فَيَقَعَ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُمْ وَحُرِّيَّتُهُمْ وَذُكُورَتُهُمْ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ كَذَا بَلْ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ ابْنُهُ مَثَلًا لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ خِلَافَ مَا سَمِعَ مِنْ النَّاسِ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِالتَّسَامُعِ فِي الْمَذْكُورَاتِ وَإِنْ تَيَسَّرَتْ مُشَاهَدَةُ أَسْبَابِ بَعْضِهَا لِأَنَّ مُدَّتَهَا تَطُولُ فَيَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ابْتِدَائِهَا فَتَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالتَّسَامُعِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْوَقْفِ هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِهِ أَمَّا شُرُوطُهُ وَتَفَاصِيلُهُ فَبَيَّنْت حُكْمَهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَهُ بِلَا مُعَارِضٍ شَهَادَةٌ (بِمِلْكٍ بِهِ) أَيْ بِالتَّسَامُعِ مِمَّنْ ذُكِرَ (أَوْ بِيَدٍ وَتَصَرُّفٍ تَصَرُّفَ مُلَّاكٍ) كَسُكْنَى وَهَدِّهِ وَبِنَاءٍ وَبَيْعٍ (مُدَّةً طَوِيلَةً عُرْفًا) فَلَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَنْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ وَلَا بِمُجَرَّدِ التَّصَرُّفِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ غَاصِبٍ وَلَا بِهِمَا مَعًا بِدُونِ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ كَأَنْ تَصَرَّفَ مَرَّةً أَوْ تَصَرَّفَ مُدَّةً قَصِيرَةً لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَصِّلُ الظَّنَّ (أَوْ بِاسْتِصْحَابٍ) لِمَا سَبَقَ مِنْ نَحْوِ إرْثٍ وَشِرَاءٍ وَإِنْ اُحْتُمِلَ زَوَالُهُ لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ وَلَا يُصَرِّحُ فِي شَهَادَتِهِ بِالِاسْتِصْحَابِ فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ وَظَهَرَ فِي ذِكْرِهِ تَرَدُّدٌ لَمْ يُقْبَلْ وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِصْحَابِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي الدَّعْوَى، وَالْبَيِّنَاتِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي بِلَا مُعَارِضٍ مَا لَوْ عُورِضَ كَأَنْ أَنْكَرَ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ النَّسَبَ أَوْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ فَتُمْنَعُ الشَّهَادَةُ بِهِ لِاخْتِلَالِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ وَقَوْلِي " عُرْفًا " مِنْ زِيَادَتِي.
(تَنْبِيهٌ) صُورَةُ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا وَلَدُ فُلَانٍ أَوْ أَنَّهُ عَتِيقُهُ أَوْ مَوْلَاهُ أَوْ وَقْفُهُ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَنَّهُ مِلْكُهُ لَا أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَةَ وَلَدَتْ فُلَانًا وَأَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ فُلَانًا أَوْ أَنَّهُ وَقَفَ كَذَا أَوْ أَنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْفِعْلِ الْإِبْصَارُ وَبِالْقَوْلِ الْإِبْصَارُ، وَالسَّمْعُ وَلَوْ تَسَامَعَ سَبَبَ الْمِلْكِ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ بِهِ بِالتَّسَامُعِ وَلَوْ مَعَ الْمِلْكِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ إرْثًا فَتَجُوزُ لِأَنَّ الْإِرْثَ يُسْتَحَقُّ بِالنَّسَبِ، وَالْمَوْتِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ وَمِمَّا يَثْبُتُ بِهِ أَيْضًا وِلَايَةُ الْقَضَاءِ، وَالْجَرْحُ، وَالتَّعْدِيلُ، وَالرُّشْدُ، وَالْإِرْثُ.
ــ
[حاشية الجمل]
مَبْلَغًا أَحَالَتْ الْعَادَةُ تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَالْمُسْتَفِيضَ مَا غَلَبَ فِيهِ عَلَى الظَّنِّ الْأَمْنُ مِنْ التَّوَاطُؤِ عَلَى ذَلِكَ اهـ دَمِيرِيٌّ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ م ر مِنْ النَّظَرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ عَدَدَ التَّوَاتُرِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ الْعِلْمَ وَلَا بُدَّ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُمْ. . . إلَخْ) لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِمْ التَّكْلِيفُ اهـ ع ش عَلَى م ر قَالَ شَيْخُنَا: وَيُشْتَرَطُ إسْلَامُهُمْ هُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يُشْتَرَطُ فِي عَدَدِ التَّوَاتُرِ الْإِسْلَامُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَقَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِمْ بِالتَّوَاتُرِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إسْلَامِهِمْ لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِمْ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوَاتُرِ بِضَعْفِ هَذَا لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ الْقَوِيَّ فَقَطْ بِخِلَافِ التَّوَاتُرِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ خِلَافَ مَا سَمِعَ مِنْ النَّاسِ) هَذَا إنْ ظَهَرَ بِذِكْرِهِ تَرَدُّدٌ عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَذْكُرُهُ فِي الِاسْتِصْحَابِ، وَصَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ حَيْثُ حَمَلَ عَدَمَ الْقَبُولِ عَلَى مَا إذَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الِارْتِيَابِ أَمَّا لَوْ بَتَّ شَهَادَتَهُ ثُمَّ قَالَ مُسْتَنَدِي الِاسْتِفَاضَةُ قُبِلَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مُدَّتَهَا تَطُولُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر: لِأَنَّهَا أُمُورٌ مُؤَبَّدَةٌ فَإِذَا طَالَتْ عَسُرَ إثْبَاتُ ابْتِدَائِهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَبَيَّنْت حُكْمَهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَرْجَحُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فَإِنَّهُ قَالَ يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَنَّ هَذَا وَقْفٌ لَا أَنَّ فُلَانًا وَقَفَ هَذَا وَأَمَّا الشُّرُوطُ فَإِنْ شَهِدَ بِهَا مُنْفَرِدَةً لَمْ يَثْبُتْ بِهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي شَهَادَتِهِ بِأَصْلِ الْوَقْفِ سُمِعَتْ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ حَاصِلُهُ إلَى بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْوَقْفِ اهـ وَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ قَالَهُ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ لَكِنَّ الْأَرْجَحَ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ انْتَهَتْ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: لَا تَثْبُتُ اسْتِقْلَالًا وَلَا تَبَعًا بَلْ إنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ قُسِّمَ الرِّيعُ بِالسَّوِيَّةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى مَدْرَسَةٍ مَثَلًا صُرِفَ عَلَى مَصَالِحِهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ هُوَ الْمَنْقُولُ وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم مُلَخَّصًا
(قَوْلُهُ: أَوْ بِيَدٍ وَتَصَرُّفٍ) أَيْ لِأَنَّ امْتِدَادَ الْأَيْدِي، وَالتَّصَرُّفَ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الْمِلْكُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقُ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ، وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ السَّمَاعُ مِنْ ذِي الْيَدِ، وَالنَّاسِ أَنَّهُ لَهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَكَثْرَةِ اسْتِخْدَامِ الرَّقِيقِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْحُرِّيَّةِ. . . إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّزَاعَ مَعَ الرَّقِيقِ فِي الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ أَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ آخَرَ يَدَّعِي الْمِلْكَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ، وَالتَّصَرُّفِ مُدَّةً طَوِيلَةً هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَيْعٍ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ: وَفَسْخٍ بَعْدَهُ اهـ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا فَالْبَيْعُ وَحْدَهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ فَكَيْفَ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْمِلْكِ اهـ بُرُلُّسِيٌّ اهـ سم (قَوْلُهُ: ذَكَرَهَا الْأَصْلُ) أَيْ فَلِذَلِكَ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى أَنَّهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ) نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَعْنٍ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِ قَائِلِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ وَقْفُهُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَضَمِّ الْفَاءِ هَكَذَا ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ اهـ ح ل - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَسَامَعَ سَبَبَ الْمِلْكِ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَصُورَةُ اسْتِفَاضَةِ الْمِلْكِ أَنْ يَسْتَفِيضَ أَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِسَبَبٍ فَإِنْ اسْتَفَاضَ سَبَبُهُ كَالْبَيْعِ لَمْ يَثْبُتْ السَّبَبُ بِالتَّسَامُعِ إلَّا الْإِرْثَ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ الْمِلْكِ) بِأَنْ صَرَّحَ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا بَاعَهُ فُلَانٌ لِفُلَانٍ وَأَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ وَأَنَّهُ مِلْكُهُ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَثْبُتُ بِهِ أَيْضًا وِلَايَةُ الْقَضَاءِ. . . إلَخْ) وَمِمَّا يَثْبُتُ بِهِ أَيْضًا عَزْلُ الْقَاضِي وَتَضَرُّرُ الزَّوْجَةِ، وَالتَّصَدُّقُ، وَالْوِلَادَةُ، وَالْحَمْلُ، وَاللَّوْثُ وَقِدَمُ الْعَيْبِ، وَالسَّفَهُ، وَالْعِدَّةُ، وَالْكُفْرُ، وَالْإِسْلَامُ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْقَسَامَةُ، وَالْغَصْبُ، وَالصَّدَاقُ، وَالْأَشْرِبَةُ، وَالْعُسْرُ، وَالْإِفْلَاسُ فَجُمْلَةُ ذَلِكَ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً وَبَعْضُهُمْ نَظَمَ غَالِبَهَا اهـ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَالْإِرْثُ) بِأَنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالتَّسَامُعِ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute