للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ.

(وَمَنْ سَمِعَ قَوْلَ شَخْصٍ أَوْ رَأَى فِعْلَهُ وَعَرَفَهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ) وَلَوْ بَعْدَ تَحَمُّلِهِ (شَهِدَ بِهِمَا إنْ غَابَ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي آخِرِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ (أَوْ مَاتَ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَغِبْ وَلَمْ يَمُتْ (فَبِإِشَارَةٍ) يَشْهَدُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَلَا يَشْهَدُ بِهِمَا (كَمَا لَمْ يَعْرِفْهُ بِهِمَا وَمَاتَ وَلَمْ يُدْفَنْ) فَإِنَّهُ إنَّمَا يَشْهَدُ بِالْإِشَارَةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ فِي غَيْبَتِهِ وَلَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِهِمَا فَلَا يُنْبَشُ قَبْرُهُ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: إنْ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ نُبِشَ.

(وَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ شَهَادَةٍ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ) بِنُونٍ ثُمَّ تَاءٍ مِنْ انْتَقَبَ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا) فَإِنَّ الْأَصْوَاتَ تَتَشَابَهُ (فَإِنْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا.

ــ

[حاشية الجمل]

وَالنَّسَبِ مَعْطُوفٌ عَلَى خَبَرِهَا وَهُوَ الظَّرْفُ فَفِي الْكَلَامِ الْعَطْفُ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ جَائِزٌ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ سَمِعَ قَوْلَ شَخْصٍ) أَيْ وَرَآهُ حَالَ الْقَوْلِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ رَأَى فِعْلَهُ أَيْ مَعَ رُؤْيَةٍ لَهُ حَالَةَ الْفِعْلِ يَدُلُّ لِهَذَا مَا تَقَدَّمَ فَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ اتِّكَالًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ: " وَمَنْ سَمِعَ قَوْلَ شَخْصٍ أَوْ رَأَى فِعْلَهُ فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَهُ وَاسْمَهُ وَنَسَبَهُ. . . إلَخْ انْتَهَتْ " فَفِيهَا زِيَادَةُ لَفْظَةِ فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَهُ وَهِيَ تُفِيدُ مَا قُلْنَاهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي آخِرِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ فَصْلٌ الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْحُجَّةُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقِ عَدْوَى أَوْ تَوَارَى أَوْ تَعَزَّزَ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ أَوْ مَاتَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ وَإِنْ لَمْ يُدْفَنْ.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى السَّابِقِ هُوَ الْغَائِبُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَهَذَا كَمَا تَرَى يَقْتَضِيَ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي بِحَقٍّ ثُمَّ غَابَ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي بِالْبَلَدِ أَوْ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى وَكَانَ مَعْرُوفَ الِاسْمِ، وَالنَّسَبِ لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُضُورِهِ كَمَا أَنَّ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ إلَّا كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ كَذَلِكَ اُتُّبِعَ وَإِلَّا فَهُوَ مَوْضِعُ نَظَرٍ فَلْيُحَرَّرْ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ ح ل وَالْمُعْتَمَدُ الِاكْتِفَاءُ بِالْغَيْبَةِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَزِّزًا وَلَا مُتَوَارِيًا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي مَحِلٍّ يَسُوغُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِإِشَارَةٍ) قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ: اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحَاضِرِ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ اهـ وَقَوْلُهُ كَمَا لَمْ يَعْرِفْهُ بِهِمَا قَالَ فِي الْمَحَلِّيِّ فَإِنْ جَهِلَهُمَا لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَغَيْبَتِهِ وَكَذَا إنْ جَهِلَ أَحَدَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ سم (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِهِمَا) أَيْ وَلَيْسَ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْرِفَةِ إخْبَارُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِفَاضَةِ وَإِذَا كَتَبَ فِي الْوَثِيقَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَقَرَّ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ بِإِقْرَارِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ شَهَادَةٌ بِالْإِقْرَارِ صَرِيحًا، وَالنَّسَبِ ضِمْنًا هَذَا مَذْهَبُنَا خِلَافًا لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ اجْتِنَابُ ذَلِكَ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ النَّسَبَ لَا يَكْفِي فِيهِ إخْبَارُ الشَّخْصِ عَنْ نَفْسِهِ عَلِمْت أَنَّ غَالِبَ أَحْكَامِ قُضَاةِ الْعَصْرِ بَاطِلَةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشُّهُودَ يَتَحَمَّلُونَ الشَّهَادَةَ فِي الْغَالِبِ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُونَ نَسَبَهُ إلَّا بِإِخْبَارِهِ ثُمَّ يُؤَدُّونَ فِي غَيْبَتِهِ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي وَهُوَ حُكْمٌ بَاطِلٌ سَوَاءٌ ذَكَرُوا مَعَ ذَلِكَ صِفَةَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَمْ لَا اهـ سم (قَوْلُهُ: فَلَا يُنْبَشُ قَبْرُهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُهَالَ عَلَيْهِ التُّرَابُ وَقَوْلُهُ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ. إلَخْ ضَعِيفٌ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُدْفَنْ أُحْضِرَ لِيَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ وَلَا تَغَيُّرٌ لَهُ أَمَّا بَعْدَ دَفْنِهِ فَلَا يُحْضَرُ وَإِنْ أُمِنَ تَغَيُّرُهُ وَاشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ لِحُضُورِهِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ شَهَادَةٍ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ) أَيْ لِلْأَدَاءِ عَلَيْهَا أَمَّا لَا لِلْأَدَاءِ عَلَيْهَا كَأَنْ تَحَمَّلَا أَنَّ مُنْتَقِبَةً بِوَقْتِ كَذَا بِمَجْلِسِ كَذَا قَالَتْ كَذَا وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ هَذِهِ الْمَوْصُوفَةَ فُلَانُهُ بِنْتُ فُلَانٍ جَازَ وَثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَتَيْنِ، وَلَوْ شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا فَسَأَلَهُمْ الْقَاضِي أَتَعْرِفُونَ عَيْنَهَا أَمْ اعْتَمَدْتُمْ صَوْتَهَا لَمْ تَلْزَمْهُمْ إجَابَتُهُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَمَحِلُّهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَشْهُورِي الدِّيَانَةِ، وَالضَّبْطِ وَإِلَّا لَزِمَهُ سُؤَالُهُمْ وَلَزِمَهُمْ الْإِجَابَةُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَآخَرُونَ اهـ حَجّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مُنْتَقِبَةٍ) أَيْ لَابِسَةٍ لِلنِّقَابِ وَهُوَ مَا يُغَطِّي وَجْهَهَا كَالْبُرْقُعِ اهـ شَيْخُنَا.

وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَنِقَابُ الْمَرْأَةِ جَمْعُهُ نُقُبٍ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ، وَانْتَقَبَتْ وَتَنَقَّبَتْ غَطَّتْ وَجْهَهَا بِالنِّقَابِ وَهُوَ مَا وَصَلَ إلَى مَحْجَرِ عَيْنِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا) أَيْ وَلَوْ بِدُونِ رَفْعِ النِّقَابِ كَمَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الْمَرْأَةَ بِعَيْنِهَا فِي نِقَابِهَا اهـ شَيْخُنَا وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهَا مِنْ وَرَاءِ نِقَابٍ خَفِيفٍ صَحَّ وَكَذَا لَوْ تَحَقَّقَ صَوْتَهَا مِنْ وَرَاءِ النِّقَابِ وَلَازَمَهَا حَتَّى أَدَّى عَلَى عَيْنِهَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ شَرْطُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَهِيَ كَاشِفَةٌ عَنْ وَجْهِهَا لِيَعْرِفَ الْقَاضِي صُورَتَهَا وَإِنْ لَمْ يَرَهَا الشَّاهِدُ كَمَا قُلْنَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُنْتَقِبَةِ أَنْ يَرَاهَا الشَّاهِدَانِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا، وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ وَلَمْ يَعْرِفْهَا الْعَاقِدَانِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ اسْتِمَاعَ الشَّاهِدِ الْعَقْدَ كَاسْتِمَاعِ الْحَاكِمِ الشَّهَادَةَ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَسْأَلَةُ النِّكَاحِ شَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ مَجْهُولَةَ النَّسَبِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهَا مَنْقُولٌ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَاعْلَمْ أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ نَفْسِيَّةٌ، وَالْقُضَاةُ الْآنَ لَا يَعْلَمُونَ بِهَا فَإِنَّهُمْ يُزَوِّجُونَ الْمُنْتَقِبَةَ الْحَاضِرَةَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ الشُّهُودِ لَهَا اكْتِفَاءً بِحُضُورِهَا وَإِخْبَارِهَا وَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ فِي الْخَادِمِ فِي بَابِ النِّكَاحِ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا فَرَاجِعْهُ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>