للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَحْصُلُ الْحَدُّ (بِنَحْوِ سَوْطٍ وَأَيْدٍ) كَنِعَالٍ وَعَصَى مُعْتَدِلَةٍ وَأَطْرَافِ ثِيَابٍ بَعْدَ فَتْلِهَا حَتَّى تَشْتَدَّ (وَلِلْإِمَامِ زِيَادَةُ قَدْرِهِ) أَيْ الْحَدِّ عَلَيْهِ إنْ رَآهُ فَيَبْلُغُ الْحُرَّ ثَمَانِينَ وَغَيْرَهُ أَرْبَعِينَ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْحُرِّ وَرَآهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لِأَنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَحَدُّ الِافْتِرَاءِ ثَمَانُونَ (وَهِيَ) أَيْ زِيَادَةُ قَدْرِ الْحَدِّ عَلَيْهِ (تَعَازِيرُ) لَا حَدُّ وَإِلَّا لَمَا جَازَ تَرْكُهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ وَضْعَ التَّعْزِيرِ النَّقْصُ عَنْ الْحَدِّ فَكَيْفَ يُسَاوِيهِ وَأُجِيبُ بِمَا أَشَرْت إلَيْهِ بِتَعَازِيرُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لِجِنَايَاتٍ تَوَلَّدَتْ مِنْ الشَّارِبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ شَافِيًا فَإِنَّ الْجِنَايَةَ لَمْ تَتَحَقَّقْ حَتَّى يُعَزَّرَ، وَالْجِنَايَاتُ الَّتِي تَتَوَلَّدُ مِنْ الْخَمْرِ لَا تَنْحَصِرُ فَلْتَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَانِينَ وَقَدْ مَنَعُوهَا قَالَ وَفِي قِصَّةِ تَبْلِيغِ الصَّحَابَةِ الضَّرْبَ ثَمَانِينَ أَلْفَاظٌ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ الْكُلَّ حَدٌّ، وَعَلَيْهِ فَحَدُّ الشَّارِبِ مَخْصُوصٌ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْحُدُودِ بِأَنْ يَتَحَتَّمَ بَعْضُهُ وَيَتَعَلَّقَ بَعْضُهُ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ سَوْطٍ إلَى آخِرِهِ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ.

(وَحُدَّ بِإِقْرَارِهِ وَبِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَهُوَ عَالِمٌ مُخْتَارٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجَهْلِ، وَالْإِكْرَاهِ وَقَوْلِي: أَنَّهُ تَنَازَعَهُ الْمَصْدَرَانِ قَبْلَهُ فَلَا يُحَدُّ بِرِيحٍ مُسْكِرٍ وَلَا بِسُكْرٍ وَلَا بِقَيْءٍ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ أَوْ الْإِكْرَاهِ، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ.

(وَسَوْطُ الْعُقُوبَةِ) مِنْ حَدٍّ وَتَعْزِيرٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَسَوْطُ الْحُدُودِ (بَيْنَ قَضِيبٍ) أَيْ غُصْنٍ (وَعَصًا) غَيْرِ مُعْتَدِلَةٍ (وَرَطْبٍ وَيَابِسٍ) بِأَنْ يَكُونَ مُعْتَدِلَ

ــ

[حاشية الجمل]

عَدَاهُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَلُفُّهُ إلَّا مُحْرِمُهُ فَقَطْ وَلِذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْتَصَّ بِلَفِّ ثِيَابِهِ نَحْوُ الْمَرْأَةِ اهـ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ الْحَدُّ) أَيْ حَدُّ الشُّرْبِ، وَالزِّنَا، وَالْقَذْفِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ سَوْطٍ أَوْ يَدٍ) أَيْ فِي حَقِّ السَّلِيمِ الْقَوِيِّ أَمَّا نِضْوُ الْخِلْقَةِ فَيُجْلَدُ بِنَحْوِ عِثْكَالٍ وَلَا يَجُوزُ بِسَوْطٍ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَجَلَدَهُ بِالسَّوْطِ فَمَاتَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ جُلِدَ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَمَاتَ بِهِ أَوْ جُلِدَ عَلَى الْمَقَاتِلِ.

وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ (فَائِدَةٌ)

قَالَ الْقَاضِي لَا بُدَّ فِي الْحَدِّ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَخَالَفَهُ شَيْخُهُ الْقَفَّالُ فَلَمْ يَشْتَرِطْهَا قَالَ حَتَّى لَوْ ظَنَّ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ حَدَّ شُرْبٍ فَجَلَدَهُ فَبَانَ غَيْرَهُ أَجْزَأَ وَكَذَا لَوْ ضَرَبَهُ ظُلْمًا فَبَانَ أَنَّ عَلَيْهِ حَدًّا اهـ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ ضَرَبَهُ ظُلْمًا. . . إلَخْ لِأَنَّ ضَرْبَهُ ظُلْمًا قُصِدَ بِهِ غَيْرُ الْحَدِّ فَهُوَ صَارِفٌ عَنْ وُقُوعِهِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ حَدًّا وَضَرَبَهُ بِلَا قَصْدِ أَنَّهُ عَلَى الْحَدِّ فَيَنْبَغِي الْإِجْزَاءُ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ وُجُودِ الصَّارِفِ عَنْهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلِلْإِمَامِ زِيَادَةُ قَدْرِهِ عَلَيْهِ) نَعَمْ الْأَرْبَعُونَ أَوْلَى كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ إذْ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ: وَرَآهُ عَلِيٌّ. . . إلَخْ لَكِنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَكَانَ يَجْلِدُ فِي خِلَافَتِهِ أَرْبَعِينَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَرَآهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَبَقَ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ رَاجِعٌ لِلثَّمَانِينَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَإِذَا سَكِرَ هَذَى) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَكَلَّمَ بِالْهَذَيَانِ وَهُوَ مَا لَا يَلِيقُ مِنْ الْكَلَامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَحَدُّ الِافْتِرَاءِ ثَمَانُونَ) فِيهِ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ الِافْتِرَاءُ قَذْفًا وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ لِأَنَّهُ مُطْلَقُ الْكَذِبِ.

فَفِي الْمِصْبَاحِ وَافْتَرَى عَلَيْهِ كَذِبًا اخْتَلَقَهُ، وَالِاسْمُ الْفِرْيَةُ بِالْكَسْرِ، وَفَرَى عَلَيْهِ يَفْرِي مِنْ بَابِ رَمَى مِثْلُ افْتَرَى اهـ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ شَافِيًا) أَيْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ إلَّا إنْ وُجِدَتْ تِلْكَ الْجِنَايَاتُ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ الْجِنَايَاتِ لَمْ تَتَحَقَّقْ أَيْ لَا يَلْزَمُ تَحَقُّقُهَا وَوُجُودُهَا لَا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ مَظِنَّةٌ لَهَا.

وَعِبَارَةُ النُّكَتِ قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ التَّعْزِيرَاتُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَحَقَّقَ سَبَبُهَا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ السَّبَبُ هُنَا وَقَوْلُهُ: لَا تَنْحَصِرُ أَيْ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا سَكِرَ هَذَى، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ مَنَعُوهَا أَيْ بَلْ مَنَعُوا أَنْ يَبْلُغَ التَّعْزِيرُ الْحَدَّ كَمَا سَيَأْتِي اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَيْسَ شَافِيًا) أَيْ لَيْسَ هَذَا الْجَوَابُ شَافِيًا فَإِنَّ الْجِنَايَاتِ لَمْ تَتَحَقَّقْ أَيْ لَا يَلْزَمُ تَحَقُّقُهَا وَوُجُودُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ مَظِنَّةٌ لَهَا اهـ ح ل قَالَ الْخَطِيبُ فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَعْزِيرَاتٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ اقْتِصَارًا عَلَى مَا وَرَدَ اهـ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَحَدُّ الشَّارِبِ. . . إلَخْ) وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ اهـ عَزِيزِيٌّ أَيْ فَفِي الزِّيَادَةِ شَبَّهَ بِالتَّعْزِيرِ لِجَوَازِ تَرْكِهَا وَشَبَّهَ بِالْحَدِّ لِجَوَازِ بُلُوغِهَا أَرْبَعِينَ اهـ ز ي (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَحَتَّمَ بَعْضُهُ وَيَتَعَلَّقَ بَعْضُهُ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ لَوْ مَاتَ وَلَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر " وَالزِّيَادَةُ تَعْزِيرَاتٌ وَقِيلَ حَدٌّ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ مَاتَ لَمْ يَضْمَنْ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ: وَحُدَّ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ اهـ زِيَادِيٌّ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ وَلَعَلَّ صُورَتَهَا أَنْ يَرْمِيَ غَيْرَهُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَيَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ رَمَاهُ بِذَلِكَ وَيَزِيدَ تَعْزِيرَهُ فَيَطْلُبَ السَّابُّ الْيَمِينَ مِمَّنْ نَسَبَ إلَيْهِ شُرْبَهَا فَيَمْتَنِعُ وَيَرُدُّهَا عَلَيْهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ التَّعْزِيرُ وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الرَّادِّ لِلْيَمِينِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ) وَيَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ كَالزِّنَا اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) أَيْ لَا هُوَ وَلَا الشُّهُودُ وَهُوَ عَالِمٌ مُخْتَارٌ. . . إلَخْ وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّرِقَةِ، وَالزِّنَا حَيْثُ يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ فِيهِمَا فِي الْإِقْرَارِ، وَالشَّهَادَةِ اهـ ح ل وَفَرَّقَ سُلْطَانٌ بِأَنَّ مُقَدِّمَاتِ الزِّنَا قَدْ تُسَمَّى زِنًا كَمَا فِي خَبَرِ «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ» فَاحْتِيطَ فِيهِ اهـ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَسَوَاءٌ أَقَالَ وَهُوَ مُخْتَارٌ عَالِمٌ أَمْ لَا كَمَا فِي نَحْوِ بَيْعٍ وَطَلَاقٍ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ، وَالْغَالِبُ مِنْ حَالِ الشَّارِبِ عِلْمُهُ بِمَا يَشْرَبُهُ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُقِرِّ، وَالشَّاهِدِ أَنْ يَقُولَ شَرِبَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ مُخْتَارٌ لِاحْتِمَالِ مَا مَرَّ كَالشَّهَادَةِ بِالزِّنَا إذْ الْعُقُوبَةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِتَعْيِينٍ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الزِّنَا قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَدِّمَاتِهِ كَمَا فِي الْخَبَرِ عَلَى أَنَّهُمْ سَامَحُوا فِي الْخَمْرِ لِسُهُولَةِ حَدِّهَا مَا لَمْ يُسَامِحُوا فِي غَيْرِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ أَنَّ الِابْتِلَاءَ بِكَثْرَةِ شُرْبِهَا يَقْتَضِي التَّوَسُّعَ فِي سَبَبِ الزَّجْرِ عَنْهَا فَوَسَّعَ فِيهِ مَا لَمْ يُوَسَّعْ فِي غَيْرِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ أَوْ الْإِكْرَاهِ) هَذَا مَوْجُودٌ فِي قَوْلِ الشُّهُودِ شَرِبَ مُسْكِرًا، وَالْجَوَابُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِ يَأْتِي هُنَا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ مُعْتَدِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>