للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَقْدُ الْهُدْنَةِ لِلنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى لَا يَتَقَيَّدُ بِمُدَّةٍ.

(وَيُفْسِدُ الْعَقْدَ إطْلَاقُهُ) لِاقْتِضَائِهِ التَّأْبِيدَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ (وَشَرْطٌ فَاسِدٌ كَمَنْعٍ) أَيْ كَشَرْطِهِ مَنْعَ (فَكِّ أَسْرَانَا) مِنْهُمْ (أَوْ تَرْكِ مَا لَنَا) عِنْدَهُمْ مِنْ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ (لَهُمْ أَوْ رَدِّ مُسْلِمَةٍ) أَسْلَمَتْ عِنْدَنَا أَوْ أَتَتْنَا مِنْهُمْ مُسْلِمَةً (أَوْ عَقْدِ جِزْيَةٍ بِدُونِ دِينَارٍ) أَوْ إقَامَتِهِمْ بِالْحِجَازِ كَدُخُولِهِمْ الْحَرَمَ (أَوْ دَفْعِ مَالٍ إلَيْهِمْ) لِاقْتِرَانِ الْعَقْدِ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ نَعَمْ إنْ كَانَ ثَمَّ ضَرُورَةٌ كَأَنْ كَانُوا يُعَذِّبُونَ الْأَسْرَى أَوْ أَحَاطُوا بِنَا وَخِفْنَا اصْطِلَامَهُمْ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ بَلْ وَجَبَ وَلَا يَمْلِكُونَهُ وَقَوْلِي كَمَنْعِ إلَى آخِرِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَنْ شُرِطَ مَنْعُ فَكِّ أَسْرَانَا إلَى آخِرِهِ.

(وَتَصِحُّ) الْهُدْنَةُ (عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا إمَامٌ أَوْ مُعَيَّنٌ عَدْلٌ ذُو رَأْيٍ مَتَى شَاءَ) فَإِذَا نَقَضَهَا انْتَقَضَتْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشَاءَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ قُوَّتِنَا وَلَا أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ عِنْدَ ضَعْفِنَا (وَمَتَى فَسَدَتْ بَلَّغْنَاهُمْ مَأْمَنَهُمْ) أَيْ مَا يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنَّا وَمِنْ أَهْلِ عَهْدِنَا وَأَنْذَرْنَاهُمْ إنْ لَمْ يَكُونُوا بِدَارِهِمْ ثُمَّ لَنَا قِتَالُهُمْ وَإِنْ كَانُوا بِدَارِهِمْ فَلَنَا قِتَالُهُمْ بِلَا إنْذَارٍ وَهَذِهِ مَعَ مَسْأَلَةِ الْمُعَيَّنِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ صَحَّتْ لَزِمَنَا الْكَفُّ عَنْهُمْ) أَيْ كَفُّ أَذَانَا وَأَذَى أَهْلِ الْعَهْدِ (حَتَّى تَنْقَضِيَ) مُدَّتُهَا (أَوْ تَنْقَضَّ) قَالَ تَعَالَى {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: ٤] وَقَالَ {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة: ٧] فَلَا يَلْزَمُنَا كَفُّ أَذَى الْحَرْبِيِّينَ عَنْهُمْ وَلَا أَذَى بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ لَأَنْ مَقْصُودَ الْهُدْنَةِ الْكَفُّ عَمَّا ذُكِرَ لَا الْحِفْظُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْإِمَامِ وَلَا بِعَزْلِهِ وَنَقْضِهَا يَكُونُ (بِتَصْرِيحٍ مِنْهُمْ) أَوْ مِنَّا بِطَرِيقِهِ (أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ التَّصْرِيحِ (كَقِتَالِنَا أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ حَرْبٍ بِعَوْرَةٍ لَنَا أَوْ نَقْضِ بَعْضِهِمْ بِلَا إنْكَارِ بَاقِيهِمْ) قَوْلًا وَفِعْلًا أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِدَارِنَا أَوْ إيوَاءِ عُيُونِ الْكُفَّارِ أَوْ سَبِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا كَانَ عَدَمُ إنْكَارِ الْبَاقِينَ فِي نَقْضِ بَعْضِهِمْ

ــ

[حاشية الجمل]

الزِّيَادَةِ فِي عُقُودٍ بِمَسْأَلَةِ الْعَشْرِ فِي عِبَارَاتِهِمْ فَكُلُّهَا مُطْبِقَةٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالْعَشْرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعَقْدُ الْهُدْنَةِ لِلنِّسَاءِ إلَخْ) اُنْظُرْ الصِّبْيَانَ وَالْأَرِقَّاءَ.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا نَحْوُ النِّسَاءِ وَهِيَ شَامِلَةٌ لَهُمَا حَرِّرْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِمُدَّةٍ) اُنْظُرْ إذَا عَقَدَ لِلْخُنْثَى ثُمَّ اتَّضَحَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ أَوْ يُتِمُّ عَقْدَهُ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَيُفْسِدُ الْعَقْدَ إطْلَاقُهُ) أَيْ فِي غَيْرِ نَحْوِ النِّسَاءِ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينَ وَالْخَنَاثَى وَالْمَالِ اهـ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِاقْتِضَائِهِ التَّأْبِيدَ) هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي الْأَمَانِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اهـ ح ل وَيُجَابُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِأَنَّ عَقْدَ الْهُدْنَةِ لَا يُعْقَدُ إلَّا لَهَا بِخِلَافِ الْأَمَانِ فَإِنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ رَدِّ مُسْلِمَةٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبَهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ أَوْ تُزَوَّجَ بِكَافِرٍ وَلِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ الْهَرَبِ مِنْهُمْ وَأَقْرَبُ إلَى الِافْتِتَانِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتحنة: ١٠] الْآيَةَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَخَرَجَ الْكَافِرُ وَالْمُسْلِمُ فَيَجُوزُ شَرْطُ رَدِّهِمَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَخِفْنَا اصْطِلَامَهُمْ) أَيْ اسْتِئْصَالَهُمْ لَنَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر أَيْ أُخِذْنَا وَقُتِلْنَا مِنْ أَصْلِنَا وَفِي الْمِصْبَاحِ صَلَمْت الْأُذُنَ صَلْمًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ اسْتَأْصَلْتهَا قَطْعًا وَاصْطَلَمْتُهَا كَذَلِكَ وَصَلَمَ صَلْمًا مِنْ بَابِ تَعِبَ اُسْتُؤْصِلَتْ أُذُنُهُ فَهُوَ أَصْلَمُ اهـ

(قَوْلُهُ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ) أَيْ لِخَلَاصِ الْأَسْرَى وَقَوْلُهُ بَلْ وَجَبَ مُعْتَمَدٌ وَلَا يَمْلِكُونَهُ وَالْعَقْدُ بَاطِلٌ وَيَحِلُّ بَذْلُ الْمَالِ لِفَكِّ الْأَسِيرِ حَيْثُ لَا تَعْذِيبَ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ وَهَلْ الْعَقْدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحِيحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ بُطْلَانُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الرَّاجِحُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ بَلْ وَجَبَ) وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِنَدْبِ فَكِّ الْأَسْرَى لِأَنَّ مَحِلَّهُ فِي غَيْرِ الْمُعَذَّبِينَ إذَا أَمِنَ مِنْ قَتْلِهِمْ وَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ النَّدْبِ لِلْآحَادِ وَالْوُجُوبِ عَلَى الْإِمَامِ مَحَلُّ نَظَرٍ وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ جَمِيعِ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْأَسْرَى بِبِلَادِهِمْ لِأَنَّ فَكَّهُمْ قَهْرًا حِينَئِذٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا لَا يُطَاقُ أَمَّا إذَا أَسَرَتْ طَائِفَةٌ مُسْلِمًا أَوْ مَرُّوا بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْمُكَافِئِينَ فَيُتَّجَهُ مُبَادَرَتُهُمْ إلَى فَكِّهِ بِكُلِّ وَجْهٍ مُمْكِنٍ إذْ لَا عُذْرَ لَهُمْ فِي تَرْكِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا يَمْلِكُونَهُ) وَيَنْبَنِي عَلَى عَدَمِ مِلْكِهِ أَنَّهُمْ لَوْ عُصِمُوا بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ نَأْخُذُهُ مِنْهُمْ وَلَا يَمْنَعُنَا عَنْهُ إيمَانُهُمْ وَلَا أَمَانُهُمْ كَمَا يَمْنَعَانِنَا عَنْ أَخْذِ أَمْوَالِهِمْ الْمَمْلُوكَةِ لَهُمْ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا إمَامٌ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ يَقُومُ هَذَا الْقَيْدُ مَقَامَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ فِي الصِّحَّةِ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَيَجُوزُ أَنْ لَا تُؤَقَّتُ الْهُدْنَةُ وَيَشْتَرِطُ الْإِمَامُ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ ذُو رَأْيٍ) أَيْ فِي الْحَرْبِ بِحَيْثُ يَعْرِفُ مَصْلَحَتَنَا فِي فِعْلِهَا وَتَرْكِهَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَمَتَى فَسَدَتْ إلَخْ) فَسَدَ كَنَصَرَ وَعَقَدَ وَكَرُمَ بِضَمِّ الْعَيْنِ فِي الْمُضَارِعِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَكَسْرِهَا عَلَى الثَّانِي كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ فَسَدَ الشَّيْءُ فُسُودًا مِنْ بَابِ قَعَدَ وَالْفَسَادُ ضِدُّ الصَّلَاحِ اهـ (قَوْلُهُ وَقَالَ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ إلَخْ) دَلِيلٌ عَلَى الثَّانِي بِمَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ الْكَفُّ عَمَّا ذُكِرَ) عِبَارَةُ حَجّ إذْ الْقَصْدُ كَفُّ مَنْ تَحْتَ أَيْدِينَا عَنْهُمْ لِحِفْظِهِمْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ بِطَرِيقِهِ) وَهُوَ ظُهُورُ إمَارَةِ الْخِيَانَةِ اهـ ز ي أَوْ شُرِطَ نَقْضُهَا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ عَدْلٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَقِتَالِنَا) أَيْ إذَا كَانَ عَمْدًا مَحْضًا عُدْوَانًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ لَا خَطَأً وَدَفْعًا لِصَائِلٍ أَوْ قَاطِعٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ كَقِتَالِنَا أَيْ لَا مَعَ الْبُغَاةِ إعَانَةً لَهُمْ كَمَا سَبَقَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَكُلُّ سَبَبٍ اُخْتُلِفَ فِي نَقْضِ الْجِزْيَةِ بِهِ يَنْقُضُ هُنَا قَطْعًا لِضَعْفِ الْهُدْنَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ حَرْبٍ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْعَقْدِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ بِلَا إنْكَارِ بَاقِيهِمْ) فَإِنْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِمْ بِاعْتِزَالِهِمْ أَوْ بِإِعْلَامِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ بِحَالِهِمْ فَلَا تُنْقَضُ فِي حَقِّهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} [الأعراف: ١٦٥] ثُمَّ يُنْذِرُ الْمُعَلِّمِينَ بِالتَّمَيُّزِ عَنْهُمْ فَإِنْ أَبَوْا فَنَاقِضُونَ أَيْضًا اهـ مِنْ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ عُيُونَ الْكُفَّارِ) عَيْنُ الْكُفَّارِ شَخْصٌ يَتَجَسَّسُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ لِيَنْقُلَ أَخْبَارَهَا لَهُمْ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>