للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَزْفِنُونَ»

وَالزَّفْنُ الرَّقْصُ؛ وَلِأَنَّهُ مُجَرَّدُ حَرَكَاتٍ عَلَى اسْتِقَامَةٍ أَوْ اعْوِجَاجٍ (إلَّا بِتَكَسُّرٍ) فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَفْعَالَ الْمُخَنَّثِينَ (وَلَا إنْشَاءِ مُشْعِرٍ، وَإِنْشَادِهِ وَاسْتِمَاعِهِ) فَكُلٌّ مِنْهَا مُبَاحٌ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغَى إلَيْهِمْ مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَذِكْرُ اسْتِمَاعِهِ مِنْ زِيَادَتِي (إلَّا بِفُحْشٍ) كَهَجْوٍ لِمَعْصُومٍ (أَوْ تَشْبِيبٍ بِمُعَيَّنٍ مِنْ أَمْرَدَ أَوْ امْرَأَةٍ غَيْرٍ حَلِيلَةٍ) ، وَهُوَ ذِكْرُ صِفَاتِهِمَا مِنْ طُولٍ وَقِصَرٍ وَصُدْغٍ وَغَيْرِهَا فَيَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ بِخِلَافِ تَشْبِيبٍ بِمُبْهَمٍ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيبَ صَنْعَةٌ وَغَرَضَ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ الْكَلَامِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ أَمَّا حَلِيلَتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ فَلَا يَحْرُمُ التَّشْبِيبُ بِهَا نَعَمْ إنْ ذَكَرَهُ بِمَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ وَذِكْرُ الْأَمْرَدِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْحَلِيلَةِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَالْمُرُوءَةُ تَوَقِّي الْأَدْنَاسِ عُرْفًا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ بَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَمَاكِنِ (فَيُسْقِطُهَا أَكْلٌ وَشُرْبٌ وَكَشْفُ رَأْسٍ وَلُبْسُ فَقِيهٍ قَبَاءً أَوْ قَلَنْسُوَةً حَيْثُ) أَيْ بِمَكَانٍ (لَا يُعْتَادُ) لِفَاعِلِهَا كَأَنْ يَفْعَلَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ غَيْرُ سُوقِيٍّ فِي سُوقٍ وَلَمْ يَغْلِبْهُ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِينَ جُوعٌ أَوْ عَطَشٌ وَيَفْعَلُ الرَّابِعَ فَقِيهٌ بِبَلَدٍ لَا يَعْتَادُ مِثْلُهُ لُبْسَ ذَلِكَ فِيهِ وَقَوْلِي وَشُرْبٌ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِكَشْفِ الرَّأْسِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَشْيِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ وَالتَّقْيِيدُ فِي هَذِهِ بِحَيْثُ لَا يُعْتَادُ مِنْ زِيَادَتِي وَفِي الْأَكْلِ بِهِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالسُّوقِ.

ــ

[حاشية الجمل]

تَنْظُرُ إلَى لَعِبِهِمْ لِتَضْبِطَهُ وَتَنْقُلَهُ لِتَعْلَمَهُ بَعْدُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَيَزْفِنُونَ) فِي الْمِصْبَاحِ زَفَنَ زَفْنًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ رَقَصَ (قَوْلُهُ أَفْعَالَ الْمُخَنِّثِينَ) بِكَسْرِ النُّونِ، وَهُوَ أَشْهَرُ وَفَتْحِهَا وَهُوَ أَفْصَحُ أَيْ الْمُتَخَلِّقِينَ بِخُلُقِ النِّسَاءِ حَرَكَةً وَهَيْئَةً اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَا إنْشَاءُ شِعْرٍ إلَخْ) إلَّا إذَا اشْتَمَلَ عَلَى كَذِبٍ مُحَرَّمٍ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَإِلَّا حَرُمَ وَإِنْ قَصَدَ إظْهَارَ الصَّنْعَةِ لِإِيهَامِ الصِّدْقِ اهـ ح ل وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ حَيْثُ أَكْثَرَ مِنْهُ اهـ س ل (قَوْلُهُ كَهَجْوٍ لِمَعْصُومٍ) الْمُرَادُ مَنْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ، وَلَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا لَا حَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا اهـ س ل

وَخَرَجَ بِالْمَعْصُومِ غَيْرُهُ وَمِثْلُ الْغَيْرِ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ الْمُبْتَدِعُ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَمَحَلُّهُ إذَا هَجَاهُ بِمَا تَجَاهَرَ بِهِ مِنْ بِدْعَةٍ وَفِسْقٍ كَمَا تَجُوزُ غَيْبَتُهُ حِينَئِذٍ اهـ ز ي قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَحَلُّ تَحْرِيمِ الْهِجَاءِ إذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ أَيْ غَيْرِ مَعْصُومٍ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ حَسَّانًا بِهِجَاءِ الْكُفَّارِ وَمِنْ هُنَا صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ يُنْدَبُ وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ الْمُبْتَدَعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَبَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ هَجْوِ الْكَافِرِ الْمُعَيَّنِ وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ عَدَمَ جَوَازِ لَعْنِهِ بِأَنَّ اللَّعْنَ الْإِبْعَادُ مِنْ الْخَيْرِ وَلَاعِنَهُ لَا يَتَحَقَّقُ بُعْدُهُ مِنْهُ فَقَدْ يَخْتِمُ لَهُ بِخَيْرٍ بِخِلَافِ الْهَجْوِ اهـ وَقَوْلُهُ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ لَعَلَّهُ بِمَا فِيهِ كَمَا فِي غَيْبَتِهِ وَفِي تَصْحِيحِ ابْنِ عَجْلُونٍ وَالْأَذْرَعِيِّ بَحْثٌ فِي حَرْبِيٍّ مَيِّتٍ يَتَأَذَّى بِهَجْوِهِ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ مِنْ أَهْلِهِ وَاعْتَمَدَ م ر التَّحْرِيمَ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ ذِكْرُ أَوْصَافِهِمَا) فِي الْمِصْبَاحِ وَشَبَّبَ الشَّاعِرُ بِفُلَانَةَ تَشْبِيبًا قَالَ فِيهَا الْغَزَالِيُّ وَعَرَّضَ بِحُبِّهَا وَشَبَّبَ قَصِيدَتَهُ حَسَّنَهَا وَزَيَّنَهَا بِذِكْرِ النِّسَاءِ اهـ وَفِي شَرْحِ ابْنِ هِشَامٍ عَلَى بَانَتْ سُعَادُ مَا نَصُّهُ وَالتَّشْبِيبُ جِنْسٌ يَشْمَلُ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا ذِكْرُ مَا فِي الْمَحْبُوبِ مِنْ الصِّفَاتِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ كَحُمْرَةِ الْخُدُودِ وَرَشَاقَةِ الْقُدُودِ كَالْجَلَالَةِ وَالْخَفَرِ وَالثَّانِي ذِكْرُ مَا فِي الْمُحِبِّ أَيْضًا كَنُحُولٍ وَذُبُولٍ وَكَالْحُبِّ وَالشَّغَفِ وَالثَّالِثُ ذِكْرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ هَجْرٍ وَوَصْلٍ وَشَكْوَى وَاعْتِذَارٍ وَوَفَاءٍ وَإِخْلَافٍ الرَّابِعُ ذِكْرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِمَا بِسَبَبِهِمَا كَالْوُشَاةِ وَالرُّقَبَاءِ اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَشْبِيبِهِ بِمُبْهَمٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ يَقَعُ لِبَعْضِ فَسَقَةِ الشُّعَرَاءِ نَصْبُ قَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى التَّعْيِينِ، وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمُعَيَّنِ انْتَهَتْ وَفِي ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَالْمُرَادُ بِالْإِبْهَامِ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ، وَلَوْ بِقَرِينَةٍ حَالِيَّةٍ أَوْ مَقَالِيَّةٍ اهـ (قَوْلُهُ سَقَطَتْ مُرُوءَتُهُ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا مَا لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ وَإِلَّا حَرُمَ اهـ ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ ذَكَرَهَا بِمَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ حَرَامٌ وَفِي شَيْخِنَا أَنَّهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ حَرَامٌ انْتَهَتْ.

(قَوْله وَالْمُرُوءَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَبِالْهَمْزِ وَتَرْكُهُ مَعَ إبْدَالِهَا وَاوًا مَلَكَةٌ إنْسَانِيَّةٌ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُرُوءَةُ آدَابُ نَفْسَانِيَّةٌ تَحَمَّلَ مُرَاعَاتِهَا الْإِنْسَانُ عَلَى الْوُقُوفِ عِنْدَ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَجَمِيلِ الْعَادَاتِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لِلْمُرُوءَةِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءُ وَالتَّوَاضُعُ وَالنُّسُكُ وَقِيلَ أَنْ لَا يَعْمَلَ عَمَلًا فِي السِّرِّ يَسْتَحِي مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَطَرْحُ الْمُرُوءَةِ إمَّا لِخَبَلٍ أَوْ قِلَّةِ حَيَاءٍ وَعَدَمِ مُبَالَاةٍ بِنَفْسِهِ اهـ ابْنُ شُهْبَةَ (قَوْلُهُ تَوَقِّي الْأَدْنَاسِ عُرْفًا) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْمُرُوءَةُ تَخَلُّقُ الْإِنْسَانِ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ، فَإِنَّهَا مَلَكَةٌ رَاسِخَةٌ فِي النَّفْسِ لَا تَتَغَيَّرُ بِعُرُوضِ مُنَافٍ لَهَا وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ تَخَلُّقُهُ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ الْمُبَاحَةِ غَيْرِ الْمُزْرِيَةِ فَلَا نَظَرَ لِخُلُقِ الْقَلَنْدَرِيَّةِ فِي حَلْقِ لِحَاهُمْ وَنَحْوِهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ قَبَاءً) هُوَ الْمَفْتُوحُ مِنْ أَمَامِهِ وَخَلْفِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ طَرَفَيْهِ، وَأَمَّا الْقَبَاءُ الْمَشْهُورُ الْآنَ الْمَفْتُوحُ مِنْ أَمَامِهِ فَقَطْ فَقَدْ صَارَ شِعَارًا لِلْفُقَهَاءِ وَنَحْوِهِمْ اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ أَوْ قَلَنْسُوَةً) هِيَ غِشَاءٌ مُبَطَّنٌ يُلْبَسُ فِي الرَّأْسِ وَبِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِضَمِّهَا وَإِبْدَالِ الْوَاوِ يَاءً وَفِيهَا سَبْعُ لُغَاتٍ قَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ قَلَنْسُوَةٌ بِوَزْنِ فَعَنْلُوَةٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ اللَّامِ وَجَمْعُهَا قَلَانِسُ وَيَجُوزُ قَلَاسِي

(قَوْلُهُ كَأَنْ يَفْعَلُ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ أَكَلَ دَاخِلَ حَانُوتٍ مُسْتَتِرًا بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُهُ غَيْرُهُ وَهُوَ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ أَوْ كَانَ صَائِمًا وَقَصَدَ الْمُبَادَرَةَ لِسُنَّةِ الْفِطْرِ اُتُّجِهَ عَذْرُهُ حِينَئِذٍ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُهُ غَيْرُهُ أَيْ مِنْ الْمَارِّينَ أَمَّا مَنْ دَخَلَهُ لِيَأْكُلَ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخِلَّ بِالْمُرُوءَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>