للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ) مِنْ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (حَرُمَ تَنَاوُلُهُ) وَإِنْ قَلَّ وَلَمْ يُسْكِرْ لِآيَةِ {إِنَّمَا الْخَمْرُ} [المائدة: ٩٠] وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» (وَلَوْ كَانَ) تَنَاوُلُهُ (لِتَدَاوٍ أَوْ عَطَشٍ) وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْهُ (أَوْ) كَانَ (دُرْدِيًّا)

ــ

[حاشية الجمل]

الْقِيَاسُ مَعَ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» اهـ وَقَوْلُهُ: حَقِيقَةً أَقُولُ لَا مَانِعَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» قَالَ حَجّ: وَالْأَنْبِذَةُ مِثْلُهَا أَيْ الْخَمْرِ فِي التَّحْرِيمِ، وَالْحَدِّ، وَالنَّجَاسَةِ نَعَمْ لَا يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ كَمَا مَرَّ فِي الرِّدَّةِ.

وَفِي الرَّوْضَةِ أَوَائِلَ الشَّهَادَاتِ مَا يُفْهِمُ أَنَّ شُرْبَ مَا لَا يُسْكِرُ مِنْ غَيْرِهَا لِقِلَّتِهِ صَغِيرَةٌ لَكِنَّهُ صَرَّحَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُحَدُّ بِهِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ، وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ اهـ (قَوْلُهُ: كُلُّ شَرَابٍ) أَيْ وَلَوْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَلَا تَرِدُ الْخَمْرُ الْمُنْعَقِدَةُ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: حَرُمَ تَنَاوُلُهُ) أَمَّا شُرْبُ الْخَمْرِ وَلَوْ قَطْرَةً مِنْهَا فَكَبِيرَةٌ إجْمَاعًا وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ شُرْبُ الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِهَا وَفِي إلْحَاقِ غَيْرِ الْمُسْكِرِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ إلْحَاقُهُ إنْ كَانَ شَافِعِيًّا اهـ زَوَاجِرُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِآيَةِ إنَّمَا الْخَمْرُ. . . إلَخْ) أَيْ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَاقِعِ آخِرًا فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ لَا تَحْرِيمُهُ فِي ثَالِثِ سِنِي الْهِجْرَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ حَلَالًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أُحِلَّ بَعْدَهُ ثُمَّ حُرِّمَ ثُمَّ أُحِلَّ ثُمَّ حُرِّمَ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ مِمَّا تَكَرَّرَ عَلَيْهِ النَّسْخُ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ مُسْلِمٍ. . . إلَخْ) أَتَى بِهِ بَعْدَ مَا قَبْلَهُ لِيُفِيدَ تَسْمِيَةَ كُلِّ مُسْكِرٍ خَمْرًا وَحِينَئِذٍ يُقَالُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِهِ شُرْبُ النَّبِيذِ لِأَنَّهُ لَا يُقَاسُ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ وَلَا يُقَالُ هُوَ قِيَاسٌ فِي اللُّغَةِ لَا فِي الْحُكْمِ لِأَنَّا نَقُولُ غَرَضُهُ الْقِيَاسُ فِي الْحَدِّ وَأَيْضًا جَعْلُهُ قِيَاسًا فِي اللُّغَةِ غَلَطٌ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ تَثْبُتَ تَسْمِيَةُ شَيْءٍ بِاسْمٍ لِمَعْنًى فِيهِ أَيْ الشَّيْءِ يُوجَدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي شَيْءٍ آخَرَ فَيُلْحَقُ بِهِ فِي تَسْمِيَتِهِ بِاسْمِهِ وَهَذَا الِاسْمُ شَامِلٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ وَمِنْهُ النَّبِيذُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِتَدَاوٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ دُرْدِيًّا) هَذِهِ غَايَاتٌ ثَلَاثٌ الْأُولَيَانِ مِنْهَا لِلرَّدِّ، وَالثَّالِثَةُ لِلتَّعْمِيمِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ صَنِيعِ أَصْلِهِ وَإِذَا سَكِرَ مِمَّا شَرِبَهُ لِتَدَاوٍ أَوْ عَطَشٍ أَوْ إسَاغَةِ لُقْمَةٍ قَضَى مَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِرْشَادُ وَلِأَنَّهُ تَعَمَّدَ الشُّرْبَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالْمَعْذُورُ مَنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ لِقُرْبِ عَهْدِهِ وَنَحْوِهِ أَوْ جَهِلَ كَوْنَهُ خَمْرًا لَا يُحَدُّ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ مُدَّةَ السُّكْرِ بِخِلَافِ الْعَالِمِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ وَفِيهِ أَيْضًا.

(فَائِدَةٌ)

بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ جَوَازَ أَكْلِ النَّبَاتِ الْمُحَرَّمِ عِنْدَ الْجُوعِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَمَثَّلَ بِالْحَشِيشَةِ قَالَ: لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْجُوعَ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ بِالنَّظَرِ فِي حَالِ أَهْلِهَا عِنْدَ أَكْلِهَا اهـ بُرُلُّسِيٌّ وَفِي تَعْلِيلِ الْجَوَازِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْجُوعَ. . . إلَخْ نَظَرٌ لِأَنَّ عَدَمَ إزَالَةِ الْجُوعِ إنَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْجَوَازِ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ لَفْظُ عَدَمِ قَبْلَ جَوَازِهِ وَفِيهِ أَيْضًا.

(فَرْعٌ)

شَمَّ صَغِيرٌ رَائِحَةَ الْخَمْرِ وَخِيفَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُسْقَ مِنْهَا هَلْ يَجُوزُ سَقْيُهُ مِنْهَا مَا يَدْفَعُ عَنْهُ الضَّرَرَ قَالَ م ر إنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ أَوْ مَرَضٌ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ جَازَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ خِيفَ مَرَضٌ لَا يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ اهـ (أَقُولُ) لَوْ قِيلَ يَكْفِي مُجَرَّدُ مَرَضٍ تَحْصُلُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ وَلَا سِيَّمَا إنْ غَلَبَ امْتِدَادُهُ بِالطِّفْلِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَوْ كَانَ لِتَدَاوٍ) أَيْ مَا لَمْ يَسْتَهْلِكْ فِي غَيْرِهِ وَلَمْ يَجِدْ طَاهِرًا يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِلَّا جَازَ التَّدَاوِي بِهِ اهـ س ل وَقَوْلُهُ: أَوْ عَطَشٍ أَيْ مَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ بِهِ إلَى الْهَلَاكِ وَإِلَّا وَجَبَ وَإِنْ كَانَ لَا يُسَكِّنُ الْعَطَشَ بَلْ يُثِيرُهُ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر، وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُهَا صَرْفًا لِدَوَاءٍ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْهَا» وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنْ إثْبَاتِ مَنَافِعَ لَهَا فَهُوَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا أَمَّا مُسْتَهْلِكُهُ مَعَ دَوَاءٍ آخَرَ فَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِهَا كَصَرْفِ بَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ إنْ عَرَفَ أَوْ أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ عَدْلٌ بِنَفْعِهَا وَتَعَيُّنِهَا بِأَنْ لَا يُغْنِيَ عَنْهَا طَاهِرٌ وَلَوْ اُحْتِيجَ فِي قَطْعٍ نَحْوَ سِلْعَةٍ وَيَدٍ مُتَأَكِّلَةٍ إلَى زَوَالِ عَقْلِ صَاحِبِهَا بِنَحْوِ بَنْجٍ جَازَ لَا بِمُسْكِرٍ مَائِعٍ وَجُوعٍ وَلِعَطَشٍ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُهُ بَلْ تَزِيدُهُ لِحَرَارَتِهَا وَيُبْسِهَا وَمَعَ تَحْرِيمِهَا لِدَوَاءٍ أَوْ عَطَشٍ لَا حَدَّ بِهَا وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا لِلشُّبْهَةِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ اُحْتِيجَ فِي قَطْعِ نَحْوِ سِلْعَةٍ وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ لِمَنْ أَخَذَ بِكْرًا وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ افْتِضَاضُهَا إلَّا بِإِطْعَامِهَا مَا يُغَيِّبُ عَقْلَهَا مِنْ نَحْوِ بَنْجٍ أَوْ حَشِيشٍ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى تَمَكُّنِ الزَّوْجِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ وَطْئِهَا مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا بِهِ أَذًى لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي إزَالَةِ الْبَكَارَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(تَنْبِيهٌ)

جَزَمَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بِحِلِّ إسْقَائِهَا لِلْبَهَائِمِ وَلِلزَّرْكَشِيِّ احْتِمَالٌ أَنَّهَا كَالْآدَمِيِّ فِي امْتِنَاعِ إسْقَائِهَا إيَّاهَا لِلْعَطَشِ قَالَ لِأَنَّهَا تُثِيرُهُ فَيُهْلِكُهَا فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ إتْلَافِ الْمَالِ اهـ وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا لَهَا وَإِضْرَارُ الْحَيَوَانِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ قَالَ وَالْمُتَّجَهُ مَنْعُ إسْقَائِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>