مِثْلَهُ أَيْ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ كَمَا شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَئِذٍ.
قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَافِيًا بِهِ اشْتِرَاكَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «وَقْتُ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ وَالزَّوَالُ مَيْلُ الشَّمْسِ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ» الْمُسَمَّى بُلُوغُهَا إلَيْهِ بِحَالَةِ الِاسْتِوَاءِ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ فِي الظَّاهِرِ لَنَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَذَلِكَ بِزِيَادَةِ ظِلِّ الشَّيْءِ عَلَى ظِلِّهِ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ أَوْ بِحُدُوثِهِ إنْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ ظِلٌّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَلِلظُّهْرِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُهُ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى آخِرِهِ وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَقَالَ الْقَاضِي لَهَا أَرْبَعَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَ رُبْعِهِ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى أَنْ يَصِيرَ مِثْلَ نِصْفِهِ وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَخْ وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ
ــ
[حاشية الجمل]
يَرُدُّ عَلَيْهِ وَقْتُ أَوَّلِ الْأُولَى وَآخِرِ الْأُخْرَى، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَيَكُونُ سَبِيلُ بَيَانِهِ الْفِعْلَ اهـ عَمِيرَةُ وَقَوْلُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ تُخْرِجُهُ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ أَيْ مَا بَيْنَ مُلَاصِقِ أَوَّلِ الْأُولَى مِمَّا قَبْلَهَا وَمُلَاصِقِ آخِرِ الثَّانِيَةِ مِمَّا بَعْدَهَا وَهَذَا مِنْ التَّقْدِيرِ الَّذِي تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَالتَّأْوِيلُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ مَعَ عَدَمِ الْوَفَاءِ بِالْمُرَادِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّ الْمَغْرِبَ وَقْتُهَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْحَدِيثِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ) هَلْ يَصِحُّ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ قَدْرِ الِاسْتِوَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
وَقَدْ يُقَالُ لَا يَصِحُّ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّ الِاسْتِوَاءِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ يَقْتَضِي دُخُولَ وَقْتِ الْعَصْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ مَعَ بَقَاءِ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ فَتَكُونُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ قَالَهُ إمَامُنَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: اشْتِرَاكَهُمَا فِي وَقْتٍ) أَيْ وَاحِدٍ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْقَائِلِ بِأَنَّهُمَا مُشْتَرِكَتَانِ فِي قَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَوَافَقَهُ الْمُزَنِيّ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَعَلَى الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْقَائِلِ بِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِمَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيّ فِي ثَانِي قَوْلَيْهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ) أَيْ بِمَنْطُوقِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ نُؤَوِّلْهُ وَنَقُولُ بِالِاشْتِرَاكِ بِخِلَافِ حَدِيثِ جِبْرِيلَ، فَإِنَّهُ إنَّمَا دَلَّ عَلَى الِاشْتِرَاكِ بِظَاهِرِهِ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِنَفْيِهِ أَيْضًا فَأَوَّلْنَاهُ لِذَلِكَ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي الْمُحْتَمَلِ مَعَ غَيْرِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ اهـ غَزِّيٌّ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالزَّوَالُ مَيْلُ الشَّمْسِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا تَسِيرُ إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ ثُمَّ تَرْجِعُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ كَعَادَتِهَا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهْرِ بِرُجُوعِهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ زَوَالِهَا وَوَقْتُ الْعَصْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ وَالْمَغْرِبِ بِغُرُوبِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ لَيْلَةَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا تَطُولُ بِقَدْرِ ثَلَاثِ لَيَالِي لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهَا لِانْبِهَامِهَا عَلَى النَّاسِ فَحِينَئِذٍ قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِنَا بَعْدُ بِيَسِيرٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَيْلَتَانِ فَيُقَدَّرَانِ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَوَاجِبُهُمَا الْخَمْسُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَوَاقِيتَ مُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ ارْتِفَاعًا فَقَدْ يَكُونُ زَوَالُ الشَّمْسِ فِي بَلَدِ طُلُوعِهَا بِبَلَدٍ آخَرَ وَعَصْرًا بِآخَرَ وَمَغْرِبًا بِآخَرَ وَعِشَاءً بِآخَرَ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَالزَّوَالُ مَيْلُ الشَّمْسِ إلَخْ) الشَّمْسُ تُجْمَعُ عَلَى شُمُوسٍ كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا كُلَّ نَاحِيَةٍ مِنْهَا شَمْسًا كَمَغْرِبٍ وَمَغَارِبَ وَهِيَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَمَرِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَهِيَ تَقْطَعُ فِي خُطْوَةِ الْفَرَسِ فِي شِدَّةِ عَدْوِهَا عَشَرَةَ آلَافِ فَرْسَخٍ اهـ عَبْدُ الْبَرِّ الْأُجْهُورِيُّ قَالَ شَيْخُنَا ح ف وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَبْلَغَ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ جِبْرِيلَ هَلْ زَالَتْ الشَّمْسُ قَالَ لَا نَعَمْ فَقَالَ مَا مَعْنَى لَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَطَعَتْ الشَّمْسُ مِنْ فَلَكِهَا بَيْنَ قَوْلِي لَا نَعَمْ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ» اهـ أَيْ بَيْنَ قَوْلِي لَا وَقَوْلِي نَعَمْ فَفِيهِ حَذْفُ الْعَاطِفِ وَالْمَعْطُوفِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: ٢٨٥] أَيْ بَيْنَ أَحَدٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ بَيْنَ لَا تَقَعُ إلَّا بَيْنَ مُتَعَدِّدٍ تَأَمَّلْ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْفُلْكَ الْأَعْظَمَ الْمُحَرِّكَ لِغَيْرِهِ يَتَحَرَّكُ بِقَدْرِ النُّطْقِ بِالْحَرْفِ الْمُحَرَّكِ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ أَوْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا وَلِذَلِكَ لَمَّا سَأَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جِبْرِيلَ هَلْ زَالَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ لَا نَعَمْ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ لَا تَحَرَّكَ الْفُلْكُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فَزَالَتْ فَقَالَ نَعَمْ اهـ (قَوْلُهُ: وَقْتَ فَضِيلَةِ أَوَّلِهِ) قَالَ حَجّ الْمُرَادُ بِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ مَا يَزِيدُ فِيهِ الثَّوَابُ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَبِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ مَا فِيهِ ثَوَابٌ دُونَ ذَلِكَ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَبِوَقْتِ الْجَوَازِ مَا لَا ثَوَابَ فِيهِ مِنْهَا وَبِوَقْتِ الْكَرَاهَةِ مَا فِيهِ مُلَامٌ مِنْهَا وَبِوَقْتِ الْحُرْمَةِ مَا فِيهِ إثْمٌ مِنْهَا اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَاضِي) الْمُرَادُ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَهُوَ شَيْخُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَهُوَ الَّذِي جَاءَهُ إنْسَانٌ وَقَالَ لَهُ أَنَا حَلَفْت بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا أَعْلَمُ مِنْك فَأَطْرَقَ رَأْسَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ اذْهَبْ لَا حِنْثَ عَلَيْك هَكَذَا يَفْعَلُ مَوْتُ الْعُلَمَاءِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مِثْلَ رُبْعِهِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ زَمَنٌ يَسَعُ الْوُضُوءَ وَالتَّيَمُّمَ وَالْغُسْلَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غُسْلٌ وَلَا وَاجِبُهُ التَّيَمُّمَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute