وَيُعْتَبَرُ رُشْدُهُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ (فَإِنْ أَذِنَ) أَيْ أَصْلُهُ أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ فِي الْجِهَادِ (ثُمَّ رَجَعَ) بَعْدَ خُرُوجِهِ وَعَلِمَ بِالرُّجُوعِ (وَجَبَ رُجُوعُهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ وَإِلَّا) بِأَنْ حَضَرَهُ (حَرُمَ انْصِرَافُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: ٤٥] وَلِقَوْلِهِ {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} [الأنفال: ١٥] وَلِأَنَّ الِانْصِرَافَ يُشَوِّشُ أَمْرَ الْقِتَالِ وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الرُّجُوعِ أَيْضًا أَنْ لَا يَخْرُجَ بِجُعْلٍ مِنْ السُّلْطَانِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَعُزِيَ لِنَصِّ الْأُمِّ وَأَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَمْ تَنْكَسِرْ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ عِنْدَ الْخَوْفِ أَنْ يُقِيمَ فِي قَرْيَةٍ بِالطَّرِيقِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ الْجَيْشُ فَيَرْجِعَ مَعَهُمْ لَزِمَهُ.
(وَإِنْ دَخَلُوا) أَيْ الْكُفَّارُ (بَلْدَةً لَنَا) مَثَلًا (تَعَيَّنَ) الْجِهَادُ (عَلَى أَهْلِهَا) سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَأَهُّبُهُمْ لِقِتَالٍ أَمْ لَمْ يُمْكِنْ لَكِنْ عُلِمَ كُلٌّ مِنْ قَصْدِ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ قُتِلَ أَوْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً إنْ أُخِذَتْ (وَ) عَلَى (مَنْ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْهَا) وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهَا كِفَايَةٌ لِأَنَّهُ كَالْحَاضِرِ مَعَهُمْ فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى كُلٍّ مِمَّنْ ذُكِرَ (حَتَّى عَلَى فَقِيرٍ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَرَقِيقٍ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْأَصْلِ وَرَبِّ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ وَلَوْ كَفَى الْأَحْرَارُ (وَعَلَى مَنْ بِهَا) أَيْ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَيَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ إلَيْهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ (بِقَدْرِ كِفَايَةٍ) دَفْعًا لَهُمْ وَإِنْقَاذًا مِنْ الْهَلَكَةِ فَيَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ فِي حَقِّ مَنْ قَرُبَ وَفَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ (وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ) مِنْ قَصْدٍ (تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ وَجُوِّزَا سِرًّا) وَقَتْلًا (فَلَهُ اسْتِسْلَامٌ) وَقِتَالٌ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ) مِنْهُ (قُتِلَ وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً) إنْ أُخِذَتْ
ــ
[حاشية الجمل]
بِغُرْبَتِهِ زِيَادَةَ فَرَاغٍ أَوْ إرْشَادَ أُسْتَاذٍ كَمَا يَكْفِي فِي سَفَرِهِ الْأَمْنُ لِتِجَارَةٍ تَوَقُّعَ زِيَادَةٍ أَوْ رَوَاجٍ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ خَرَجَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَانَ بِبَلَدِهِ مُتَعَدِّدُونَ صَالِحُونَ لِلْإِفْتَاءِ أَوْ لَا وَفَارَقَ الْجِهَادَ بِخَطَرِهِ نَعَمْ يُتَّجَهُ أَنْ يُتَوَقَّعَ فِيهِ بُلُوغُ مَا قَصَدَهُ وَإِلَّا كَبَلِيدٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا إذْ سَفَرُهُ لِأَجْلِهِ كَالْعَبَثِ وَيُشْتَرَطُ لِخُرُوجِهِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا وَأَنْ لَا يَكُونَ أَمْرَدَ جَمِيلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَحْرَمٌ يَأْمَنُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ لَزِمَتْهُ كِفَايَةُ أَصْلِهِ احْتَاجَ لِإِذْنِهِ إنْ لَمْ يُنِبْ مَنْ يُمَوِّنُهُ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْفَرْعَ لَوْ لَزِمَتْ أَصْلَهُ مُؤْنَتُهُ امْتَنَعَ سَفَرُهُ إلَّا بِإِذْنِ فَرْعِهِ إنْ لَمْ يُنِبْ كَمَا مَرَّ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ رُشْدُهُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ لِخُرُوجِهِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا انْتَهَتْ أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنْ يَتَعَهَّدُهُ فِي السَّفَرِ وَإِلَّا جَازَ الْخُرُوجُ وَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ يَتَعَهَّدُهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ) أَيْ أَصْلُهُ أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ فِي الْجِهَادِ يُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِأَصْلِهِ وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ رَبِّ الدَّيْنِ وَهُوَ السَّفَرُ أَيْ فِي السَّفَرِ وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِكُلٍّ مِنْ أَصْلِهِ وَرَبِّ الدَّيْنِ وَحِينَئِذٍ يُفِيدُ حُرْمَةَ الْجِهَادِ عَلَى الْمَدِينِ مَا دَامَ الْجِهَادُ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ) وَكَالرُّجُوعِ عَنْ الْإِذْنِ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْأَصْلُ الْكَافِرُ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ وَعَلِمَ الْفَرْعُ الْحَالَ اهـ س ل (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ انْصِرَافُهُ) لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ لَا يَقِفَ مَوْقِفَ الشَّهَادَةِ بَلْ فِي آخِرِ الصَّفِّ لِيَحْرُسَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الرُّجُوعِ أَيْضًا) أَيْ زِيَادَةً عَلَى عَدَمِ حُضُورِ الصَّفِّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ عِنْدَ الْخَوْفِ إلَخْ) وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْهُ الْإِقَامَةُ وَلَا الرُّجُوعُ فَلَهُ الْمُضِيُّ مَعَ الْجَيْشِ لَكِنْ يَتَوَقَّى مَظَانَّ الْقَتْلِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ مَثَلًا) يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِدَخَلُوا لِإِدْخَالِ مَا لَوْ صَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَلْدَةِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ دُخُولِ الْبَلَدِ كَمَا فِي م ر وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِبَلْدَةٍ لِإِدْخَالِ الْقَرْيَةِ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ لَنَا لِإِدْخَالِ بِلَادِ الذِّمِّيِّينَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَكِنْ عَلِمَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ مَا هُنَا عَامٌّ فِيمَنْ أَمْكَنَهُمْ التَّأَهُّبُ وَغَيْرِهِمْ وَمَا يَأْتِي مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ فَلَا يَفِي مَفْهُومُ الْآتِي بِمَا هُنَا اهـ ع ش وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَعْطُوفٌ عَلَى أَمْكَنَ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ فَهُوَ فِي حَيِّزِ التَّعْمِيمِ أَيْ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ أَعْنِي الْإِمْكَانَ وَعَدَمَهُ بِشَرْطِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ فِي حَيِّزِ التَّعْمِيمِ أَيْضًا أَيْ أَمِنَتْ أَوْ لَمْ تَأْمَنْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ وَأَرْبَعَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ) أَيْ وَزَوْجَةٍ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الزَّوْجِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ فِي حَقِّ مَنْ قَرُبَ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَالدَّفْعُ بِبَعْضِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ بَعْضِ مَنْ قَرُبَ مِنْهَا لَا يَسْقُطَا لِحَرَجٍ عَنْ غَيْرِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ (قَوْلُهُ وَفَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ) يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ أَنَّهُ يَجِبُ قِيَامُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ بِهِ مُطْلَقًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَكْفِ غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ وَمَنْ قَرُبَ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ مُسَاعَدَتُهُمْ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ إلَخْ) هَذَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَيَّنَ الْجِهَادُ عَلَى أَهْلِهَا إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ بِقُيُودِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمَّا فِي حَقِّهِ فَلَا يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ بَلْ يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ فَلِهَذَا عَمَّمَ الشَّارِحُ فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَأَهُّبُهُمْ لِقِتَالٍ أَمْ لَمْ يُمْكِنْ تَوْطِئَةً لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ فَلَهُ اسْتِسْلَامٌ) يَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ هَذَا بِمَا سَبَقَ فِي الصِّيَالِ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ الصَّائِلِ إذَا كَانَ كَافِرًا لَكِنْ قَالَ م ر الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَبَقَ فِي الصِّيَالِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ الصَّائِلِ الْكَافِرِ وَيَمْتَنِعُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِسْلَامِ فِي الصَّفِّ وَذَاكَ فِي غَيْرِ الصَّفِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الصَّفِّ يَنَالُ الشَّهَادَةَ الْعُظْمَى فَجَازَ اسْتِسْلَامُهُ وَلَا كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّفِّ اهـ عَمِيرَةُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالصَّفِّ وَلَوْ حُكْمًا فَإِنَّهُمْ إذَا دَخَلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ وَجَبَ الدَّفْعُ بِالْمُمْكِنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَفٌّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ قُتِلَ) هَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ وَجُوِّزَا سِرًّا وَقَتْلَا لِأَنَّ التَّجْوِيزَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute