للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إنْ بَقِيَ وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ لِمُسْتَحِقِّهِ وَيُمَكِّنُ مُسْتَحِقَّ الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ يُبْرِئُهُ مِنْهُ الْمُسْتَحِقُّ وَمَا هُوَ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَزِنًا وَشُرْبِ مُسْكِرٍ إنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ وَيُقَرِّبَهُ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ، وَإِنْ ظَهَرَ فَقَدْ فَاتَ السِّتْرُ فَيَأْتِي الْحَاكِمَ وَيُقَرِّبُهُ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ (وَ) بِشَرْطِ (قَوْلٍ فِي) مَحْذُورٍ (قَوْلِيٍّ) لِتُقْبَلَ.

ــ

[حاشية الجمل]

فَلَا يَكْفِي الِاسْتِغْفَارُ لَهُ؛ لِأَنَّ لِلصَّبِيِّ أَمَدًا يُنْتَظَرُ وَبِفَرْضِ مَوْتِ الْمُغْتَابِ يُمْكِنُ اسْتِحْلَالُ وَارِثِ الْمَيِّتِ مِنْ الْمُغْتَابِ بَعْدَ بُلُوغِهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ عِبَارَةُ حَجّ فِي شَرْحِ الزَّوَاجِرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ رَأَيْت فِي مِنْهَاجِ الْعَابِدِينَ لِلْغَزَالِيِّ أَنَّ الذُّنُوبَ الَّتِي بَيْنَ الْعِبَادِ إمَّا فِي الْمَالِ فَيَجِبُ رَدُّهُ عِنْدَ الْمُكْنَةِ، فَإِنْ عَجَزَ لِفَقْرٍ اسْتَحَلَّهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِحْلَالِهِ لِغَيْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَأَمْكَنَ التَّصَدُّقُ عَنْهُ فَعَلَهُ وَإِلَّا فَلْيُكْثِرْ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَيَرْجِعْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَتَضَرَّعْ إلَيْهِ فِي أَنْ يُرْضِيَهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،

وَأَمَّا فِي النَّفْسِ فَيُمَكِّنُهُ أَوْ وَلِيَّهُ مِنْ الْقَوَدِ، فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إرْضَائِهِ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَمَّا فِي الْعِرْضِ، فَإِنْ اغْتَبْته أَوْ شَتَمْته أَوْ بَهَتَهُ فَحَقُّك أَنْ تُكَذِّبَ نَفْسَك بَيْنَ يَدَيْ مَنْ فَعَلْت ذَلِكَ مَعَهُ إنْ أَمْكَنَك بِأَنْ لَمْ تَخْشَ زِيَادَةَ غَيْظٍ، وَهِيَاجَ فِتْنَةٍ فِي إظْهَارِ ذَلِكَ، فَإِنْ خَشِيت ذَلِكَ فَالرُّجُوعُ إلَى اللَّهِ لِيُرْضِيَهُ عَنْك، وَأَمَّا فِي حَرَمِهِ، فَإِنْ خُنْته فِي أَهْلِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِحْلَالِ وَالْإِظْهَارِ؛ لِأَنَّهُ يُوَلِّدُ فِتْنَةً وَغَيْظًا بَلْ تَتَضَرَّعُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِيُرْضِيَهُ عَنْك وَتَجْعَلُ لَهُ خَيْرًا فِي مُقَابَلَتِهِ، فَإِنْ أَمِنْت الْفِتْنَةَ وَالْهِيَاجَ، وَهُوَ نَادِرٌ فَتَسْتَحِلُّ مِنْهُ، وَأَمَّا فِي الدِّينِ، فَإِنْ كَفَّرْته أَوْ بَدَّعْته أَوْ ضَلَّلْته فَهُوَ أَصْعَبُ الْأَمْرِ فَتَحْتَاجُ إلَى تَكْذِيبِ نَفْسِك بَيْنَ يَدَيْ مَنْ قُلْت لَهُ ذَلِكَ وَتَسْتَحِلَّ مِنْ صَاحِبِك إنْ أَمْكَنَك وَإِلَّا فَالِابْتِهَالُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى جِدًّا وَالنَّدَمُ عَلَى ذَلِكَ لِيُرْضِيَهُ عَنْك اهـ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالتَّحْقِيقِ اهـ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَرَمِ الشَّامِلِ لِلزَّوْجَةِ وَالْمَحَارِمِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ الزِّنَا وَاللِّوَاطَ فِيهِمَا حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ فَتَتَوَقَّفُ التَّوْبَةُ مِنْهُمَا عَلَى اسْتِحْلَالِ أَقَارِبِ الْمَزْنِيِّ بِهَا أَوْ الْمَلُوطِ بِهِ وَعَلَى اسْتِحْلَالِ زَوْجِ الْمَزْنِيِّ بِهَا هَذَا إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَإِلَّا فَلْيَتَضَرَّعْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إرْضَائِهِمْ عَنْهُ وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ فِي الزِّنَا وَاللِّوَاطِ إلْحَاقُ عَارٍ أَيْ عَارٍ بِالْأَقَارِبِ وَتَلْطِيخُ فِرَاشِ الزَّوْجِ فَوَجَبَ اسْتِحْلَالُهُمْ حَيْثُ لَا عُذْرَ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ وَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إنْ بَقِيَ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحِقُّ مَوْجُودًا أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ سَلَّمَهَا إلَى قَاضٍ أَمِينٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَنَوَى الْغُرْمَ لَهُ إنْ وَجَدَهُ أَوْ يَتْرُكُهَا عِنْدَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّصَدُّقُ بِهَا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ كُلِّهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْآحَادِ وَالْمُعْسِرُ يَنْوِي الْغُرْمَ إذَا قَدَرَ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ لِإِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ عَصَى بِهِ لِتَصِحَّ تَوْبَتُهُ، فَإِنْ مَاتَ مُعْسِرًا طُولِبَ فِي الْآخِرَةِ إنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ فِيهَا وَالرَّجَاءَ فِي اللَّهِ تَعْوِيضُ الْخَصْمِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ، فَإِنْ عَدِمَ أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَإِلَى أَمِينٍ مِنْ قَاضٍ ثُمَّ عَالِمٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ أَوْ صَرَفَهُ فِي الْمَصَالِحِ بِنِيَّةِ الْغُرْمِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَبِشَرْطِ قَوْلٍ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا الْقَوْلَ يَكُونُ فِي أَيِّ زَمَنٍ وَيُقَالُ لِمَنْ حَزَرَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ حَرَّرْنَاهُ فَرَأَيْنَا فِي عِبَارَةِ الزَّوَاجِرِ الْمَذْكُورَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَقُولُهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُسْتَحَلِّ مِنْهُ كَالْمَقْذُوفِ اهـ (قَوْلُهُ فِي مَحْذُورِ قَوْلِي) وَمِنْهُ مَا يُسْقِطُهُ الْمُرُوءَةَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا فِي مَحْذُورِ قَوْلِي) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الرِّدَّةِ وَلَا يُعْتَرَضُ بِالْفِعْلِ الْمُوجِبِ لِلرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْقَوْلُ وَالْفِعْلَ فِيهَا تَبَعٌ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ اعْتِبَارَ الْقَوْلِ فِي الْمَعَاصِي الْقَوْلِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا أَبْرَزَهُ قَائِلُهُ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مُحِقٌّ وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ فِي الْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَبْرَزَهُ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ كَفَرَ وَقَالَ إنَّهُ مِنْ النَّفَائِسِ اهـ

(تَنْبِيهٌ) .

مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْغِيبَةَ لَا بُدَّ فِي التَّوْبَةِ مِنْهَا مِنْ الْعَزْمِ وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ (تَنْبِيهٌ) . قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّوْبَةِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكْفِي عَرْضُ نَفْسِهِ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَاسْتِيفَاءُ الْحَدِّ مِنْهُ اهـ سم (قَوْلُهُ لِتُقْبَلَ شَهَادَتُهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ شَرْطَانِ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ لَا فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ إذْ تَصِحُّ بِدُونِهِمَا هَذَا وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُقَدِّرَ الْمُضَافَ لَفْظَ بَعْدَ بِأَنْ يَقُولَ وَبَعْدَ قَوْلِ إلَخْ لِيَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى تَوْبَةٍ وَصَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى إقْلَاعٍ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ شَرْطٌ لِلتَّوْبَةِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ لِتُقْبَلَ إلَخْ اهـ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الزَّوَاجِرِ الْمَذْكُورَةُ لَكِنْ رَأَيْت فِي سم مَا يُوَافِقُ فَهْمَ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ وَنَصُّهُ اشْتِرَاطُ الْقَوْلِ فِي الْقَوْلِيَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي الْفِعْلِيَّةِ وَمَا أَلْحَقَ بِهَا مِمَّا ذَكَرَ هُوَ فِي التَّوْبَةِ الَّتِي تَعُودُ بِهَا الْوِلَايَاتُ وَقَبُولُ الشَّهَادَةِ أَمَّا التَّوْبَةُ الْمُسْقِطَةُ لِلْإِثْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ اهـ ثُمَّ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>