. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الجمل]
فَقَالَ الرَّسُولُ لِفُلَانٍ زَيْدٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ كَذَا نَقَلَهُ م ر عَنْ وَالِدِهِ وَاعْتَمَدَهُ وَقَوْلُهُ فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ إلَخْ وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِفْصَالُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرْسِلَ أَتَى بِصِيغَةِ السَّلَامِ أَمْ لَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّي نَقَلَ عَنْ م ر أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ قَالَ فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك حَمْلًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِصِيغَةِ سَلَامٍ شَرْعِيَّةٍ وَأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْوُجُوبِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا.
(فَرْعٌ) ثَانٍ يَلْزَمُ الرَّسُولَ إذَا تَحَمَّلَ السَّلَامَ الْإِبْلَاغُ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ قَالَ م ر وَلَعَلَّهُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ رَدَّ التَّحَمُّلَ بِحَضْرَةِ الْمُرْسِلِ وَلَا يَصِحُّ رَدُّهُ فِي غَيْبَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ رَدُّهُ فِي غَيْبَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاءَ كِتَابٌ وَفِيهِ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ فَلَهُ رَدُّهُ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ تَحَمُّلٌ وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ تَحَمُّلُ هَذِهِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ لَا يَتَحَمَّلَهَا بِأَنْ يَرُدَّهَا فِي الْحَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مِنْ بَابِ مَشْرُوعِيَّةِ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ وَالْحِكْمَةِ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ الْعَاطِسَ يَدْفَعُ الْأَذَى مِنْ الدِّمَاغِ الَّذِي فِيهِ قُوَّةُ الْفِكْرِ وَمِنْهُ تَنْشَأُ الْأَعْصَابُ الَّتِي هِيَ مَعْدِنُ الْحُسْنِ وَبِسَلَامَتِهِ تَسْلَمُ الْأَعْضَاءُ فَيَظْهَرُ بِهَذَا أَنَّهُ نِعْمَةٌ جَلِيلَةٌ تُنَاسِبُ أَنْ تُقَابَلَ بِالْحَمْدِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ فَالْأَوَّلُ أَصْلُهُ إزَالَةُ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَالتَّفْعِيلُ لِلسَّلْبِ نَحْوُ جَلَدْت الْبَعِيرَ أَيْ أَزَلْت جِلْدَهُ فَاسْتُعْمِلَ فِي الدُّعَاءِ بِالْخَيْرِ لِتَضَمُّنِهِ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ دَعَا لَهُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي حَالِ مَنْ يَشْمَتُ بِهِ أَوْ أَنَّهُ إذَا حَمِدَ اللَّهَ أَدْخَلَ عَلَى الشَّيْطَانِ مَا يَسُوءُ فَشَمِتَ هُوَ بِالشَّيْطَانِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ صَانَ اللَّهُ شَوَامِتَهُ أَيْ قَوَائِمَهُ الَّتِي بِهَا قِوَامُ بَدَنِهِ عَنْ خُرُوجِهَا عَنْ الِاعْتِدَالِ وَشَوَامِتُ كُلِّ شَيْءٍ قَوَائِمُهُ الَّتِي بِهَا قِوَامُهُ فَقِوَامُ الدَّابَّةِ سَلَامَةُ قَوَائِمِهَا الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهَا إذَا سَلِمَتْ وَقِوَامُ الْآدَمِيِّ بِسَلَامَةِ قَوَائِمِهِ الَّتِي بِهَا قِوَامُهُ وَهُوَ رَأْسُهُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ عُنُقٍ وَصَدْرٍ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ دُعَاءٌ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى سَمْتٍ حَسَنٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَاطِسَ يَنْحَلُّ كُلُّ عُضْوٍ فِي رَأْسِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الْعُنُقِ وَنَحْوِهِ فَكَأَنَّهُ إذَا قِيلَ يَرْحَمُك اللَّهُ كَانَ مَعْنَاهُ أَعْطَاك اللَّهُ رَحْمَةً يَرْجِعُ بِهَا ذَلِكَ إلَى حَالِهِ قَبْلَ الْعُطَاسِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ
وَلَفْظُ الْحَمْدِ مِنْ الْعُطَاسِ جَاءَ فِي رِوَايَاتٍ فَفِي رِوَايَةٍ «الْحَمْدُ لِلَّهِ» وَفِي «أُخْرَى الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» وَفِي أُخْرَى «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» وَفِي أُخْرَى «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ» وَفِي أُخْرَى «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ» قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَلَا أَصْلَ لِمَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ اسْتِكْمَالِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْعُطَاسِ وَكَذَا الْعُدُولُ عَنْ الْحَمْدِ إلَى أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِنَا أَيْ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ تَشْمِيتَ الْعَاطِسِ فَرْضُ عَيْنٍ وَقَوَّاهُ ابْنُ الْقَيِّمِ وَقَالَ قَوْمٌ هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ وَقَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْحَنَابِلَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَدْ خُصَّ مِنْ عُمُومِ الْأَمْرِ بِتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ مَنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ تَعَالَى فَلَا يُسَنُّ تَشْمِيتُهُ وَكَذَا الْكَافِرُ وَمَنْ تَكَرَّرَ عُطَاسُهُ وَزَادَ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهَا تَشْمِيتُهُ بَلْ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ لَهُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَنْتَ مَزْكُومٌ أَيْ أَنْتَ لَسْت مِمَّنْ يُشَمَّتُ لِأَنَّ الَّذِي بِك مَرَضٌ وَلَيْسَ مِنْ الْعُطَاسِ الْمَحْمُودِ النَّاشِئِ عَنْ خِفَّةِ الْبَدَنِ فَيُدْعَى لَهُ بِالْعَافِيَةِ فَلِذَلِكَ لَا يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ بِعِلَاجٍ لِأَنَّ عُطَاسَهُ لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ الطَّبِيعَةِ
وَكَذَلِكَ يُخَصُّ مِنْ الْعُمُومِ مَنْ كَرِهَ التَّشْمِيتَ مِنْ الْمُشَمِّتِ فَلَا يُسَنُّ تَشْمِيتُهُ مِمَّنْ كَرِهَ تَشْمِيتَهُ وَهَذَا يَطَّرِدُ فِي السَّلَامِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ فَلَا تُسَنُّ الثَّلَاثَةُ لِمَنْ كَرِهَهَا مِنْ الْمُشَمِّتِ وَالْمُسَلِّمِ وَالْعَائِدِ خُصُوصًا إذَا خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا كَعَادَةِ سَلَاطِينَ مِصْرَ لَا يُشَمَّتُ أَحَدُهُمْ إذَا عَطَسَ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَا يُسَنُّ التَّشْمِيتُ عِنْدَ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ بُخْلٌ بِالْإِنْصَاتِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَكَذَا لَا يُشَمَّتُ مَنْ عَطَسَ وَهُوَ يُجَامِعُ أَوْ فِي الْخَلَاءِ فَيُؤَخَّرُ تَشْمِيتُهُ إلَى بَعْدِ الْفَرَاغِ وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ الَّذِي لَا يَنْشَأُ مِنْ زُكَامٍ» لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ خِفَّةِ الْبَدَنِ وَانْفِتَاحِ السُّدَدِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي النَّشَاطَ لِفِعْلِ الطَّاعَةِ وَيُكْرَهُ التَّثَاؤُبُ لِأَنَّهُ مِنْ غَلَبَةِ امْتِلَاءِ الْبَدَنِ وَالْإِكْثَارِ مِنْ الْأَكْلِ وَالتَّخْلِيطِ فَيُؤَدِّي إلَى الْكَسَلِ وَالتَّقَاعُدِ عَنْ الْعِبَادَةِ فَالْمَحَبَّةُ وَالْكَرَاهَةُ الْمَذْكُورَانِ مُنْصَرِفَانِ إلَى مَا يَنْشَأُ عَنْ سَبَبِهِمَا فَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ» لِأَنَّهُ الَّذِي يُزَيِّنُ لِلنَّفْسِ شَهْوَتَهَا مِنْ امْتِلَاءِ الْبَدَنِ بِكَثْرَةِ الْمَأْكَلِ وَإِذَا شُمِّتَ الْعَاطِسُ فَيُسَنُّ أَنْ يُجِيبَ الْمُشَمَّتُ إذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُك اللَّهُ فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمْ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute