رَغِبَا فِي بَذْلِهَا فَهِيَ هِبَةٌ وَلَوْ بَانَ الْخُنْثَى الْمَعْقُودُ لَهُ ذَكَرًا طَالَبْنَاهُ بِجِزْيَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ عَمَلًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (وَتُلَفَّقُ إفَاقَةُ جُنُونٍ) أَيْ أَزْمِنَتُهَا إنْ (كَثُرَ) الْجُنُونُ وَأَمْكَنَ تَلْفِيقُهَا فَإِنْ بَلَغَتْ سَنَةً وَجَبَتْ الْجِزْيَةُ اعْتِبَارًا لِلْأَزْمِنَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ بِالْمُجْتَمِعَةِ وَخَرَجَ بِكَثُرَ مَا لَوْ قَلَّ زَمَنُ الْجُنُونِ كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ (وَلَوْ كَمَلَ) بِبُلُوغٍ أَوْ إفَاقَةٍ أَوْ عِتْقٍ (عُقِدَ لَهُ إنْ الْتَزَمَ جِزْيَةً) فَلَا يُكْتَفَى بِعَقْدِ مَتْبُوعِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا (بَلَغَ الْمَأْمَنَ) لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَمَانِ مَتْبُوعِهِ وَتَعْبِيرِي بِكَمَلَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبَلَغَ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَكَانِ قَبُولُهُ) لِلتَّقْرِيرِ (فَيُمْنَعُ كَافِرٌ) وَلَوْ ذِمِّيًّا (إقَامَةً بِالْحِجَازِ وَهُوَ
ــ
[حاشية الجمل]
الْأُصُولِ وَهُنَا لَا يَضُرُّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَهِيَ هِبَةٌ) أَيْ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَوْ بَانَ الْخُنْثَى الْمَعْقُودُ لَهُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْقُودًا لَهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْقُودًا لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَحَرْبِيٍّ لَمْ نَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهَا اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ الْمَعْقُودُ لَهُ) بِأَنْ عُقِدَ عَلَى الْأَوْصَافِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ تَنْعَقِدُ لَهُ الْجِزْيَةُ مَعَ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ حَالَ خُنُوثَتِهِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ طَالَبْنَاهُ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ دِينَارٌ لِكُلِّ سَنَةٍ اهـ س ل وَهَلْ يُطَالَبُ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَدْفَعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ أَوْ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَدْفَعْ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَمَا يَدْفَعُهُ يَقَعُ جِزْيَةً هَكَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي الْأَوَّلُ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا ز ي قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُعْطِي هِبَةً لَا عَنْ الدَّيْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ طَالَبْنَاهُ بِجِزْيَةٍ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ عُقِدَ لَهُ بِمَالٍ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرْحِ فَإِنْ لَمْ يُعْقَدْ فَلَا شَيْءَ أَوْ بِغَيْرِ مَالٍ فَكَمَا لَوْ عُقِدَ لِلذَّكَرِ الصَّرِيحِ بِلَا مَالٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ تَصْوِيرِ مَسْأَلَةِ الْخُنْثَى بِأَنْ يَعْقِدَ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ بِإِذْنِهِمْ وَمِنْهُمْ الْخُنْثَى عَلَى أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ كَذَا ثُمَّ تَبَيَّنَتْ ذُكُورَتُهُ انْتَهَتْ وَيُصَوَّرُ الْعَقْدُ لَهُ أَيْضًا بِمَا لَوْ طَلَبَ عَقْدَهَا فَعَقَدَهَا لَهُ الْإِمَامُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ رَغِبَا فِي بَذْلِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ مَا لَوْ قَلَّ زَمَنُ الْجُنُونِ) وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْقَلِيلِ هُنَا بِأَنْ تَكُونَ أَوْقَاتُ الْجُنُونِ لَوْ لُفِّقَتْ لَمْ تُقَابَلْ بِأُجْرَةٍ غَالِبًا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لَمْ تُقَابَلْ بِأُجْرَةٍ لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِ الْمُدَّةِ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لَهَا إذْ يُتَسَامَحُ فِي نَحْوِ الْيَوْمِ بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَالْيَوْمُ وَنَحْوُهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فِي حَدِّ ذَاتِهِ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَمَلَ عُقِدَ لَهُ إلَخْ) لَوْ كَمَلَ الْخُنْثَى بِاتِّضَاحِ ذُكُورَتِهِ بَعْدَ أَنْ عُقِدَ لَهُ اسْتِقْلَالًا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلِاسْتِئْنَافِ لِعَدَمِ تَبَعِيَّتِهِ وَيَتَبَيَّنُ اسْتِقْلَالُهُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَلَغَ الْمَأْمَنَ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ أَقْرَبُ بِلَادِ الْحَرْبِ مِنْ دَارِنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا فِي النَّصْرَانِيِّ ظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْيَهُودِيِّ فَلَا مَأْمَنَ لَهُ نَعْلَمُهُ بِالْقُرْبِ مِنْ دِيَارِ الْإِسْلَامِ بَلْ دِيَارُ الْحَرْبِ كُلُّهُمْ نَصَارَى فِيمَا أَحْسَبُ وَهُمْ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنَّا فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْيَهُودِيِّ اخْتَرْ لِنَفْسِك مَأْمَنًا وَاللُّحُوقَ بِأَيِّ دِيَارِ الْحَرْبِ شِئْت اهـ رَشِيدِيٌّ وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ عَلَى شَخْصٍ فِي دِيَارِنَا بِلَا عَقْدٍ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ سُكْنَاهُ بِدَارِنَا إذْ الْمُغَلَّبُ فِيهَا مَعْنَى الْأُجْرَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهَا هُنَا أَقَلُّ الْجِزْيَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ إلَخْ قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ فِي حَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا وَلَمْ نَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ حَيْثُ قِيلَ بِعَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الْقَبُولُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ فِي الْأَصْلِ تَابِعًا لِأَمَانِ أَبِيهِ نَزَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَنْزِلَةَ مَنْ مَكَثَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ مِنْ الْإِمَامِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَمَانِ مَتْبُوعِهِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمَتْبُوعُ جَدًّا بَعِيدًا بِأَنْ مَاتَ الذِّمِّيُّ وَخَلَفَ وَلَدًا فَبَلَغَ وَلَمْ يَبْذُلْ الْجِزْيَةَ ثُمَّ مَاتَ وَخَلَفَ وَلَدًا بَلَغَ وَلَمْ يَبْذُلْ الْجِزْيَةَ بَعْدَ بُلُوغِهِ ثُمَّ مَاتَ وَخَلَفَ وَلَدًا فَبَلَغَ وَلَمْ يَبْذُلْ الْجِزْيَةَ فَيُبَلَّغْ الْمَأْمَنَ كَمَا ارْتَضَاهُ الطَّبَلَاوِيُّ فَعَلَى هَذَا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِالْقَاهِرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَقَدَ لَهُمْ الْإِمَامُ يُبَلَّغُونَ الْمَأْمَنَ لِأَنَّ أُصُولَهُمْ وَإِنْ بَعُدُوا كَانَ لَهُمْ عَقْدٌ هَذَا مَا ارْتَضَاهُ طب - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم.
(قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ كَافِرٌ إقَامَةً إلَخْ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ شِرَاءِ أَرْضٍ فِيهِ لَمْ يَقُمْ بِهَا قِيلَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَكِنَّ الصَّوَابَ مَنْعُهُ لِأَنَّ مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ اتِّخَاذُهُ كَالْأَوَانِي وَآلَاتِ اللَّهْوِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَتَّخِذُ الذِّمِّيُّ شَيْئًا مِنْ الْحِجَازِ دَارًا وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُمْنَعُونَ رُكُوبَ بَحْرِهِ قَالَ الْقَاضِي وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ الْمُقَامِ فِي الْمَرْكَبِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَالْبَرِّ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ وَأَقَامَ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ أَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ رُكُوبِ الْبَحْرِ فَضْلًا عَنْ الْإِقَامَةِ فِيهِ فَهُوَ قَيْدٌ لِلْمَفْهُومِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ بِالْحِجَازِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحَجْزِهِ بِالْجِبَالِ وَالْحِجَارَةِ أَوْ لِأَنَّهُ حَاجِزٌ بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ أَوْ بَيْنَ الشَّامِ وَالْيَمَنِ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ الْحَدِيثُ أَنَّهُ مِنْ الْيَمَنِ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى مُجَاوَرَتِهِ لَهُ وَهُوَ مُقَابِلٌ لِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ مَشْرِقِهَا وَقَدْرُهُ مَسِيرَةُ نَحْوِ شَهْرٍ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَسَدُومٍ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لِأَنَّهَا مِنْ أَقْصَى عَدَنَ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ طُولًا وَمِنْ جُدَّةَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى الشَّامِ عَرْضًا وَسُمِّيَتْ جَزِيرَةً لِأَنَّهُ أَحَاطَ بِهَا أَرْبَعَةُ أَبْحُرٍ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ وَبَحْرِ فَارِسَ وَبَحْرِ الْحَبَشَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute