وَهَذَانِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) غَيْرُ (مُتَّهَمٍ عَدْلٍ) فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ بِهِ رِقٌّ أَوْ صَبَا أَوْ جُنُونٌ وَلَا مِنْ عَادِمِ مُرُوءَةٍ وَمُغَفَّلٍ لَا يَضْبِطُ وَأَخْرَسَ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَمُتَّهَمٍ وَغَيْرِ عَدْلٍ مِنْ كَافِرٍ وَفَاسِقٍ وَالْعَدْلُ يَتَحَقَّقُ (بِأَنْ لَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً) كَقَتْلٍ وَزِنًا.
ــ
[حاشية الجمل]
م ر.
(فَائِدَةٌ) .
اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمُحْتَرَزِ قَوْلِهِ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الشَّاهِدِ يَقِظٌ نَاطِقٌ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فِي بَيَانِ ذَلِكَ، وَأَمَّا النُّطْقُ فَتُرَدُّ شَهَادَةُ أَخْرَسَ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ ثُمَّ قَالَ، وَأَمَّا تَغَفُّلُهُ فَيُرَدُّ مُغَفَّلٌ لَا يَحْفَظُ وَلَا يَضْبِطُ وَكَذَا كَثِيرُ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ، فَإِنْ قَلَّ أَوْ فَسَّرَ شَهَادَتَهُ بِذِكْرِ زَمَنِ التَّحَمُّلِ وَمَكَانِهِ وَزَالَتْ الرِّيبَةُ قُبِلَ (فَرْعٌ) إذَا لَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدَانِ سَبَبَ مَا شَهِدَا بِهِ جَازَ وَيُنْدَبُ لِلْقَاضِي إنْ لَمْ يَثِقْ بِشِدَّةِ عُقُولِهِمَا وَتَثَبُّتِهِمَا أَنْ يَسْأَلَهُمَا عَنْ جِهَتِهِ، فَإِنْ أَبَيَا وَفِيهِمَا غَفْلَةٌ لَمْ يَحْكُمْ وَإِلَّا حَكَمَ (تَنْبِيهٌ) .
يَلْزَمُ الشَّاهِدَ التَّفْصِيلُ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ وَبِالْإِكْرَاهِ وَبِالسَّرِقَةِ وَبِالرَّضَاعِ وَبِأَنَّ نَظَرَ هَذَا الْوَقْفِ لِفُلَانٍ فَيَذْكُرُ سَبَبَهُ وَبِأَنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ فَيُبَيِّنُ جِهَتَهُ وَبَرَاءَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ عِنْدَ الْهَرَوِيِّ مُخَالِفًا لِلْعَبَّادِيِّ، وَهَذَا أَقْرَبُ وَبِاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ بِبَيَانِ سَبَبِهِ مِنْ شَرِكَةٍ أَوْ جِوَارٍ وَبِالرُّشْدِ وَبِأَنَّهُ وَقْتُ تَصَرُّفِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ زَائِلُ الْعَقْلِ وَبِالْجَرْحِ وَبِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالطَّلَاقِ بِذِكْرِ لَفْظِ الزَّوْجِ وَبِالْبُلُوغِ بِالسِّنِّ، فَإِنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ بَلَغَ قُبِلَ (فَرْعٌ) .
إذَا شَهِدَ مَنْ حَضَرَ عَقْدَ نِكَاحٍ لَمْ تَبْعُدْ صِحَّتُهُ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ اتَّفَقَ حُضُورُ شَافِعِيٍّ عَقْدَ نِكَاحٍ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِهِ فَلَهُ الشَّهَادَةُ بِجَرَيَانِ الْعَقْدِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَا التَّسَبُّبِ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَلَا الْإِعَانَةُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا قَلَّدَ ذَلِكَ الْمَذْهَبَ وَاعْتَقَدَهُ بِطَرِيقٍ يَقْتَضِي لِمِثْلِهِ اعْتِقَادَهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ اهـ لَفْظُ الْعُبَابِ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَهَذَانِ) أَيْ النَّاطِقُ وَغَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي اهـ ح ل وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ زِيَادَتِي إذْ التَّيَقُّظُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ فِيهِ رِقٌّ) وَقَبِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ شَهَادَةَ الرَّقِيقِ وَقَبِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ عَلَى بَعْضِهِمْ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْجِرَاحَاتِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ عَادِمِ مُرُوءَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ عَدَمَهَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ التَّمَاسُكِ وَتَرْكِ الْمُبَالَاةِ اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا غَيْرُ ذِي مُرُوءَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حَيَاءَ لَهُ وَمَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ لِخَبَرٍ صَحِيحٍ «إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت» انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَأَخْرَسَ) أَيْ، وَإِنْ فَهِمَ إشَارَتَهُ كُلُّ أَحَدٍ إذْ لَا تَخْلُو عَنْ احْتِمَالٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) أَيْ لِنَقْصِهِ وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا نَاقِصُ عَقْلٍ أَوْ فَاسِقٌ فَمَا مَرَّ يُغْنِي عَنْهُ رُدَّ بِأَنَّ نَقْصَ عَقْلِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى تَسْمِيَتِهِ مَجْنُونًا؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَمُتَّهَمٍ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا تَرْتَابُوا وَالرِّيبَةُ حَاصِلَةٌ بِالْمُتَّهَمِ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ مِنْ كَافِرٍ) أَيْ، وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَسُّ الْفُسَّاقِ وَمَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالْبَغَوِيِّ تَبَعًا لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ إذَا فُقِدَتْ الْعَدَالَةُ وَعَمَّ الْفِسْقُ قَضَى الْحَاكِمُ بِشَهَادَةِ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلُ لِلضَّرُورَةِ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ يُعَارِضُهَا مَفْسَدَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر، وَلَوْ جَهِلَ الْحَاكِمُ إسْلَامَ الشَّاهِدِ كَانَ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ قَوْلَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَهِلَ حُرِّيَّتَهُ فَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ بَلْ يَبْحَثُ عَنْهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَفَاسِقٍ) وَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ يَعْلَمُ فِسْقَ نَفْسِهِ وَكَانَ صَادِقًا فِي شَهَادَتِهِ فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ خِلَافٌ اعْتَمَدَ م ر مِنْهُ الْحِلَّ، وَلَوْ رَتَّبَ إمَامٌ ذُو شَوْكَةٍ شُهُودًا فَسَقَةً مَثَلًا فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِلضَّرُورَةِ كَالْقَضَاءِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُخْتَارُ لَا اهـ عَمِيرَةُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَالْعَدْلُ يَتَحَقَّقُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْمَلَكَةِ، وَأَنَّهُ يَكْفِي فِي تَحَقُّقِ الْعَدَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا مُجَرَّدُ اجْتِنَابِ الْكَبِيرَةِ وَعَدَمُ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ بِشَرْطِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ كَبِيرَةٍ) ، وَهِيَ مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ عَدُّهُمْ كَبَائِرَ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ كَالظِّهَارِ وَأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَقِيلَ هِيَ كُلُّ جَرِيمَةٍ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ وَاعْتُرِضَ بِشُمُولِهِ صَغَائِرَ الْخِسَّةِ وَقِيلَ هِيَ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَاعْتُرِضَ بِعَدَمِ شُمُولِهِ الْإِصْرَارَ عَلَى صَغِيرَةٍ الْآتِي، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَ تَعَلُّمَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ مَا هُوَ فُرِضَ عَلَيْهِ كَبِيرَةً لَكِنَّ مِنْ الْمَسَائِلِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْخَفِيَّةِ نَعَمْ مَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ فِي الْعَامِّيِّ الَّذِي يَعْتَقِدُ أَنَّ جَمِيعَ أَفْعَالِهَا فَرْضٌ إلَخْ هَلْ يَكُونُ تَرْكُ تَعَلُّمِ ذَلِكَ كَبِيرَةً أَوْ لَا مَحَلُّ نَظَرٍ
وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إفْتَاءُ الشَّيْخِ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَرْكَانَ أَوْ شُرُوطَ نَحْوِ الْوُضُوءِ أَوْ الصَّلَاةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَقَتْلٍ) شَامِلٌ لِقَتْلِ الْكَافِرِ الْمَعْصُومِ وَقَتْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute