للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَارِ كُفْرٍ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ) لِكَوْنِهِ مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ أَوْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَحْمِيهِ وَلَمْ يَخَفْ فِتْنَةً فِي دِينِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَلَمْ يَرْجُ ظُهُورَ إسْلَامٍ) ثُمَّ (بِمُقَامِهِ هِجْرَةٌ) إلَى دَارِنَا لِئَلَّا يَكِيدُوا لَهُ نَعَمْ إنْ قَدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالِاعْتِزَالِ ثَمَّ وَلَمْ يَرْجُ نُصْرَةَ الْمُسْلِمِينَ بِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ دَارُ إسْلَامٍ فَيَحْرُمُ أَنْ يُصَيِّرَهُ بِاعْتِزَالِهِ عَنْهُ دَارَ حَرْبٍ (وَوَجَبَتْ) عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ) ذَلِكَ أَوْ خَافَ فِتْنَةً فِي دِينِهِ (وَأَطَاقَهَا) أَيْ الْهِجْرَةَ لِآيَةِ {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: ٩٧] فَإِنْ لَمْ يُطِقْهَا فَمَعْذُورٌ إلَى أَنْ يُطِيقَهَا أَمَّا إذَا رَجَا مَا ذُكِرَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُقِيمَ (كَهَرَبِ أَسِيرٍ) فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إنْ أَطَاقَهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ لِخُلُوصِهِ بِهِ مِنْ قَهْرِ الْأَسْرِ وَتَقْيِيدِي بِعَدَمِ الْإِمْكَانِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْهِجْرَةِ لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ أَمْ لَا وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ.

(وَلَوْ أَطْلَقُوهُ بِلَا شَرْطٍ فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ) قَتْلًا وَسَبْيًا وَأَخْذًا لِلْمَالِ إذْ لَا أَمَانَ وَقَتْلُ الْغِيلَةِ أَنْ يَخْدَعَهُ فَيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ فَيَقْتُلَهُ فِيهِ كَمَا مَرَّ (أَوْ) أَطْلَقُوهُ (عَلَى أَنَّهُمْ فِي أَمَانِهِ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ أَوْ أَنَّهُ فِي أَمَانِهِمْ (حَرُمَ) عَلَيْهِ اغْتِيَالُهُمْ لِأَنَّ أَمَانَ الشَّخْصِ لِغَيْرِهِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْغَيْرُ آمِنًا مِنْهُ وَصُورَةُ الْعَكْسِ مِنْ زِيَادَتِي وَاسْتُثْنِيَ مِنْهَا فِي الْأُمِّ مَا لَوْ قَالُوا أَمَّنَّاك وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك (فَإِنْ تَبِعَهُ أَحَدٌ فَصَائِلٌ) فَيَدْفَعُهُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ (أَوْ) أَطْلَقُوهُ (عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِمْ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَلَمْ يُمْكِنْهُ مَا مَرَّ) أَيْ إظْهَارُ دِينِهِ (حَرُمَ) وَفَاءٌ بِالشَّرْطِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَرْكَ إقَامَةِ دِينِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَرْجُوَ نُصْرَةَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لَا فَتَلَخَّصَ أَنَّ صُوَرَ خِلَافِ الْأَوْلَى سِتَّةَ عَشَرَ وَصُوَرَ الْوُجُوبِ اثْنَا عَشْر وَصُورَةَ الْحُرْمَةِ وَاحِدَةٌ وَصُوَرَ النَّدْبِ ثَلَاثَةٌ فَالْأَحْكَامُ أَرْبَعَةٌ وَالصُّوَرُ اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ (قَوْلُهُ بِدَارِ كُفْرٍ) أَيْ حَرْبٍ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ الَّتِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا كَذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ) إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْك الْفَاعِلُ مِنْ الْمَفْعُولِ فَرُدَّ الِاسْمَ إلَى الضَّمِيرِ فَمَا رَجَعَ إلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَرْفُوعِ فَهُوَ الْفَاعِلُ وَمَا رَجَعَ إلَى ضَمِيرِهِ الْمَنْصُوبِ فَهُوَ الْمَفْعُولُ قَالَ ابْنُ هَاشِمٍ تَقُولُ أَمْكَنَ الْمُسَافِرَ السَّفَرُ بِنَصْبِ الْمُسَافِرِ لِأَنَّك تَقُولُ أَمْكَنَنِي السَّفَرُ وَلَا تَقُولُ أَمْكَنْت السَّفَرَ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَوَجَبَتْ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً بِلَا مَحْرَمٍ.

(تَنْبِيهٌ) كَانَتْ الْهِجْرَةُ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ إلَيْهِ وَبَعْدَهُ مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الْهِجْرَةُ مِنْ بَلَدٍ يُعْمَلُ فِيهَا الْمَعَاصِي وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهَا فَقَالَ شَيْخُنَا لَا تَجِبُ بَلْ تُنْدَبُ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ كَغَيْرِهِ أَيْضًا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ كَهَرَبِ أَسِيرٍ) هَذَا التَّشْبِيهُ يُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِلنَّدْبِ وَالْوُجُوبِ بَلْ وَلِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْحُرْمَةِ وَخِلَافُ الْأَوْلَى فَتَجْرِي فِيهِ الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ وَتُتَعَقَّلُ فِيهِ صُوَرُ النَّدْبِ الثَّلَاثَةِ وَصُورَةُ الْحُرْمَةِ الْوَاحِدَةِ وَصُوَرُ الْوُجُوبِ الِاثْنَا عَشَرَ وَصُوَرُ خِلَافِ الْأَوْلَى السِّتَّةَ عَشْرَ وَالشَّارِحُ جَعَلَهُ رَاجِعًا لِلْوُجُوبِ فَقَطْ بَلْ لِبَعْضِ صُوَرِهِ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ إلَخْ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَرْجُ ظُهُورَ إسْلَامٍ بِمُقَامِهِ إذْ هَذَا هُوَ فَرْضُ الْوُجُوبِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَحِينَئِذٍ يُقَالُ هَذَا الْأَسِيرُ الَّذِي يُمْكِنُهُ إظْهَارُ دِينِهِ إمَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الِاعْتِزَالِ أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَخَافَ فِتْنَةً أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَرْجُوَ نُصْرَةَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لَا وَأَمَّا الصُّوَرُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ صُوَرِ الْوُجُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ خَافَ فِتْنَةً فِي دِينِهِ فَلَا تَتَحَمَّلُهَا عِبَارَتُهُ هُنَا لِتَقْيِيدِهِ هُنَا بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ وَالْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ وَالْحَامِلُ عَلَى التَّقْيِيدِ مُجَارَاةُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ فِيهَا مَوْجُودٌ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْمُشَبَّهِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ قَيْدًا فِي الْحُكْمِ لَا فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ بِدَلِيلِ عَطْفِ الشَّارِحِ عَلَى الْقَيْدِ فِيهِ بِقَوْلِهِ أَوْ خَافَ فِتْنَةً إلَخْ وَلَا فِي الْمُشَبَّهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَتَقْيِيدِي بِعَدَمِ الْإِمْكَانِ أَيْ تَقْيِيدِي لِهَرَبِ الْأَسِيرِ الَّذِي يُفِيدُهُ التَّشْبِيهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ نَفْسَ الْأَسْرِ ذُلٌّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَإِنْ قَدَرَ أَسِيرٌ عَلَى هَرَبٍ لَزِمَهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ كَمَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ اعْتِمَادَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْأَسِيرَ فِي يَدِ الْكُفَّارِ مَقْهُورٌ مُهَانٌ فَكَانَ ذَلِكَ لَهُ تَخْلِيصًا لِنَفْسِهِ مِنْ رِقِّ الْأَسْرِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَأَنْ يَخْدَعَهُ إلَخْ) أَيْ وَهَذَا الْمَعْنَى بِخُصُوصِهِ لَيْسَ مُرَادًا.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا حَقِيقَةَ الْغِيلَةِ وَهِيَ أَنْ يَخْدَعَهُ إلَخْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَوْ حَصَلَ عَكْسُهُ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر وَيَصِحُّ الْجَرُّ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ بِعَلَى (قَوْلُهُ وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك) ظَاهِرُهَا غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ آخِرَهَا يُنَاقِضُ أَوَّلَهَا بَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك وَلَا نَطْلُبُ مِنْك أَمَانًا لِاسْتِغْنَائِنَا عَنْهُ فَلَهُ اغْتِيَالُهُمْ بِخِلَافِك فَأَنْتَ فِي أَمَانٍ مِنَّا لِاحْتِيَاجِك إلَيْهِ اهـ ز ي (قَوْلُهُ فَإِنْ تَبِعَهُ أَحَدٌ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَدْفَعُهُ بِالْأَخَفِّ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدُوا قَتْلَهُ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ رِعَايَةُ التَّدْرِيجِ لِانْتِقَاضِ أَمَانِهِمْ اهـ م ر اهـ ع ش (قَوْلُهُ حَرُمَ وَفَاءٌ بِالشَّرْطِ) وَلَوْ حَلَّفُوهُ عَلَى ذَلِكَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ مُكْرَهًا لَمْ يَنْعَقِدْ حَلِفُهُ وَإِلَّا حَنِثَ وَإِنْ كَانَ حِينَ حَلِفِهِ مَحْبُوسًا وَمِنْ الْإِكْرَاهِ قَوْلُهُمْ لَا نُطَلِّقُك إلَّا إنْ حَلَفْت لَنَا أَلَّا تَخْرُجَ بَلْ هَذَا إكْرَاهٌ ثَانٍ شَرْعِيٌّ عَلَى الْخُرُوجِ لِوُجُوبِهِ كَمَا تَقَرَّرَ اهـ شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَوْ أَطْلَقُوهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْهُمْ وَحَلَّفُوهُ مُكْرَهًا عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ بِالطَّلَاقِ خَرَجَ وُجُوبًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ وَحَرُمَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ وَالْيَمِينُ لَا يُنْتِجُ لَهُ الْإِقَامَةَ حَيْثُ حَرُمَتْ وَلَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ انْعِقَادِ يَمِينِهِ وَإِنْ حَلَفَ لَهُمْ تَرْغِيبًا لَهُمْ لِيَثِقُوا بِهِ وَلَا يَتَّهِمُوهُ بِالْخُرُوجِ بِلَا شَرْطٍ مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ حَلِفُهُ قَبْلَ الْإِطْلَاقِ حَنِثَ بِخُرُوجِهِ لِانْعِقَادِ يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ شَرْطٌ بِأَنْ قَالُوا لَا نُطَلِّقُك حَتَّى تَحْلِفَ أَنَّك لَا تَخْرُجُ فَحَلَفَ فَأَطْلَقُوهُ فَخَرَجَ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ أَخَذَ اللُّصُوصُ

<<  <  ج: ص:  >  >>