للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) أَنْ يَتَّخِذَ قَاضٍ (أَصَمَّ مُسْمِعَيْنِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا أَمَّا إسْمَاعُ الْخَصْمِ الْأَصَمِّ مَا يَقُولُهُ الْقَاضِي وَالْخَصْمُ فَقَالَ الْقَفَّالُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ لِمَا مَرَّ وَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الْمُتَرْجِمَيْنِ وَالْمُسْمِعَيْنِ أَنْ يَكُونَا (أَهْلَيْ شَهَادَةٍ) فَيُشْتَرَطُ إتْيَانُهُمَا بِلَفْظِهَا فَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَشْهَدُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَا وَيُشْتَرَطُ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ حَتَّى لَا يُقْبَلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ إنْ تَضَمَّنَ حَقًّا لَهُمَا وَيُجْزِئُ مِنْ الْمُتَرْجِمَيْنِ وَالْمُسْمِعَيْنِ فِي الْمَالِ أَوْ حَقِّهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَفِي غَيْرِهِ رَجُلَانِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ فِي الْمُتَرْجِمِ بِالْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَدِ وَفِي الْمُسْمِعِ بِالْعَدَدِ (وَلَا يَضُرُّهُمَا الْعَمَى) لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ وَالْإِسْمَاعَ تَفْسِيرٌ وَنَقْلُ اللَّفْظِ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فِي الْمُسْمِعَيْنِ.

(وَأَنْ يَتَّخِذَ الْقَاضِي مُزَكِّيَيْنِ) لِمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي شَرْطُهُمَا آخِرَ الْبَابِ وَمَحَلُّ سَنِّ مَا ذُكِرَ مِنْ اتِّخَاذِ كَاتِبٍ وَمَنْ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَطْلُبْ أُجْرَةً أَوْ رِزْقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

(وَ) أَنْ يَتَّخِذَ (دِرَّةً) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ (لِتَأْدِيبٍ وَسِجْنًا لِأَدَاءِ حَقٍّ وَلِعُقُوبَةٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِتَعْزِيرٍ كَمَا اتَّخَذَهُمَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَمَجْلِسًا رَفِيقًا) بِهِ وَبِغَيْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ وَاسِعًا لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِضِيقِهِ الْحَاضِرُونَ ظَاهِرًا لِيَعْرِفَهُ كُلُّ مَنْ يَرَاهُ لَائِقًا بِالْحَالِ كَأَنْ يَجْلِسَ فِي الشِّتَاءِ فِي كِنٍّ وَفِي الصَّيْفِ فِي فَضَاءٍ وَكَأَنْ يَجْلِسَ عَلَى مُرْتَفِعٍ وَفِرَاشٍ وَتُوضَعَ لَهُ وِسَادَةٌ.

(وَكُرِهَ مَسْجِدٌ) أَيْ اتِّخَاذُهُ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ صَوْنًا لَهُ عَنْ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ وَاللَّغَطِ الْوَاقِعَيْنِ بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ عَادَةً وَلَوْ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ أَوْ قَضَايَا وَقْتَ حُضُورِهِ فِيهِ لِصَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا بَأْسَ بِفَصْلِهَا.

ــ

[حاشية الجمل]

التَّرْجُمَانُ كَعُنْفُوَانٍ وَزَعآفَرَانٍ وَزِبْرِقَانٍ الْمُعَبِّرُ بِاللِّسَانِ.

وَعِبَارَةُ فَتْحِ الْبَارِي، وَالتَّرْجُمَانُ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَضَمِّ الْجِيمِ، وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَيَجُوزُ ضَمُّ التَّاءِ إتْبَاعًا، وَيَجُوزُ فَتْحِ الْجِيمِ مَعَ فَتْحِ أَوَّلِهِ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِالرَّابِعَةِ، وَهِيَ ضَمُّ أَوَّلِهِ مَعَ فَتْحِ الْجِيمِ ثُمَّ قَالَ وَالتَّرْجُمَانُ هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْ لُغَةٍ بِلُغَةٍ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، وَقِيلَ عَرَبِيٌّ اهـ مِنْ قِصَّةِ هِرَقْلَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَأَصَمَّ) أَيْ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِ السَّمْعِ فِيهِ أَيْ صَمَمًا لَا يُبْطِلُ سَمْعَهُ اهـ شَرْحُ م ر، وَإِلَّا فَأَصَمُّ يُبْطِلُ الصَّمَمُ سَمْعَهُ لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ قَاضِيًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مُسْمِعَيْنِ) لَا يُعْتَبَرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كَوْنُ الْمُسْمِعِينَ غَيْرَ الْمُتَرْجِمَيْنِ أَبَدًا بَلْ إنْ حَصَلَ الْغَرَضَانِ بِاثْنَيْنِ بِأَنْ عَرَفَا لُغَةَ الْقَاضِي وَالْخُصُومِ كَفَيَا فِي الْغَرَضَيْنِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ لِكُلِّ غَرَضٍ مِمَّنْ يَقُومُ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ إتْيَانُهُمَا بِلَفْظِهَا) وَقَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ، وَقَوْلُهُ وَيُجْزِئُ مِنْ الْمُتَرْجِمَيْنِ إلَخْ الثَّلَاثَةُ مُفَرَّعَةٌ عَلَى قَوْلِهِ أَهْلَيْ شَهَادَةٍ (قَوْلُهُ حَتَّى لَا يُقْبَلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَالِدِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا تُقْبَلُ تَرْجَمَةُ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَضَمَّنَتْ حَقًّا لِوَلَدِهِ أَوْ، وَالِدِهِ دُونَ مَا إذَا تَضَمَّنَتْ حَقًّا عَلَيْهِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْ حَقِّهِ) كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَالْفَسْخِ وَالْإِجَارَةِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) وَقِيسَ بِذَلِكَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِنَّ اهـ س ل لِقَوْلِهِمْ مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ تُقْبَلُ فِيهِ تَرْجَمَتُهَا اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهِ رَجُلَانِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْغَيْرُ زِنًا وَرَمَضَانَ اهـ س ل.

(قَوْلُهُ مُزَكِّيَيْنِ) أَيْ لِيَرْجِعَ إلَيْهِمَا فِي مَعْرِفَةِ الشُّهُودِ، وَيَتَّخِذَ مَنْ يُرْسِلُهُ إلَيْهِمَا، وَيُقَالُ لَهُ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ سَفِيرُ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي شَرْطُهُمَا آخِرَ الْبَابِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَشَرْطُ الْمُزَكِّي كَشَاهِدٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ) فِي الْمُخْتَارِ الدِّرَّةُ بِالْكَسْرِ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا اهـ (قَوْلُهُ لِتَأْدِيبٍ) نَعَمْ مَنَعَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ نُوَّابَهُ مِنْ ضَرْبِ الْمَسْتُورِينَ بِهَا لِأَنَّهُ صَارَ مِمَّا يُعَيَّرُ بِهِ ذُرِّيَّةُ الْمَضْرُوبِينَ وَأَقَارِبُهُمْ بِخِلَافِ الْأَرَاذِلِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَسِجْنًا لِأَدَاءِ حَقٍّ) وَإِذَا هَرَبَ الْمَحْبُوسُ لَمْ يَلْزَمْ الْقَاضِيَ وَلَا السَّجَّانَ طَلَبُهُ فَإِذَا أَحْضَرَهُ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ هَرَبِهِ فَإِنْ تَعَلَّلَ بِإِعْسَارٍ لَمْ يُعَزِّرْهُ وَإِلَّا عَزَّرَهُ وَلَوْ أَرَادَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ مُلَازَمَتَهُ بَدَلًا عَنْ الْحَبْسِ مُكِّنَ مَا لَمْ يَقُلْ تَشُقُّ عَلَيَّ الطَّهَارَةُ، وَالصَّلَاةُ مَعَ مُلَازَمَتِهِ، وَيَخْتَارُ الْحَبْسَ فَيَحْبِسُهُ وَأُجْرَةُ السِّجْنِ عَلَى الْمَسْجُونِ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمَكَانِ الَّذِي شَغَلَهُ وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ إذَا لَمْ يَتَهَيَّأْ صَرْفُ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اهـ شَرْحُ م ر.

(فَائِدَةٌ) لَوْ كَانَ الْمَسْجُونُ مُسْتَأْجَرَ الْعَيْنِ عَلَى عَمَلٍ لَا يُمْكِنُ فِي الْحَبْسِ امْتَنَعَ حَبْسُهُ وَلَوْ امْتَنَعَ الشَّخْصُ مِنْ الْأَدَاءِ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَهَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَبِيعَ أَوْ لَا وَجْهَانِ، وَحُكِيَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْمُفْلِسِ عَنْ الْأَصْحَابِ التَّخْيِيرُ وَالْمَرِيضُ وَالْمُخَدَّرَةُ وَابْنُ السَّبِيلِ يُحْبَسُونَ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ التَّمَتُّعِ بِزَوْجَتِهِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي، وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِذَلِكَ فِي مُحَادَثَةِ الصَّدِيقِ أَيْضًا اهـ سم (قَوْلُهُ كَمَا اتَّخَذَهُمَا عُمَرُ إلَخْ) قَالَ الشَّعْبِيُّ كَانَتْ دِرَّةُ عُمَرَ أَهْيَبَ مِنْ سَيْفِ الْحَجَّاجِ قَالَ الدَّمِيرِيُّ وَفِي حِفْظِي مِنْ شَيْخِنَا أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ نَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِأَنَّهُ مَا ضَرَبَ بِهَا أَحَدًا عَلَى ذَنْبٍ، وَعَادَ إلَيْهِ اهـ ابْنُ شُهْبَةَ (قَوْلُهُ وَكَأَنْ يَجْلِسَ عَلَى مُرْتَفِعٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَجْلِسُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ دَاعِيًا بِالْعِصْمَةِ وَالتَّوْفِيقِ وَالتَّسْدِيدِ مُتَعَمِّمًا مُتَطَيْلِسًا عَلَى مَحَلٍّ عَالٍ بِهِ فُرُشٌ وَوِسَادَةٌ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ بِذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ، وَلِيَكُونَ أَهْيَبَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ لِلْحَاجَةِ إلَى قُوَّةِ الرَّهْبَةِ وَالْهَيْبَةِ، وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ جُلُوسُهُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْهَيْئَةِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ صَوْنًا لَهُ عَنْ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ إلَخْ) أَيْ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى إحْضَارِ الْمَجَانِينِ وَالصِّغَارِ وَالْحُيَّضِ وَالْكُفَّارِ، وَإِقَامَةُ الْحَدِّ فِيهِ أَشَدُّ كَرَاهَةً اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَوْ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ الِاتِّخَاذِ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ إلَخْ) وَكَذَا إنْ احْتَاجَ لِجُلُوسٍ فِيهِ لِعُذْرٍ مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ جَلَسَ لَهُ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ عَدَمِهَا مُنِعَ الْخُصُومُ مِنْ الْخَوْضِ فِيهِ بِالْمُشَاتَمَةِ، وَنَحْوِهَا، وَيَقْعُدُونَ خَارِجَهُ، وَيُنَصِّبُ مَنْ يُدْخِلُ عَلَيْهِ خَصْمَيْنِ خَصْمَيْنِ، وَأُلْحِقَ بِالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ بَيْتُهُ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَحْتَشِمُ النَّاسُ دُخُولَهُ بِأَنْ أَعَدَّهُ مَعَ حَالَةٍ يُحْتَشَمُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ لِأَجْلِهَا أَمَّا إذَا أَعَدَّهُ، وَأَخْلَاهُ مِنْ نَحْوِ عِيَالِهِ، وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يَحْتَشِمُهُ أَحَدٌ مِنْ الدُّخُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>