للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَهُ) لَا لِغَيْرِهِ (اكْتِرَاءُ كُفَّارٍ) لِجِهَادٍ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُمْ فَأَشْبَهُوا الدَّوَابَّ وَاغْتُفِرَ جَهْلُ الْعَمَلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقِتَالُ عَلَى مَا يُتَّفَقُ وَلِأَنَّ مُعَاقَدَةَ الْكُفَّارِ يُحْتَمَلُ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي مُعَاقَدَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ الْإِمَامِ اكْتِرَاؤُهُمْ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ لِكَوْنِ الْجِهَادِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَيُفَارِقُ اكْتِرَاءَهُ فِي الْآذَانِ بِأَنَّ الْأَجِيرَ ثَمَّ مُسْلِمٌ وَهُنَا كَافِرٌ لَا يُؤْتَمَنُ وَخَرَجَ بِالْكُفَّارِ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَجُوزُ اكْتِرَاؤُهُمْ لِلْجِهَادِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ وَتَعْبِيرِي بِكُفَّارٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِذِمِّيٍّ (وَ) لَهُ (اسْتِعَانَةٌ بِهِمْ) عَلَى كُفَّارٍ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (إنْ أَمِنَّاهُمْ) بِأَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدَ الْعَدُوِّ وَيَحْسُنُ رَأْيُهُمْ فِينَا (وَقَاوَمْنَا الْفَرِيقَيْنِ) وَيَفْعَلُ بِالْمُسْتَعَانِ بِهِمْ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً مِنْ إفْرَادِهِمْ بِجَانِبِ الْجَيْشِ أَوْ اخْتِلَاطِهِمْ بِهِ بِأَنْ يُفَرِّقَهُمْ بَيْنَنَا (وَ) لَهُ اسْتِعَانَةٌ (بِعَبِيدٍ وَمُرَاهِقِينَ أَقْوِيَاءٍ بِإِذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِمَا) مِنْ السَّادَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْعَبِيدُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِمْ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُكَاتَبِينَ كِتَابَةً صَحِيحَةً لَمْ يُحْتَجْ إلَى إذْنِ السَّادَةِ وَفِي مَعْنَى الْعَبِيدِ الْمَدِينُ بِإِذْنِ الْغَرِيمِ وَالْوَلَدُ بِإِذْنِ الْأَصْلِ وَفِي مَعْنَى الْمُرَاهِقِينَ النِّسَاءُ الْأَقْوِيَاءُ بِإِذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِنَّ.

(وَلِكُلٍّ) مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

هُنَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الطَّارِئَ ثَمَّ يَمْنَعُ مُبَاشَرَةَ الْعَمَلِ فَيَتَعَذَّرُ وَيَلْزَمُ مِنْ تَعَذُّرِهِ الِانْفِسَاخُ وَالطَّارِئُ هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْحُكْمِ بِالِانْفِسَاخِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ إنْ أَمِنَّاهُمْ وَقَاوَمْنَا الْفَرِيقَيْنِ فَأُطْلِقَ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَقَوْلُ الْمَتْنِ إنْ أَمِنَّاهُمْ إلَخْ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الِاكْتِرَاءِ وَالِاسْتِعَانَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُمْ) أَيْ الْكُفَّارِ هَلَّا وَقَعَ عَنْهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُكَلَّفُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ وَإِنْ قَالَ الْغَزَالِيُّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمَرَّ بِي فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الَّتِي لَا أَسْتَحْضِرُهَا الْآنَ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِمَا عَدَا الْجِهَادَ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ اكْتِرَاؤُهُ) أَيْ اكْتِرَاءُ غَيْرِ الْإِمَامِ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ الْمُسْلِمُونَ) أَيْ وَلَوْ صِبْيَانًا وَعَبِيدًا وَنِسَاءً وَخَنَاثَى وَمَرْضَى وَتَعْلِيلُهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ الْجِهَادُ لِحُضُورِ الصَّفِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِيهِ قُصُورًا لِأَنَّ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْجِهَادُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِانْصِرَافُ كَمَا سَيَأْتِي اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر

وَلَا يَصِحُّ مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ وَلَوْ صَبِيًّا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَقِنًّا وَمَعْذُورًا سَوَاءٌ إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ لِجِهَادٍ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنَّمَا صَحَّ الْتِزَامُ مَنْ لَمْ يَحُجَّ الْحَجَّ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ عَنْ الْغَيْرِ وَالْتِزَامُ حَائِضٍ لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ فِي ذِمَّتِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ الْعَامَّةِ النَّفْعِ الَّتِي يُخَاطَبُ بِهَا كُلُّ أَحَدٍ بِخِلَافِ الْجِهَادِ فَوَقَعَ عَنْ الْمُبَاشِرِ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَمَا يَأْخُذُهُ الْمُرْتَزِقُ مِنْ الْفَيْءِ وَالْمُتَطَوِّعُ مِنْ الزَّكَاةِ إعَانَةٌ لَا أُجْرَةٌ لِوُقُوعِ غَزْوِهِمْ لَهُمْ وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْغَزْوِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ إنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَإِلَّا اسْتَحَقَّهَا مِنْ خُرُوجِهِ إلَى حُضُورِهِ الْوَقْعَةَ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَ قِنًّا اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ مُطْلَقًا وَإِنْ قُلْنَا بِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ دُخُولِهِمْ بِلَادِنَا وَقِيَاسُهُ فِي الصَّبِيِّ كَذَلِكَ وَنَحْوُ الذِّمِّيِّ الْمُكْرَهُ أَوْ الْمُسْتَأْجَرُ بِمَجْهُولٍ إذَا قَاتَلَ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَلِلذَّهَابِ فَقَطْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَلَهُ اسْتِعَانَةٌ بِهِمْ) أَيْ فِي الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ كَمَسْكِ الدَّوَابِّ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِدُونِهَا فَهَذَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ احْتِيَاجُنَا لَهُمْ وَلَوْ لِنَحْوِ خِدْمَةٍ أَوْ قِتَالٍ لِقِلَّتِنَا وَلَا يُنَافِي هَذَا اشْتِرَاطَ مُقَاوَمَتِنَا لِلْفَرِيقَيْنِ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ الْمُرَادَ قِلَّةُ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ حَتَّى لَا تَظْهَرَ كَثْرَةُ الْعَدُوِّ بِهِمْ لَوْ انْقَلَبُوا مَعَهُمْ وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْعَدُوَّ إذَا كَانُوا مِائَتَيْنِ وَنَحْنُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَفِينَا قِلَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِاسْتِوَاءِ الْعَدَدَيْنِ فَإِذَا اسْتَعَنَّا بِخَمْسِينَ فَقَدْ اسْتَوَى الْعَدَدَانِ وَلَوْ انْحَازَ الْخَمْسُونَ إلَيْهِمْ أَمْكَنَنَا مُقَاوَمَتُهُمْ لِعَدَمِ زِيَادَتِهِمْ عَلَى الضِّعْفِ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ بِأَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدَ الْعَدُوِّ) كَالْيَهُودِ مَعَ النَّصَارَى حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدَ الْعَدُوِّ كَالْيَهُودِ مَعَ النَّصَارَى كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَيَفْعَلُ بِالْمُسْتَعَانِ بِهِمْ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنِ السَّادَةِ) الْمُعْتَمَدُ الِاحْتِيَاجُ كَمَا قَالَهُ م ر وَهُوَ الْوَجْهُ وَوَجْهُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ مَالِكَ رَقَبَتِهِ لَهُ غَرَضٌ فِي بَقَائِهَا وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِنَحْوِ الثَّوَابِ بِعِتْقِهَا وَفِي الِاسْتِعَانَةِ بِهَا فِي هَذَا الْأَمْرِ الْخَطِرِ تَعْرِيضٌ لِتَلَفِهَا وَفِي الثَّانِي مَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ وَإِنْ جَازَ لِلْمُكَاتَبِ السَّفَرُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّ الطَّبَلَاوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَيَّدَ جَوَازَ سَفَرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ بِسَفَرٍ لَا خَطَرَ فِيهِ بِحَالٍ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ إذَا كَانَ فِيهِ خَطَرٌ فَالتَّصَرُّفُ فِي بَدَنِهِ بِالسَّفَرِ الْخَطِرِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى الْعَبِيدِ إلَخْ) فِي هَذَا الصَّنِيعِ غَايَةُ الْحُسْنِ وَاللُّطْفِ حَيْثُ جَعَلَ الْمَدِينَ وَالْوَلَدَ مَعَ الْغَرِيمِ وَالْوَالِدِ فِي مَعْنَى الْعَبْدِ مَعَ سَيِّدِهِ وَجَعَلَ الزَّوْجَةَ مَعَ زَوْجِهَا فِي مَعْنَى الْمُرَاهِقِ مَعَ وَلِيِّهِ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْبَالِغُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَبِمُرَاهِقِينَ وَالْمُرَادُ بِمَالِكِ أَمْرِهِنَّ الْأَزْوَاجُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَحَلُّهُ فِي الْغَيْرِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَذْلٌ بَلْ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى اجْتِهَادٍ لِأَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَخُونُ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر وَيُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ قَدْ يَخُونُ فَإِنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ يَدْفَعُ الْأُهْبَةَ لِلْمُسْلِمِ الْخَارِجِ لِلْغَزْوِ وَأَيْنَ الْخِيَانَةُ فِي هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>