للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّ فُلَانًا قَذَفَ زَوْجَتَهُ لَمْ تُقْبَلْ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ فِي النِّهَايَةِ وَأَشْعَرَ كَلَامُهَا بِتَرْجِيحِهِ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ لِزَوْجَتِهِ وَحُذِفَتْ مِنْ الْأَصْلِ هُنَا مَسَائِلُ لِتَقَدُّمِهَا فِي كِتَابِ دَعْوَى الدَّمِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَعْضِهِ عَدَاوَةٌ فَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ خِلَافٌ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِعَدَمِ قَبُولِهَا لَهُ وَعَلَيْهِ.

(وَلَوْ شَهِدَ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ (لَهُ) مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ شَهِدَ لِفَرْعٍ (وَغَيْرِهِ قُبِلَتْ لِغَيْرِهِ) لَا لَهُ لِاخْتِصَاصِ الْمَانِعِ بِهِ (أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ لِاثْنَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تَرِكَةٍ فَشَهِدَا لَهُمَا بِوَصِيَّةٍ مِنْهَا قُبِلَتَا) ، وَإِنْ اُحْتُمِلَتْ الْمُوَاطَأَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا مَعَ أَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى.

(وَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ عَدُوِّ شَخْصٍ عَلَيْهِ) فِي عَدَاوَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ الْعَدَاوَةَ مِنْ أَقْوَى الرِّيَبِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ لَهُ إذْ لَا تُهْمَةَ وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ (، وَهُوَ) أَيْ عَدُوُّ الشَّخْصِ (مَنْ يَحْزَنُ بِفَرَحِهِ وَعَكْسُهُ) أَيْ وَيَفْرَحُ بِحُزْنِهِ.

(وَتُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (عَلَى عَدُوِّ دِينٍ كَكَافِرٍ) شَهِدَ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ (وَمُبْتَدِعٍ) شَهِدَ عَلَيْهِ سُنِّيٌّ (وَ) تُقْبَلُ (مِنْ مُبْتَدِعٍ لَا نُكَفِّرُهُ) بِبِدْعَتِهِ كَمُنْكَرِي صِفَاتِ اللَّهِ وَخَلْقَهُ أَفْعَالَ عِبَادِهِ وَجَوَازَ رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُصِيبُونَ فِي ذَلِكَ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ مَنْ نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ كَمُنْكَرِي حُدُوثِ الْعَالَمِ وَالْبَعْثِ وَالْحَشْرِ لِلْأَجْسَامِ وَعِلْمَ اللَّهِ بِالْمَعْدُومِ وَبِالْجُزْئِيَّاتِ لِإِنْكَارِهِمْ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ

(لَا دَاعِيَةٍ) .

ــ

[حاشية الجمل]

أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَنَّ فُلَانًا قَذَفَ زَوْجَتَهُ) وَكَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِزِنَا زَوْجَتِهِ، وَلَوْ مَعَ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا؛ وَلِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّهِ اهـ م ر اهـ س ل (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ لِعَبْدِهِ بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهُ قُبِلَتْ أَنَّ شَهَادَتَهُ هُنَا مُحَصَّلَةُ نِسْبَةِ الْقَاذِفِ إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ بِنِسْبَةِ زَوْجَتِهِ إلَى فَسَادٍ بِخِلَافِ السَّيِّدِ بِالنِّسْبَةِ لِقِنِّهِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ إلَخْ) أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِيَدِ اثْنَيْنِ عَيْنٌ وَادَّعَاهَا ثَالِثٌ فَشَهِدَ كُلٌّ لِلْآخَرِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي قَبْلُ إذْ لَا يَدَ لِكُلٍّ عَلَى مَا ادَّعَى بِهِ عَلَى غَيْرِهِ حَتَّى تَدْفَعَ شَهَادَتُهُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَشَهِدَ بِهِ لِلْآخَرِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِ الْقَافِلَةِ لِبَعْضٍ عَلَى الْقُطَّاعِ حَيْثُ لَمْ يُقَلْ أُخِذَ مَالُنَا أَوْ نَحْوُهُ وَشَهَادَةُ غَاصِبٍ بَعْدَ الرَّدِّ وَالتَّوْبَةِ بِمَا غَصَبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَعْدَ الرَّدِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّ الْعَيْنِ وَبَدَلِ مَنَافِعِهَا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ تَوْبَتِهِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَدُوِّ شَخْصٍ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ عَلَى مَيِّتٍ بِحَقٍّ فَيُقِيمُ الْوَارِثُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُمَا عَدُوَّانِ لَهُ أَيْ الْوَارِثِ فَلَا يُقْبَلَانِ عَلَيْهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْخَصْمُ لِانْتِقَالِ التَّرِكَةِ لَهُ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ الْمَيِّتُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَدُوِّ شَخْصٍ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ عَادَى مَنْ سَيَشْهَدُ عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي خِصَامِهِ وَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لِئَلَّا يَتَّخِذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى رَدِّهَا، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْقَذْفِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى قَاذِفِهِ، وَلَوْ قَبْلَ طَلَبِ الْحَدِّ لِظُهُورِ الْعَدَاوَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالنَّصُّ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ لِلْحَدِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ الطَّرِيقَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ النَّصِّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَاذِفِ وَالْمَقْذُوفِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ قَذَفَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي قَبُولِهَا فَيَحْكُمُ بِهَا الْحَاكِمُ اهـ وَفِي الْعُبَابِ فَمَنْ بَالَغَ فِي عَدَاوَةِ رَجُلٍ فَسَكَتَ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لَا عَكْسُهُ مَا بَقِيَتْ الْخُصُومَةُ وَالْقَذْفُ كَبِيرَةٌ مِنْ الْقَاذِفِ وَعَدَاوَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَأَخَذَ مَالَهُ وَهَلْ قَاذِفُ أُمِّ رَجُلٍ أَوْ زَوْجَتِهِ عَدُوٌّ لَهُ وَجْهَانِ وَقَذْفُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الشَّاهِدَ بَعْدَ الْأَدَاءِ يُخَالِفُ طُرُوُّ الْفِسْقِ بَعْدَهُ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ فِي طُرُوُّ الْعَدَاوَةِ قُدِّمَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ مَا يُخَالِفُهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم

(قَوْلُهُ فِي عَدَاوَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ) فِي سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقٌ بِعَدُوٍّ وَأُخِذَ هَذَا التَّقْيِيدُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَتُقْبَلُ عَلَى عَدُوِّ دِينٍ وَيَكْتَفِي بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْعَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَالْمُخَاصَمَةِ اكْتِفَاءً بِالْمَظِنَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ نَعَمْ لَوْ بَالَغَ فِي خُصُومَةِ مَنْ سَيَشْهَدُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجِبْهُ قُبِلَ عَلَيْهِ اهـ ز ي وَفَرَّقَ بَيْنَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ بِأَنَّ الْعَدَاوَةَ هِيَ الَّتِي تُفْضِي إلَى التَّعَدِّي بِالْأَفْعَالِ وَالْبَغْضَاءَ هِيَ الْعَدَاوَةُ الْكَامِنَةُ فِي الْقَلْبِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ) هَذَا عَجُزُ بَيْتٍ مِنْ بَحْرِ الْكَامِلِ وَصَدْرُهُ

وَمَلِيحَةٍ شَهِدَتْ لَهَا ضَرَّاتُهَا ... وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ

اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ يَحْزَنُ إلَخْ) وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَخْتَصُّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ أَفَضْت الْعَدَاوَةُ إلَى الْفِسْقِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالْمُرَادُ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَةَ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَكْتَفِي بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَالْمُخَاصَمَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ اكْتِفَاءً بِالْمَظِنَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَمِنْ مُبْتَدِعٍ لَا نُكَفِّرُهُ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ اسْتَحَلُّوا دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا اهـ ح ل وَالْمُبْتَدِعُ مَنْ خَالَفَ فِي الْعَقَائِدِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَالْمُرَادُ بِهِمْ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ إمَامَاهُمَا أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَأَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ وَأَتْبَاعُهُمَا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مُبْتَدِعٍ أَمْرٌ لَمْ يَشْهَدْ الشَّرْعُ بِحُسْنِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَا دَاعِيَةٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>