للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِئَلَّا يَنْسَدَّ الْجِهَادُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ أَمَّنَ مِائَةُ أَلْفٍ مِنَّا مِائَةَ أَلْفٍ مِنْهُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ لَمْ يُؤَمِّنْ إلَّا وَاحِدًا لَكِنْ إذَا ظَهَرَ الِانْسِدَادُ رُدَّ الْجَمِيعُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَمَّنُوهُمْ دَفْعَةً فَإِنْ وَقَعَ مُرَتَّبًا فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ إلَى ظُهُورِ الْخَلَلِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ إنَّهُ مُرَادُ الْإِمَامِ وَلَا أَمَانُ أَسِيرٍ أَيْ وَأَمَّنَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ بِالْأَسْرِ ثَبَتَ فِيهِ حَقٌّ لَنَا وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِغَيْرِ مَنْ أَسَرَهُ أَمَّا مَنْ أَسَرَهُ فَيُؤَمِّنُهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ الْإِمَامُ وَلَا أَمَانُ نَحْوِ جَاسُوسٍ كَطَلِيعَةٍ لِلْكُفَّارِ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»

قَالَ الْإِمَامُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ تَبْلِيغَ الْمَأْمَنِ وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِشُمُولِهِ السَّكْرَانَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُكَلَّفٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِي غَيْرِ أَسِيرٍ أَوَّلًا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ أَسِيرٍ لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ وَغَيْرِ أَسِيرٍ الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ) فَلَوْ أُطْلِقَ الْأَمَانُ حُمِلَ عَلَيْهَا وَيَبْلُغُ بَعْدَهَا الْمَأْمَنَ وَلَوْ عَقَدَ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهَا وَلَا ضَعْفَ بِنَا بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ وَأَمَّا الزَّائِدُ لِضَعْفِنَا الْمَنُوطِ بِنَظَرِ الْإِمَامِ

ــ

[حاشية الجمل]

نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ فَكَذَلِكَ وَإِنْ أَمَّنَ عَنْ جِهَةِ الْمُسْلِمِينَ لِكَوْنِهِ نَائِبَهُمْ وَوَلِيَّ أُمُورِهِمْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْإِمَامِ هُوَ الْمُتَّجَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمَصْلَحَةِ فِي الْإِمَامِ اهـ.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِالْمَحْصُورِينَ غَيْرُهُمْ وَضَابِطُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْأَمَانُ إلَى إبْطَالِ الْجِهَادِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ أَوْ إلَى تَكْلِيفِ حَمْلِ الزَّادِ وَالْعَلَفِ فَلَا يَصِحُّ لِلْآحَادِ تَأْمِينُ آحَادٍ عَلَى طَرِيقِ الْغُزَاةِ مَعَ احْتِيَاجِنَا إلَى حَمْلِ نَحْوِ الزَّادِ وَلَوْلَا الْأَمَانُ لَأَخَذْنَا أَطْعِمَتَهُمْ لِلضَّرَرِ وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الضَّابِطِ يُرَدُّ مَا تُوُهِّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْصُورِ هُنَا مَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ عُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَحْصُورِ الْمَذْكُورَ فِي النِّكَاحِ بَلْ مَحْصُورٌ خَاصٌّ بِمَا هُنَا وَهُوَ أَمَانُ مَنْ لَمْ يَنْسَدَّ بِسَبَبِهِ بَابُ الْغَزْوِ عَنَّا وَمَنْ سَوَّى بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا فِي النِّكَاحِ فَقَدْ وَهَمَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَنْسَدَّ الْجِهَادُ) أَيْ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَتِلْكَ الْبَلْدَةِ اهـ سم وَعُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى أَمَانُ الْآحَادِ لِمَحْصُورٍ إلَى أَنْ يَنْسَدَّ بَابُ الْجِهَادِ امْتَنَعَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَفَاءً بِالضَّابِطِ اهـ شَيْخُنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِهَذَا بِقَوْلِهِ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ فَمُرَادُهُ بِهِ تَقْيِيدُ قَوْلِ الْمَتْنِ مَحْصُورٌ أَيْ مَحَلُّ جَوَازِ عَقْدِ الْأَمَانِ لِلْحَرْبِيِّ الْمَحْصُورِ إذَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ سَدُّ بَابِ الْجِهَادِ وَإِلَّا امْتَنَعَ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِ لِمَا قَرَّرُوهُ هُنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْصُورِ مَا لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ سَدُّ بَابِ الْجِهَادِ وَبِغَيْرِ الْمَحْصُورِ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ سَدُّهُ اهـ

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَمَّنَ مِائَةُ أَلْفٍ) بِالْمَدِّ عَلَى الْأَفْصَحِ وَبِالْقَصْرِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ وَلَوْ أَمَّنَ مِائَةُ أَلْفٍ هُوَ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ أَصْلُهُ أَأْمَنَ بِهَمْزَتَيْنِ أُبْدِلَتْ الثَّانِيَةُ أَلِفًا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَنَّهُ الْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِهِ رُدَّ الْجَمِيعُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْ وَأَمَّنَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ) أَيْ بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَمِّنَهُ وَكَذَا نَائِبُهُ إنْ كَانَ الْأَسْرُ مِنْ ثَغْرِهِ وَإِلَّا فَلَا لِخُرُوجِهِ عَنْ وِلَايَتِهِ اهـ خَادِمٌ اهـ سم (قَوْلُهُ أَمَّا مَنْ أَسَرَهُ فَيُؤَمِّنُهُ) وَوَجَّهَ الْمَاوَرْدِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَقْتُلَ أَسِيرَهُ جَازَ أَنْ يُؤَمِّنَهُ اهـ خَادِمٌ اهـ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ وَلَا أَمَانُ نَحْوِ جَاسُوسٍ إلَخْ) اقْتِصَارُ الْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الضَّرَرِ لَا وُجُودُ الْمَصْلَحَةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ مِنْ الْآحَادِ إذْ لَوْ شُرِطَتْ الْمَصْلَحَةُ لَاخْتَصَّ بِنَظَرِ الْوُلَاةِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الشَّيْخَيْنِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ كَطَلِيعَةٍ لِلْكُفَّارِ) هِيَ مَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الْجَيْشِ لِيَطَّلِعَ عَلَى أَحْوَالِ عَدُوِّهِمْ ثُمَّ يُخْبِرَهُمْ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالطَّلِيعَةُ الْقَوْمُ يُبْعَثُونَ أَمَامَ الْجَيْشِ يَتَعَرَّفُونَ طِلْعَ الْعَدُوِّ بِالْكَسْرِ أَيْ خَبَرَهُ وَالْجَمْعُ طَلَائِعُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» ) أَيْ لَا يَضُرُّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَيُنْقِصُهُ شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ وَالضِّرَارُ فِعَالٌ مِنْ الضَّرَرِ أَيْ لَا يُجَازِيهِ عَلَى إضْرَارِهِ بِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ إذْ الضَّرَرُ فِعْلُ الْوَاحِدِ وَالضِّرَارُ فِعْلُ الِاثْنَيْنِ أَوْ الضَّرَرُ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ وَالضِّرَارُ الْجَزَاءُ عَلَيْهِ وَقِيلَ الضَّرَرُ مَا تَضُرُّ بِهِ صَاحِبَك وَتَنْتَفِعُ بِهِ وَالضِّرَارُ أَنْ تَضُرَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَنْتَفِعَ بِهِ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَتَكْرَارُهُمَا لِلتَّأْكِيدِ اهـ شَوْبَرِيٌّ فَالْمَعْنَى لَا ضَرَرَ تُدْخِلُونَهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا ضِرَارَ لِغَيْرِكُمْ اهـ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُكَلَّفٍ) قَدْ يُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْمُكَلَّفُ حُكْمًا بِمَعْنَى مَنْ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ فَالسَّكْرَانُ مُكَلَّفٌ بِهَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ دَاخِلٌ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا شُمُولَ لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَنْ الْأَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ تَأْمِينِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ مَعَهُمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ ز ي (قَوْلُهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُؤَمِّنُ الْإِمَامَ أَوْ غَيْرَهُ اهـ شَرْحُ م ر وَسَكَتَ كَأَصْلِهِ عَنْ الْمَكَانِ لِأَنَّهُ يَعُمُّ فَلَا يَخْتَصُّ بِبَلَدِ الْمُؤَمِّنِ وَلَا الْمُؤَمَّنِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ أَمَّنَهُ الْمُسْلِمُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ أَمِنَ فِيهِ وَفِي طَرِيقِهِ إلَيْهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَا فِي غَيْرِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ أَمَانَهُ لَهُ وَهُوَ وَالٍ إمَامًا كَانَ أَوْ نَائِبَهُ فَهُوَ آمِنٌ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَإِلَّا فَفِي مَوْضِعِ سُكْنَاهُ وَفِي طَرِيقِهِ إلَيْهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مَا لَمْ يَعْدِلْ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الزَّائِدُ لِضَعْفِنَا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ حَيْثُ لَا ضَعْفَ بِنَا فَإِنْ كَانَ رَجَعَ فِي الزَّائِدِ إلَى نَظَرِ الْإِمَامِ كَالْهُدْنَةِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَأَمَّا الزَّائِدُ إلَخْ لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنَّ أَمَانَ الْآحَادِ إنَّمَا يُقَيَّدُ بِالْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْهُدْنَةِ عِنْدَ قُوَّتِنَا وَأَمَّا حَالَةُ الضَّعْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>