للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ بِبَعْضِهَا (وَالْأَفْضَلُ) التَّصَدُّقُ (بِكُلِّهَا إلَّا لُقَمًا يَأْكُلُهَا) تَبَرُّكًا فَإِنَّهَا مَسْنُونَةٌ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ» .

(وَسُنَّ إنْ جَمَعَ) بَيْنَ الْأَكْلِ وَالتَّصَدُّقِ وَالْإِهْدَاءِ (أَنْ لَا يَأْكُلَ فَوْقَ ثُلُثٍ) وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ وَيَأْكُلُ ثُلُثًا (و) أَنْ (لَا يَتَصَدَّقَ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ الثُّلُثِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي وَأَنْ يُهْدِيَ الْبَاقِي.

(وَيَتَصَدَّقَ بِجِلْدِهَا أَوْ يَنْتَفِعَ بِهِ) أَيْ فِي اسْتِعْمَالِهِ وَإِعَارَتِهِ دُونَ بَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ.

(وَوَلَدُ الْوَاجِبَةِ) الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً بِلَا نَذْرٍ أَوْ بِهِ أَوْ عَنْ نَذْرٍ فِي الذِّمَّةِ (كَهِيَ) فِي وُجُوبِ الذَّبْحِ وَالتَّفْرِقَةِ سَوَاءٌ أَمَاتَتْ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ التَّعْيِينِ أَمْ حَمَلَتْ بَعْدَهُ وَلَيْسَ فِيهِ تَضْحِيَةٌ بِحَامِلٍ فَإِنَّ الْحَمْلَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ

ــ

[حاشية الجمل]

اسْتِقْلَالُ الْمُسْتَحِقِّ بِالْأَخْذِ وَلَعَلَّ هَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ اسْتَقَلَّ الْمُسْتَحِقُّونَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ بَعْدَ أَنْ نَوَاهُ كَالْمَالِكِ عِنْدَ تَمَيُّزِهَا فَلْيُحَرَّرْ قِيلَ وَوَجْهُ الِاكْتِفَاءِ بِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ أَنَّ الْوَاجِبَ يَسِيرٌ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْأَخْذُ لَمْ تَقَعْ مِنْهُ مَوْقِعًا اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ بِبَعْضِهَا) أَيْ لِأَنَّ الْبَعْضَ يَشْمَلُ الْجِلْدَ وَالْقَرْنَ وَالْكَبِدَ وَالْكَرِشَ وَنَحْوَ ذَلِكَ بِخِلَافِ اللَّحْمِ فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ فَكُلُّ مَا يُسَمَّى لَحْمًا ثَمَّ يُجْزِئُ هُنَا وَمَا لَا فَلَا ثُمَّ رَأَيْته فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ قَالَ وَهَلْ كُلُّ مَا لَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا لَا يَكْفِي إعْطَاؤُهُ هُنَا أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ قَرِيبٌ وَالثَّانِي مُحْتَمَلٌ لِاخْتِلَافِ مَأْخَذِ الْبَابَيْنِ اهـ وَفِي الْإِيعَابِ هَلْ الْمُرَادُ هُنَا مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ أَوْ يُفَرَّقَ مَحَلُّ نَظَرٍ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا لُقَمًا يَأْكُلُهَا) وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْكَبِدِ لِلْخَبَرِ الَّذِي مَرَّ ذِكْرُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَالرَّشِيدِيُّ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَحِكْمَةُ ذَلِكَ التَّفَاؤُلُ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَإِنَّهُمْ أَوَّلُ مَا يُفْطِرُونَ فِيهَا بِزَائِدَةِ كَبِدِ الْحُوتِ الَّذِي عَلَيْهِ قَرَارُ الْأَرْضِ إشَارَةً إلَى الْبَقَاءِ الْأَبَدِيِّ وَالْيَأْسِ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الدُّنْيَا وَكَدَرِهَا اهـ إيعَابٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا مَسْنُونَةٌ) أَيْ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ الْأَكْلَ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم

(قَوْلُهُ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ يُمْتَنَعُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَكْلَ كَانَ مِمَّا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ وَهُوَ وَاحِدَةٌ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ أَنْ لَا يَأْكُلَ فَوْقَ ثُلُثٍ) كَذَلِكَ يُسَنُّ لِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالتَّصَدُّقِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَالِاقْتِصَارُ عَلَى أَكْلِ الثُّلُثِ وَإِخْرَاجِ الْبَاقِي هُوَ أَدْنَى الْكَمَالِ.

(فَرْعٌ) إذَا أَكَلَ الْبَعْضَ وَتَصَدَّقَ بِغَيْرِهِ هَلْ يُثَابُ عَلَى الْأَكْلِ أَيْضًا وَجْهَانِ كَمَنْ نَوَى صَوْمَ التَّطَوُّعِ نَهَارًا وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ أَنْ يُقَالَ لَهُ ثَوَابُ التَّضْحِيَةِ بِالْكُلِّ وَالتَّصَدُّقِ بِالْبَعْضِ اهـ.

(فَرْعٌ) قَالَ حَجّ وَلَوْ مَاتَ الْمُضَحِّي وَعِنْدَهُ مِنْ لَحْمِهَا شَيْءٌ كَانَ لِلْوُرَّاثِ أَكْلُهُ وَإِهْدَاؤُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ وَلَكِنْ يَكُونُ لِوَارِثِهِ وِلَايَةُ الْقِسْمَةِ وَالتَّفْرِقَةُ كَمَا كَانَ اهـ اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا) وَكَذَا بِحِبَالِهَا وَقَلَائِدِهَا وَهَلْ كَالتَّصَدُّقِ بِهِ إهْدَاؤُهُ وَهِبَتُهُ اهـ شَرْحُ م ر وسم وَهَلْ يَكْفِي فِي حُصُولِ السُّنَّةِ أَنْ يَجْعَلَ الْجِلْدَ مِنْ الثُّلُثِ الَّذِي يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِأَنْ يُقَوِّمَهُ وَيَنْسُبَ قِيمَتَهُ إلَى قِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ بِكَمَالِهَا وَيَضُمَّ لَهُ مِنْ اللَّحْمِ مَا يَبْلُغُ بِهِ قِيمَةَ ثُلُثِ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ لَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ إلَّا بِالتَّصَدُّقِ بِثُلُثِ اللَّحْمِ وَأَمَّا الْجِلْدُ فَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْوَالِ الَّتِي طُلِبَتْ فِي الْأُضْحِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ وَسُنَّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ الْأَوَّلُ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ الثُّلُثَ الَّذِي يَتَصَدَّقُ بِهِ مِنْهَا بِخُصُوصِ اللَّحْمِ لَا يُقَالُ التَّعْبِيرُ بِالْأَكْلِ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِاللَّحْمِ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ لَمْ يَعْتَبِرْ الْأَكْلَ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ دُونَ بَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَارِثِهِ بَيْعُهُ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا وَإِجَارَتُهُ وَإِعْطَاؤُهُ أُجْرَةً لِلْجَزَّارِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ فِي وُجُوبِ الذَّبْحِ إلَخْ) وَالتَّفْرِقَةِ أَيْ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَلَا يَجُوزُ إعْطَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ لِلْأَغْنِيَاءِ اهـ شَوْبَرِيٌّ مِنْ فَضْلِ الْعَقِيقَةِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ حَامِلًا إلَخْ) يُقَالُ ظَاهِرُ هَذَا التَّعْمِيمِ مَعَ قَوْلِهِ الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً بِلَا نَذْرٍ أَوْ بِهِ عَنْ نَذْرٍ فِي الذِّمَّةِ أَنَّ لَهُ تَعْيِينَ الْحَامِلِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْيِينُ الْمَعِيبِ عَنْهُ اهـ عَنَانِيٌّ.

وَعِبَارَةُ سم قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَا يُقَالُ قَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ لِأَنَّا نَقُولُ لَمْ يَقُولُوا هُنَا أَنَّ الْحَامِلَ وَقَعَتْ أُضْحِيَّةً غَايَتُهُ أَنَّهَا إذَا عُيِّنَتْ بِنَذْرٍ أَوْ جُعْلٍ تَعَيَّنَتْ وَلَا تَقَعُ أُضْحِيَّةً كَمَا لَوْ عُيِّنَتْ بِهِ مَعِيبَةً بِعَيْبٍ آخَرَ اهـ (أَقُولُ) فَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَلَيْسَ فِيهِ تَضْحِيَةٌ بِحَامِلٍ، بَقِيَ أَنَّهُ إذَا نَذَرَهَا حَامِلًا ثُمَّ حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ وَإِذَا نَذَرَهَا حَامِلًا ثُمَّ وَضَعَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْقَى بِهَا نَقْصٌ فِي الصُّورَتَيْنِ هَلْ تَقَعُ فِيهِمَا أُضْحِيَّةٌ وَلَا يُتَّجَهُ فِي الْأُولَى إلَّا الْوُقُوعُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم أَيْ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَيَلْزَمُ ذَبْحُهَا وَلَا تَقَعُ أُضْحِيَّةً (قَوْلُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ التَّعْيِينِ) أَيْ التَّعْيِينِ ابْتِدَاءً بِنَذْرٍ أَوْ بِجُعْلٍ وَلَا يَصِحُّ أَنَّ الْمُرَادَ التَّعْيِينُ عَنْ نَذْرٍ فِي الذِّمَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْيِينُ الْحَامِلِ عَنْ الْمَنْذُورَةِ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْحَامِلَ مَعِيبَةٌ وَالْمَنْذُورَةُ فِي الذِّمَّةِ لَا يُعَيِّنُ عَنْهَا إلَّا سَلِيمَةً

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَوَلَدُ الْوَاجِبَةِ كَهِيَ تَضْحِيَةٌ بِحَامِلٍ أَيْ لَيْسَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>