للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَطُرُقُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ (وَقُرَاهَا) كَالطَّائِفِ لِمَكَّةَ وَخَيْبَرَ لِلْمَدِينَةِ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ «آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ» وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَمُسْلِمٌ خَبَرَ «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَالْقَصْدُ مِنْهَا الْحِجَازُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهِ وَتَعْبِيرِي بِالْإِقَامَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِاسْتِيطَانِ (فَلَوْ دَخَلَهُ بِلَا إذْنِ إمَامٍ أَخْرَجَهُ) مِنْهُ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ (وَعُزِّرَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) بِدُخُولِهِ لِجَرَاءَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَهُ (وَلَا يُؤْذَنُ لَهُ) فِي دُخُولِهِ الْحِجَازَ غَيْرَ حَرَمِ مَكَّةَ (إلَّا

لِمَصْلَحَةٍ

لَنَا كَرِسَالَةٍ وَتِجَارَةٍ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ (فَلَا يُؤْذَنُ لَهُ إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ مَتَاعِهَا كَالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ بِحَسْبِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَا يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَالْجِزْيَةِ (وَلَا يُقِيمُ) فِيهِ بَعْدَ الْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِهِ (إلَّا ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْهَا مُدَّةُ الْإِقَامَةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا ثُمَّ وَالْمُرَادُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَلَوْ أَقَامَ فِي مَوْضِعٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى آخَرَ أَيْ وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَهَكَذَا فَلَا مَنْعَ

(فَإِنْ مَرِضَ فِيهِ وَشَقَّ نَقْلِهِ) مِنْهُ (أَوْ خِيفَ مِنْهُ) مَوْتُهُ أَوْ زِيَادَةُ مَرَضِهِ وَذِكْرُ الْخَوْفِ مِنْ زِيَادَتِي (تُرِكَ) مُرَاعَاةً لِأَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ وَإِلَّا نُقِلَ رِعَايَةً لِحُرْمَةِ الدَّارِ وَتَقْيِيدِي التَّرْكَ فِي الْمَرِيضِ بِمَشَقَّةِ نَقْلِهِ تَبِعْتُ فِيهِ الْأَصْلَ وَالْحَاوِي وَغَيْرَهُمَا وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ وَإِنْ خَالَفَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَاَلَّذِي فِيهِمَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُنْقَلُ عَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ أَوْ لَا وَعَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُنْقَلُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ مُخْتَصَرُ وَالرَّوْضَةِ (فَإِنْ مَاتَ) فِيهِ (وَشَقَّ نَقْلُهُ) مِنْهُ لِتَقَطُّعِهِ أَوْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ مِنْ غَيْرِ الْحِجَازِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (دُفِنَ ثَمَّ) لِلضَّرُورَةِ نَعَمْ الْحَرْبِيُّ لَا يَجِبُ دَفْنُهُ وَتُغْرَى الْكِلَابُ عَلَيْهِ فَإِنْ تَأَذَّى النَّاسُ بِرَائِحَتِهِ وُورِيَ أَمَّا إذَا لَمْ يَشُقَّ نَقْلُهُ بِأَنْ سَهُلَ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ فَيُنْقَلَ فَإِنْ دُفِنَ تُرِكَ (وَلَا يَدْخُلُ حَرَمَ مَكَّةَ) وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: ٢٨] وَالْمُرَادُ جَمِيعُ الْحَرَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} [التوبة: ٢٨] أَيْ فَقْرًا بِمَنْعِهِمْ مِنْ الْحَرَمِ وَانْقِطَاعِ مَا كَانَ لَكُمْ بِقُدُومِهِمْ مِنْ الْمَكَاسِبِ {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: ٢٨] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَلْبَ إنَّمَا يُجْلَبُ إلَى الْبَلَدِ لَا إلَى الْمَسْجِدِ نَفْسِهِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ فَعُوقِبُوا بِالْمَنْعِ مِنْ دُخُولِهِ بِكُلِّ حَالٍ (فَإِنْ كَانَ

ــ

[حاشية الجمل]

كَمَا مَرَّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَالْيَمَامَةُ) وَهِيَ مَدِينَةٌ بِقُرْبِ الْيَمَنِ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ وَمَرْحَلَتَيْنِ مِنْ الطَّائِفِ اهـ ز ي سُمِّيَتْ بِاسْمِ الزَّرْقَاءِ الَّتِي كَانَتْ تَنْظُرُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْيَمَامَةُ اسْمٌ لِأَرْضٍ وَاسِعَةٍ يُنْسَبُ إلَيْهَا مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ وَأَصْلُهَا اسْمٌ لِجَارِيَةٍ زَرْقَاءَ كَانَتْ تَرَى مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلِإِقَامَتِهَا بِتِلْكَ الْأَرْضِ سُمِّيَتْ بِهَا وَهِيَ حِجَازٌ كَمَا ذُكِرَ وَقِيلَ يَمَنٌ وَقِيلَ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا اهـ

(قَوْلُهُ وَقُرَاهَا) أَيْ وَقُرَى الْمَجْمُوعِ وَإِلَّا فَالْيَمَامَةُ لَا قُرَى لَهَا اهـ ع ش قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجَزَائِرُهَا وَسَوَاحِلُهَا وَلَوْ غَيْرَ مَسْكُونَةٍ وَإِنْ أَوْهَمَ خِلَافَهُ قَوْلُهُ وَالْقَصْدُ مِنْهَا الْحِجَازُ إلَخْ اهـ سم (قَوْلُهُ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ) أَيْ فِي شَأْنِ الْيَهُودِ وَإِلَّا فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَوْتِهِ اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى أَيْ أُرِيدُ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى قَالَ حَجّ قِيلَ هُوَ أَعْلَى الْمَنَازِلِ كَالْوَسِيلَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى الْجَنَّةِ فَمَعْنَاهُ أَسْأَلُك يَا اللَّهُ أَنْ تُسْكِنَنِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْجَنَّةِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أُرِيدُ لِقَاءَك يَا اللَّهُ وَالرَّفِيقُ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لِجَرَاءَتِهِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ وَالْمَدِّ وَبِضَمِّ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَالْقَصْرِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا) لَوْ أَرْسَلَ الذِّمِّيُّ وَهُوَ بِدَارِنَا مَثَلًا تِجَارَتَهُ إلَى الْحِجَازِ مَعَ مُسْلِمٍ هَلْ يَكُونُ كَمَا لَوْ دَخَلَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَيَشْتَرِطُ الْإِمَامُ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْهَا مَالَ الطَّبَلَاوِيُّ إلَى أَنَّ ذَلِكَ كَدُخُولِهِ بِنَفْسِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ مَتَاعِهَا) أَيْ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً) أَيْ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ دَخَلَ بِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَتَّى لَوْ دَخَلَ بِنَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ الْأَنْوَاعِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَوْ بَاعَ مَا دَخَلَ بِهِ وَرَجَعَ بِثَمَنِهِ فَاشْتَرَى بِهِ شَيْئًا آخَرَ وَلَوْ مِنْ نَوْعِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ بِذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى أُخِذَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَبِعْ مَا دَخَلَ بِهِ وَأُخِذَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ بِهِ ثُمَّ عَادَ بِهِ وَدَخَلَ مَرَّةً أُخْرَى بِعَيْنِهِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ وَصَمَّمَ عَلَيْهِ اهـ سم وَفِي ع ش عَلَى م ر

قَوْلُهُ وَلَا يُؤْخَذُ كُلَّ سَنَةٍ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ الدُّخُولُ عَلَيْهِ فَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَصْنَافُ الَّتِي يَدْخُلُونَ بِهَا وَكَانَتْ مُخْتَلِفَةً بِاخْتِلَافِ عَدَدِ مَرَّاتِ الدُّخُولِ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى دُونَ مَا عَدَاهَا أَوْ مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي يَخْتَارُهُ الْإِمَامُ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ فَلْيُرَاجَعْ وَلَوْ قِيلَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ جَاءُوا بِهِ وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُمْ بِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ بَيْعِهِمْ عَلَيْنَا وَدُخُولِهِمْ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ مَرَّةٍ اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ حَرَمَ مَكَّةَ) وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَمِنْ طَرِيقِ الْعِرَاقِ وَالطَّائِفِ عَلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِنْ طَرِيقِ الْجِعْرَانَةِ عَلَى تِسْعَةٍ وَمِنْ طَرِيقِ جُدَّةَ عَلَى عَشَرَةٍ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَوْ بَذَلَ مَالًا لِيَدْخُلَ الْحَرَمَ حَرُمَتْ إجَابَتُهُ فَإِنْ أُجِيبَ وَوَصَلَ الْمَوْضِعَ الَّذِي عَيَّنَهُ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى لَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ إلَّا إنْ زَادَتْ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ وَصَلَ دُونَهُ فَقِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى اهـ سم (قَوْلُهُ {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: ٢٨] قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ كُلُّ مَوْضِعٍ أُطْلِقَ فِيهِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامَ فَالْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الْحَرَمِ إلَّا فِي قَوْله تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤] اهـ سم (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا أَخْرَجُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكُفْرِهِمْ عُوقِبَ جَمِيعُ الْكُفَّارِ بِمَنْعِهِمْ مِنْهُ مُطْلَقًا وَإِنْ دَعَتْ لِذَلِكَ ضَرُورَةٌ كَمَا فِي الْأُمِّ وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ كَطَبِيبٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَحَمْلُ بَعْضِهِمْ لَهُ عَلَى مَا إذَا مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُ الْمَرِيضِ لَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>