إزَالَةُ نَحْوِ شَعْرٍ) كَظُفُرٍ وَجِلْدَةٍ لَا تَضُرُّ إزَالَتُهَا وَلَا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا (فِي عَشْرِ) ذِي (الْحِجَّةِ و) أَيَّامِ (تَشْرِيقٍ حَتَّى يُضَحِّيَ) لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَالْمَعْنَى فِيهِ شُمُولُ الْعِتْقِ مِنْ النَّارِ جَمِيعَ ذَلِكَ وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ وَالتَّشْرِيقِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ شَعْرٍ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
(وَيُسَنُّ أَنْ يَذْبَحَ) الْأُضْحِيَّةَ (رَجُلٌ بِنَفْسِهِ) إنْ أَحْسَنَ الذَّبْحَ (وَأَنْ يَشْهَدَ) هَا (مَنْ وَكَّلَ) بِهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى بِنَفْسِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَقَالَ لِفَاطِمَةَ قَوْمِي إلَى أُضْحِيَّتِك فَاشْهَدِيهَا فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا يُغْفَرُ لَك مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِك» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي رَجُلٌ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَالْأَفْضَلُ لَهُمَا التَّوْكِيلُ.
(وَشَرْطُهَا) أَيْ التَّضْحِيَةِ (نَعَمٌ) إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ إنَاثًا كَانَتْ أَوْ خَنَاثَى أَوْ ذُكُورًا وَلَوْ خُصْيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: ٣٤] وَلِأَنَّ التَّضْحِيَةَ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَيَوَانِ فَاخْتَصَّتْ بِالنَّعَمِ كَالزَّكَاةِ.
(و) شَرْطُهَا (بُلُوغُ ضَأْنٍ سَنَةً أَوْ إجْذَاعُهُ و) بُلُوغُ (بَقَرٍ وَمَعْزٍ سَنَتَيْنِ وَإِبِلٍ خَمْسًا) لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «ضَحُّوا بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أَنْ تَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَاذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ» قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُسِنَّةُ هِيَ الثَّنِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَمَا فَوْقَهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ جَذَعَةَ الضَّأْنِ لَا تُجْزِئُ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ الْمُسِنَّةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَحَمَلُوا الْخَبَرَ عَلَى النَّدْبِ وَتَقْدِيرُهُ يُسَنُّ لَكُمْ أَنْ لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً فَإِنْ عَجَزْتُمْ فَجَذَعَةُ ضَأْنٍ، وَقَوْلِي أَوْ أَجْذَاعِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
ــ
[حاشية الجمل]
قُرْبَتَانِ إحْدَاهُمَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَدَنِ رَجَحَتْ وَلِهَذَا لَوْ أَرَادَ الْأُضْحِيَّةَ وَدَخَلَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَدْ طَالَ شَعْرُهُ وَظُفُرُهُ اُسْتُحِبَّ إزَالَتُهُ اهـ وَقَالَ غَيْرُهُ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ الْإِزَالَةِ قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ وَهُوَ الْأَقْعَدُ وَمَشَى عَلَيْهِ م ر وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ الْجَزْمَ بِأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَرْكُ الْإِزَالَةِ إذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ وَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَلْ يُطْلَبُ مِنْ كُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ تَرْكُ الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ أَمْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِصَاحِبِ الْبَيْتِ يَنْبَغِي الْأَوَّلُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ إزَالَةُ شَعْرٍ) وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ تَحْرُمُ الْإِزَالَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَقَوْلُهُ نَحْوِ شَعْرٍ أَيْ وَلَوْ مِنْ عَانَةٍ وَإِبْطٍ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَأَمَّا كَرَاهَةُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ كَالْمُحْرِمِ فَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ وَجِلْدَةٍ لَا تَضُرُّ إلَخْ) اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَتْ إزَالَتُهُ وَاجِبَةً كَخِتَانِ الْبَالِغِ وَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ أَوْ مُسْتَحَبَّةً كَخِتَانِ الصَّبِيِّ اهـ س ل (قَوْلُهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) أَيْ وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ إزَالَةُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَمِثْلُ هَذَا فِي كَلَامِ عَمِيرَةَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ حَتَّى يُضَحِّيَ) وَلَوْ قَصَدَ التَّضْحِيَةَ بِعَدَدٍ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِأَوَّلِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ إلَخْ) وَقِيلَ لِلتَّشَبُّهِ بِالْمُحْرِمَيْنِ وَرُدَّ بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ تَرْكُ التَّطَيُّبِ وَنَحْوِهِ نَعَمْ قَضِيَّةُ الْأَوْلَى أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى عِتْقِ رَقَبَةٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ فِدَاءُ الْبَدَنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: ١٠٧] أَقُولُ يُعَارِضُ الْفَرْقَ حَدِيثُ عِتْقِ الْأَجْزَاءِ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجِ بِالْفَرْجِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَسُنَّ أَنْ يَذْبَحَ رَجُلٌ بِنَفْسِهِ) أَفْهَمَ كَلَامُهُ جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ وَالْأَوْلَى كَوْنُ النَّائِبِ فَقِيهًا مُسْلِمًا وَيُكْرَهُ اسْتِنَابَةُ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ لَا حَائِضٍ اهـ شَرْحُ م ر سم (قَوْلُهُ بِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَسَفِيهًا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ فَالْإِتْيَانُ بِهَا مُبَاشَرَةً أَوْلَى.
وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَبَحَ الْكَبْشَيْنِ بِيَدِهِ» وَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ فَقِيَامُهُ بِهَا أَوْلَى انْتَهَتْ اهـ سم (قَوْلُهُ إنْ أَحْسَنَ الذَّبْحَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كُرِهَ لَهُ الذَّبْحُ كَأَنْ كَانَ أَعْمَى إلَّا أَنْ يُقَالَ أَحْسَنَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ اهـ ع ش عَلَى م ر قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحْضِرَ عَظِيمَ نِعَمِ اللَّهِ وَمَا سَخَّرَ لَهُ مِنْ الْأَنْعَامِ وَيُجَدِّدَ الشُّكْرَ عَلَى ذَلِكَ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى بِنَفْسِهِ» ) فَقَدْ ضَحَّى بِمِائَةِ بَدَنَةٍ نَحَرَ بِيَدِهِ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً وَأَمَرَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَنَحَرَ تَمَامَ الْمِائَةِ وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى مُدَّةِ حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ.
(قَوْلُهُ وَشَرْطُهَا نَعَمٌ) وَقَدْ أَرْخَصَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِثَلَاثَةٍ بِالتَّضْحِيَةِ بِالْعَنَاقِ وَقَدْ نَظَمَ أَسْمَاءَهُمْ الْبِرْمَاوِيُّ فَقَالَ:
لَقَدْ خَصَّ خَيْرُ الْخَلْقِ حَقًّا جَمَاعَةً ... بِذَبْحِ عَنَاقٍ فِي الضَّحِيَّةِ تُقْبَلُ
أَبُو بُرْدَةٍ مِنْهُمْ وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ ... كَذَا عُقْبَةٌ نَجْلٌ لِعَامِرِ تَكْمُلُ
اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ خُصْيَانًا) قَالَ الْمَحَلِّيِّ هُنَا وَالْخَصِيُّ مَا قُطِعَ خَصِيَّاهُ أَيْ جِلْدَتَا الْبَيْضَتَيْنِ وَيُجْبَرُ مَا قُطِعَ مِنْهُ زِيَادَةُ لَحْمِهِ طِيبًا وَكَثْرَةً اهـ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ أَيْ زِيَادَةِ اللَّحْمِ طِيبًا وَكَثْرَةً يَنْجَبِرُ مَا فَاتَ مِنْ الْبَيْضَتَيْنِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فَقْدُ كُلٍّ مِنْ الْجَلْدَتَيْنِ وَالْبَيْضَتَيْنِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَإِجْذَاعُهُ) أَيْ سُقُوطُ سِنِّهِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ وَبُلُوغُهُ السَّنَةَ بِمَنْزِلَةِ بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَالْمُرَادُ إجْذَاعُهُ فِي سِنِّهِ الْمُعْتَادِ اهـ ح ل وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَعِبَارَةُ الْإِيضَاحِ وَالْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ مَا لَهُ سَنَةٌ قَالَ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ وَإِنْ أَجْذَعَ أَيْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ لَكِنْ نَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي الْأُضْحِيَّةِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْإِجْذَاعُ قَبْلَ هَذَا السِّنِّ أَجْزَأَ كَاحْتِلَامِ الْغُلَامِ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَغَيْرِهِ انْتَهَتْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ هِيَ الثَّنِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهَا فِي الْإِبِلِ مَا لَهُ خَمْسٌ وَطَعَنَ فِي السَّادِسَةِ وَفِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مَا لَهُ سَنَتَانِ وَشَرَعَ فِي الثَّالِثَةِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ فَمَا فَوْقَهَا أَيْ فَوْقَ الثَّنِيَّةِ أَيْ أَنَّ الْمُسِنَّةَ أَوَّلُ أَسْنَانِهَا سِنُّ الثَّنِيَّةِ وَلَا آخَرَ لِسِنِّهَا.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الثَّنِيُّ الْجَمَلُ يَدْخُلُ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالنَّاقَةُ ثَنِيَّةٌ وَالثَّنِيُّ أَيْضًا الَّذِي يُلْقِي ثَنِيَّتَهُ يَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْفِ وَالْحَافِرِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَمِنْ ذَوَاتِ الْخُفِّ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَهُوَ بَعْدَ الْجَذَعِ وَالْجَمْعُ ثِنَاءٌ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ وَثُنْيَانٍ