ الرَّضَاعِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْغَالِبِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ عَنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ) هُوَ شَرْحٌ عَلَى الْوَسِيطِ لِلْقَمُولِيِّ لَخَّصَ أَحْكَامَهُ فِي جَوَاهِرِهِ كَتَلْخِيصِ الرَّوْضَةِ مِنْ الرَّافِعِيِّ وَلَهُ أَيْضًا تَكْمِلَةُ الْمَطْلَبِ وَهُوَ أَيْضًا شَرْحٌ عَلَى الْوَسِيطِ لِابْنِ الرِّفْعَةِ بَدَأَ فِي تَأْلِيفِهِ بِالرُّبْعِ الرَّابِعِ فَمَا قَبْلَهُ إلَى الْأَوَّلِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إلَى الْبَيْعِ فَأَكْمَلَهُ الْقَمُولِيُّ فَأُعْجِبَ لِنَقْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ، وَفِي الْإِيعَابِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ التَّفْلِيسِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ، ثُمَّ قَالَ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ شَيْخُهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ قُلْت الظَّاهِرُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي انْتَهَى أَيْ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَالْوَثَنِيَّةُ كَالْمَحْرَمِ) أَيْ الْوَثَنِيَّةُ غَيْرُ الْمَحْرَمِ الْمَمْلُوكَةُ فِي أَنَّهُ يُحَدُّ بِوَطْئِهَا فِي الدُّبُرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَرَضُ بِالْمُزَوَّجَةِ) أَيْ لَا يُعْتَرَضُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَمَتَهُ الْمَحْرَمَ يُحَدُّ بِوَطْئِهِ فِي دُبُرِهَا بِالْمُزَوَّجَةِ أَيْ بِأَمَتِهِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمُزَوَّجَةِ حَيْثُ لَا يُحَدُّ بِالْوَطْءِ فِي دُبُرِهَا فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا إلَخْ وَكُلُّ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ فِيهِمَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَوَطْءٌ بِإِكْرَاهٍ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْمُسْقِطِ لِلْحَدِّ مَا لَوْ اُضْطُرَّتْ امْرَأَةٌ إلَى طَعَامٍ مَثَلًا وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَسْمَحْ لَهَا بِهِ إلَّا حَيْثُ مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا فَمَكَّنَتْهُ لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِكْرَاهِ وَهُوَ لَا يُبِيحُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهَا لِلشُّبْهَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ أَوْ بِتَحْلِيلِ عَالِمٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْهُ الْفَاعِلُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَوْ بِلَا شُهُودٍ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ) أَيْ عَلَى مَا اُشْتُهِرَ عَنْهُ لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ مَذْهَبِهِ اعْتِبَارُهُمْ فِي صِحَّةِ الدُّخُولِ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ وَقْتَ الْعَقْدِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ كَمَا يَمْنَعُ الْحَدَّ يَمْنَعُ كَوْنَهُ كَبِيرَةً بِخِلَافِ الْقَتْلِ وَمِنْ ثَمَّ أَجْمَعُوا فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ بِخِلَافِ الزِّنَا تَأَمَّلْ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ حَجّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَصَوُّرِ الْإِكْرَاهِ بِالزِّنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالِانْتِشَارُ الَّذِي يَحْصُلُ عِنْدَهُ إنْ حَصَلَ طَبِيعِيٌّ وَجِبِلِّيٌّ لَا اخْتِيَارَ لِلنَّفْسِ فِيهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ بَلْ يَنْفِرُ مِنْهُ) بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ فَفِي الْمُخْتَارِ نَفَرَتْ الدَّابَّةُ تَنْفِرُ بِالْكَسْرِ نِفَارًا وَتَنْفُرُ بِالضَّمِّ نُفُورًا وَنَفَرَ الْحَاجُّ مِنْ مِنًى مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَأُنَفِّرُهُ عَنْ الشَّيْءِ وَنَفَرَهُ تَنْفِيرًا وَالِاسْتِنْفَارُ النُّفُورُ أَيْضًا وَمِنْهُ {حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} [المدثر: ٥٠] أَيْ نَافِرَةٌ وَمُسْتَنْفَرَةٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ مَذْعُورَةٌ وَالنَّفَرُ بِفَتْحَتَيْنِ عِدَّةُ رِجَالٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ، وَكَذَا النَّفِيرُ وَالنَّفْرُ وَيُقَالُ يَوْمُ النَّفْرِ وَلَيْلَةُ النَّفْرِ لِلْيَوْمِ الَّذِي يَنْفِرُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ مِنًى وَهُوَ بَعْدَ يَوْمِ الْقَرِّ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا يَوْمُ النَّفَرِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَيَوْمُ النُّفُورِ وَيَوْمُ النَّفِيرِ وَنَفَرَ جِلْدُهُ أَيْ وَرِمَ، وَفِي الْحَدِيثِ تَخَلَّلَ رَجُلٌ بِالْقَصَبِ فَنَفَرَ فَمُهُ أَيْ وَرِمَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ هُوَ مِنْ نِفَارِ الشَّيْءِ مِنْ الشَّيْءِ وَهُوَ تَجَافِيهِ عَنْهُ وَتَبَاعُدُهُ عَنْهُ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ) وَلَا يَجِبُ ذَبْحُ الْمَأْكُولَةِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ مَكَّنَتْ الْمَرْأَةُ قِرْدًا أَوْ نَحْوَهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَنْفِرُ مِنْهُ الطَّبْعُ اهـ زِيَادِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَا بِوَطْءِ صَبِيٍّ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَيْ لَا حَدَّ عَلَى الصَّبِيِّ الْوَاطِئِ زِنًا. وَأَمَّا مَوْطُوءُهُ فَيُحَدُّ بِشَرْطِهِ، وَلَوْ وَطِئَ وَهُوَ صَبِيٌّ، ثُمَّ بَلَغَ وَاسْتَدَامَ الْوَطْءَ لَا حَدَّ وَإِنْ قُلْنَا اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ وَطْءٌ عَلَى قَوْلٍ لِلشُّبْهَةِ بِابْتِدَائِهِ قَبْلَ التَّكْلِيفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ صَبِيٌّ فَوَطِئَ فَبَانَ بَالِغًا فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ الْبَيِّنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute