للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ مَا يَبْقَى أَسْفَلُ إنَاءِ مَا يُسْكِرُ ثَخِينًا (عَلَى مُلْتَزِمِ تَحْرِيمِهِ مُخْتَارٌ عَالِمٌ بِهِ وَبِتَحْرِيمِهِ وَلَا ضَرُورَةَ وَحُدَّ بِهِ) أَيْ بِتَنَاوُلِ ذَلِكَ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحُدُّ فِي الْخَمْرِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ خَبَرَ «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ» وَقِيسَ بِهِ شُرْبُ النَّبِيذِ وَإِنَّمَا حُرِّمَ الْقَلِيلُ وَحُدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ كَمَا حَرُمَ تَقْبِيلُ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَالْخَلْوَةُ بِهَا لِإِفْضَائِهِمَا إلَى الْوَطْءِ وَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ: السَّكْرَانُ وَخَرَجَ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ أَضْدَادُهَا فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْهَا مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكَافِرٍ وَمُكْرَهٍ وَمُوجَر وَجَاهِلٍ بِهِ أَوْ بِتَحْرِيمِهِ إنْ قَرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ شَرِقَ بِلُقْمَةٍ فَأَسَاغَهَا بِهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَإِنَّمَا حُدَّ الْحَنَفِيُّ بِتَنَاوُلِهِ النَّبِيذَ وَإِنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ لِقُوَّةِ أَدِلَّةِ تَحْرِيمِهِ وَلِأَنَّ الطَّبْعَ يَدْعُو إلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ وَخَرَجَ بِالشَّرَابِ غَيْرُهُ

ــ

[حاشية الجمل]

لَهَا لَا لِعَطَشٍ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّمْثِيلِ بِالْحَيَوَانِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَفِي وَجْهٍ غَرِيبٍ حِلُّ إسْقَائِهَا لِلْخَيْلِ لِتَزْدَادَ حُمُوًّا أَيْ شِدَّةً فِي جَرْيِهَا قَالَ وَالْقِيَاسُ حِلُّ إطْعَامِهَا نَحْوَ حَشِيشٍ وَبَنْجٍ لِلْجُوعِ وَإِنْ تَخَدَّرَتْ وَيَظْهَرُ جَوَازُهُ لِآدَمِيٍّ جَاعَ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنْ تَخَدَّرَ لِأَنَّ الْمُخَدِّرَ لَا يُزِيدُ فِي الْجُوعِ اهـ مُلَخَّصًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَسْفَلَ إنَاءِ مَا يُسْكِرُ) إضَافَةُ الْإِنَاءِ إلَى الْمُسْكِرِ نَظَرًا لِمَا الْكَلَامُ فِيهِ وَإِلَّا فَالدُّرْدِيُّ اسْمٌ لِمَا يُرَسَّبُ فِي أَسْفَلِ كُلِّ إنَاءٍ مَائِعٍ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى مُلْتَزِمِ تَحْرِيمِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حُرِّمَ وَقَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَحُدَّ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْكَافِرُ الْغَيْرُ الْمُلْتَزِمُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ اهـ شَيْخُنَا وَمُلْتَزِمُ التَّحْرِيمِ هُوَ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ.

وَقَوْلُهُ: وَحُدَّ أَيْ الْمُلْتَزِمُ الْمُخْتَارُ الْعَالِمُ بِأَنَّهُ خَمْرٌ وَبِأَنَّهُ حَرَامٌ الَّذِي لَمْ يُضْطَرَّ إلَى شُرْبِهِ فَهَذِهِ الْقُيُودُ الْخَمْسَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْحَدِّ، وَقَوْلُهُ: أَيْ بِتَنَاوُلِ ذَلِكَ أَيْ مَا حَرُمَ تَنَاوُلُهُ وَإِنْ قَلَّ وَلَمْ يُسْكِرْ كَمَا يُشِيرُ لَهُ قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حُرِّمَ الْقَلِيلُ وَحُدَّ بِهِ. . . إلَخْ إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت أَنَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْهَا قُصُورًا بَلْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ فَلَا حَدَّ وَلَا حُرْمَةَ عَلَى مَنْ اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَيْ مِنْ أَضْدَادِ الْقُيُودِ الْخَمْسَةِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ فِي بَيَانِ الْمُحْتَرِزِ عَلَى نَفْيِ الْحَدِّ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَنْتَفِي عَنْ كُلِّ مَنْ اتَّصَفَ بِضِدٍّ مِنْ الْأَضْدَادِ بَلْ مِنْهُمْ مَنْ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِ الْحُرْمَةُ مَعَ كَوْنِهِ لَا يُحَدُّ وَهُوَ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الشُّرْبُ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ اهـ.

وَلِذَلِكَ كَتَبَ الشَّيْخُ س ل مَا نَصّه قَوْلُهُ: " فَلَا حَدَّ لَمْ يَقُلْ وَلَا حُرْمَةَ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَهُ لَزِمَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ بَعْضَ أَفْرَادِ مَنْ خَرَجَ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْكَافِرُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ السَّكْرَانُ) أَيْ إذَا شَرِبَ حَالَ سُكْرِهِ بَعْدَ حَدِّهِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يُحَدُّ ثَانِيًا حَالَ صَحْوِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يُحَدُّ حَالَ سُكْرِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَكَافِرٌ) إخْرَاجُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِ الْحُرْمَةِ، وَالْحَدِّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمُخْرَجَاتِ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ فَفِي مَفْهُومِ الْمَتْنِ تَفْصِيلٌ تَارَةً يَنْتَفِيَانِ فِيمَا عَدَا الْكَافِرِ وَتَارَةً أَحَدُهُمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَكَافِرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ أَيْ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالذِّمَّةِ مِمَّا لَا يَعْتَقِدُهُ إلَّا الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعِبَادِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمُكْرَهٍ) وَيَلْزَمُهُ كَكُلِّ آكِلٍ أَوْ شَارِبٍ حَرَامُ تَقَايُؤُهُ إنْ أَطَاقَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى عُذْرِهِ وَإِنْ لَزِمَهُ التَّنَاوُلُ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ فِي الْبَاطِنِ انْتِفَاعٌ بِهِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَإِنْ حَلَّ ابْتِدَاؤُهُ لِزَوَالِ سَبَبِهِ فَانْدَفَعَ اسْتِبْعَادُ الْأَذْرَعِيِّ لِذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمُؤَجِّرٍ) وَهُوَ الَّذِي يَفْتَحُ حَلْقَهُ كَرْهًا وَيُؤْجَرُ فِيهِ كَرْهًا فَهُوَ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَجَاهِلٍ بِهِ أَوْ بِتَحْرِيمِهِ. . . إلَخْ) بِخِلَافِ مَنْ نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ يَقْتَضِي حَالُهُ عَدَمَ خَفَاءِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: إنْ قَرُبَ إسْلَامُهُ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ اهـ ح ل (وَقَوْلُهُ: وَمَنْ شَرِقَ بِلُقْمَةٍ فَأَسَاغَهَا بِهِ. . . إلَخْ) وَإِذَا مَاتَ بِشُرْبِهِ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَاتَ شَهِيدًا لِجَوَازِ تَنَاوُلِهِ لَهُ بَلْ وُجُوبُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرِبَهُ تَعَدِّيًا وَغَصَّ مِنْهُ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ عَاصِيًا لِتَعَدِّيهِ بِشُرْبِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ فَأَسَاغَهَا بِهِ وَلَيْسَ قَيْدًا فِي نَفْيِ الْحَدِّ فَلَا يُحَدُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ وَجَدَ غَيْرَهُ أَمْ لَا لِلشُّبْهَةِ كَمَا فِي ز ي وَكَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ فِي صُورَةِ التَّدَاوِي بِقَوْلِهِ فَلَا يُحَدُّ بِهِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ. . . إلَخْ وَإِنْ كَانَ قَيْدًا فِي نَفْيِ الْحُرْمَةِ الَّذِي لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ هُنَا فَلَا يَنْتَفِي إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ مُحْتَرِزِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا ضَرُورَةَ، وَالضَّرُورَةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْحَلَبِيُّ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَدَّ الْحَنَفِيُّ. . . إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا وَارِدٌ عَلَى مَفْهُومِ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ أَيْ مُلْتَزِمِ تَحْرِيمِهِ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَنَفِيَّ كَالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْمَفْهُومَاتِ أَخَذَ يُجِيبُ عَمَّا وَرَدَ عَلَى أَوَّلِهَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ أَدِلَّةِ تَحْرِيمِهِ وَلِأَنَّ الطَّبْعَ. . إلَخْ) وَبِهَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ فَارَقَ ذَلِكَ عَدَمَ وُجُوبِ الْحَدِّ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَمَعَ حَدِّهِ بِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ مُفَسَّقًا فِي اعْتِقَادِهِ الْمَعْذُورِ فِيهِ إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْحَدِّ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ وَفِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِعَقِيدَةِ الشَّاهِدِ وَلِهَذَا لَوْ غَصَبَ أَمَةً وَوَطِئَهَا بِاعْتِقَادِ أَنَّهُ يَزْنِي بِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مِلْكُهُ فَسَقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ اهـ س ل (قَوْلُهُ: فَيَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ) مِنْ هَذَا يُؤْخَذُ أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى مَنْ ارْتَكَبَ مَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُ يَرَى جَوَازَ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْآحَادِ لَا يُنْكِرُ الْوَاحِدُ إلَّا عَلَى مَنْ لَا يَرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>