نَقْضًا فِيهِمْ لِضَعْفِ الْهُدْنَةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَقَوْلِي أَوْ تُنْقَضُ مَعَ أَوْ نَحْوِهِ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِمَّا ذُكِرَ.
(وَإِذَا انْتَقَضَتْ) أَيْ الْهُدْنَةُ (جَازَتْ إغَارَةُ عَلَيْهِمْ) وَلَوْ لَيْلًا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِبِلَادِهِمْ) فَإِنْ كَانُوا بِبِلَادِنَا بَلَّغْنَاهُمْ مَأْمَنَهُمْ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ وَلَوْ بِنَائِبِهِ (بِأَمَارَةِ خِيَانَةٍ) مِنْهُمْ لَا بِمُجَرَّدِ وَهْمٍ وَخَوْفٍ (نَبْذُ هُدْنَةٍ) لِآيَةِ {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ} [الأنفال: ٥٨] فَتَعْبِيرِي بِالْإِمَارَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْخَوْفِ (لَا) نَبْذُ (جِزْيَةٍ) لِأَنَّ عَقْدَهَا آكَدُ مِنْ عَقْدِ الْهُدْنَةِ لِأَنَّهُ مُؤَبَّدٌ وَعَقْدُ مُعَاوَضَةٍ (وَيُبَلِّغُهُمْ) بَعْدَ اسْتِيفَاءِ مَا عَلَيْهِمْ (مَأْمَنَهُمْ) أَيْ مَا يَأْمَنُونَ فِيهِ مِمَّنْ مَرَّ.
(وَلَوْ شُرُطَ رَدُّ مَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ أَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُشْرَطْ رَدٌّ وَلَا عَدَمُهُ (لَمْ يُرَدَّ وَاصِفُ إسْلَامٍ) وَإِنْ ارْتَدَّ (إلَّا إنْ كَانَ فِي الْأُولَى ذَكَرًا حُرًّا غَيْرَ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ طَلَبَتْهُ عَشِيرَتُهُ) إلَيْهَا لِأَنَّهَا تَذُبُّ عَنْهُ وَتَحْمِيهِ مَعَ قُوَّتِهِ فِي نَفْسِهِ (أَوْ) طَلَبَهُ فِيهَا (غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ عَشِيرَتِهِ (وَقَدَرَ عَلَى قَهْرِهِ) وَلَوْ بِهَرَبٍ وَعَلَيْهِ حُمِلَ «رَدُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَصِيرٍ لَمَّا جَاءَ فِي طَلَبِهِ رَجُلَانِ فَقَتَلَ أَحَدَهُمَا فِي الطَّرِيقِ وَأَفْلَتَ الْآخَرُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فَلَا تُرَدُّ أُنْثَى إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَطَأَهَا زَوْجُهَا أَوْ تَتَزَوَّجَ كَافِرًا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] وَلَا خُنْثَى احْتِيَاطًا وَلَا رَقِيقٌ وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَلَا مَنْ لَمْ تَطْلُبْهُ عَشِيرَتُهُ وَلَا غَيْرُهَا أَوْ طَلَبَهُ غَيْرُهَا وَعَجَزَ عَنْ قَهْرِهِ لِضَعْفِهِمْ فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَوَصَفَ الْكُفْرَ رُدَّ وَخَرَجَ بِالتَّقْيِيدِ بِالْأَوْلَى وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي مَسْأَلَةُ الْإِطْلَاقِ فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ مُطْلَقًا وَالتَّصْرِيحُ بِوَصْفِ الْإِسْلَامِ فِي غَيْرِ الْمَرْأَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَلَمْ يَجِبْ) بِارْتِفَاعٍ نِكَاحُ امْرَأَةٍ بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (دَفْعُ مَهْرٍ لِزَوْجٍ) لَهَا لِأَنَّ الْبُضْعَ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَشْمَلُهُ الْأَمَانُ كَمَا لَا يَشْمَلُ زَوْجَتَهُ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ} [الممتحنة: ١٠] أَيْ الْأَزْوَاجَ {مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: ١٠] أَيْ مِنْ الْمُهُورِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي وُجُوبِ الْغُرْمِ مُحْتَمِلٌ لِنَدْبِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
ع ش عَلَى م ر وَفِي الْمُخْتَارِ الْمَأْوَى كُلُّ مَكَان يَأْوِي إلَيْهِ شَيْءٌ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَقَدْ أَوَى إلَى مَنْزِلِهِ يَأْوِي كَرَمَى يَرْمِي أَوْيًا عَلَى فَعُولٍ وَإِوَاءً عَلَى فِعَالٍ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ} [هود: ٤٣] وَآوَاهُ غَيْرُهُ إيوَاءً أَنْزَلَهُ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ لِضَعْفِ الْهُدْنَةِ) أَيْ وَلِأَنَّ عَقْدَ الْهُدْنَةِ يَتِمُّ بِعَقْدِ بَعْضِهِمْ وَرِضَا الْبَاقِينَ وَيَكُونُ السُّكُوتُ رِضًا بِذَلِكَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ النَّقْضُ مِثْلَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا انْقَضَتْ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا نَقَضَهَا مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ نَقْضُهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِأَمَارَةِ خِيَانَةٍ) أَيْ بِحَيْثُ تَكُونُ مِمَّا لَوْ ظَهَرَ لَنَقَضَ الْعَهْدَ ثُمَّ مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ مُجَرَّدَ ظُهُورِ الْأَمَارَةِ لَا نَقْضَ بِهِ وَإِنَّمَا يُجْعَلُ الْعَقْدُ جَائِزًا مِنْ جِهَتِنَا بَعْدَ أَنْ كَانَ لَازِمًا اهـ سم (قَوْلُهُ لَا بِمُجَرَّدِ وَهْمٍ وَخَوْفٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ أَمَارَةٌ حَرُمَ النَّقْضُ لِأَنَّ عَقْدَهَا لَازِمٌ انْتَهَتْ وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ عَنْ الْمُخْتَارِ وَالْمِصْبَاحِ أَنَّ الْوَهْمَ قَرِينُ الظَّنِّ مِنْ بَابِ وَعَدَ وَأَمَّا الَّذِي بِمَعْنَى الْغَلَطِ فَهُوَ كَغَلَطٍ وَزْنًا وَمَعْنًى فَمَصْدَرُ الْأَوَّلِ سَاكِنُ الْهَاءِ وَمَصْدَرُ الثَّانِي مَفْتُوحُهَا اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّ عَقْدَهَا آكَدُ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ الْهُدْنَةَ أَمَانٌ فَتُنْقَضُ بِالْخَوْفِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُبَلِّغُهُمْ مَأْمَنَهُمْ) عَطْفٌ عَلَى نَبْذِ هُدْنَةٍ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ شُرِطَ رَدُّ مَنْ جَاءَنَا إلَخْ) بِأَنْ قَالُوا بِشَرْطِ أَنْ تَرُدُّوا مَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا فَلَوْ زَادُوا فِيهِ مُسْلِمًا فَكَذَلِكَ بِخِلَافِ رَدِّ الْمُسْلِمَةِ فَإِنَّهُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَاصِفُ إسْلَامٍ) أَيْ ذَاكِرُهُ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَيْ بِأَنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَأَفْلَتَ الْآخَرُ) مِنْ الْإِفْلَاتِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي التَّفَلُّتِ وَالْإِفْلَاتِ وَالِانْفِلَاتِ التَّخَلُّصُ مِنْ الشَّيْءِ فَجْأَةً مِنْ غَيْرِ تَمَكُّثٍ اهـ وَفِي الصِّحَاحِ أَفْلَتَ الشَّيْءُ وَتَفَلَّتَ وَانْفَلَتَ بِمَعْنًى وَأَفْلَتَهُ غَيْرُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا رَقِيقَ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَكَذَا عَبْدٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ أَوْ أَمَةٌ وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً جَاءَ إلَيْنَا مُسْلِمًا ثُمَّ إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَوْ قَبْلَ الْهُدْنَةِ عَتَقَ أَوْ بَعْدَهَا وَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا بَاعَهُ الْإِمَامُ لِمُسْلِمٍ أَوْ دَفَعَ قِيمَتَهُ لِسَيِّدِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ وَأَعْتَقَهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَلَاءُ لَهُمْ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَلَا رَقِيقَ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعَتَقَ عَبْدٌ حَرْبِيٌّ هَرَبَ إلَى مَأْمَنٍ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا عَكْسُهُ بَعْدَ هُدْنَةٍ اهـ وَاَلَّذِي بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ عِتْقَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ عَقْدَ الْهُدْنَةِ جَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ لَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَرِقَّائِهِمْ اهـ عَمِيرَةُ وَقَوْلُهُ يَعْنِي الْإِرْشَادَ وَعَتَقَ أَيْ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ قَاهِرُ السَّيِّدَةِ مَلَكَ نَفْسَهُ بِالْقَهْرِ فَعَتَقَ وَقَوْلُهُ عَبْدٌ حَرْبِيٌّ يَعْنِي رَقِيقَهُ وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً وَمُكَاتَبَةً
وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْهُدْنَةِ أَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ هَرَبَ قَبْلَهَا اهـ حَجّ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيَعْتِقُ إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَوْ قَبْلَ الْهُدْنَةِ لَا بَعْدَهَا لَكِنْ لَا يُرَدُّ فَإِنْ لَمْ يَعْتِقْهُ سَيِّدُهُ بَاعَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ دَفَعَ لِسَيِّدِهِ قِيمَتَهُ مِنْ الْمَصَالِحِ وَأَعْتَقَهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُمْ الْوَلَاءُ وَإِنْ أَتَانَا مُكَاتَبٌ وَلَمْ يَقْتَضِ الْحَالُ عِتْقَهُ فَإِنْ أَدَّى النُّجُومَ عَتَقَ وَلِلسَّيِّدِ الْوَلَاءُ وَإِنْ أَدَّى بَعْضَهَا وَعَجَزَ حُسِبَ مَا أَدَّاهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا قَبْلَهُ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَهَا أَوْ أَكْثَرَ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لَنَا وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ رَدُّ الزَّائِدِ أَوْ دُونَهَا وَفَّاهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمَصَالِحِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَوْ هَاجَرَ أَيْ قَبْلَ الْهُدْنَةِ أَوْ بَعْدَهَا الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً وَمُكَاتَبَةً ثُمَّ أَسْلَمَ عَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ هَاجَرَ قَبْلَ الْهُدْنَةِ فَكَذَا أَوْ بَعْدَهَا فَلَا وَلَا يُرَدُّ بَلْ يَعْتِقُهُ السَّيِّدُ إلَخْ اهـ وَهِيَ أَحْسَنُ تَأَمَّلْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ سَبَقَ فِي اللَّقِيطِ فِيمَا إذَا أَعْرَبَ وَلَدُ الْكَافِرِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ بِالْإِسْلَامِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُجَنِّبُ أَهْلَهُ نَدْبًا لَا وُجُوبًا وَفَرَّقَ بِأَنَّ أَهْلَهُ هُنَاكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُمْ فِي قَبَضْتنَا بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ سم (قَوْلُهُ وَوَصَفَ الْكُفْرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَصِفْ شَيْئًا فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ وَصَفَ الْإِسْلَامَ لَمْ يُرَدَّ اهـ سم (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ أَمْ لَا كَمَا لَا يَشْمَلُ زَوْجَتَهُ تَقَدَّمَ فِي الْأَمَانِ أَنَّهُ تَدْخُلُ زَوْجَتُهُ إذَا كَانَ الْمُؤَمِّنُ الْإِمَامَ وَكَانَتْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ شَرَطَ دُخُولَهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْهُدْنَةَ لَا تَنْقُصُ عَنْ الْأَمَانِ فِي الْقُوَّةِ لِأَنَّ عَقْدَهَا لَا يَجُوزُ