للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ (وَبِمَا هُوَ فِيهِ) تَعَالَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (أَغْلَبُ كَالرَّحِيمِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالرَّبِّ مَا لَمْ يُرِدْ) بِهَا (غَيْرَهُ) تَعَالَى بِأَنْ أَرَادَهُ تَعَالَى أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدًا كَرَحِيمِ الْقَلْبِ وَخَالِقِ الْإِفْكِ وَرَازِقِ الْجَيْشِ وَرَبِّ الْإِبِلِ (أَوْ) بِمَا هُوَ (فِيهِ) تَعَالَى (وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءً كَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ وَالْحَيِّ إنْ أَرَادَهُ) تَعَالَى بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ أَوْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا أُطْلِقَتْ عَلَيْهِمَا سَوَاءً أَشْبَهَتْ الْكِنَايَاتِ (وَبِصِفَتِهِ) الذَّاتِيَّةِ (كَعَظَمَتِهِ وَعِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَكَلَامِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَأَنَّهُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ لَمْ أُرِدْ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى؛ لِأَنَّ إرَادَةَ غَيْرِ الْيَمِينِ مَقُولَةُ غَيْرِ مُصِيبٍ بَلْ هُوَ سَاهٍ أَوْ غَافِلٌ أَوْ جَاهِلٌ بِأَسَالِيب الْكَلَامِ بَلْ كَلَامُهُ مُتَنَاقِضٌ إذْ مُفَادُ لَمْ أُرِدْ بِهِ اللَّهَ وَلَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ وَاحِدٌ وَهُوَ عَدَمُ الْإِرَادَةِ الْمُفِيدَةِ لِلْإِطْلَاقِ وَمُفَادُ أَرَدْت بِهِ غَيْرَ اللَّهِ أَوْ أَرَدْت بِهِ غَيْرَ الْيَمِينِ إثْبَاتٌ لِلْإِرَادَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ بِغَيْرِ الْيَمِينِ فَبَيْنَ الْمُفَادَيْنِ مُضَادَّةٌ فَالْمِنْهَاجُ لَوْ غَيَّرَ لَفْظَ الْيَمِينِ بِلَفْظِ اللَّهِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ فِيهِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ عَلَى التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ إرَادَةَ غَيْرِ الْيَمِينِ مَقْبُولَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَبَانَ بِذَلِكَ فَسَادُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَفَسَادُ التَّصْوِيبِ عَلَيْهِ وَأَنَّ كَلَامَهُ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ هَذَا الشَّارِحُ الْمُحَقِّقُ الَّذِي عَجَزَتْ الْعُقُولُ وَالْأَفْهَامُ عَنْ إدْرَاكِهِ بِأَسَالِيبِ الْكَلَامِ فَلَا زَالَتْ سَحَائِبُ الرِّضْوَانِ مُنْهَلَّةً عَلَيْهِ وَلَا زَالَ قَبْرُهُ رَوْضَةً يَانِعَةً فَوْقَهُ وَحَوَالَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ وَبِمَا هُوَ فِيهِ تَعَالَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) أَغْلَبُ هَذَا التَّرْكِيبِ يُفِيدُ أَنَّ مَا سَيَأْتِي مِنْ الْأَمْثِلَةِ قَدْ يُسْتَعْمَل فِي غَيْرِ اللَّهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِإِضَافَةٍ وَقَوْلُهُ الْآتِي؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدًا إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ إلَّا بِقَيْدِ الْإِضَافَةِ فَحَصَلَ التَّنَافِي فِي كَلَامِهِ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدًا لَيْسَ هَذَا مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ أَغْلَبُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَمَا هُنَا لَيْسَ مُطْلَقًا فَلْيُنْظَرْ مَا الَّذِي احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَغْلَبُ؟

وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ أَوْ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ إلَخْ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَبِمَا هُوَ فِيهِ أَغْلَبُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ اسْتَفَدْنَا مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا جَوَازَ التَّسْمِيَةِ بِأَسْمَائِهِ تَعَالَى غَيْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسراء: ٣] ، وَقَالَ {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١١٧] ، وَقَالَ {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: ٢٢٢] اهـ عَمِيرَةُ وَلَك أَنْ تَقُولَ الَّذِي اُسْتُفِيدَ جَوَازُ التَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ مُقَيَّدًا لَا مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالرَّبُّ) أَيْ مُعَرَّفًا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي اللَّهِ فَهُوَ مِنْ الْمُخْتَصِّ لَا مِمَّا هُوَ أَغْلَبُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَصْلَ مَعْنَاهُ وَهُوَ غَيْرُ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ تَعَالَى فَصَحَّ قَصْدُ الْغَيْرِيَّةِ مَعَ أَلْ؛ لِأَنَّ أَلْ قَرِينَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا قُوَّةَ لَهَا عَلَى إلْغَاءِ ذَلِكَ الْقَصْدِ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر.

(فَائِدَةٌ)

الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْكَمَالِ قَالَ سِيبَوَيْهِ تَكُونُ لَامُ التَّعْرِيفِ لِلْكَمَالِ تَقُولُ زَيْدٌ الرَّجُلُ تُرِيدُ الْكَامِلَ فِي الرُّجُولِيَّةِ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا قُلْت " الرَّحْمَنُ " أَيْ الْكَامِلُ فِي مَعْنَى الرَّحْمَةِ وَالْعَلِيمُ أَيْ الْكَامِلُ فِي مَعْنَى الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ تَتِمَّةُ الْأَسْمَاءِ فَلَيْسَتْ لِلْعُمُومِ وَلَا لِلْعَهْدِ وَلَكِنْ لِلْكَمَالِ اهـ دَمِيرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا هُوَ فِيهِ إلَخْ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ وَعَبَّرَ فِي الْمِنْهَاجِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ أَشْبَهَتْ الْكِنَايَاتِ) أَيْ وَالْكِنَايَاتُ تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَبِصِفَتِهِ الذَّاتِيَّةِ) الْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا يَشْمَلُ الْإِضَافِيَّةَ كَالْأَزَلِيَّةِ وَقَبْلِيَّتِهِ لِلْعَالَمِ وَمَا يَشْمَلُ السَّلْبِيَّةَ كَالْقِدَمِ وَالْبَقَاءِ وَالْوَحْدَانِيَّةِ فَتَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهَذِهِ كُلِّهَا كَمَا يُفِيدُهُ صَنِيعُ الشَّوْبَرِيِّ وَقَدْ نَصَّ الرَّشِيدِيُّ عَلَى انْعِقَادِهَا بِالسَّلْبِيَّةِ وَخَرَجَ بِالذَّاتِيَّةِ الْفِعْلِيَّةُ كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَتَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِصِفَاتِ الذَّاتِ ثُمَّ قَالَ بِخِلَافِ صِفَاتِ الْفِعْلِ كَخَلْقِهِ وَرِزْقِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِفَتَيْ الذَّاتِ وَالْفِعْلِ أَنَّ الْأُولَى مَا اسْتَحَقَّهُ فِي الْأَزَلِ، وَالثَّانِيَةَ مَا اسْتَحَقَّهُ فِيمَا لَا يَزَالُ دُونَ الْأَزَلِ يُقَالُ عَلِمَ فِي الْأَزَلِ وَلَا يُقَالُ رُزِقَ فِي الْأَزَلِ إلَّا تَوَسُّعًا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ انْتَهَتْ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الذَّاتِ وَغَيْرِهَا هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ اهـ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ الذَّاتِيَّةُ الصِّفَاتُ الذَّاتِيَّةُ كَكَوْنِهِ تَعَالَى أَزَلِيًّا وَأَنَّهُ وَاجِبُ الْوُجُودِ وَهِيَ كَالزَّائِدَةِ عَلَى الذَّاتِ وَمِنْهَا السَّلْبِيَّةُ كَكَوْنِهِ تَعَالَى لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ وَلَا فِي جِهَةٍ وَلَمْ أَرَ فِيهَا شَيْئًا وَالظَّاهِرُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدِيمَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَذَا بِخَطِّ الشِّهَابِ م ر اهـ

(قَوْلُهُ كَعَظَمَتِهِ) مَا جَزَمَ بِهِ مِنْ أَنَّ عَظَمَةَ اللَّهِ صِفَةٌ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَبَنَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ مَنْعَ قَوْلِهِمْ سُبْحَانَ مَنْ تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِهِ قَالَ؛ لِأَنَّ التَّوَاضُعَ لِلصِّفَةِ عِبَادَةٌ لَهَا وَلَا يُعْبَدُ إلَّا الذَّاتُ وَمَنَعَ الْقَرَافِيُّ ذَلِكَ، وَقَالَ الصَّحِيحُ أَنَّ عَظَمَةَ اللَّهِ الْمَجْمُوعُ مِنْ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ فَالْمَعْبُودُ مَجْمُوعُهُمَا اهـ س ل قَالَ م ر فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ هَذَا فَصَحِيحٌ أَوْ مُجَرَّدُ الصِّفَةِ فَمُمْتَنِعٌ وَلَمْ يُبَيِّنُوا حُكْمَ الْإِطْلَاقِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْهُ، وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ فَالْعَظَمَةُ صِفَةٌ مُخْتَصَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>