رَسُولًا خَرَجَ لَهُ إمَامٌ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ (يَسْمَعُهُ فَإِنْ مَرِضَ أَوْ مَاتَ فِيهِ نُقِلَ) مِنْهُ وَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ أَوْ دُفِنَ أَوْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ لِتَعَدِّيهِ وَلِأَنَّ الْمَحَلَّ غَيْرُ قَابِلٍ لِذَلِكَ بِالْإِذْنِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِذْنُ نَعَمْ إنْ تَهَرَّى بَعْدَ دَفْنِهِ تُرِكَ وَلَيْسَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ كَحَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالنُّسُكِ وَفِيهِ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ» وَأَمَّا غَيْرُ الْحِجَازِ فَلِكُلِّ كَافِرٍ دُخُولُهُ بِأَمَانٍ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَال عِنْدَ قُوتِنَا كَوْنُهُ دِينَارًا فَأَكْثَرَ كُلَّ سَنَةٍ) عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ أَيْ مُحْتَلِمٍ دِينَارًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُمَا ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
ــ
[حاشية الجمل]
رَسُولًا) أَيْ لِمَنْ بِالْحَرَمِ مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ خَرَجَ لَهُ إمَامٌ بِنَفْسِهِ) فَإِنْ قَالَ لَا أُؤَدِّيهَا إلَّا مُشَافَهَةً تَعَيَّنَ خُرُوجُ الْإِمَامِ لَهُ لِذَلِكَ أَوْ كَانَ مُنَاظِرًا أَخْرَجَ لَهُ مَنْ يُنَاظِرُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ فَإِنْ امْتَنَعَ إلَّا مِنْ أَدَائِهَا مُشَافَهَةً تَعَيَّنَ خُرُوجُ الْإِمَامِ لَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ رُدَّ بِهَا أَوْ أَسْمَعَهَا مَنْ يُخْبِرُ الْإِمَامَ بِهَا وَلَوْ كَانَ طَبِيبًا وَجَبَ إخْرَاجُ الْمَرِيضِ إلَيْهِ مَحْمُولًا فَإِنْ تَعَذَّرَ رُدَّ أَوْ وُصِفَ لَهُ مَرَضُهُ وَهُوَ خَارِجٌ وَلَا تَجُوزُ إجَابَتُهُ وَإِنْ بَذَلَ مَالًا كَمَا مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَرِضَ) أَيْ بِأَنْ دَخَلَ تَعَدِّيًا وَمَرِضَ فِيهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ إلَخْ) لَكِنْ يُنْدَبُ إلْحَاقُهُ بِهِ لِأَفْضَلِيَّتِهِ وَتَمَيُّزِهِ بِمَا لَمْ يُشَارِكْ فِيهِ كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ لِاخْتِصَاصِهِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ انْتَهَى شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ كَوْنُهُ دِينَارًا فَأَكْثَرَ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر أَقَلُّ الْجِزْيَةِ مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ عِنْدَ قُوَّتِنَا دِينَارٌ خَالِصٌ مَضْرُوبٌ فَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ إلَّا بِهِ وَإِنْ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْأَخْذِ لِكُلِّ سَنَةٍ لِخَبَرِ «خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ أَيْ مُحْتَلِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ أَوْ بَدَلَهُ» أَيْ مُسَاوِيَ قِيمَتِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَتَقْوِيمُ عُمَرَ لِلدِّينَارِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا لِأَنَّهَا كَانَتْ قِيمَتَهُ إذْ ذَاكَ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا أَمَّا عِنْدَ ضَعْفِنَا فَتَجُوزُ بِأَقَلَّ مِنْهُ إنْ اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَيَجِبُ بِالْعَقْدِ وَيَسْتَقِرُّ بِانْقِضَاءِ الزَّمَنِ بِشَرْطِ ذَبِّنَا عَنْهُمْ فِي جَمِيعِهِ حَيْثُ وَجَبَ فَلَوْ مَاتَ أَوْ لَمْ نَذُبَّ عَنْهُمْ إلَّا فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ وَجَبَ بِالْقِسْطِ كَمَا يَأْتِي أَمَّا الْحَيُّ فَلَا نُطَالِبُهُ بِالْقِسْطِ أَثْنَاءَ السَّنَةِ وَكَانَ قِيَاسُ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أُجْرَةٌ مُطَالَبَتَهُ بِهِ لَوْلَا مَا طُلِبَ مِنَّا مِنْ مَزِيدِ الرِّفْقِ بِهِمْ تَأْلِيفًا لَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ انْتَهَتْ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ عَقْدُهَا بِمَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ لِأَنَّ قِيمَتَهُ قَدْ تَنْقُصُ عَنْهُ آخِرَ الْمُدَّةِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ النَّقْصِ عَنْ الدِّينَارِ اهـ عَمِيرَةُ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ فِضَّةً تَعْدِلُهُ وَإِنْ جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِفِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا اهـ بُرُلُّسِيٌّ وَشَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا عُقِدَ بِدِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ زِيَادَةٍ عَلَى مَا عُقِدَ بِهِ قَهْرًا وَكَذَا بِرِضَاهُ إلَّا بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ كَطَرِيقِ الْهِبَةِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ مَعَ الْقَبْضِ أَوْ طَرِيقِ الْهَدِيَّةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ أَمْوَالَهُ مَعْصُومَةٌ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ اهـ سم
(قَوْلُهُ كُلَّ سَنَةٍ) أَيْ هِلَالِيَّةٍ كَمَا هِيَ الْمُرَادَةُ حَيْثُ أُطْلِقَتْ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ وَقَدْ رُفِعَ لِشَيْخِنَا فَرِيدِ عَصْرِهِ الشَّمْسِ الْحَفْنَاوِيِّ وَقَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ سُؤَالٌ ظَرِيفٌ مِنْ طُرَفِ الدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ فَأَجَابَ عَنْهُ بِجَوَابٍ مُسْتَحْسَنٍ جِدًّا وَأَلَّفَ فِي شَأْنِ ذَلِكَ رِسَالَةً لَطِيفَةً وَقَدْ أَحْبَبْت أَنْ أَنْقُلَهَا بِالْحَرْفِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْفَوَائِدِ الْكَثِيرَةِ فَأَقُولُ وَبِاَللَّهِ الْمُسْتَعَانُ: قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مُفْهِمِ الصَّوَابِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ وَالْأَصْحَابِ (أَمَّا بَعْدُ) فَيَقُولُ الْمُرْتَجِي غَفْرَ الْمَسَاوِئِ عَبْدُ مَوْلَاهُ مُحَمَّدٌ الْحَفْنَاوِيُّ قَدْ رُفِعَ إلَيْنَا سُؤَالٌ مِنْ طَرَفِ الدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ أَدَامَهَا اللَّهُ بِصَوَارِمِ الْعَدْلِ مَنْصُورَةً مَحْمِيَّةً مُحَصِّلُهُ أَنَّ الْجِزْيَةَ الْمَضْرُوبَةَ عَلَى الذِّمِّيِّينَ مُصَرَّحٌ فِي عَقْدِهَا عَلَيْهِمْ بِالسَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ فَاسْتَمَرَّ الذِّمِّيُّونَ عَلَى تَأْخِيرِ دَفْعِهَا إلَى تَمَامِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِمْ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِ سَنَةِ عَقْدِهَا فَتَفَطَّنَ مَوْلَانَا السُّلْطَانُ وَعُلَمَاءُ قُطْرِهِ فِي سَابِقِ الزَّمَانِ أَنَّ ذَلِكَ التَّأْخِيرَ مِنْهُمْ قَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَيْفٌ عَلَى مَالِ بَيْتِ الْمُسْلِمِينَ بِسَبَبِ أَنَّ الْقَمَرِيَّةَ تَنْقُصُ عَنْ الشَّمْسِيَّةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ يَوْمٍ وَخُمُسَيْ خُمُسِ يَوْمٍ فَإِذَا مَضَى ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً اجْتَمَعَ سَنَةٌ قَمَرِيَّةٌ وَأَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَكَسْرٌ فَطَلَبَ مَوْلَانَا السُّلْطَانُ فِي سَابِقِ الزَّمَانِ جِزْيَةَ تِلْكَ السَّنَةِ الْمُجْتَمِعَةِ فَدَفَعُوهَا وَضُمَّتْ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا طَلَبَ مَلِكُنَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ جِزْيَةَ سَنَةٍ قَمَرِيَّةٍ تَحَصَّلَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً كَمَا سَلَفَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّينَ دَفْعُهَا وَلَا يَجُوزُ لِأَهْلِ بَلَدِهِمْ مِنْ رَعَايَا السُّلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ الْمُعَارَضَةُ فِي ذَلِكَ؟ فَكَتَبْنَا فِي جَوَابِهِ بَعْدَ التَّأَمُّلِ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ مَعَ تَقْدِيمِ تَمْهِيدٍ لِبَيَانِ الْحُكْمِ مَا نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ عَقْدَ الْجِزْيَةِ إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مَوْلَانَا السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ لَا مِنْ آحَادِ النَّاسِ
وَمِثَالُ عَقْدِهَا أَنْ يَقُولَ أَقْرَرْتُكُمْ بِدَارِنَا عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا كَذَا جِزْيَةً كُلَّ سَنَةٍ فَيَقْبَلُوا فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ سَنَةً حُمِلَتْ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي أَوَّلُهَا الْمُحَرَّمُ فَإِذَا مَضَتْ بِآخِرِ الْحَجَّةِ تَقَرَّرَتْ عَلَيْهِمْ وَإِنْ عَيَّنَ كَوْنَهَا شَمْسِيَّةً أَوْ قَمَرِيَّةً وَجَبَ اتِّبَاعُ مَا عَيَّنَهُ فَتَقَرَّرَ عَلَيْهِمْ آخِرَ الْحَوْلِ الَّذِي عَيَّنَهُ فِي عَقْدِهَا فَإِذَا مَضَى بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ يُطَالَبْ الْحَيُّ مِنْهُمْ بِالْقِسْطِ بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ طُلِبَ مِنَّا الرِّفْقُ بِهِمْ تَأْلِيفًا لَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَأَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute