للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَذْفٍ وَشَهَادَةِ زُورٍ (وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ) أَصَرَّ عَلَيْهَا (وَغَلَبَتْ طَاعَتُهُ) فَبِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَلَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ عَنْهُ، وَقَوْلِي أَوْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

وَالصَّغِيرَةُ (كَلَعِبٍ بِنَرْدٍ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» .

ــ

[حاشية الجمل]

الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ، وَلَوْ مُهْدَرًا كَقَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ لِنَفْسِهِ وَالْمُرَادُ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ شَبَهَهُ لَا الْخَطَأُ وَمِثْلُ الْقَتْلِ نُشُوزُ الزَّوْجَةِ، وَلَوْ بِنَحْوِ خُرُوجٍ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَشَهَادَةِ زُورٍ) أَيْ، وَلَوْ بِإِثْبَاتِ فَلَسٍ أَوْ نَفْيِهِ إنْ كَانَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِلَّا فَفِي كَوْنِهَا كَبِيرَةً تَرَدُّدٌ وَالتَّزْوِيرُ كَذَلِكَ، وَهُوَ مُحَاكَاةُ الْخَطِّ وَالنَّمِيمَةُ كَبِيرَةٌ مُطْلَقًا، وَهِيَ نَقْلُ الْكَلَامِ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَوْ كُفَّارًا لِلْإِفْسَادِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لِلْإِفْسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِفْسَادَ وَالْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ كَبِيرَةٌ إنْ كَانَ فِيهَا اقْتِطَاعُ مَالٍ، وَإِنْ قَلَّ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَصَغِيرَةٌ وَقَطِيعَةٌ لِرَحِمٍ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَضَرْبُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنِسْيَانُ الْقُرْآنِ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ) يَنْبَغِي أَنَّ التَّصْمِيمَ عَلَى فِعْلِ الْكَبِيرَةِ كَالْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهَا بِأَنْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعُ كَبِيرَةٍ وَبِهِ يُصَرِّحُ مَا فِي حَدِيثِ «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» لِقَوْلِهِ فِي الْمَقْتُولِ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ فَفِيهِ الْوَعِيدُ لِلْمَقْتُولِ لِحِرْصِهِ عَلَى الْقَتْلِ مَعَ انْتِفَائِهِ اهـ آيَاتٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَصَرَّ عَلَيْهَا وَغَلَبَتْ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْإِصْرَارِ هَلْ هُوَ التَّكْرَارُ حَتَّى لَوْ فَعَلَ مَرَّةً فَقَطْ وَلَمْ يَتُبْ لَا يَكُونُ مُصِرًّا أَوْ هُوَ عَدَمُ التَّوْبَةِ حَتَّى لَوْ فَعَلَهَا مَرَّةً مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ يَكُونُ مُصِرًّا اهـ شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي سم مَا نَصُّهُ قَالَ عَمِيرَةُ: الْإِصْرَارُ قَبْلُ هُوَ الدَّوَامُ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْهَا

وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ الْإِكْثَارُ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّهُ فِي بَابِ الْفَضْلِ قَالَ إنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى النَّوْعِ الْوَاحِدِ كَبِيرَةٌ وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَا وَإِذَا قُلْنَا بِالْوَجْهِ الثَّانِي لَمْ تَضُرَّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ إذَا غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَضُرُّ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَمْ أَظْفَرْ فِي الْإِصْرَارِ بِمَا يُثْلِجُ الصَّدْرَ غَيْرَ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ فَسَّرَهُ بِالْعَزْمِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عمران: ١٣٥] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْإِصْرَارَ الَّذِي تَصِيرُ بِهِ الصَّغِيرَةُ كَبِيرَةً إمَّا تَكْرِيرُهَا بِالْفِعْلِ، وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَإِمَّا تَكْرِيرُهَا فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَكْفِيرِهَا، وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْعَزْمُ إصْرَارًا بَعْدَ الْفِعْلِ وَقَبْلَ التَّوْبَةِ اهـ وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ الصَّغِيرَةَ قَدْ تَكْبُرُ بِغَيْرِ الْإِصْرَارِ كَاسْتِصْغَارِ الذَّنْبِ وَالسُّرُورِ بِهِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ وَالْغَفْلَةِ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبَ الشَّقَاوَةِ وَالتَّهَاوُنِ بِسِتْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِلْمِهِ، وَأَنْ يَظْهَرَ مُرَغِّبًا فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ عَالِمًا يُقْتَدَى بِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ وَغَلَبَتْ طَاعَاتُهُ) أَيْ عَلَى مَعَاصِيهِ فِي عُمْرِهِ بِأَنْ يُقَابِلَ الْمَجْمُوعَ بِالْمَجْمُوعِ لَا أَنَّهُ يَنْظُرُ لِكُلِّ يَوْمٍ عَلَى حِدَتِهِ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مَثَلًا كَمَا يُفِيدُهُ ع ش عَلَى م ر وَنَصُّ عِبَارَتِهِ بِأَنْ تُقَابَلَ كُلُّ طَاعَةٍ بِمَعْصِيَةٍ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ حَتَّى لَوْ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ عَلَى الْمَعَاصِي، وَغَلَبَتْ الْمَعَاصِي فِي بَاقِيهَا بِحَيْثُ لَوْ قُوبِلَتْ جُمْلَةُ الْمَعَاصِي بِجُمْلَةِ الطَّاعَاتِ كَانَتْ الْمَعَاصِي أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا اهـ وَمَحَلُّ الْعَدِّ فِي الْمَعَاصِي الَّتِي يَتُبْ مِنْهَا، وَلَمْ يَقَعْ لَهَا مُكَفِّرٌ إمَّا الَّتِي تَابَ مِنْهَا أَوْ وَقَعَ لَهَا مُكَفِّرٌ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْعَدِّ وَالْحِسَابِ

وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِهَذَا بِقَوْلِهِ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَجَعَلَ الْمُقَابَلَةَ بَيْنَ الطَّاعَاتِ وَخُصُوصَ الْمَعَاصِي الَّتِي أَصَرَّ عَلَيْهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ الْفَضْلِ اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ صَغِيرَةٍ تَابَ مِنْهَا مُرْتَكِبُهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْعَدِّ لِإِذْهَابِ التَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ أَثَرَهَا رَأْسًا اهـ وَيُتَّجَهُ ضَبْطُ الْغَلَبَةِ بِالْعَدِّ مِنْ جَانِبَيْ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِكَثْرَةِ ثَوَابٍ فِي الْأُولَى وَعِقَابٍ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ أُخْرَوِيٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ اهـ م ر أَيْ فَتُقَابَلُ حَسَنَةٌ بِسَيِّئَةٍ لَا بِعَشْرِ سَيِّئَاتٍ اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَاعْتَبَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ أَنْ يُمْتَحَنَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْلِبُهُ الْهَوَى، فَإِنَّ تَارِكَ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ الْمُلَازِمَ لِلْمُرُوءَةِ قَدْ يَسْتَمِرُّ عَلَى ذَلِكَ مَا دَامَ سَالِمًا عَنْ الْهَوَى فَإِذَا غَلَبَهُ هَوَاهُ خَرَجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ وَانْحَلَّ عِصَامُ التَّقْوَى فَقَالَ مَا يَهْوَاهُ وَانْتِفَاءُ هَذَا الْوَصْفِ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْعَدْلِ اهـ سم (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ إلَخْ) دَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا اسْتَوَيَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَقَوْلِي أَوْ إلَى آخِرِهِ) الْمُرَادُ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِإِلَى آخِرِهِ هُوَ قَوْلُهُ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ فَاَلَّذِي مِنْ زِيَادَتِهِ هُوَ لَفْظُ أَوْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ أَصْلِهِ فَلَوْ قَالَ وَقَوْلِي أَوْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مِنْ زِيَادَتِي لَكَانَ أَوْضَحَ.

(قَوْلُهُ كَلَعِبٍ بِنَرْدٍ) النَّرْدُ هُوَ الْمُسَمَّى بِالطَّاوِلَةِ الَّتِي يُلْعَبُ بِهَا فِي الْقَهَاوِي اهـ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِالطَّوْلَةِ أَوْ الطَّاوِلَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُهْمَلِ فِيهِمَا اهـ وَفَارَقَ النَّرْدُ الشِّطْرَنْجَ حَيْثُ يُكْرَهُ إنْ خَلَا عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>