أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ وَقَوْلِي فِي الْإِكْرَامِ مَعَ جَعْلِ مَا بَعْدَهُ أَمْثِلَةً لَهُ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَمْثِلَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ التَّسْوِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَهُ رَفْعُ مُسْلِمٍ) عَلَى كَافِرٍ فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ كَأَنْ يُجْلِسَ الْمُسْلِمَ أَقْرَبَ إلَيْهِ كَمَا «جَلَسَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِجَنْبِ شُرَيْحٍ فِي خُصُومَةٍ لَهُ مَعَ يَهُودِيٍّ وَقَالَ لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِمًا لَجَلَسْت مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْك وَلَكِنِّي سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجَالِسِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَذِكْرُ رَفْعِ الْمُسْلِمِ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ مِنْ زِيَادَتِي، وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ وَصَرَّحَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَزِدْت لَهُ تَبَعًا لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ لِأُنَبِّهَ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ فِي الرَّفْعِ فِي الْمَجْلِسِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَعَ نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ سُلَيْمٍ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّمْيِيزِ، وَهُوَ قِيَاسُ الْقَاعِدَةِ أَنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ إذَا جَازَ وَجَبَ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ انْتَهَى.
وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَكْثَرِيَّةٌ لَا كُلِّيَّةٌ بِدَلِيلِ سُجُودِ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ (وَإِذَا حَضَرَاهُ) أَيْ الْخَصْمَانِ هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا جَلَسَا أَيْ بَيْنَ يَدَيْهِ مَثَلًا (سَكَتَ) عَنْهُمَا حَتَّى يَتَكَلَّمَا (أَوْ قَالَ لِيَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي) مِنْكُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ هَيْبَةِ الْقُدُومِ قَالَ الشَّيْخَانِ أَوْ يَقُولُ لِلْمُدَّعِي إذَا عَرَفَهُ تَكَلَّمْ وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (فَإِذَا ادَّعَى) أَحَدُهُمَا (طَالَبَ) الْقَاضِي جَوَازًا (خَصْمَهُ بِالْجَوَابِ) ، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَبِذَلِكَ تَنْفَصِلُ (فَإِنْ أَقَرَّ) بِالْحَقِّ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (فَذَاكَ) ظَاهِرٌ فِي ثُبُوتِهِ (أَوْ أَنْكَرَ سَكَتَ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَكَ حُجَّةٌ) نَعَمْ إنْ عَلِمَ عِلْمَهُ بِأَنَّ لَهُ إقَامَتَهَا فَالسُّكُوتُ أَوْلَى أَوْ شَكَّ فَالْقَوْلُ أَوْلَى أَوْ عَلِمَ جَهْلَهُ بِذَلِكَ وَجَبَ إعْلَامُهُ بِهِ.
ــ
[حاشية الجمل]
وَيُؤَخِّرُ جَوَابَ الْكَافِرِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا وَكَأَنَّهُمْ احْتَمَلُوهُ إلَخْ) أَيْ وَكَأَنَّهُمْ احْتَمَلُوا الْفَصْلَ بِالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي لَهُ سَلِّمْ وَلَمْ يَكُنْ قَاطِعًا لِلرَّدِّ لِضَرُورَةِ التَّسْوِيَةِ كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ بِجَنْبِ شُرَيْحٍ) وَكَانَ شُرَيْحٌ نَائِبًا عَنْ عَلِيٍّ فِي زَمَنِ خِلَافَتِهِ كَمَا قَالَهُ م ر وَلَمَّا ادَّعَى الْيَهُودِيُّ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ عَلِيٌّ أَدَّيْت الثَّمَنَ فَقَالَ شُرَيْحٌ هَلُمَّ بِشَاهِدٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا سَمِعَ الْيَهُودِيُّ ذَلِكَ أَسْلَمَ وَقَالَ وَاَللَّهِ إنَّ هَذَا لَهُوَ الدِّينُ الْحَقُّ اهـ بَابِلِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَالَ لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِمًا إلَخْ) لَعَلَّ حِكْمَةَ قَوْلِهِ ذَلِكَ إظْهَارُ شَرَفِ الْإِسْلَامِ وَمُحَافَظَةُ أَهْلِهِ عَلَى الشَّرْعِ لِيَكُونَ سَبَبًا لِإِسْلَامِ الذِّمِّيِّ وَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فِي الرَّفْعِ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ أَيْ رَفْعُهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُ رَفْعِهِ فِي الْمَجْلِسِ رَفْعُهُ فِي بَقِيَّةِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ فَيَجِبُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ ضَعْفُ قَوْلِهِ وَيُجَابُ إلَخْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَهُوَ قِيَاسُ الْقَاعِدَةِ) وَفِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ فِي مَبْحَثِ: إنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْإِبَاحَةِ بَعْدَ بَسْطِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَالْكَلَامِ عَلَيْهَا مَا نَصُّهُ وَسَيَأْتِي أَوَائِلَ كِتَابِ السُّنَّةِ إنَّ مِنْ أَمَارَاتِ الْوُجُوبِ كَوْنُ الْفِعْلِ مَمْنُوعًا مِنْهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ كَالْخِتَانِ وَالْحَدِّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عُقُوبَةٌ، وَإِنَّهُ قَدْ يَخْتَلِفُ الْوُجُوبُ مَعَ هَذِهِ الْأَمَارَةِ لِدَلِيلٍ كَمَا فِي سُجُودِ التَّشَهُّدِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ اهـ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَكْثَرِيَّةٌ) وَقَدْ يُقَالُ كَوْنُهَا أَكْثَرِيَّةً لَا يَمْنَعُ الِاحْتِجَاجَ بِهَا فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ أَكْثَرِيَّتَهَا تَقْتَضِي رُجْحَانَ الْعَمَلِ بِهَا إلَّا لِدَلِيلٍ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ بَيْنَ يَدَيْهِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ جَلَسَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ لَيْسَ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ حَذْفُهُ إذْ لَا عَلَاقَةَ لَهُ بِتَفْسِيرِهَا مَعَ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ تَأَمَّلْ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعِبَارَةِ الْمَتْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى مُنَاقَشَةِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ هَيْبَةِ الْقُدُومِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْقَوْلِ الْمَذْكُورِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَعَلَّلَ السُّكُوتَ بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ مَيْلُهُ لِلْمُدَّعِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي إلَخْ) فَإِنْ طَالَ سُكُوتُهُمَا بِغَيْرِ سَبَبٍ وَلَمْ يَدَّعِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أُقِيمَا مِنْ مَكَانِهِمَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ ذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) هُوَ قَوْلُهُ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبِعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَابْنَ شَدَّادٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ، وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّهُ مَيْلٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَهُ لِذَلِكَ اهـ سم (قَوْلُهُ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا إلَخْ) قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: فَإِنْ لَمْ يُحَرِّرْ الدَّعْوَى فَلَهُ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ كَيْفِيَّةَ الصَّحِيحَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا حَكَى ذَلِكَ الشَّيْخَانِ وَصَحَّحَ فِي التَّنْبِيهِ الْمَنْعَ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَنَسَبَهُ أَبُو الطَّيِّبِ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ اهـ.
عَمِيرَةُ وَجَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ:، وَلَوْ عَلَّمَهُ كَيْفَ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ جَازَ اهـ وَاعْتَمَدَهُ م ر وَأَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ فِي بَابِ دَعْوَى الدَّمِ، فَإِنْ أَطْلَقَ اسْتَفْصَلَهُ الْقَاضِي اهـ سم (قَوْلُهُ طَالَبَ الْقَاضِي جَوَازًا إلَخْ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ، وَإِنْ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ آخَرَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْخَصْمُ طَالِبْهُ لِي بِجَوَابِ دَعْوَايَ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَزِمَ بَقَاؤُهُمَا مُتَخَاصِمَيْنِ وَإِذَا أَثِمَ بِدَفْعِهِمَا عَنْهُ فَكَذَا بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَاحِدَةٌ اهـ شَرْحُ م ر وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ التَّعْمِيمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي ضَعِيفٌ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَوْلُهُ طَالَبَ الْقَاضِي جَوَازًا أَيْ قَبْلَ طَلَبِ خَصْمِهِ وَوُجُوبًا إنْ طَلَبَ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا) بِأَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَّفَهَا الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ فَذَاكَ ظَاهِرٌ فِي ثُبُوتِهِ) أَيْ يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ إلَّا بَعْدَ سُؤَالِ الْمُدَّعِي الْحُكْمَ، وَهَذَا بِخِلَافِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِهَا بَلْ يَحْتَاجُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ أَيْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَفِي الزَّرْكَشِيّ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ ثُبُوتَ الْحَقِّ بِهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ لِأَنَّ وَرَاءَ التَّعْدِيلِ تَوَقُّفَاتٌ، وَتَوَقُّعُ رَيْبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِهَا بِإِظْهَارِ الْقَضَاءِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي أَلَكَ حُجَّةٌ) أَيْ إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِشَيْءٍ لَا يَمِينَ فِيهِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَإِلَّا كَالْوَارِثِ قَالَ لَهُ أَتَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا اهـ ز ي (قَوْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute