للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمُبَرِّحٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيلَامُ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.

(أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَضَرَبَهُ بِمِائَةٍ مَشْدُودَةٍ) مِنْ السِّيَاطِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْخَشَبِ فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) ضَرَبَهُ ضَرْبَةً (فِي الثَّانِيَةِ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ بَرَّ وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْكُلِّ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ إصَابَةُ الْكُلِّ وَخَالَفَ نَظِيرَهُ فِي حَدِّ الزِّنَا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ الْإِيلَامُ بِالْكُلِّ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وَهُنَا الِاسْمُ وَقَدْ وُجِدَ وَفِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا الْيَوْمَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَلَمْ يَفْعَلْهُ وَمَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ حَيْثُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الضَّرْبَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي الِانْكِبَاسِ وَالْمَشِيئَةُ لَا أَمَارَةَ عَلَيْهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَالشَّكُّ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَهُوَ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ فَلَوْ تَرَجَّحَ عَدَمُ إصَابَةِ الْكُلِّ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي الْمُهِّمَّاتِ عَدَمُ الْبِرِّ وَتَقْيِيدِي الْعِثْكَالَ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي فَخَرَجَ الْأُولَى فَلَا يَبَرُّ بِهِ فِيهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسِيَاطٍ وَلَا مِنْ جِنْسِهَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ يَبَرُّ بِهِ فِيهَا ضَعِيفٌ وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ (أَوْ) لَيَضْرِبَنَّهُ (مِائَةَ مَرَّةٍ) لَمْ يَبَرَّ بِهَذَا الْمَذْكُورِ مِنْ الْمِائَةِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ الْعِثْكَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ إلَّا مَرَّةً.

(أَوْ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ) حَقَّهُ مِنْهُ (فَفَارَقَهُ) مُخْتَارًا ذَاكِرًا لِلْيَمِينِ (وَلَوْ بِوُقُوفٍ) بِأَنْ كَانَا مَاشِيَيْنِ وَوَقَفَ أَحَدُهُمَا حَتَّى ذَهَبَ الْآخَرُ (أَوْ بِفَلَسٍ) بِأَنْ فَارَقَهُ بِسَبَبِ ظُهُورِ فَلَسِهِ إلَى أَنْ يُوسِرَ

ــ

[حاشية الجمل]

الدَّائِنَ عَلَى الشَّوْكِ أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَأَنَّهُ يَبَرُّ بِمَطْلِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى اهـ سم

(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ عَلَقَةً فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِحَالِ الْحَالِفِ أَوْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ الْعُرْفِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّالِثُ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيلَامُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَيُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ إيلَامُهُ عُرْفًا انْتَهَتْ، وَكَتَبَ عَلَيْهَا الرَّشِيدِيُّ قَوْلَهُ فَيُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ إيلَامُهُ عُرْفًا أَيْ شِدَّةُ إيلَامِهِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْقُوتِ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ النَّظَرُ لِلْعُرْفِ، وَإِلَّا فَالْإِيلَامُ إنَّمَا يَظْهَرُ النَّظَرُ فِيهِ لِلْوَاقِعِ لَا الْعُرْفِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ.

(قَوْلُهُ مِائَةَ سَوْطٍ) فِي الْمُخْتَارِ السَّوْطُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَسْوَاطٌ وَسِيَاطٌ اهـ.

وَفِي سم فِي بَابِ الْأَشْرِبَةِ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ السَّوْطُ الْمُتَّخَذُ مِنْ سُيُورٍ تُلْوَى وَتُلَفُّ اهـ، وَهَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَاهُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ اهـ، وَمِثْلُهُ فِي ع ش عَلَى م ر هُنَا (قَوْلُهُ أَوْ خَشَبَةٍ) مِنْ الْخَشَبِ الْأَقْلَامُ وَنَحْوُهَا مِنْ أَعْوَادِ الْحَطَبِ وَالْجَرِيدِ، وَإِطْلَاقُ الْخَشَبِ عَلَيْهَا أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الشَّمَارِيخِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْكُلِّ) أَيْ أَوْ ظَنَّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، وَقَوْلُهُ وَخَالَفَ نَظِيرَهُ أَيْ فِي حَالَةِ الشَّكِّ فِيمَا لَوْ كَانَ مَرِيضًا، وَقَوْلُهُ وَهُنَا الِاسْمُ أَيْ الضَّرْبُ بِالْكُلِّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فِي حَدِّ الزِّنَا) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ مَتْنًا، وَشَرْحًا، وَيَجِبُ تَأْخِيرُ الْجَلْدِ لِحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ وَمَرَضٍ إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ، وَإِلَّا جُلِدَ بِعِثْكَالٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا أَيْ عُرْجُونٍ عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ مَرَّةً فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ فَمَرَّتَيْنِ مَعَ مَسِّ الْأَغْصَانِ لَهُ أَوْ انْكِبَاسٍ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ بَعْضُ الْأَلَمِ فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ، وَفَارَقَ الْأَيْمَانَ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَلَمٌ بِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ، وَالضَّرْبُ غَيْرُ الْمُؤْلِمِ يُسَمَّى ضَرْبًا، وَالْحُدُودُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الزَّجْرِ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْإِيلَامِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الضَّرْبَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي الِانْكِبَاسِ) أَيْ فَإِذَا وُجِدَ الِانْكِبَاسُ فَقَدْ وُجِدَ الضَّرْبُ بِالْكُلِّ، وَفِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الضَّرْبُ ظَاهِرًا نَافَى الْفَرْضَ، وَهُوَ الشَّكُّ فِي حُصُولِهِ حِينَئِذٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ظَاهِرٌ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ، وَالشَّكُّ بِاعْتِبَارِ وُجُودِهِ بِالْفِعْلِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ عَدَمُ الْبِرِّ) الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا حُصُولُ الْحِنْثِ حِينَئِذٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الْكَفَّارَةِ، وَإِحَالَةً عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ فِيهِ، وَهُوَ الِانْكِبَاسُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْبَغِي عَدَمُ الْبِرِّ إلَّا حَيْثُ تَحَقَّقَ عَدَمُ إصَابَةِ الْكُلِّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ جِنْسِهَا) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا تُتَّخَذُ مِنْ سُيُورٍ تُلْوَى وَتُلَفُّ وَاحْتُرِزَ بِهَذَا عَنْ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْعِثْكَالَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَشَبًا لَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْخَشَبِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ لَا يُفَارِقُهُ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ لَا أُخَلِّيك تَفْعَلُ كَذَا حُمِلَ عَلَى نَفْيِ تَمْكِينِهِ مِنْهُ بِأَنْ يَعْلَمَ بِهِ، وَيَقْدِرَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ) قُيِّدَ بِقَوْلِهِ مِنْهُ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ فَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْهُ كَفَى الِاسْتِيفَاءُ مِنْ وَكِيلِهِ، وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ قَالَ شَيْخُنَا وَبِالْحَوَالَةِ إنْ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ لَا تُفَارِقُنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ أَوْ حَتَّى تُوفِيَنِي حَقِّي فَهُوَ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَإِنْ فَارَقَهُ الْغَرِيمُ، وَهُوَ لَا يُبَالِي بِحَلِفِهِ أَوْ يُبَالِي، وَهُوَ عَامِدٌ عَالِمٌ مُخْتَارٌ وَلَوْ بِفِرَارٍ مِنْهُ حَنِثَ فَإِنْ فَرَّ الْحَالِفُ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ أَمْكَنَ اتِّبَاعُهُ كَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ لَا نَفْتَرِقُ أَوْ لَا افْتَرَقْنَا حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي فَفِيهِمَا الْحَلِفُ عَلَى فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَدْ عُلِمَ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَا مَاشِيَيْنِ) أَيْ أَمَّا لَوْ كَانَا جَالِسَيْنِ أَوْ وَاقِفَيْنِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إنْ فَارَقَ هُوَ لَا بِمُفَارَقَةِ غَرِيمِهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَوَقَفَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْحَالِفُ أَوْ غَرِيمُهُ حَتَّى ذَهَبَ الْآخَرُ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُفَارِقًا لَهُ عُرْفًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ بِسَبَبِ ظُهُورِ فَلَسِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ أَوْ أَبْرَأَهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ اهـ ح ل، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَلَسِ هُنَا الْإِعْسَارُ (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يُوسِرَ) ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا، وَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهِ فِي الْغَدِ لِإِضْرَارِهِ لَهُ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ شَرْعًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ عَدَمُ حِنْثِهِ هُنَا لِوُجُوبِ مُفَارَقَتِهِ حَيْثُ عُلِمَ إعْسَارُهُ فَلْيُحْرَزْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَفِي كَلَامِ حَجّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ عَدَمَ الْأَكْلِ اسْتِدَامَةٌ، وَالْمُفَارَقَةُ إنْشَاءٌ، وَالِاسْتِدَامَةُ أَخَفُّ مِنْ الْإِنْشَاءِ فَاغْتُفِرَ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا.

(فَرْعٌ) سُئِلْت عَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يُرَافِقُهُ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِصْرَ فَرَافَقَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَحْنَثُ فَأَجَبْت الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْنَثُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ هَذِهِ الصِّيغَةِ مَا اقْتَضَاهُ وَصْفُهَا اللُّغَوِيُّ إذْ الْفِعْلُ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ كَالنَّكِرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>