بِفَرَاغِهِ مِنْ التَّحَلُّلَيْنِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَرَدَّدُ فِي خِلَالِ أَعْمَالِ النُّسُكِ لِغَرَضِ تِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَهُ الرُّكُوبُ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَمَنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَثَلًا رَاكِبًا فَحَجَّ مَاشِيًا لَزِمَهُ دَمٌ أَوْ الْحَجَّ حَافِيًا لَزِمَهُ الْحَجُّ دُونَ الْحَفَاءِ.
(أَوْ) نَذَرَ (نُسُكًا) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (وَعُضِبَ أَنَابَ) كَمَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ (وَسُنَّ تَعْجِيلُهُ أَوَّلَ) زَمَنِ (تَمَكُّنِهِ) مُبَادَرَةً إلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ (فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهِ (فُعِلَ مِنْ مَالِهِ) فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ.
(أَوْ) نَذَرَ (أَنْ يَفْعَلَهُ) أَيْ النُّسُكَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ نَذَرَ الْحَجَّ (عَامًا مُعَيَّنًا) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ عَامَهُ (وَتَمَكَّنَ) مِنْ فِعْلِهِ (لَزِمَهُ) فِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نُسُكُ إسْلَامٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فِيهِ وَجَبَ قَضَاؤُهُ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ لَزِمَهُ فِي أَيِّ عَامٍ شَاءَ أَوْ عَيَّنَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ زَمَنٌ يَسَعُهُ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ أَوْ وَسِعَهُ وَحَدَثَ لَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ عُذْرٌ
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ بِفَرَاغِهِ مِنْ التَّحَلُّلَيْنِ) أَيْ وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْدَهُمَا رَمْيٌ، وَفَرَاغُهُ مِنْ عُمْرَتِهِ بِفَرَاغِ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ اهـ س ل.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ بِفَرَاغِهِ مِنْ التَّحَلُّلَيْنِ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ مَعَ السَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ وَمَنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَثَلًا رَاكِبًا إلَخْ) وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِرُكُوبِ السَّفِينَةِ فَيَبَرُّ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَاشٍ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ، وَرَكِبَ السَّفِينَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حِنْثَ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ عُرْفًا أَنَّهُ رَاكِبٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ لَزِمَهُ دَمٌ) أَيْ كَدَمِ التَّمَتُّعِ، وَهَلْ يَأْثَمُ هُنَا بِالْمَشْيِ حَيْثُ لَمْ يُعْذَرْ بِتَرْكِ الرُّكُوبِ نَظِيرَ مَا قَبْلَهُ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا أَتَى بِأَشَقَّ مِمَّا نَذَرَهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَأْثَمُ اهـ إيعَابٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ دُونَ الْحَفَاءِ) مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُسَنُّ الْمَشْيُ فِيهَا حَافِيًا أَمَّا هِيَ فَيَلْزَمُهُ فِيهَا مَعَ الْمَشْيِ أَمَّا غَيْرُهَا فَلَهُ فِيهِ الرُّكُوبُ، وَالْمَشْيُ هَذَا مَا تَحَرَّرَ اهـ س ل، وَفِي الْمُخْتَارِ حَفِيَ بِالْكَسْرِ حِفْوَةً وَحِفْيَةً وَحِفَايَةً بِكَسْرِ الْحَاءِ فِي الْكُلِّ، وَحَفَاءً بِالْمَدِّ فَهُوَ حَافٍ أَيْ صَارَ يَمْشِي بِلَا خُفٍّ وَلَا نَعْلٍ، وَحَفِيَ مِنْ بَابِ صَدِيَ فَهُوَ حَفٌّ أَيْ رَقَّتْ قَدَمُهُ أَوْ حَافِرُهُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَشْيِ، وَحَفِيَ بِهِ بِالْكَسْرِ حَفَاوَةً بِفَتْحِ الْحَاءِ فَهُوَ حَفِيٌّ أَيْ بَالَغَ فِي إكْرَامِهِ وَإِلْطَافِهِ وَالْعِنَايَةِ بِأَمْرِهِ، وَالْحَفِيُّ أَيْضًا الْمُسْتَقْصِي فِي السُّؤَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ نَذَرَ نُسُكًا، وَعُضِبَ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ، وَمَنْ نَذَرَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَزِمَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ مَعْضُوبًا اسْتَنَابَ إلَخْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَعُضِبَ) أَيْ بَعْدَ نَذْرِهِ فَلَوْ نَذَرَ الْمَعْضُوبُ الْحَجَّ بِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ أَوْ أَنْ يَحُجَّ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَطْلَقَ انْعَقَدَ اهـ شَرْحُ م ر، وَفِي الْمِصْبَاحِ عَضَبَهُ عَضْبًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَطَعَهُ، وَيُقَالُ لِلسَّيْفِ الْقَاطِعِ عَضْبٌ تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ، وَرَجُلٌ مَعْضُوبٌ: زَمِنٌ لَا حَرَكَةَ بِهِ كَأَنَّ الزَّمَانَةَ عَضَبَتْهُ وَمَنَعَتْهُ الْحَرَكَةَ اهـ (قَوْلُهُ أَنَابَ) أَيْ وَلَوْ بِمَالٍ كَمَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَيَأْتِي فِي اسْتِنَابَتِهِ وَنَائِبِهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِيهِمَا مِنْ التَّفْصِيلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَنِيبُ مَنْ عَلَى دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَلَا مَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ أَوْ نَحْوُهَا اهـ شَرْحُ م ر، وَإِذَا شُفِيَ الْمَعْضُوبُ بَعْدَ حَجِّ غَيْرِهِ عَنْهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ بَلْ لِلْأَجِيرِ، وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَجِيرِ بِمَا أَخَذَهُ كَمَا قَالُوهُ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تِلْكَ وَظِيفَةُ الْعُمُرِ فَرَاجِعْهُ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَسُنَّ تَعْجِيلُهُ) أَيْ الْحَجِّ الْمَنْذُورِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ الْمَعْضُوبِ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَمَحَلُّ سَنِّ التَّعْجِيلِ إذَا لَمْ يَخْشَ الْعَضْبَ، وَإِلَّا وَجَبَ اهـ س ل، وَيَخْرُجُ عَنْ نَذْرِ الْحَجِّ بِالْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ، وَيَجُوزُ لَهُ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَلَا دَمَ مِنْ حَيْثُ النَّذْرُ اهـ حَجّ.
(قَوْلُهُ وَتَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِهِ) بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ يُمْكِنُ مِنْهَا الْحَجُّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ اهـ ز ي (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نُسُكُ إسْلَامٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ الْحَجَّ عَامَهُ، وَعَلَيْهِ نُسُكُ إسْلَامٍ انْعَقَدَ نَذْرُهُ عَنْ نُسُكِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ، وَوَجَبَ قَضَاؤُهُ فَلْيُحَرَّرْ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ نَذَرَ مَنْ لَمْ يَحُجَّ أَنْ يَحُجَّ هَذِهِ السَّنَةَ فَحَجَّ خَرَجَ عَنْ فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَعْجِيلُ مَا كَانَ لَهُ تَأْخِيرُهُ فَيَقَعُ الْفِعْلُ عَنْ فَرْضِهِ وَتَعْجِيلُهُ عَنْ نَذْرِهِ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ الْوَرْدِيِّ، وَأَجْزَأَتْ فَرِيضَةُ الْإِسْلَامِ عَنْ نَذْرِ حَجٍّ وَاعْتِمَارِ الْعَامِ هَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ حَجَّةً فِي عَامِهِ عَنْ نَذْرِهِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ نَذْرُهُ، وَيَقَعُ مَا فَعَلَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَيَقْضِي أُخْرَى عَنْ نَذْرِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَقَوْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنْ يَحُجَّ هَذِهِ السَّنَةَ فَحَجَّ إلَخْ أَيْ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ نَوَى فِي نَذْرِهِ حَجًّا آخَرَ غَيْرَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الرَّوْضِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَيَنْعَقِدُ نَذْرُ الْحَجِّ مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ، وَيَأْتِي بِهِ بَعْدَ الْفَرْضِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَمَحَلُّ انْعِقَادِ نَذْرِهِ ذَلِكَ إنْ نَوَى غَيْرَ الْفَرْضِ فَإِنْ نَوَى الْفَرْضَ لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ أَوْ صَوْمَ رَمَضَانَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَكَذَلِكَ إذْ لَا يَنْعَقِدُ نُسُكٌ مُحْتَمَلٌ كَذَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ اهـ (قَوْلُهُ وَجَبَ قَضَاؤُهُ) وَهَذَا الْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ ضَيَّقَهُ بِالتَّعْيِينِ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِيهِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ، وَهَلْ يَكْفِي عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا أَوْ يُقَدِّمُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ يَأْتِي بِحَجَّةِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لِفَوَاتِ الْوَقْتِ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ عَيَّنَهُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى إنْسَانٍ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَا دَامَ الْمَنْذُورُ لَهُ حَيًّا، وَصَرَفَ عَلَيْهِ مُدَّةً ثُمَّ عَجَزَ عَنْ الصَّرْفِ لِمَا الْتَزَمَهُ بِالنَّذْرِ فَهَلْ يَسْقُطُ النَّذْرُ عَنْهُ مَا دَامَ عَاجِزًا إلَى أَنْ يُوسِرَ أَوْ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يُوسِرَ فَيُؤَدِّيَهُ