للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ لِامْتِنَاعِ الْحِنْثِ فِيهِ بِذَاتِهِ بِخِلَافِ وَاَللَّهِ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ فَإِنَّهُ يَمِينٌ تَلْزَمُ بِهِ الْكَفَّارَةُ حَالًا.

وَتَنْعَقِدُ بِأَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ (بِمَا اخْتَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ) وَلَوْ مُشْتَقًّا أَوْ مِنْ غَيْرِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى (كَوَاللَّهِ) بِتَثْلِيثِ آخِرِهِ أَوْ تَسْكِينِهِ إذْ اللَّحْنُ لَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ (وَرَبِّ الْعَالَمِينَ) أَيْ مَالِك الْمَخْلُوقَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ عَلَامَةٌ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ وَخَالِقِ الْخَلْقِ (وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ) أَيْ بِقُدْرَتِهِ يُصَرِّفُهَا كَيْفَ يَشَاءُ وَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ أَوْ أَسْجُدُ لَهُ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِهِ (غَيْرَ الْيَمِينِ)

ــ

[حاشية الجمل]

اهـ وَقَوْلُهُ عَالِمًا قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْعَالِمِ بِهَا بِالْمُتَعَدِّي أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَتَلَ مَنْ يَسْتَحِقُّ قَتْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَحَلَفَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ تَخْلِيصًا لِنَفْسِهِ فَلَيْسَتْ بِكَبِيرَةٍ بَلْ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَاضِيًا، وَقَدْ حَكَى الْعَبَّادِيُّ فِي الطَّبَقَاتِ أَنَّ أَبَا ثَوْرٍ وَالْكَرَابِيسِيَّ قَالَا إنَّ مِنْ أُعْسِرَ بِالْحَقِّ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ بَارًّا فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ، وَقَالَ الْمُزَنِيّ يَكُونُ كَاذِبًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَمَا نَظَرَهُ وَلَمَا صَحَّ إبْرَاؤُهُ بَلْ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْحَبْسُ يُجْهِدُهُ وَيَضُرُّهُ حَلَفَ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ اهـ كَلَامُ الْخَادِمِ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ) فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ لَوْ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ أَوْ عَقْلًا كَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى أَوْ شَرْعًا كَنَسْخِ صَوْمِ رَمَضَانَ لَمْ تَطْلُقْ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُنْعَقِدَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ حَتَّى يَحْنَثَ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ لَا يَنْعَقِدُ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِهَا ثَمَّ لَيْسَ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسْتَحِيلِ بَلْ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا تَنْعَقِدُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا وَهُوَ مَيِّتٌ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِمُسْتَحِيلٍ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبِرِّ بَهَتَك حُرْمَةِ الِاسْمِ فَيُحْوِجُ إلَى التَّكْفِيرِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ الْحِنْثِ فِيهِ بِذَاتِهِ) أَيْ فَلَمْ يَحْصُلْ إخْلَالٌ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَ (قَوْلُهُ بِذَاتِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ يَقْدِرُ عَلَى صُعُودِ السَّمَاءِ اهـ ح ل فَلَوْ صَعَدَ بِالْفِعْلِ هَلْ يَحْنَثُ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ وَاَللَّهِ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ) أَيْ أَوْ لَأَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ وَلَا تَرِدُ هَذِهِ عَلَى التَّعْرِيفِ لِفَهْمِهَا مِنْهُ بِالْأَوْلَى إذْ الْمُحْتَمِلُ لَهُ فِيهِ شَائِبَةُ عُذْرٍ بِاحْتِمَالِ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ عِنْدَ حَلِفِهِ هَاتِكٌ حُرْمَةَ الِاسْمِ لِعِلْمِهِ بِاسْتِحَالَةِ الْبِرِّ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ تَلْزَمُ بِهِ الْكَفَّارَةُ) أَيْ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ الِاسْمِ بِاسْتِحَالَةِ الْبِرِّ فِيهِ عَادَةً فَلَوْ صَعَدَ بِالْفِعْلِ هَلْ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ؟ اُنْظُرْهُ اهـ ح ل نَظَرْت فَوَجَدْت أَنَّهَا تَسْقُطُ كَمَا فِي ع ش وَ (قَوْلُهُ حَالًا) قَالَ فِي الْعُبَابِ فَإِنْ قَالَ لَأَصْعَدَنَّهَا غَدًا حَنِثَ غَدًا اهـ سم وَانْظُرْ حُكْمَ مَا لَوْ قَالَ لَأَصْعَدَنَّهَا أَمْسِ.

(قَوْلُهُ بِمَا اخْتَصَّ اللَّهُ بِهِ) فَلَا تَنْعَقِدُ بِمَخْلُوقٍ كَوَحَقِّ النَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ وَتُكْرَهُ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ مَعْصِيَةً نَعَمْ لَوْ اعْتَقَدَ تَعْظِيمَهُ كَمَا يُعَظِّمُ اللَّهَ كَفَرَ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ فِي الْحَلِفِ مِنْ الْعَوَامّ بِالْجَنَابِ الرَّفِيعِ وَيُرِيدُونَ بِهِ الْبَارِيَ جَلَّ وَعَلَا مَعَ اسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ إذْ جَنَابُ الْإِنْسَانِ فِنَاءُ دَارِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ وَإِنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ أَبُو زُرْعَةَ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تُؤَثِّرُ مَعَ الِاسْتِحَالَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَيَنْبَغِي لِلْحَالِفِ أَنْ لَا يَتَسَاهَلَ فِي الْحَلِفِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلْكَفَّارَةِ سِيَّمَا إذَا حَلَفَ عَلَى نِيَّةِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يَجُرُّ إلَى الْكُفْرِ لِعَدَمِ تَعْظِيمِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالِاسْتِخْفَافِ بِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْضًا بِمَا اخْتَصَّ اللَّهُ بِهِ) وَقَوْلُهُ وَبِمَا هُوَ فِيهِ أَغْلَبُ وَقَوْلُهُ أَوْ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ أَيْ بِاسْمٍ اخْتَصَّ اللَّهُ بِهِ إلَخْ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ وَحْدَهَا أَوْ عَلَيْهَا مَعَ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِهَا ذَاتِيَّةٍ أَوْ فِعْلِيَّةٍ وَقَوْلُهُ الْآتِي وَبِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الْمُرَادُ بِهَا مَا دَلَّ عَلَى الصِّفَةِ الْقَائِمَةِ بِالذَّاتِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى الذَّاتِ فَحَصَلَ التَّغَايُرُ بَيْنَ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَبِصِفَتِهِ اهـ شَيْخُنَا.

(فَرْعٌ)

لَوْ شَرَّكَ فِي حَلِفِهِ بَيْنَ مَا يَصِحُّ الْحَلِفُ بِهِ وَغَيْرِهِ كَوَاللَّهِ وَالْكَعْبَةِ فَالْوَجْهُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ قَصَدَ الْحَلِفَ بِكُلٍّ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَصَدَ الْحَلِفَ بِالْمَجْمُوعِ فَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَالْوَجْهُ الِانْعِقَادُ؛ لِأَنَّ جُزْءَ هَذَا الْمَجْمُوعِ يَصِحُّ الْحَلِفُ بِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ) وَهَذَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَ (قَوْلُهُ وَخَالِقِ الْخَلْقِ) مِثَالٌ لَلْمُشْتَقِّ وَأَظُنُّهُ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ وَ (قَوْلُهُ وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ) وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَ (قَوْلُهُ وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ) وَرَدَ فِي السُّنَّةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ دَالٌ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ) وَعَلَى هَذَا فَالْعَالَمِينَ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْعُقَلَاءِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْبِرْمَاوِيُّ كَكَثِيرِينَ وَذَهَبَ ابْنُ مَالِكٍ إلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْعُقَلَاءِ.

(فَائِدَةٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ مِنْ قَوْلِ الْعَوَامّ وَالِاسْمِ الْأَعْظَمِ هَلْ هُوَ يَمِينٌ أَوْ لَا؟ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ م ر انْعِقَادُ الْيَمِينِ بِمَا ذُكِرَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ غَيْرَ الْيَمِينِ) اعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ إرَادَةُ الْيَمِينِ وَإِرَادَةُ غَيْرِهِ وَالْإِطْلَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>