(أَوْ أَفْهَمَهُ بِقِرَاءَةِ آيَةٍ مُرَادَهُ وَنَوَاهَا) فَلَا يَحْنَثُ بِهِ اقْتِصَارًا بِالْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَقَالَ تَعَالَى {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦] {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} [مريم: ٢٩] فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فِي الْأَخِيرَةِ قِرَاءَةً حَنِثَ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ وَدَخَلَ فِي الْإِشَارَةِ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ فَلَا يَحْنَثُ بِهَا وَإِنَّمَا نَزَلَتْ إشَارَتُهُ مَنْزِلَةَ النُّطْقِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ لِلضَّرُورَةِ.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا مَالَ لَهُ حَنِثَ بِكُلِّ مَالٍ وَإِنْ قَلَّ حَتَّى بِمُدَبَّرِهِ) وَمُسْتَوْلَدَتِهِ (وَدَيْنِهِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا) لِصِدْقِ اسْمِهِ عَلَى ذَلِكَ (لَا بِمُكَاتَبٍ) لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ وَلَا بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ لِتَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ الدَّيْنَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَا زَكَاةَ فِي هَذَا الدَّيْنِ لِسُقُوطِهِ بِالتَّعْجِيزِ وَلَا بِمِلْكِ مَنْفَعَةٍ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَالِ الْأَعْيَانُ.
(أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ بَرَّ بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا وَلَوْ لَطْمًا) أَيْ ضَرْبًا لِلْوَجْهِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ (وَوَكْزًا) أَيْ دَفْعًا وَيُقَالُ ضَرْبًا بِالْيَدِ مُطْبَقَةً لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَرْبٌ بِخِلَافِ مَا لَا يُسَمَّى ضَرْبًا كَعَضٍّ وَخَنِقٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَقَرْصٍ وَوَضْعِ سَوْطٍ عَلَيْهِ وَنَتْفِ شَعْرٍ (وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إيلَامٌ) لِأَنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَهُ فَلَمْ يُؤْلِمْهُ وَيُخَالِفُ الْحَدَّ وَالتَّعْزِيرَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا الزَّجْرُ (إلَّا أَنْ يَصِفَهُ) أَيْ الضَّرْبَ (بِنَحْوِ شَدِيدٍ)
ــ
[حاشية الجمل]
نَوَى بِهِ السَّلَامَ عَلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقَ فَلَا يَحْنَثُ كَمَا ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ حِينَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ سَلَامَ الصَّلَاةِ لَيْسَ وَضْعُهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْغَيْرُ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِالذَّاتِ التَّحَلُّلُ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْغَيْرِ بِلَا نِيَّةٍ بِخِلَافِ السَّلَامِ خَارِجَ الصَّلَاةِ ثُمَّ حَيْثُ نَوَى بِالسَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ الْغَيْرَ مِمَّنْ عَنْ يَمِينِهِ مَثَلًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ حَيْثُ عَلِمَ بِحُضُورِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ كَمَا قَرَّرَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ فِيمَا ذُكِرَ أَيْضًا، وَهُوَ وَاضِحٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَى زَيْدٍ فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَوْ أَفْهَمَهُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْحِنْثِ قَصْدُ الْإِفْهَامِ، وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ الْمُخَاطَبُ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم، وَقَوْلُهُ وَنَوَاهَا ظَاهِرُهُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْإِعْلَامِ وَبِهِ صَرَّحَ ز ي نَقْلًا عَنْ حَجّ وم ر اهـ ع ش أَيْ وَلَوْ كَانَ جُنُبًا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ اقْتِصَارًا بِالْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ) بِأَنْ يُوَجِّهَ الْكَلَامَ إلَيْهِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ بِالْفِعْلِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ) أَيْ الشَّرْعِيَّةِ، وَهِيَ لَا تَتَنَاوَلُ مَا ذُكِرَ، وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهُ اللُّغَوِيَّةُ تَتَنَاوَلُ مَا ذُكِرَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فِي الْأَخِيرَةِ قِرَاءَةً حَنِثَ إلَخْ) أَيْ وَالْقُرْآنُ مَعَ وُجُودِ الصَّارِفِ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ التَّعْمِيمَ أَوْ أَطْلَقَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْنَثُ بِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَلَفَ بِالْإِشَارَةِ، وَفِيهِ أَنَّهُ مَتَى حَلَفَ بِالْإِشَارَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ بِالْإِشَارَةِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِلْكٌ فَيَحْنَثُ بِكُلِّ مَا ذُكِرَ ثُمَّ فَرْضُهُمْ الْكَلَامَ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ يُخْرِجُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ مَالٌ أَوْ لَيْسَ بِيَدِهِ وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدَيْنِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ حَالًّا، وَسَهُلَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْمَدِينِ وَلَا بِمَالِهِ الْغَائِبِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِيَدِهِ الْآنَ وَلَا عِنْدَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ حَنِثَ بِكُلِّ مَالٍ وَإِنْ قَلَّ) أَيْ إذَا كَانَ مُتَمَوَّلًا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِكُلِّ مَالٍ) وَلَوْ ثِيَابَ بَدَنِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ لَا بِمُكَاتَبٍ) وَلَوْ حَلَفَ لَا عَبْدَ لَهُ وَلَهُ مُكَاتَبٌ هَلْ يَحْنَثُ وَجْهَانِ، وَمَالَ م ر لِلْحِنْثِ اهـ سم (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَنَافِعَهُ وَلَا أَرْشَ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَا يُعَدُّ هُنَا مَالًا، وَإِنْ عَدُّوهُ فِي الْغَصْبِ، وَنَحْوِهِ مَالًا وَلَا يَحْنَثُ بِزَوْجَةٍ وَاخْتِصَاصٍ، وَفِي مَالٍ غَائِبٍ وَضَالٍّ وَمَغْصُوبٍ، وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا حِنْثُهُ بِذَلِكَ لِثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ الْمَسْرُوقُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُكَاتَبِ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنَ الْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرَهُ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِمَا لَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ، وَغَيْرِهِ اهـ شَيْخُنَا، وَمِثْلُهُ فِي ح ل (قَوْلُهُ وَلَا بِمِلْكِ مَنْفَعَةٍ) أَيْ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِقْلَالِهَا بِإِيجَارٍ أَوْ نَحْوِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهَا مَالٌ مُتَحَصِّلٌ بِالْفِعْلِ وَقْتَ الْحَلِفِ، وَمِثْلُ الْمَنْفَعَةِ الْوَظَائِفُ، وَالْجَامَكِيَّةُ فَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَهْلًا لَهَا لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهَا مَالًا اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَلَوْ لَطْمًا وَوَكْزًا) أَيْ وَرَفْسًا وَلَكْمًا وَصَفْعًا وَرَمْيًا بِنَحْوِ حَجَرٍ أَصَابَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ اهـ شَرْحُ م ر.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَكَزَهُ وَكْزًا مِنْ بَابِ وَعَدَ ضَرَبَهُ وَدَفَعَهُ، وَيُقَالُ ضَرَبَهُ بِجُمْعِ كَفِّهِ عَلَى ذَقَنِهِ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ، وَكَزَهُ لَكَمَهُ اهـ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ النُّونِ) فِي الْمِصْبَاحِ خَنَقَهُ يَخْنُقُهُ مِنْ بَابِ قَتَلَ خَنِقًا مِثْلَ كَتِفٍ، وَيُسَكَّنُ لِلتَّخْفِيفِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إيلَامٌ) وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الطَّلَاقِ مِنْ اشْتِرَاطِهِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ بِالْقُوَّةِ، وَمَا هُنَا مِنْ نَفْيِهِ مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ بِالْفِعْلِ اهـ شَرْحُ م ر، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ بِالْقُوَّةِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُوَّةِ أَنْ يَكُونَ شَدِيدًا فِي نَفْسِهِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الْإِيلَامِ مَانِعٌ إذْ الضَّرْبُ الْخَفِيفُ لَا يُقَالُ أَنَّهُ مُؤْلِمٌ لَا بِالْفِعْلِ وَلَا بِالْقُوَّةِ، وَفِي عِبَارَةِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إيلَامٌ وَلَمْ يَشْرِطْهُ الْأَكْثَرُونَ، وَاكْتَفَوْا بِالصِّفَةِ الَّتِي يُتَوَقَّعُ مِنْهَا الْإِيلَامُ انْتَهَتْ اهـ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَصِفَهُ) أَيْ أَوْ يَنْوِيَ ذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِنَحْوِ شَدِيدٍ) قَالَ الْإِمَامُ وَلَا حَدَّ يُوقَفُ عِنْدَهُ فِي هَذَا لَكِنْ يُرْجَعُ إلَى مَا يُسَمَّى شَدِيدًا عُرْفًا، وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَأَضْرِبَنَّهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ أَوْ حَتَّى يَبُولَ حُمِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ قَالَ وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَذْبَحَنَّ أُمَّهُ حُمِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَاعْتَمَدَ فِيمَا لَوْ حَلَفَ الْمَدِينُ لَيَجُرَّنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute