الْكَافِرُ الْمُسِرُّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ لِلتُّهْمَةِ وَبِالْمُعَادَةِ غَيْرُهَا فَتُقْبَلُ مِنْ الْجَمِيعِ (، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْمُعَادَةِ (مِنْ فَاسِقٍ أَوْ خَارِمِ مُرُوءَةٍ) ، وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (بَعْدَ تَوْبَتِهِ وَهِيَ نَدَمٌ) عَلَى الْمَحْذُورِ (بِ) شَرْطِ (إقْلَاعٍ) عَنْهُ (وَعَزْمٍ أَنْ لَا يَعُودَ) إلَيْهِ (وَخُرُوجٍ عَنْ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ) مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُؤَدِّي الزَّكَاةَ لِمُسْتَحِقِّهَا.
ــ
[حاشية الجمل]
أَسَرَّ بِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَمَا تَقَرَّرَ فِي الْمُعْلِنِ بِفِسْقِهِ أَيْ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ إذَا أَدَّاهَا بِعُذْرٍ بَعْدَ زَوَالِ فِسْقِهِ هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ، وَإِنَّمَا يَجِيءُ الْوَجْهَانِ إذَا صَغَى الْقَاضِي إلَى شَهَادَتِهِ مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ ثُمَّ رَدَّهَا إذْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُصْغِ إلَيْهَا تُقْبَلُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصْغِي إلَيْهَا كَمَا لَا يُصْغِي إلَى الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ لَفْظُ الْمُعَادَةِ اهـ سم (قَوْلُهُ الْكَافِرِ الْمُسِرُّ) أَيْ الَّذِي شَهِدَ حَالَ كُفْرِهِ الَّذِي يُسِرُّهُ فَرَدَّ لِأَجْلِهِ فَرَدُّهُ يُكْسِبُهُ الْعَارَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَظَاهِرًا بِالْإِسْلَامِ فَلَمَّا رُدَّ لِلْكُفْرِ الْخَفِيِّ ظَهَرَ كُفْرُهُ فَيُعَيَّرُ بِهِ ثُمَّ حَسُنَ إسْلَامُهُ فَشَهِدَ ثَانِيًا فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِاتِّهَامِهِ بِدَفْعِ الْعَارِ الْحَاصِلِ مِنْ الرَّدِّ الْأَوَّلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِلتُّهْمَةِ أَيْ تُهْمَةِ دَفْعِ الْعَارِ الْحَاصِلِ مِنْ الرَّدِّ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وحج
(قَوْلُهُ مِنْ فَاسِقٍ أَوْ خَارِمِ مُرُوءَةٍ بَعْدَ تَوْبَتِهِ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي أَنَّ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ يَحْتَاجُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ إلَى التَّوْبَةِ مِنْهُ، وَأَنَّ حَقِيقَتَهَا مِنْهُ كَحَقِيقَتِهَا مِنْ الْمَعْصِيَةِ فِي النَّدَمِ وَالْإِقْلَاعِ وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ اهـ مِنْ سم قَالَ بَعْضُهُمْ كُلُّ مُذْنِبٍ يَجُوزُ قَبُولُ التَّوْبَةِ مِنْهُ إلَّا إبْلِيسَ وَهَارُوتَ وَمَارُوتَ وَعَاقِرَ النَّاقَةِ وَقَابِيلَ قُلْتُ وَفِيهِ فِي غَيْرِ إبْلِيسَ نَظَرٌ أَمَّا هَارُوتُ وَمَارُوتُ فَتَابَا وَقُبِلَتْ تَوْبَتُهُمَا وَأَمَّا قَابِيلُ وَعَاقِرُ النَّاقَةِ فَمَاتَا قَبْلَ أَنْ يَتُوبَا وَالتَّوْبَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا أَثَرَ لَهَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْجَامِعِ فِي أَوَّلِ حَرْفِ اللَّامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ، وَهِيَ نَدَمٌ) عَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ تَحَزُّنٌ وَتَوَجُّعٌ لِمَا فَعَلَ وَتَمَنَّى كَوْنَهُ لَمْ يَفْعَلْ وَلَا يَجِبُ عِنْدَنَا اسْتِدَامَةُ النَّدَمِ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ بَلْ يَكْفِي اسْتِصْحَابُهُ حُكْمًا اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الشَّارِحِ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ إقْلَاعٍ) هُوَ مُفَارَقَةُ الْمَعْصِيَةِ وَقَطْعُهَا فَلَوْ تَابَ مِنْ الزِّنَا، وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ الْإِقْلَاعِ فَالْإِقْلَاعُ غَيْرُ النَّدَمِ وَالْإِقْلَاعُ يَتَعَلَّقُ بِالْحَالِ وَالنَّدَمُ بِالْمَاضِي وَالْعَزْمُ بِالْمُسْتَقْبَلِ اهـ مِنْ ز ي (قَوْلُهُ وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ) أَيْ إنْ تَيَسَّرَ مِنْهُ إلَّا كَمَجْبُوبٍ بَعْدَ زِنَاهُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ لَهُ بِالِاتِّفَاقِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عَدَمُ وُصُولِهِ لِحَالَةِ الْغَرْغَرَةِ وَعَدَمُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَتَصِحُّ مِنْ سَكْرَانَ حَالَةَ سُكْرِهِ إنْ تَابَ مِنْهُ الشُّرُوطُ الَّتِي مِنْهَا النَّدَمُ كَإِسْلَامِهِ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ وَخُرُوجٍ عَنْ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي الدُّخُولِ عَلَى هَذَا ثُمَّ صَرَّحَ بِمَا يُفْهِمُهُ الْإِقْلَاعُ لِلِاعْتِنَاءِ بِهِ فَقَالَ وَرَدِّ ظُلَامَةٍ إلَخْ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ ابْنِ السُّبْكِيّ مَعَ شَرْحِهَا لِلْمَحَلِّيِّ، وَهِيَ أَيْ التَّوْبَةُ النَّدَمُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَعْصِيَةٌ فَالنَّدَمُ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ لِإِضْرَارِهِ بِالْبَدَنِ لَيْسَ بِتَوْبَةٍ وَتَتَحَقَّقُ بِالْإِقْلَاعِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَعَزْمٍ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا وَتَدَارُكِ مُمْكِنِ التَّدَارُكِ مِنْ الْحَقِّ النَّاشِئِ عَنْهَا كَحَقِّ الْقَذْفِ فَيَتَدَارَكُهُ بِتَمْكِينِ مُسْتَحِقِّهِ مِنْ الْمَقْذُوفِ أَوْ وَارِثِهِ لِيَسْتَوْفِيَهُ أَوْ يُبْرِئَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَدَارُكُ الْحَقِّ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقُّهُ مَوْجُودًا سَقَطَ هَذَا الشَّرْطُ كَمَا يَسْقُطُ فِي تَوْبَةِ مَعْصِيَةٍ لَا يَنْشَأُ عَنْهَا حَقُّ آدَمِيٍّ وَكَذَا يَسْقُطُ شَرْطُ الْإِقْلَاعِ فِي تَوْبَةِ مَعْصِيَةٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا كَشُرْبِ خَمْرٍ فَالْمُرَادُ بِتَحَقُّقِ التَّوْبَةِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ فِيمَا يَتَحَقَّقُ بِهَا عَنْهَا إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي كُلِّ تَوْبَةٍ اهـ بِحُرُوفِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ، وَهِيَ النَّدَمُ أَيْ مُعْظَمُ أَرْكَانِهَا النَّدَمُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَطَّرِدُ فِي كُلِّ تَوْبَةٍ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ غَيْرُهُ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ أَمَّا عَزْمٍ أَنْ لَا يَعُودَ فَيُغْنِي عَنْهُ النَّدَمُ أَيْ يَسْتَلْزِمُهُ كَمَا عَرَفْت مِنْ تَعْرِيفِ النَّدَمِ فِي عِبَارَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا الْإِقْلَاعُ، فَإِنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ بَاقِيَةً، فَإِنْ انْقَضَتْ وَفَرَغَتْ سَقَطَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَأَمَّا رَدُّ الْمَظَالِمِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمَتْنِ: وَتَدَارُكِ مُمْكِنِ التَّدَارُكِ إلَخْ فَيَسْقُطُ إنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِمَوْتِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ مَثَلًا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَالْمُطَّرِدُ مِنْ أَرْكَانِ التَّوْبَةِ هُوَ النَّدَمُ لَا غَيْرُ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَخُرُوجٍ عَنْ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ غَيْبَةً مَثَلًا وَقَدْ اسْتَغْفَرَ الْمُغْتَابُ أَيْ دَعَا لِمَنْ اغْتَابَهُ بِالْمَغْفِرَةِ سَقَطَ عَنْهُ إثْمُهَا، وَإِنْ بَلَغَتْ صَاحِبَهَا وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَبْرِئَهُ مِنْ هَذَا الْحَقِّ اهـ شَيْخُنَا أُجْهُورِيٌّ نَقْلًا عَنْ سم.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِذَا بَلَغَتْ الْغَيْبَةُ الْمُغْتَابَ اُشْتُرِطَ اسْتِحْلَالُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِمَوْتِهِ أَوْ تَعَسَّرَ لِغَيْبَتِهِ الطَّوِيلَةِ اسْتَغْفَرَ لَهُ وَلَا أَثَرَ لِتَحْلِيلِ وَارِثٍ وَلَا مَعَ جَهْلِ الْمُغْتَابِ بِمَا حَلَّلَ مِنْهُ أَمَّا إذَا لَمْ تَبْلُغْهُ فَيَكْفِي فِيهَا النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَكَذَا يَكْفِي النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ عَنْ الْحَسَدِ وَمَنْ مَاتَ وَلَهُ دَيْنٌ لَمْ يَسْتَوْفِهِ وَارِثُهُ كَانَ الْمُطَالَبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ هُوَ دُونَ الْوَارِثِ عَلَى الْأَصَحِّ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِمَوْتِهِ إلَخْ وَلَيْسَ مِنْ التَّعَذُّرِ مَا لَوْ اغْتَابَ صَغِيرًا مُمَيِّزًا وَبَلَغَتْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute