للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ (عَلَى جَمَاعَةٍ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُكَلَّفِينَ فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهَا بِخِلَافِهِ عَلَى وَاحِدٍ فَإِنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ إلَّا إنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ أَوْ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ أُنْثَى مُشْتَهَاةً وَالْآخَرُ رَجُلًا وَلَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُمَا أَوْ نَحْوَهَا فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ ثُمَّ إنْ سَلَّمَ

ــ

[حاشية الجمل]

شَأْنَكُمْ وَلَا بُدَّ مِنْ الْخِطَابِ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ وَفِي الْكَوَاكِبِ اعْلَمْ أَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَمَرَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِخُرُوجِ مَا احْتَقَنَ فِي دِمَاغِهِ مِنْ الْأَبْخِرَةِ

قَالَ الْأَطِبَّاءُ الْعَطْسَةُ تَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ طَبِيعَةِ الدِّمَاغِ وَصِحَّةِ مِزَاجِهِ فَهِيَ نِعْمَةٌ وَكَيْفَ لَا وَهِيَ جَالِبَةٌ لِلْخِفَّةِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الطَّاعَةِ فَاسْتُدْعِيَ الْحَمْدُ عَلَيْهَا وَلَمَّا كَانَ الْعَاطِسُ بِغَيْرِ الْوَضْعِ الشَّخْصِيِّ بِحُصُولِ حَرَكَاتٍ غَيْرِ مَضْبُوطَةٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ وَلِذَا قِيلَ إنَّهُ زَلْزَلَةُ الْبَدَنَ أُرِيدَ إزَالَةُ ذَلِكَ الِانْفِعَالِ عَنْهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ وَالِاشْتِغَالِ بِجَوَابِهِ وَلَمَّا دُعِيَ لَهُ كَانَ مُقْتَضَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء: ٨٦] أَنْ يُكَافِئَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا فَلِذَا أُمِرْنَا بِالدَّعْوَتَيْنِ وَهُمَا يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ يَقُولُ يُغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَحْسَنُ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ كُلُّ فِعْلٍ مَكْرُوهٍ نَسَبُهُ الشَّرْعِيُّ لِلشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ وَاسِطَتُهُ وَذَلِكَ بِالِامْتِلَاءِ مِنْ الْأَكْلِ وَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ أَيْ يَأْخُذْ فِي أَسْبَابِ رَدِّهِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ فَرَحًا لِتَشَوُّهِ صُورَتِهِ عِنْدَ انْفِتَاحِ فَمِهِ وَفِي الْحَدِيثِ «إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَلَا يَعْوِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَضْحَكُ مِنْهُ» وَيَعْوِي بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَشَبَّهَ التَّثَاؤُبَ بِعُوَاءِ الْكَلْبِ تَنْفِيرًا عَنْهُ وَاسْتِقْبَاحًا لَهُ فَإِنَّ الْكَلْبَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَفْتَحُ فَاهُ وَيَعْوِي وَالْمُتَثَائِبُ إذَا أَفْرَطَ فِي التَّثَاؤُبِ شَابَهُ الْكَلْبَ وَمِنْ ثَمَّ تَظْهَرُ النُّكْتَةُ فِي كَوْنِهِ يَضْحَكُ مِنْهُ لِأَنَّهُ صَيَّرَهُ مِلْعَبَةً لَهُ بِتَشْوِيهِ خِلْقَتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ اهـ بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ مِنْ مُسْلِمٍ) مُتَعَلِّقٍ بِسَلَامٍ وَلَمْ يَقُلْ مُكَلَّفٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا سَلَّمَ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُكَلَّفِينَ بَيَانٌ لِلَّذِي يَرُدُّ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ رَدَّ الصَّبِيِّ عَنْ الْجَمَاعَةِ لَا يَكْفِي وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ عَلَى جَمَاعَةٍ) أَيْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُكَلَّفِينَ أَيْ أَوْ سَكَارَى لَهُمْ نَوْعُ تَمْيِيزٍ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ وَيَحْرُمُ أَنْ يَبْدَأَ الشَّخْصُ بِهِ ذِمِّيًّا لِلنَّهْيِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ فَإِنْ بَانَ مَنْ سَلَّمَ هُوَ عَلَيْهِ ذِمِّيًّا فَلْيَقُلْ لَهُ اسْتَرْجَعْت سَلَامِي تَحْقِيرًا لَهُ كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ وَالْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِمَا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَرِدَّ سَلَامَهُ بِأَنْ يَقُولَ رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُوحِشَهُ وَيُظْهِرَ لَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أُلْفَةٌ وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ فَقِيلَ لَهُ إنَّهُ يَهُودِيٌّ فَتَبِعَهُ قَالَ لَهُ رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي انْتَهَى وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّيغَتَيْنِ كَافِيَةٌ اهـ (قَوْلُهُ فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهَا) أَيْ إنْ سَمِعَ ذَلِكَ الْأَحَدُ فَإِنْ رَدُّوا كُلَّهُمْ وَلَوْ مُرَتَّبًا أُثِيبُوا ثَوَابَ الْفَرْضِ كَالْمُصَلِّينَ عَلَى الْجِنَازَةِ وَلَوْ رَدَّتْ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ أَجْزَأَ إنْ شُرِعَ السَّلَامُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ لَمْ يَسْقُطْ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجِنَازَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَهُوَ مِنْهُ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ وَهُنَا الْأَمْنُ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ إجْزَاءُ تَشْمِيتِ الصَّبِيِّ عَنْ جَمْعٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّبَرُّكُ وَالدُّعَاءُ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا يَكْفِي رَدُّ غَيْرِ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِمْ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَلَوْ رَدَّتْ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ أَيْ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الرَّجُلُ عَلَى رَجُلٍ وَعَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ خُصَّ الرَّجُلُ بِالسَّلَامِ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي رَدُّ غَيْرِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِمْ

وَقَوْلُهُ إنْ شُرِعَ السَّلَامُ إلَخْ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مَحْرَمًا أَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ مَثَلًا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَيَجِبُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْأَصَمِّ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ بِنَحْوِ الْيَدِ وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ إلَّا إنْ جَمَعَ لَهُ الْمُسَلِّمُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ بِالْيَدِ وَيُغْنِي عَنْ الْإِشَارَةِ فِي الْأَوَّلِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْأَخْرَسَ فَهِمَ بِقَرِينَةِ الْحَالِ وَالنَّظَرِ إلَى فَمِهِ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَتَكْفِي إشَارَةُ الْأَخْرَسِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا هـ حَجّ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ أَوْ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ أُنْثَى) أَيْ وَاحِدَةً أَيْ مُنْفَرِدَةً لَمْ يَكُنْ مَعَهَا غَيْرُهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَالْآخَرُ رَجُلًا فَقَدْ قُيِّدَ عَدَمُ وُجُوبِ الرَّدِّ بِأَرْبَعَةِ قُيُودٍ كَوْنُ الْأُنْثَى مُنْفَرِدَةً وَكَوْنُهَا مُشْتَهَاةً وَكَوْنُ الْآخَرِ رَجُلًا مُنْفَرِدًا وَعَدَمُ الْمَحْرَمِيَّةِ وَنَحْوِهَا بَيْنَهُمَا وَمُحْتَرَزُ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مُحَصِّلُهُ أَنَّهُ مَتَى انْتَفَى قَيْدٌ مِنْ الْأَرْبَعَةِ كَانَ الرَّدُّ وَاجِبًا فَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ نِسْوَةً وَجَبَ عَلَيْهِنَّ الرَّدُّ كِفَايَةً وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ رَجُلًا وَاحِدًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَهَاةً وَجَبَ الرَّدُّ مِنْهَا وَعَلَيْهَا وَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُ رِجَالًا مُتَعَدِّدِينَ وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَجَبَ الرَّدُّ وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ نَحْوُهَا وَجَبَ الرَّدُّ وَكَذَلِكَ إذَا اتَّفَقَ الْجِنْسُ وَهَذَا فِي الْمَعْنَى قَيْدٌ خَامِسٌ فَإِنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ وَالْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ نِسْوَةً فَيَجِبُ الرَّدُّ وَنَصُّ عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.

١ -

(فَرْعٌ) يُسَنُّ السَّلَامُ لِلنِّسَاءِ مَعَ بَعْضِهِنَّ وَغَيْرِهِنَّ إلَّا مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>