للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ مُبَاحٍ كَقِيَامٍ وَقُعُودٍ سَوَاءٌ أَنَذَرَ فِعْلَهُ أَمْ تَرَكَهُ (لَمْ يَصِحَّ) نَذْرُهُ أَمَّا الْوَاجِبُ الْمَذْكُورُ فَلِأَنَّهُ لَزِمَ عَيْنًا بِإِلْزَامِ الشَّرْعِ قَبْلَ النَّذْرِ فَلَا مَعْنَى لِالْتِزَامِهِ وَأَمَّا الْمَعْصِيَةُ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ» وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي وَالْمُبَاحُ فَلِأَنَّهُمَا لَا يُتَقَرَّبُ بِهِمَا وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ» (وَلَمْ يَلْزَمْهُ) بِمُخَالَفَتِهِ (كَفَّارَةٌ) حَتَّى فِي الْمُبَاحِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ نَذْرِهِ وَأَمَّا خَبَرُ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» فَضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ وَعَدَمُ لُزُومِهَا فِي الْمُبَاحِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَالَفَ الْأَصْلَ فَرَجَّحَ لُزُومَهَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ نَذْرٌ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَقْتَضِيهِ فِي مَوْضِعٍ.

ــ

[حاشية الجمل]

أَوْ فِي هَذَا الثَّوْبِ، وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ نَجَسًا، وَمِنْ الثَّانِي لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ لَا إنْ قَالَ أَصُومَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ إفْرَادُهُ لَا نَفْسُ الصَّوْمِ تَأَمَّلْ اهـ ح ل.

(تَنْبِيهٌ) قَدْ اخْتَلَفَ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي نَذَرَ مَنْ اقْتَرِضْ شَيْئًا لِمُقْرِضِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا مَا دَامَ دَيْنُهُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي ذِمَّتِهِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْخَاصِّ غَيْرُ قُرْبَةٍ بَلْ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى رِبَا النَّسِيئَةِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةِ رِبْحِ الْمُقْرِضِ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةِ الْمُطَالَبَةِ إنْ احْتَاجَ لِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِارْتِفَاقٍ وَنَحْوِهِ، وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُقْتَرِضِ رَدُّ زِيَادَةٍ عَمَّا اقْتَرِضْهُ فَإِنْ الْتَزَمَهَا ابْتِدَاءً بِالنَّذْرِ لَزِمَتْهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُكَافَأَةُ إحْسَانٍ لَا وُصْلَةٌ لِلرِّبَا إذْ هُوَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي عَقْدٍ كَبَيْعٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ النَّذْرَ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ كَانَ رِبًا، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ وَغَيْرِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فِي نَذْرِهِ مَا دَامَ مَبْلَغُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ دَفَعَ الْمُقْتَرِضُ شَيْئًا مِنْهُ بَطَلَ حُكْمُ النَّذْرِ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ اهـ شَرْحُ م ر، وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ حَيْثُ نَذَرَ لِمَنْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ لِأَحَدِ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ فَلَا يَنْعَقِدُ لِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ كَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةِ رِبْحِ الْمُقْرِضِ لَكِنْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ شَيْئًا لِذِمِّيٍّ أَوْ مُبْتَدِعٍ جَازَ صَرْفُهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ سُنِّيٍّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اقْتَرَضَ مِنْ ذِمِّيٍّ وَنَذَرَ لَهُ بِشَيْءٍ مَا دَامَ دَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ لَكِنْ يَجُوزُ دَفْعُهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَتَفَطَّنْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَرَضَ الذِّمِّيُّ مِنْ مُسْلِمٍ، وَنَذَرَ لَهُ بِشَيْءٍ مَا دَامَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شَرْطَ النَّاذِرِ الْإِسْلَامُ، وَقَوْلُهُ بَطَلَ حُكْمُ النَّذْرِ إلَخْ وَلَوْ دَفَعَ لِلْمُقْرِضِ مَالًا مُدَّةً وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ حَالَ الْإِعْطَاءِ أَنَّهُ عَنْ الْقَرْضِ وَلَا عَنْ النَّذْرِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى دَفْعَهُ عَنْ الْقَرْضِ قُبِلَ مِنْهُ

فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ يَسْتَغْرِقُ الْقَرْضَ سَقَطَ حُكْمُ النَّذْرِ مِنْ حِينَئِذٍ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمُقْتَضَى النَّذْرِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَكَرَ حَالَ الدَّفْعِ أَنَّهُ لِلْقَرْضِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدُ أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهُ، وَكَاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ عَنْ نَذْرِ الْقَرْضِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ كِتَابَةِ الْوُصُولَاتِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَنَّ الْمَأْخُوذَ عَنْ نَذْرِ الْمُقْرِضِ حَيْثُ اعْتَرَفَ حَالَ كِتَابَتِهَا أَوْ بَعْدَهَا بِمَا فِيهَا اهـ ع ش عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمُقْتَضَى النَّذْرِ هَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ، وَحَقُّهَا أَنْ يَقُولَ، وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ إلَخْ تَأَمَّلْ وَلَوْ نَذَرَ ذُو دَيْنٍ حَالَ عَدَمِ مُطَالَبَةِ غَرِيمِهِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ إنْظَارَهُ وَاجِبٌ أَوْ مُوسِرًا قَصَدَ إرْفَاقِهِ لِارْتِفَاعِ سِعْرِ سِلْعَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَزِمَهُ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ فِيهِ ذَاتِيَّةٌ حِينَئِذٍ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بَاقٍ عَلَى حُلُولِهِ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِهِ مَانِعٌ، وَكَثِيرًا مَا تَنْذِرُ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ لَا تُطَالِبُ زَوْجَهَا بِحَالِّ صَدَاقِهَا وَهُوَ حِينَئِذٍ نَذْرُ تَبَرُّرٍ إنْ رَغِبَتْ حَالَ نَذْرِهَا فِي بَقَائِهَا فِي عِصْمَتِهِ وَلَهَا أَنْ تُوَكِّلَ فِي مُطَالَبَتِهِ، وَأَنْ تُحِيلَ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّذْرَ يَشْمَلُ فِعْلَهَا فَقَطْ فَإِنْ زَادَتْ فِيهِ وَلَوْ بِوَكِيلِهَا وَلَا تُحِيلُ عَلَيْهِ لَزِمَ، وَامْتَنَعَ جَمِيعُ ذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ أَسْقَطَ الْمَدْيُونُ حَقَّهُ مِنْ النَّذْرِ لَمْ يَسْقُطْ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ مُدَّةً فَمَاتَ قَبْلَهَا كَانَ لِوَارِثِهِ الْمُطَالَبَةُ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ، وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَنْ تَبِعَهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَوْ مُبَاحٍ كَقِيَامٍ وَقُعُودٍ) كَعَلَيَّ قِيَامٌ أَوْ قُعُودٌ كَإِنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ إنْ لَمْ أُكَلِّمْهُ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت فَعَلَيَّ دُخُولُ الدَّارِ أَوْ الْقِيَامُ أَوْ الْقُعُودُ اهـ ح ل

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَنَذَرَ فِعْلَهُ أَوْ تَرَكَهُ) أَيْ وَإِنْ رَجَحَ أَحَدُهُمَا بِنِيَّةِ عِبَادَةٍ بِهِ كَالْأَكْلِ لِلتَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ فِي عِصْيَانِ الْعَبْدِ رَبَّهُ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ حَتَّى فِي الْمُبَاحِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُضِفْهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا كَانَ يَمِينًا فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ اهـ ح ل أَيْ وَحَيْثُ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْيَمِينَ، وَإِلَّا كَانَ يَمِينًا فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سم (قَوْلُهُ هُوَ مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) مُعْتَمَدٌ، وَلِهَذَا غَيَابِهِ، وَقَالَ حَتَّى فِي الْمُبَاحِ اهـ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ وَخَالَفَ الْأَصْلَ إلَخْ) جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ مَحْمُولٌ عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ لِأَنَّهُ يَمِينٌ، وَمَا هُنَا عَلَى نَذْرِ التَّبَرُّرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ صِيغَةُ يَمِينٍ وَلَا حَقِيقَتُهُ اهـ س ل، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ح ل جَمْعٌ آخَرُ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ حَتَّى فِي الْمُبَاحِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُضِفْهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا كَانَ يَمِينًا فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ اهـ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْلِ عَلَى مَا إذَا أَضَافَهُ لِلَّهِ كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ آكُلَ كَذَا وَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يُضِفْهُ لِلَّهِ تَعَالَى كَأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ آكُلَ فَتَلَخَّصَ أَنَّ نَذْرَ الْمُبَاحِ يَنْعَقِدُ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ، وَفِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ إذَا أَضَافَهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ إذَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>