للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ} [الحج: ٣٦] أَيْ السَّائِلَ وَالْمُعْتَرَّ أَيْ الْمُتَعَرِّضَ لِلسُّؤَالِ (لَا تَمْلِيكُهُمْ) لِمَفْهُومِ الْآيَةِ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ يَجُوزُ تَمْلِيكُهُمْ مِنْهَا لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ.

(وَيَجِبُ تَصَدُّقٌ بِلَحْمٍ مِنْهَا) وَهُوَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْهُ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] أَيْ الشَّدِيدَ الْفَقْرِ وَيَكْفِي تَمْلِيكُهُ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَيَكُونُ نَيْئًا لَا مَطْبُوخًا لِشَبَهِهِ حِينَئِذٍ بِالْخَبَرِ فِي الْفِطْرَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا قَدِيدًا عَلَى الظَّاهِرِ وَقَوْلِي بِلَحْمٍ مِنْهَا

ــ

[حاشية الجمل]

وَالْمَسْأَلَةُ فِي النَّاشِرِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُضَحِّي لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ إطْعَامُ كَافِرٍ مِنْهَا مُطْلَقًا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ إعْطَاءِ الْفَقِيرِ وَالْمُهْدَى إلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا لِلْكَافِرِ إذْ الْقَصْدُ مِنْهَا إرْفَاقُ الْمُسْلِمِينَ بِأَكْلِهَا لِأَنَّهَا ضِيَافَةُ اللَّهِ لَهُمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ تَمْكِينُ غَيْرِهِمْ مِنْهُ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ إطْعَامُ كَافِرٍ دَخَلَ فِي الْإِطْعَامِ مَا لَوْ ضَيَّفَ الْفَقِيرُ أَوْ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْغَنِيُّ كَافِرًا فَلَا يَجُوزُ نَعَمْ لَوْ اُضْطُرَّ الْكَافِرُ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتَهُ إلَّا لَحْمَ الْأُضْحِيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ لَهُ مِنْهُ مَا يَدْفَعُ ضَرُورَتَهُ وَيَضْمَنُهُ الْكَافِرُ بِبَذْلِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ لَهُ غَنِيًّا كَمَا لَوْ أَكَلَ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْبَدَلِ وَلَا تَكُونُ الضَّرُورَةُ مُبِيحَةً لَهُ إيَّاهُ مَجَّانًا وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا مَنْدُوبَةً أَوْ وَاجِبَةً اهـ ع ش عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ أَطْلَقَ فِي الْقَانِعِ وَالْمُعْتَرِّ فَشَمِلَ كُلَّ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ اهـ ع ش يُقَالُ قَنَعَ يَقْنَعُ بِفَتْحِ عَيْنِهِمَا إذَا سَأَلَ وَكَعَلِمَ يَعْلَمُ إذَا رَضِيَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الشَّاعِرُ:

الْعَبْدُ حُرٌّ إنْ قَنِعْ ... وَالْحُرُّ عَبْدٌ إنْ قَنَعْ

فَاقْنَعْ وَلَا تَطْمَعْ فَمَا ... شَيْءٌ أَضَرُّ مِنْ الطَّمَعْ

اهـ شَوْبَرِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وَعِبَارَةُ ح ل فَمَا شَيْءٌ يَشِينُ سِوَى الطَّمَعِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لَا تَمْلِيكُهُمْ) أَيْ لَيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ بَلْ بِالْأَكْلِ وَالتَّصَدُّقِ وَالضِّيَافَةِ لِغَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ فَالْمُرَادُ مِنْ جَوَازِ الْإِهْدَاءِ إلَيْهِمْ مِنْهَا تَمْلِيكُهُمْ إيَّاهُ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْأَكْلِ لَا بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ اهـ ز ي فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّمْلِيكِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْأَغْنِيَاءِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُمَلِّكُوا الْمَأْخُوذَ لِغَيْرِهِمْ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَمَّا الْفُقَرَاءُ فَيَجُوزُ لَهُمْ فِي الْمَأْخُوذِ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ وَأَمَّا الْمَالِكُ فَيَجُوزُ لَهُ تَمْلِيكُ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ هَذَا وَيُتَأَمَّلُ كَلَامُ الْمَتْنِ حِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ لَا تَمْلِيكُهُمْ مُضَافًا لِلْمَفْعُولِ فَلَا يَظْهَرُ كَمَا عَلِمْت وَإِنْ كَانَ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ فَلَا غُبَارَ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِلتَّقْيِيدِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الثَّانِي لَا يَحْسُنُ مُقَابِلًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ إلَخْ إذْ التَّمْلِيكُ فِيهِ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ) أَيْ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْإِطْعَامِ يُفْهِمُ نَفْيَ التَّمْلِيكِ قَالَ سم لَك أَنْ تَقُولَ حَيْثُ كَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْإِطْعَامِ يُفْهِمُ نَفْيَ التَّمْلِيكِ فَكَيْفَ اسْتَدَلُّوا عَلَى التَّصَدُّقِ بِقَوْلِهِ وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ مَعَ أَنَّ التَّصَدُّقَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الِاسْتِدْلَال عَلَى ذَلِكَ بِمَعُونَةِ الْقِيَاسِ عَلَى الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا أَوْ يُقَالُ الِاسْتِدْلَال عَلَى مُطْلَقِ التَّصَدُّقِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ مُمَلَّكًا وَالتَّمْلِيكُ بِالْقِيَاسِ عَلَى نَحْوِ الْكَفَّارَاتِ اهـ

(قَوْلُهُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ) أَيْ لِمُسْلِمٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ إذْ الْكَافِرُ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لَا مُبَاشَرَةً وَلَا بِوَاسِطَةٍ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَصَدُّقٌ) أَيْ إعْطَاءٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ مُمَلِّكٍ كَمَا كَادُوا أَنْ يُطْبِقُوا عَلَيْهِ حَيْثُ أَطْلَقُوا هُنَا التَّصَدُّقَ وَعَبَّرُوا فِي الْكَفَّارَاتِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّمْلِيكِ وَأَمَّا مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمَا قَاسَا عَلَيْهَا هَذَا وَأَقَرَّاهُمَا فَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ مَقَالَةٌ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّضْحِيَةِ مُجَرَّدُ الثَّوَابِ فَكَفَى فِيهِ مُجَرَّدُ الْإِعْطَاءِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ وَمِنْ الْكَفَّارَةِ تَدَارُكُ الْجِنَايَةِ بِالْإِطْعَامِ فَأَشْبَهَ الْبَدَلَ وَالْبَدَلِيَّةَ تَسْتَدْعِي تَمْلِيكَ الْبَدَلِ اهـ شَرْحُ م ر وَلَا يُغْنِي عَنْ التَّصَدُّقِ الْإِهْدَاءُ إلَى الْأَغْنِيَاءِ، وَنَقْلُهَا عَنْ بَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ كَنَقْلِ الزَّكَاةِ اهـ مِنْ الرَّوْضِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَمْتَنِعُ نَقْلُهَا عَنْ بَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ كَالزَّكَاةِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ نَقْلُهَا أَيْ نَقْلُ الْأُضْحِيَّةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ الْمَنْدُوبَةُ وَالْوَاجِبَةُ وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَنْدُوبَةِ حُرْمَةُ نَقْلِ مَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ مِنْهَا وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَالزَّكَاةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّقْلُ مِنْ دَاخِلِ السُّوَرِ إلَى خَارِجِهِ وَعَكْسُهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْهُ) قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَيَجِبُ كَوْنُهُ غَيْرَ تَافِهٍ أَيْ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ قُلْت وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِالْمُتَمَوَّلِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالشَّحْمِ إذْ لَا يُسَمَّى لَحْمًا اهـ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) عَبَّرَ بِظَاهِرِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ كَوْنَ الْأَمْرِ لِلنَّدْبِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ الْوُجُوبُ اهـ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي تَمْلِيكُهُ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ) أَيْ وَلَوْ مُكَاتَبًا لَا عَبْدًا مَا لَمْ يَكُنْ رَسُولًا لِغَيْرِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَهَلْ يَكْفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>