كَمَرَضٍ فَلَا قَضَاءَ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ نُسُكٌ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (فَإِنْ فَاتَهُ بِلَا عُذْرٍ أَوْ بِمَرَضٍ أَوْ خَطَأٍ) لِلطَّرِيقِ أَوْ الْوَقْتِ (أَوْ نِسْيَانٍ) لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِلنُّسُكِ (بَعْدَ إحْرَامِهِ قَضَى) وُجُوبًا كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَأَفْطَرَ فِيهَا لِمَرَضٍ فَإِنَّهُ يَقْضِي مَا أَفْطَرَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ ذَلِكَ قَبْلَ إحْرَامِهِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلِي بِلَا عُذْرٍ مَعَ ذِكْرِ حُكْمِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَعَ قَوْلِي بَعْدَ إحْرَامِهِ مِنْ زِيَادَتِي فَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِيمَا لَوْ فَاتَهُ بِمَنْعِ نَحْوِ عَدُوٍّ كَسُلْطَانٍ وَرَبِّ دَيْنٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ كَمَا فِي نُسُكِ الْإِسْلَامِ إذَا صُدَّ عَنْهُ فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَفَارَقَ الْمَرَضَ وَتَالِيَيْهِ بِاخْتِصَاصِهِ بِجَوَازِ التَّحَلُّلِ بِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بِخِلَافِ الْمَذْكُورَاتِ.
(أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً أَوْ صَوْمًا فِي وَقْتٍ) لَمْ يُنْهَ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ فِيهِ (فَفَاتَهُ) وَلَوْ بِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَمَنْعَ نَحْوِ عَدُوٍّ (قَضَى) وُجُوبًا لِتَعَيُّنِ الْفِعْلِ فِي الْوَقْتِ وَلِتَفْوِيتِهِ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ وَفَارَقَ النُّسُكَ فِي نَحْوِ الْعَدُوِّ بِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ وَقَدْ تَجِبُ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ مَعَ الْعَجْزِ فَكَذَا يَلْزَمَانِ بِالنَّذْرِ وَالنُّسُكُ لَا يَجِبُ إلَّا عِنْدَ الِاسْتِطَاعَةِ فَكَذَا النَّذْرُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الصَّلَاةِ خِلَافُ الْقِيَاسِ بَلْ الْقِيَاسُ أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ يَجِبُ الْقَضَاءُ لِأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ نَادِرٌ كَمَا فِي الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ.
(أَوْ) نَذَرَ (إهْدَاءَ شَيْءٍ) مِنْ نَعَمٍ أَوْ غَيْرِهَا وَعَيَّنَهُ فِي نَذْرِهِ أَوْ بَعْدَهُ (إلَى الْحَرَمِ) كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ الْبَعِيرَ إلَى الْحَرَمِ أَوْ إلَى مَكَّةَ
ــ
[حاشية الجمل]
وَهُوَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ النَّذْرُ مَا دَامَ مُعْسِرًا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الدَّفْعِ فَإِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَ أَدَاؤُهُ مِنْ حِينَئِذٍ، وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ فِي الْيَسَارِ وَعَدَمِهِ مَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ كَمَرَضٍ) أَيْ وَكَمَنْعِ عَدُوٍّ فَالْعُذْرُ هُنَا عَامٌّ بِخِلَافِهِ فِي الْمَتْنِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالثَّلَاثَةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ) مَفْهُومُهُ هُوَ مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ وَسِعَهُ، وَحَدَثَ لَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ عُذْرٌ، وَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ هُنَاكَ أَعَمَّ فَلِذَلِكَ قَالَ كَمَا مَرَّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُذْرَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ شَامِلٌ لِلثَّلَاثَةِ، وَلِمَنْعِ الْعَدُوِّ وَبَعْدَهُ خَاصٌّ بِهَا تَأَمَّلْ فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ فَإِنْ فَاتَهُ بِلَا عُذْرٍ إلَخْ مَفْرُوضٌ فِي الْفَوَاتِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا لَوْ فَاتَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ أَوْ وَسِعَهُ، وَحَدَثَ لَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ إلَخْ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ حُكْمًا وَتَفْرِيعًا اهـ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي مَا أَفْطَرَهُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي مَا أَفْطَرَهُ فِي ذَلِكَ لِمَرَضٍ بِخِلَافِ السَّفَرِ، وَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ بِمَنْعِ نَحْوِ عَدُوٍّ) أَيْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَكَذَا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى اهـ ح ل (قَوْلُهُ سِنِي الْإِمْكَانِ) هُوَ بِسُكُونِ الْيَاءِ الْخَفِيفَةِ مِنْ سِنِي، وَأَصْلُهُ سِنِينَ حُذِفَتْ نُونُهُ لِلْإِضَافَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بِاخْتِصَاصِهِ) أَيْ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَذْكُورَاتِ) أَيْ الْمَرَضِ وَتَالِيَيْهِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُنْهَ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ فِيهِ) خَرَجَتْ الْأَوْقَاتُ الْمَكْرُوهَةُ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَا يَنْعَقِدُ نَذَرَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ فِي الْأُولَى، وَفِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ صَحَّ فِعْلُ الْمَنْذُورِ فِيهِمَا اهـ، وَخَرَجَ بِالْوَقْتِ الْمَكَانُ الْمُكْرَهُ كَالْحَمَّامِ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْحُكْمَ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِيهِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ فَرَاجِعْهُ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لَائِحٌ فَإِنَّ ارْتِبَاطَ الزَّمَانِ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنْ ارْتِبَاطِ الْمَكَانِ بِهِ فَالْمُنَافَاةُ فِي الزَّمَانِ أَتَمُّ اهـ سم، وَقَوْلُهُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ أَيْ يَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ الَّتِي الْتَزَمَهَا إلَّا فِي خُصُوصِ الْحَمَّامِ بَلْ يَفْعَلُهَا فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا إنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ بِمَحَلٍّ لَا يَتَعَيَّنُ الْمَحَلُّ لَهَا إلَّا إذَا كَانَ أَحَدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ صَلَاةً بِهِ فَكَاعْتِكَافٍ اهـ (قَوْلُهُ وَمَنْعِ نَحْوِ عَدُوٍّ) اُسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُ ذَلِكَ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ أَمَّا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ النِّيَّةِ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى مُفَطِّرٍ لَمْ يُفْطِرْ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِإِمْكَانِهَا بِالْإِيمَاءِ وَغَيْرِهِ، وَصُوِّرَ فِي الصِّيَامِ بِالْأَسِيرِ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الصَّوْمِ فَيُفْطِرُ، وَفِي الصَّلَاةِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُنَافِيهَا مِنْ عَدَمِ الطَّهَارَةِ وَنَحْوِهِ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر كَأَسِيرٍ يَخَافُ إنْ لَمْ يَأْكُلْ قُتِلَ، وَكَأَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى التَّلَبُّسِ بِمُنَافِي الصَّلَاةِ جَمِيعَ وَقْتِهَا وَبِقَوْلِنَا كَأَسِيرٍ يَخَافُ إلَخْ يَنْدَفِعُ مَا اسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَنْعِ مِنْ الصَّوْمِ بِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ نِيَّتِهِ، وَالْأَكْلُ لِلْإِكْرَاهِ غَيْرُ مُفَطِّرٍ وَبِقَوْلِهِ وَكَأَنْ يَكْرَهُهُ عَلَى التَّلَبُّسِ إلَخْ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ يَجِبُ الْقَضَاءُ لِأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ نَادِرٌ كَمَا فِي الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ) أَيْ وُجُوبُ الْقَضَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ مِنْ مَنْعِ نَحْوِ الْعَدُوِّ، وَأَمَّا النُّسُكُ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ حِينَئِذٍ بِأَنَّ الْوَاجِبَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ فِعْلِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعِيدُ اهـ ع ن.
(قَوْلُهُ مِنْ نَعَمٍ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ مِمَّا يَصِحُّ التَّصَدُّقُ بِهِ كَدُهْنٍ نَجِسٍ فَشَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كِنَايَةٌ عَنْ الْمَنْذُورِ أَيْ مَا يَأْتِي بِهِ النَّاذِرُ فِي صِيغَتِهِ لَا مَا يَتَبَادَرُ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي بِلَفْظِ شَيْءٍ فِي صِيغَتِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَعَيَّنَهُ فِي نَذْرِهِ) كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ هَذَا الْبَعِيرَ أَوْ هَذِهِ الشَّاةَ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ إطْلَاقِهِ كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَعِيرًا أَوْ شَاةً ثُمَّ قَالَ وَهِيَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَفِي هَذِهِ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا لَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَإِذَا ذَبَحَ لَا يَذْبَحُ إلَّا الْمُجْزِئَ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَقُولُ شَيْخُنَا كحج يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُجْزِئَ فِي الْأُضْحِيَّةِ اهـ ح ل وَلَوْ تَلِفَ الْمُعَيَّنُ فِي يَدِهِ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَوْ بَعْدَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ لِأَنَّ التَّعْيِينَ بَعْدَ النَّذْرِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُطْلَقِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ لِمَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةً فَلَا يَصِحُّ تَعْيِينُ غَيْرِهِ اهـ، وَمِثْلُهُ حَجّ قَالَ س ل، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إذْ الْكَلَامُ هُنَا فِي إهْدَاءِ شَيْءٍ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا لَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةً، وَأَمَّا مَا قَالَهُ فَهُوَ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ كَمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ شَيْئًا فَيَلْزَمَهُ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ إلَى الْحَرَمِ) أَيْ كُلِّهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute