للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَالنَّذْرُ ضَرْبَانِ) أَحَدُهُمَا (نَذْرُ لَجَاجٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ وَيُسَمَّى نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَيَمِينَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَنَذْرَ الْغَلَقِ وَيَمِينَ الْغَلَقِ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ (بِأَنْ يَمْنَعَ) نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ شَيْءٍ (أَوْ يَحُثَّ) عَلَيْهِ (أَوْ يُحَقِّقَ خَبَرًا غَضَبًا بِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ) وَهَذَا الضَّابِطُ مِنْ زِيَادَتِي (كَإِنْ كَلَّمْته) أَوْ إنْ لَمْ أُكَلِّمْهُ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْته (فَعَلَيَّ كَذَا) مِنْ نَحْوِ عِتْقٍ وَصَوْمٍ (وَفِيهِ) عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ (مَا الْتَزَمَهُ) عَمَلًا بِالْتِزَامِهِ (أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» وَهِيَ لَا تَكْفِي فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ بِالِاتِّفَاقِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ (وَلَوْ قَالَ) إنْ كَلَّمْته (فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ) كَفَّارَةُ (نَذْرٍ لَزِمَتْهُ) أَيْ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْيَمِينِ فِي الْأُولَى وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ قَالَ فَعَلَيَّ يَمِينٌ فَلَغْوٌ أَوْ فَعَلَيَّ نَذْرٌ صَحَّ وَيَتَخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ قُرْبَةٍ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَنَصُّ الْبُوَيْطِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ كَأَنْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ قَالَ ابْتِدَاءً لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ لَزِمَهُ قُرْبَةٌ مِنْ الْقُرَبِ وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَبَعْضُهُمْ قَرَّرَ كَلَامَ الْأَصْلِ عَلَى خِلَافِ مَا قَرَّرْته فَاحْذَرْهُ.

(وَ) ثَانِيهِمَا (نَذَرَ تَبَرُّرٍ بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً بِلَا تَعْلِيقٍ كَعَلَيَّ كَذَا) وَكَقَوْلِ مَنْ شُفِيَ مِنْ مَرَضِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا لِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ شِفَائِي مِنْ مَرَضِي (أَوْ بِتَعْلِيقٍ بِحُدُوثِ نِعْمَةٍ

ــ

[حاشية الجمل]

يُضِفْهُ لِلَّهِ تَعَالَى فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَالنَّذْرُ ضَرْبَانِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَذْرَيْ اللَّجَاجِ وَالتَّبَرُّرِ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ تَعْلِيقٌ بِمَرْغُوبٍ عَنْهُ، وَالثَّانِيَ بِمَرْغُوبٍ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ ضُبِطَ بِأَنْ يُعَلَّقَ بِمَا يُقْصَدُ حُصُولُهُ فَنَحْوَ إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَعَلَيَّ صَوْمٌ يَحْتَمِلُ النَّذْرَيْنِ، وَيَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا بِالْقَصْدِ، وَكَذَا قَوْلُ امْرَأَةٍ لِآخَرَ إنْ تَزَوَّجْتنِي فَعَلَيَّ أَنْ أُبْرِئَك مِنْ مَهْرِي وَسَائِرِ حُقُوقِي فَهُوَ تَبَرُّرٌ إنْ أَرَادَتْ الشُّكْرَ لِلَّهِ عَلَى تَزَوُّجِهِ بِهَا اهـ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ فَهُوَ تَبَرُّرٌ إلَخْ أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهَا إبْرَاؤُهُ مِمَّا يَجِبُ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ، وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ لَهَا بِذِمَّتِهِ مِنْ الْحُقُوقِ بَعْدُ، وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ النَّاذِرِ مَا يَنْذِرُهُ.

(فَرْعٌ) اسْتِطْرَادِي وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ نَذَرَ شَخْصٌ أَنَّهُ إنْ رَزَقَهُ اللَّهُ وَلَدًا سَمَّاهُ بِكَذَا هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ، وَهَلْ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بَعْدَ حُصُولِ الْوَلَدِ بِقَوْلِهِ سَمَّيْت وَلَدِي بِكَذَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِهِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ بِهَا كَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ، وَعَبْدِ اللَّهِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ، وَأَنَّهُ حَيْثُ سَمَّاهُ بِمَا عَيَّنَهُ بَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ ذَلِكَ الِاسْمُ بَلْ، وَإِنْ هُجِرَ بَعْدُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَنَذْرَ الْغَلَقِ) فِي الْمُخْتَارِ، وَالْغَلَقُ بِفَتْحَتَيْنِ الْغِلَاقُ، وَهُوَ مَا يُغْلَقُ بِهِ الْبَابُ اهـ فَكَأَنَّ الْآتِيَ بِنَذْرِ اللَّجَاجِ أَغْلَقَ الْبَابَ، وَسَدَّهُ عَلَى خَصْمِهِ (قَوْلُهُ أَوْ يَحُثُّ عَلَيْهِ) أَيْ يَحُثُّ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ يُحَقِّقُ خَبَرًا أَيْ قَالَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَالْأَقْسَامُ سِتَّةٌ، وَإِنْ مَثَّلَ لِثَلَاثَةٍ فَقَطْ، وَفِي الْمُخْتَارِ حَثُّهُ عَلَى الشَّيْءِ وَبَابُهُ رَدَّ اهـ قَوْلُهُ غَضَبًا رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ قَيَّدَا، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ اهـ ز ي وح ل وَبِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ بِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ) خَرَجَ غَيْرُهَا قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَوْ إنْ فَعَلْته فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَك فَكَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَوَاَللَّهِ لَا أُطَلِّقُك يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ التَّطْلِيقِ وَبَعْدَ الْفِعْلِ، وَفِي مَعْنَى مَوْتِ أَحَدِهِمَا تَحْرِيمُهُ عَلَى الْآخَرِ بِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ آكُلَ الْخُبْزَ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِمَوْتِهِ قَبْلَ أَكْلِ الْخُبْزِ وَبَعْدَ الْفِعْلِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إنَّمَا تُشْبِهُ الْيَمِينَ لَا النَّذْرَ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ غَيْرُ قُرْبَةٍ اهـ سم (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ عِتْقٍ) لَوْ الْتَزَمَ عِتْقَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ ثُمَّ إنْ اخْتَارَ الْوَفَاءَ بِمَا الْتَزَمَ أَجْزَأَهُ عِتْقُ ذَلِكَ الْعَبْدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ اخْتَارَ الْكَفَّارَةَ اُعْتُبِرَ فِي إجْزَاءِ ذَلِكَ الْعَبْدِ صِفَةُ الْمُجْزِئِ فِيهَا وَلَهُ الْعُدُولُ لِغَيْرِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْقُوتِ وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَهُوَ حُرٌّ ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنَّمَا الْمَسْأَلَةُ السَّالِفَةُ إذَا الْتَزَمَ الْعِتْقَ الْتِزَامًا كَيْ يَتَحَقَّقَ نَذْرُ اللَّجَاجِ اهـ سم، وَفِيمَا إذَا كَانَ الْمُلْتَزَمُ عِتْقَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَكُلِّ مُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر مِنْ آخِرِ هَذَا الْفَصْلِ

(قَوْلُهُ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) وَأَفْهَمَ إطْلَاقُهُمْ التَّخْيِيرَ أَنَّ لَهُ فِعْلَ مَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى اخْتَرْت وَنَحْوِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ وَاحِدًا لَهُ الرُّجُوعُ، وَاخْتِيَارُ الْآخَرِ سَوَاءٌ الْأَغْلَظُ، وَالْأَخَفُّ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِيمَنْ شَكَّ فِي خَارِجِهِ أَمَذْيٌ أَوْ مَنِيٌّ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِذَلِكَ اهـ إيعَابٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ فَعَلَيَّ يَمِينٌ فَلَغْوٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ نَذْرٍ وَلَا حَلِفٍ، وَالْيَمِينُ لَا تُلْتَزَمُ فِي الذِّمَّةِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ قُرْبَةٍ) أَيْ كَتَسْبِيحٍ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَبَعْضُهُمْ قَرَّرَ إلَخْ) يُعَرَّضُ بِالزَّرْكَشِيِّ.

وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ لَزِمَتْهُ انْتَهَتْ فَجَعَلَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلَهُ أَوْ نَذْرٌ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى كَفَّارَةٍ فَيُفِيدُ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْته فَعَلَيَّ نَذْرٌ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَيْنًا، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قُرْبَةٍ مَا، وَحَاصِلُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ لَهُ أَنَّهُ جَعَلَهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى يَمِينٍ حَيْثُ قُدِّرَ لَهُ الْمُضَافُ بِقَوْلِهِ أَوْ كَفَّارَةُ نَذْرٍ فَيَقْتَضِي أَنَّ الصِّيغَةَ الَّتِي قَالَهَا النَّاذِرُ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَفَّارَةُ نَذْرٍ، وَهُوَ إذَا قَالَ هَذِهِ الصِّيغَةُ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ عَيْنًا اهـ سم بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ.

(قَوْلُهُ نَذْرُ تَبَرُّرٍ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاذِرَ يَطْلُبُ الْبِرَّ، وَالتَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى اهـ ز ي (قَوْلُهُ بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً بِلَا تَعْلِيقٍ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ شَخْصًا قَالَ لِمُرِيدِ التَّزَوُّجِ بِابْنَتِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَهِّزَهَا بِقَدْرِ مَهْرِهَا مِرَارًا فَهُوَ نَذْرُ تَبَرُّرٍ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَأَقَلُّ الْمِرَارِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ زِيَادَةً عَلَى مَهْرِهَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِحُدُوثِ نِعْمَةٍ) أَيْ تَقْتَضِي سُجُودَ الشُّكْرِ بِأَنْ كَانَ لَهَا وَقْعٌ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْبِيرُهُمْ بِالْحُدُوثِ أَوْ ذَهَابِ نِقْمَةٍ تَقْتَضِي ذَلِكَ كَذَا نَقَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>