للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَكَثَا لِبِنَاءٍ حَائِلٍ) بَيْنَهُمَا فَيَحْنَثُ لِوُجُودِ الْمُسَاكَنَةِ إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِاشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ (لَا إنْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا حَالًا) بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ.

(أَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجُ وَهُوَ خَارِجٌ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) مِمَّا لَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَتَطَهُّرٍ وَتَطَيُّبٍ وَتَزَوُّجٍ وَوَطْءٍ وَغَصْبٍ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهَا (فَاسْتَدَامَ) هَا فَلَا يَحْنَثُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي الْأُولَى ظَاهِرٌ إذْ لَا مُسَاكَنَةَ، وَأَمَّا فِيمَا عَدَاهَا فَلِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَتْ كَإِنْشَائِهَا إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت شَهْرًا وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَصُورَةُ حَلِفِ الْمُصَلِّي أَنْ يَحْلِفَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ يَكُونَ أَخْرَسَ وَيَحْلِفُ بِالْإِشَارَةِ.

(وَيَحْنَثُ

ــ

[حاشية الجمل]

فِي الدَّارِ الْكَبِيرَةِ إلَخْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَا سَاكِنَيْنِ فِيهَا قَبْلَ الْحَلِفِ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا بَيْنَ السُّكَّانِ فِي مَحَلَّةٍ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ فَيَحْلِفُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ مَا بَقِيَ يُسَاكِنُ صَاحِبَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَيُطْلِقُ وَيَكُونُ لِكُلٍّ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِهَا إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِاسْتِدَامَةِ السُّكْنَى وَإِنْ كَانَتْ الْقَرِينَةُ ظَاهِرَةً فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ السُّكْنَى عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْحَلِفِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ حَيْثُ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى نَفْيِ السُّكْنَى الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلُ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَلَوْ قَالَ لَا آوِي عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ فِي دَارِي فَمَكَثَ زَمَانًا حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْإِيوَاءَ هُوَ السُّكُونُ فِي الْمَكَانِ، وَأَمَّا الْبَيْتُوتَةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ السُّكُونِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَأَطْلَقَ وَكَانَا فِي مَوْضِعَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَعُدُّهُمَا الْعُرْفُ مُتَسَاكِنَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ اهـ شَرْحُ م ر وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي بَلَدِ كَذَا وَسَكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَارٍ مِنْهَا فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُمَا مُتَسَاكِنَيْنِ وَذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَيْ عَدَمِ النِّيَّةِ وَعَدَمِ الْقَرِينَةِ.

(فَرْعٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ لَا يَبِيتُ فِي بَلَدِ كَذَا فَخَرَجَ مِنْهَا قَاصِدًا الْمَبِيتَ فِي بَلَدٍ أُخْرَى فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهَا وَجَدَ فِيهَا شَرًّا فَخَافَ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِيهَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنْهَا ضَرَرٌ فَرَجَعَ إلَى الْبَلَدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَبَاتَ فِيهَا فَهَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ خَوْفًا شَدِيدًا وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْمَبِيتُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ سِيَّمَا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْحِنْثِ لِكَوْنِ حَلِفِهِ مَحْمُولًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْمَبِيتِ فِي غَيْرِهَا مَانِعٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ فَمَكَثَا لِبِنَاءِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا) وَإِرْخَاءُ السِّتْرِ بَيْنَهُمَا وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ مَانِعٌ مِنْ الْمُسَاكَنَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَا إنْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا حَالًا) أَيْ وَإِنْ عَادَ الْحَالِفُ وَسَكَنَ فِي الدَّارِ بَعْدَ بِنَاءِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ صَارَ لِكُلٍّ جَانِبٌ وَمَدْخَلٌ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ خَرَجَ إلَخْ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ وَلَكِنْ يَبْقَى فِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُسَاكَنَةِ وَالْمَعْطُوفُ لَيْسَ مِنْهَا تَأَمَّلْ وَ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِالنَّصْبِ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ أَوْ فَعَلَ نَحْوَ ذَلِكَ أَوْ حَلَفَ نَحْوَ ذَلِكَ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْحَلِفِ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهَا إلَخْ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ فِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ ظَاهِرَةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْضًا أَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا) قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ مِثْلُهُ لَا أَمْلِكُ هَذِهِ الْعَيْنَ وَهُوَ مَالِكُهَا فَلَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَهُوَ خَارِجٌ) أَيْ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَوْ كَانَ شَارِعًا فِي الْخُرُوجِ حَنِثَ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ خُرُوجًا حَقِيقَةً فَحَلِفُهُ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ لَا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَخْلُو ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ إشْكَالٍ إذْ يُقَالُ صُمْت شَهْرًا وَصَلَّيْت لَيْلَةً وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ انْعِقَادُ النِّيَّةِ وَالصَّوْمَ كَذَلِكَ كَمَا قَالُوا فِي التَّزَوُّجِ إنَّهُ قَبُولُ النِّكَاحِ وَقَدْ قَالُوا إنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَأَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ إحْرَامًا صَحِيحًا حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُصَلٍّ بِالتَّحَرُّمِ اهـ سُلْطَانٌ وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت شَهْرًا اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الرُّكُوبِ فِيمَا يَأْتِي حَيْثُ ادَّعَى أَنَّهُ يَصِحُّ فِيهِ أَنْ يُقَالَ رَكِبْت شَهْرًا مَعَ أَنَّهُ إذَا نَظَرَ لِلْمَصْدَرِ فَهُوَ لَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ فِيهِمَا أَوْ لِأَثَرِهِ أَيْ الْكَوْنِ دَاخِلًا أَوْ الْكَوْنِ رَاكِبًا فَهُوَ يَتَقَدَّرُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ هُنَا مَعَ بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ اهـ شَيْخُنَا قَالَ م ر وَالْقَاعِدَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا لَا يَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ اهـ

وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْحُكْمِ وَالْمَعْنَى وَلَمْ يَجْعَلُوا لَهَا ضَابِطًا يَجْمَعُ جُزْئِيَّاتِ أَفْرَادِهَا فَيُرْجَعُ فِيهَا إلَى الْمَنْقُولِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا اهـ (قَوْلُهُ وَتَزَوُّجٍ) خَرَجَ بِهِ التَّسَرِّي فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَمَّا لَوْ اسْتَدَامَ التَّسَرِّيَ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ التَّسَرِّيَ حَجْبُ الْأَمَةِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَالْإِنْزَالُ فِيهَا وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ الِاسْتِدَامَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَغَصْبٍ) وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ غَصَبَهُ شَهْرًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ غَصَبَهُ وَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا اهـ س ل (قَوْلُهُ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت شَهْرًا) أَيْ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الدُّخُولِ الِانْفِصَالُ مِنْ خَارِجٍ لِدَاخِلٍ وَالْخُرُوجُ عَكْسُهُ وَلَمْ يُوجَدَا فِي الِاسْتِدَامَةِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ) أَيْ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ قَبُولُ النِّكَاحِ، وَأَمَّا وَصْفُ الشَّخْصِ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَزَوِّجًا بِفُلَانَةَ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ اسْتِمْرَارُهَا عَلَى عِصْمَةِ نِكَاحِهِ اهـ ز ي.

<<  <  ج: ص:  >  >>