إنْ بَطَلَ نَفْعُهُ بِالْكُلِّيَّةِ كَجَوْهَرَةٍ أَوْ ثَوْبٍ نَفِيسَيْنِ مَنَعَهُمْ الْحَاكِمُ)
مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ سَفَهٌ وَلَمْ يُجِبْهُمْ إلَيْهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ نَفْعُهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِأَنْ نَقَصَ نَفْعُهُ أَوْ بَطَلَ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ (لَمْ يَمْنَعْهُمْ وَلَمْ يُجِبْهُمْ) فَالْأَوَّلُ (كَسَيْفٍ يُكْسَرُ) فَلَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ قِسْمَتِهِ كَمَا لَوْ هَدَمُوا جِدَارًا وَاقْتَسَمُوا نَقْضَهُ وَلَا يُجِيبُهُمْ لِمَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ (وَ) الثَّانِي.
ــ
[حاشية الجمل]
أَنَّ مُقْتَضَى الْوَقْفِ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ لِجَمِيعِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَعِنْدَ الْقِسْمَةِ يَخْتَصُّ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ اهـ سم عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ إنْ بَطَلَ نَفْعُهُ) أَيْ صَارَ لَا نَفْعَ لَهُ أَصْلًا أَوْ لَا وَقَعَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ كَجَوْهَرَةٍ وَثَوْبٍ نَفِيسَيْنِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْعُبَابِ وَزَوْجَيْ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ وَمِصْرَاعَيْ بَابٍ اهـ وَفِيهِ أَنَّ قِسْمَةَ ذَلِكَ لَا تُبْطِلُ نَفْعَهُ بِالْكُلِّيَّةِ قَالَ؛ لِأَنَّ الْمِصْرَاعَ أَوْ بَعْضَهُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي جَعْلِهِ فِي بَابٍ آخَرَ أَوْ إحْرَاقِهِ أَوْ بِنَائِهِ بِجِدَارٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَفَرْدَ الْخُفِّ أَوْ بَعْضِهِ يُنْتَفَعُ بِهِ بِوَضْعِ شَيْءٍ فِيهِ أَوْ بِتَرْقِيعِهِ بِخُفٍّ آخَرَ وَنَحْوِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِكَثْرَةِ الشُّرَكَاءِ بِحَيْثُ يَكُونُ مَا يَخُصُّ كُلًّا يَسِيرًا جِدًّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِوَجْهٍ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بِذَلِكَ حِينَئِذٍ، فَإِنَّ السَّيْفَ أَيْضًا قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ أَوْ الْكَلَامَ فِي بَابٍ وَخُفٍّ صَغِيرَيْنِ جِدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَكَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَجَوْهَرَةٍ إلَخْ، فَإِنَّ فِي التَّمْثِيلِ بِهِمَا لِبُطْلَانِ النَّفْعِ بِالْكُلِّيَّةِ بَحْثًا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْكَلَامُ فِي جَوْهَرَةٍ وَثَوْبٍ كَذَلِكَ أَوْ يُصَوَّرَ بِكَثْرَةِ الشُّرَكَاءِ بِحَيْثُ لَا يَخُصُّ كُلًّا إلَّا مَا نَفَعَ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بِذَلِكَ وَمَالَ الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّ النَّفْعَ الَّذِي لَا وَقْعَ لَهُ كَالْعَدَمِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
اهـ سم (قَوْلُهُ مَنَعَهُمْ الْحَاكِمُ إلَخْ) وَإِذَا تَنَازَعَ الشُّرَكَاءُ فِيمَا لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ، فَإِنْ تَهَايَئُوا مَنْفَعَةَ ذَلِكَ مُيَاوَمَةً أَوْ غَيْرَهَا جَازَ، وَلِكُلٍّ الرُّجُوعُ، وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ لَكِنْ يَغْرَمُ الْمُسْتَوْفِي بَدَلَ مَا اسْتَوْفَاهُ، وَيَدُ كُلٍّ يَدُ أَمَانَةٍ كَالْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ أَبَوْا الْمُهَايَأَةَ أَجْبَرَهُمْ الْحَاكِمُ عَلَى إيجَارِهِ أَوْ آجَرَهُ عَلَيْهِمْ سَنَةً، وَمَا فَازَ بِهَا وَأَشْهَدَ كَمَا لَوْ غَابُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ، فَإِنْ تَعَدَّدَ طَالِبُ الْإِيجَارِ آجَرَهُ وُجُوبًا لِمَنْ يَرَاهُ أَصْلَحَ وَهَلْ لَهُ إيجَارُهُ مِنْ بَعْضِهِمْ تَرَدَّدَ فِيهِ فِي التَّوْشِيحِ
وَرَجَّحَ غَيْرُهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَنَّهُ لَوْ طَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ اسْتِئْجَارَ حِصَّةِ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ قَدَّمَ، وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ تَعَذَّرَ إيجَارُهُ أَيْ لِنَحْوِ كَسَادٍ لَا يَزُولُ عَنْ قُرْبِ عَادَةٍ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ بَاعَهُ لِتَعَيُّنِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ تَعَذَّرَتْ لِغَيْبَةِ بَعْضِهِمْ أَوْ امْتِنَاعِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْبَيْعُ، وَحَضَرَ جَمِيعُهُمْ أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْمُهَايَأَةِ إنْ طَلَبَهَا بَعْضُهُمْ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُمْ إلَى صُلْحِهِمْ وَلَا يُجْبِرُهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الْعَارِيَّةِ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بِكَثْرَةِ الضَّرَرِ هُنَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ثَمَّ يُمْكِنُ انْتِفَاعُهُ بِنَصِيبِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَبِأَنَّ الضَّرَرَ ثَمَّ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ فَقَطْ وَهُنَا الضَّرَرُ عَلَى الْكُلِّ فَلَمْ يُمْكِنْ فِيهِ الْإِعْرَاضُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْمِثْلُ الْأَجْنَبِيُّ يُقَدَّمُ عَلَى الشُّرَكَاءِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ الْآتِي، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ قُدِّمَ، وَلَوْ قِيلَ هُنَا إنَّ الْأَجْنَبِيَّ إنَّمَا يُقَدَّمُ حَيْثُ كَانَ أَصْلَحَ لَمْ يَبْعُدْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ، وَمَا يَأْتِي بِأَنَّ كُلًّا فِيمَا يَأْتِي طَالِبٌ فَقُدِّمَ الْأَجْنَبِيُّ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، فَإِنَّ الطَّالِبَ لِلِاسْتِئْجَارِ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرَ لَمْ يُرِدْ الِاسْتِئْجَارَ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي إيجَارِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ تَفْوِيتُ شَيْءٍ طَلَبَهُ الْآخَرُ لِنَفْسِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَطَلَ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ) أَيْ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا لَا مَا يَطْرَأُ قَصْدُهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ لَمْ يَمْنَعْهُمْ) أَيْ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِمَا صَارَ مِنْهُ إلَيْهِ عَلَى حَالِهِ أَوْ بِاِتِّخَاذِهِ سِكِّينًا مَثَلًا وَلَمْ يُجِبْهُمْ إلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَكَانَ مُقْتَضَى ذَلِكَ مَنْعَهُ لَهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ فِعْلَ مَا ذَكَرَ بِأَنْفُسِهِمْ تَخَلُّصًا مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ نَعَمْ بَحَثَ جَمْعٌ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ نَفِيسٍ أَنَّ مَا هُنَا فِي سَيْفٍ خَسِيسٍ وَإِلَّا مَنَعَهُمْ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ أَيْضًا لَمْ يَمْنَعْهُمْ وَلَمْ يُجِبْهُمْ) قِيلَ هَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الِامْتِنَاعُ لِحُرْمَتِهِ فَكَيْفَ يُمَكَّنُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ثُمَّ لَوْ فَوَّضُوا الْقِسْمَةَ لِثَالِثٍ غَيْرِ الْقَاضِي فَهَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ كَالْقَاضِي أَمْ لَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ اهـ سم وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ كَسَيْفٍ يُكْسَرُ) جَعْلُ السَّيْفِ مِثَالًا لِمَا يَنْقُصُ نَفْعُهُ، وَلَا يَبْطُلُ بِالْكُلِّيَّةِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ السَّيْفُ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ إنْ لَمْ يَبْطُلْ نَفْعُهُ كَسَيْفٍ يُكْسَرُ مِثَالًا لِلنَّفْيِ لَا لِلْمَنْفِيِّ أَيْ مِثَالًا لِانْتِفَاءِ بُطْلَانِ النَّفْعِ لَا لِبُطْلَانِ النَّفْعِ وَيَكُونُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ أَعْنِي قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَبْطُلْ نَفْعُهُ أَنَّهُ يَمْنَعُهُمْ إذَا بَطَلَ النَّفْعُ بِالْكُلِّيَّةِ وَيُمَثِّلُ لَهُ بِالْجَوْهَرَةِ وَالثَّوْبِ النَّفِيسَيْنِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَمْثِيلَهُ بِهِمَا لِمَا عُلِمَ الضَّرَرُ فِي قِسْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا يَبْطُلُ نَفْعُهُ مُطْلَقًا وَلِمَا يَنْقُصُ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ، وَهَذَانِ مِمَّا يَبْطُلُ نَفْعُهُ فَصَحَّ التَّمْثِيلُ بِهِمَا لَمَّا عَظُمَ الضَّرَرُ فِي قِسْمَتِهِ الشَّامِلِ لِذَلِكَ وَلِغَيْرِهِ ثُمَّ قَسَّمَهُ إلَى مَا لَا يَبْطُلُ نَفْعُهُ كَالسَّيْفِ وَإِلَى مَا يَبْطُلُ كَهُمَا، وَهَذَا الْقِسْمُ وَحُكْمُهُ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَإِلَى مَا يَبْطُلُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَمَا يَبْطُلُ نَفْعُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute