للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَاعْتُبِرَ حُصُولُهُ مِنْ كَامِلٍ حَتَّى لَا يُرْجَمَ مَنْ وَطِئَ وَهُوَ نَاقِصٌ، ثُمَّ زَنَى وَهُوَ كَامِلٌ وَيُرْجَمُ مَنْ كَانَ كَامِلًا فِي الْحَالَيْنِ وَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا نَقْصٌ كَجُنُونٍ وَرِقٍّ فَالْعِبْرَةُ بِالْكَمَالِ فِي الْحَالَيْنِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا إحْصَانَ بِوَطْءٍ فِي مِلْكِ يَمِينٍ وَلَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمَا فِي التَّحْلِيلِ وَأَنَّهُ لَا إحْصَانَ لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَنْ بِهِ رِقٌّ؛ لِأَنَّهُ صِفَةُ كَمَالٍ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ كَامِلٍ وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْوَطْءُ فِي حَالِ عِصْمَةٍ حَتَّى لَوْ وَطِئَ وَهُوَ حَرْبِيٌّ، ثُمَّ زَنَى بَعْدَ أَنْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةُ رُجِمَ وَقَوْلِي أَوْ وُطِئَتْ مِنْ زِيَادَتِي.

(و) الْحَدُّ (لِبِكْرٍ حُرٍّ) مِنْ مُكَلَّفٍ، وَلَوْ ذِمِّيًّا وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (مِائَةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) وَلَاءَ لِآيَةِ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢] مَعَ أَخْبَارِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا الْمَزِيدُ فِيهِمَا التَّغْرِيبُ عَلَى الْآيَةِ (لِمَسَافَةِ قَصْرٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيحَاشُهُ بِالْبُعْدِ عَنْ الْأَهْلِ وَالْوَطَنِ (فَأَكْثَرَ) إنْ رَآهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ غَرَّبَ إلَى الشَّامِ وَعُثْمَانَ إلَى مِصْرَ وَعَلِيًّا إلَى الْبَصْرَةِ فَلَا يَكْفِي تَغْرِيبُهُ إلَى مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إذْ لَا يَتِمُّ الْإِيحَاشُ الْمَذْكُورُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ تَتَوَاصَلُ حِينَئِذٍ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَلْدِ لَكِنَّ تَأْخِيرَهُ عَنْ الْجَلْدِ أَوْلَى (وَيَجِبُ تَأْخِيرُ الْجَلْدِ) (لِحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) إلَى اعْتِدَالِ الْوَقْتِ (وَمَرَضٍ إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ وَإِلَّا جُلِدَ بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَشْهُرُ مِنْ فَتْحِهَا وَبِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُرْجُونٍ (عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ وَنَحْوُهُ) كَأَطْرَافِ ثِيَابٍ (مَرَّةً، فَإِنْ كَانَ) عَلَيْهِ (خَمْسُونَ غُصْنًا فَمَرَّتَيْنِ) يُجْلَدُ بِهِ (مَعَ مَسِّ الْأَغْصَانِ لَهُ أَوْ انْكِبَاسٍ) لِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ بَعْضُ الْأَلَمِ فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ وَفَارَقَ الْأَيْمَانَ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَلَمٌ بِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَالضَّرْبُ غَيْرُ الْمُؤْلِمِ يُسَمَّى ضَرْبًا وَالْحُدُودُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الزَّجْرِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْإِيلَامِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَفِي الظَّرْفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي اهـ شَيْخُنَا، وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَدَّرَ الْمُتَعَلِّقَ بِقَوْلِهِ بِذَكَرٍ وَالْبَاءُ فِيهِ لِلتَّعْدِيَةِ فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ فِي الْمَتْنِ لِلظَّرْفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْعَامِلَيْنِ أَيْ وَطِئَ فِي قُبُلٍ أَوْ وُطِئَتْ فِي قُبُلٍ وَيَكُونُ مُحْتَرَزُ الظَّرْفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِلَيْنِ مَا لَوْ وَطِئَ أَوْ وُطِئَتْ فِي دُبُرٍ. وَأَمَّا جَعْلُهَا لِلتَّعْدِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ كَبِيرُ فَائِدَةٍ إذْ لَا مَفْهُومَ لَهُ حِينَئِذٍ إذْ الْوَطْءُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْقُبُلِ إذْ الدُّبُرُ لَا يَقَعُ الْوَطْءُ بِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ مِائَةُ جَلْدَةٍ) سُمِّيَ جَلْدًا لِوُصُولِهِ لِلْجِلْدِ اهـ شَرْحُ م ر.

(فَرْعٌ)

لَوْ زَنَى بِكْرٌ وَلَمْ يُحَدَّ ثُمَّ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ هَلْ يُحَدُّ ثُمَّ يُرْجَمُ أَوْ يُرْجَمُ فَقَطْ؟ الرَّاجِحُ أَنَّهُ يُحَدُّ ثُمَّ يُرْجَمُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ التَّغْرِيبُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَيَتَعَدَّدُ الْحَدُّ بِعَدَدِ إيقَاعِهِ كُلَّ مَرَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقَعْ إلَّا بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ يَتَدَاخَلُ فَيَكْفِي حَدٌّ وَاحِدٌ عَنْ زِنًا مُتَعَدِّدٍ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَالْعِبْرَةُ فِي قَدْرِ الْحَدِّ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ زَنَى وَهُوَ حُرٌّ، ثُمَّ رُقَّ حُدَّ مِائَةً، وَكَذَا لَوْ زَنَى وَهُوَ رَقِيقٌ، ثُمَّ عَتَقَ حُدَّ خَمْسِينَ لَا مِائَةً اهـ ز ي وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا فِي حَدِّ الْقَذْفِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ وَالنَّظَرُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ إلَى حَالَةِ الْقَذْفِ إلَخْ فَلَيْتَهُ ذَكَرَهُ هُنَا وَأَحَالَ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي لِيَكُونَ أَفْيَدَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ أَوْلَادٌ صِغَارٌ أَوْ كِبَارٌ مُحْتَاجُونَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ النَّفَقَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَفِي ابْتِدَاءِ التَّغْرِيبِ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ وَبَعْدَهُ هُوَ عَاجِزٌ اهـ ع ش عَلَى م ر وَمَحَلُّ وُجُوبِ التَّغْرِيبِ إنْ كَانَ الطَّرِيقُ وَالْمَقْصِدُ آمِنًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي نَظَائِرِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِالْبَلَدِ طَاعُونٌ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ وَمِثْلُهُ الْخُرُوجُ أَيْ حَيْثُ كَانَ وَاقِعًا فِي نَوْعِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ وَمُؤْنَةُ الْمُغَرَّبِ مُدَّةَ تَغْرِيبِهِ عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَعَلَى سَيِّدِهِ إنْ كَانَ رَقِيقًا وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مُؤْنَةِ الْحَضَرِ انْتَهَى، وَفِي الْعُبَابِ، ثُمَّ إنْ غَرَّبَهُ أَيْ الرَّقِيقَ سَيِّدُهُ فَأُجْرَةُ تَغْرِيبِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ غَرَّبَهُ الْإِمَامُ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَتَغْرِيبُ عَامٍ) أَيْ سَنَةٍ هِلَالِيَّةٍ وَآثَرَ التَّعْبِيرَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا أَيْ السَّنَةَ قَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْجَدْبِ وَعَبَّرَ بِالتَّغْرِيبِ لِيُفِيدَ بِهِ اعْتِبَارَ فِعْلِ الْحَاكِمِ فِيهِ فَلَوْ غَرَّبَ نَفْسَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ لِانْتِفَاءِ التَّنْكِيلِ وَابْتِدَاءِ الْعَامِ مِنْ أَوَّلِ السَّفَرِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي مُضِيِّ عَامٍ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ وَيَحْلِفُ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ لِبِنَاءِ حَقِّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَتُغَرَّبُ الْمُعْتَدَّةُ وَأُخِذَ مِنْهُ تَغْرِيبُ الْمَدِينِ أَمَّا مُسْتَأْجِرُ الْعَيْنِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَغْرِيبِهِ أَيْ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْغُرْبَةِ كَمَا لَا يُحْبَسُ إنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فِي الْحَبْسِ وَيُوَجَّهُ تَغْرِيبُ الْمَدِينِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَضَى مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ تُفِدْ إقَامَتُهُ عِنْدَ الدَّائِنِ فَلَمْ يَمْنَعْ حَقَّهُ تَوَجُّهُ التَّغْرِيبُ إلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ إمَّا مُسْتَأْجِرُ الْعَيْنِ إلَخْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ ثُبُوتِ الزِّنَا، وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا حِينَئِذٍ لِوُجُوبِ تَغْرِيبِهِ قَبْلَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ أَهْلَهُ وَعَشِيرَتَهُ لَكِنْ لَوْ خَرَجُوا بِأَنْفُسِهِمْ لَمْ يُمْنَعُوا وَكَتَبَ أَيْضًا لَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ سُرِّيَّةً أَوْ زَوْجَةً، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ، وَلَوْ لَمْ تَنْدَفِعْ حَاجَتُهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيحَاشُهُ) فِي الْمُخْتَارِ وَالْوَحْشَةُ الْخَلْوَةُ وَالْهَمُّ، وَقَدْ أَوْحَشَهُ فَاسْتَوْحَشَ وَأَوْحَشَ الْمَنْزِلُ أَقْفَرَ وَذَهَبَ عَنْهُ النَّاسُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَأْخِيرُ الْجَلْدِ لِحَرٍّ إلَخْ) اسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مَنْ بِبَلَدٍ لَا يَنْفَكُّ حَرُّهُ أَوْ بَرْدُهُ فَلَا يُؤَخَّرُ وَلَا يُنْقَلُ لِمُعْتَدِلِهِ لِتَأْخِيرِ الْحَدِّ وَالْمَشَقَّةِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ بِعِثْكَالٍ) الْعِثْكَالُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا وَيُقَالُ عُثْكُولٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِثْكَالٌ بِإِبْدَالِهَا هَمْزَةً مَعَ ضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَلَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى شِمْرَاخِ النَّخْلِ مَا دَامَ رَطْبًا، فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ عُرْجُونٌ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ وَفَارَقَ الْأَيْمَانُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ مَتْنًا وَشَرْحًا أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً بِمِائَةٍ مَشْدُودَةٍ مِنْ السِّيَاطِ فِي الْأُولَى أَوْ مِنْ الْخَشَبِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً فِي الثَّانِيَةِ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنِ بَرَّ وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْكُلِّ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ إصَابَةُ الْكُلِّ وَخَالَفَ نَظِيرَهُ فِي حَدِّ الزِّنَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْإِيلَامُ بِالْكُلِّ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ

<<  <  ج: ص:  >  >>