للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَذَا الْأَدَاءُ) لِلشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَإِنْ وَقَعَ التَّحَمُّلُ اتِّفَاقًا (إنْ كَانُوا جَمْعًا) كَأَنْ زَادَ الشُّهُودُ عَلَى اثْنَيْنِ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِمَا (فَلَوْ طُلِبَ مِنْ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) مِنْ (اثْنَيْنِ) مِنْهُمْ (أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هُمَا أَوْ) إلَّا (وَاحِدٌ، وَالْحَقُّ يَثْبُتُ بِهِ وَبِيَمِينٍ) عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَطْلُوبِ إلَيْهِ (فَفَرْضُ عَيْنٍ) وَإِلَّا لَأَفْضَى إلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ.

وَقَالَ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢] سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَقُّ فِي الثَّالِثَةِ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَمْ لَا فَلَوْ أَدَّى وَاحِدٌ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ، وَقَالَ لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ مَعَهُ عَصَى لِأَنَّ مَقَاصِدَ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعُ عَنْ الْيَمِينِ.

(وَإِنَّمَا يَجِبُ) الْأَدَاءُ.

ــ

[حاشية الجمل]

أَيْ حَيْثُ كَانَ بِالْبَلَدِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى رُكُوبٍ وَإِلَّا وَجَبَ أُجْرَةُ الرُّكُوبِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَرْكُوبٌ.

وَفِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَرْكُوبٌ فَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْبَلَدِ بِأَنْ كَانَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَانَ لَهُ أُجْرَةُ مَا يَرْكَبُهُ وَنَفَقَةُ الطَّرِيقِ أَيْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي السَّفَرِ زِيَادَةً عَلَى أَصْلِ نَفَقَتِهِ مَا لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ عَنْ سَفِيهٍ وَإِلَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ التَّحَمُّلِ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ كُلْفَةُ مَشْيٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ الْمَشْيِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الزِّيَادَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجَلِيلِ، وَالْحَقِيرِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهَا لِلْأَدَاءِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عِوَضًا وَلِأَنَّهُ كَلَامٌ يَسِيرٌ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ وَفَارَقَ التَّحَمُّلَ بِأَنَّ الْأَخْذَ لِلْأَدَاءِ يُورِثُ تُهْمَةً قَوِيَّةً مَعَ أَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ لَا تَفُوتُ بِهِ مَنْفَعَةٌ مُتَقَوَّمَةٌ بِخِلَافِ زَمَنِ التَّحَمُّلِ نَعَمْ إنْ ادَّعَى مَنْ فَوْقَ مَسَافَةِ عَدْوَى فَأَكْثَرَ فَلَهُ نَفَقَةُ الطَّرِيقِ وَأُجْرَةُ الرُّكُوبِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ وَكَسْبٌ عُطِّلَ عَنْهُ فَيَأْخُذُ قَدْرَهُ لَا لِمَنْ يُؤَدِّي فِي الْبَلَدِ إلَّا إنْ احْتَاجَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلَهُ صَرْفُ الْمُعْطَى إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُطْلَقًا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَذْهَبُ مَعَك إلَى فَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى إلَّا بِكَذَا وَإِنْ كَثُرُوا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَشْيُ الشَّاهِدِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرُّكُوبِ خَارِمًا لِلْمُرُوءَةِ، وَالْمُتَّجَهُ امْتِنَاعُهُ فِيمَنْ هَذَا شَأْنُهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْبَلَدَيْنِ فَقَدْ يَأْتِي فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَيُعَدُّ ذَلِكَ خَرْمًا لِلْمُرُوءَةِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَوْ يَفْعَلَهُ تَوَاضُعًا انْتَهَتْ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: كَمَا لَهُ ذَلِكَ فِي تَحَمُّلِهِ. . . إلَخْ عِبَارَةُ الْعُبَابِ (فَرْعٌ) الْأَحْسَنُ تَبَرُّعُ الشَّاهِدِ بِالتَّحَمُّلِ، وَالْأَدَاءِ وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ التَّحَمُّلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ خِلَافًا لِلرَّوْضَةِ ثُمَّ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إذْ ادَّعَى لَهُ إلَّا إنْ تَحَمَّلَ وَهُوَ بِمَكَانِهِ وَأَمَّا الْأَدَاءُ فَإِنْ دُعِيَ لَهُ فِي الْبَلَدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ خَارِجَهُ مِنْ الْعَدْوَى فَلَهُ طَلَبُ نَفَقَةِ الطَّرِيقِ وَأُجْرَةُ مَرْكُوبِهِ فَإِنْ احْتَاجَ لِلرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ أَوْ فَوْقَ الْعَدْوَى فَلَهُ أَخْذُ الْجُعَلِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى أُجْرَةِ الرُّكُوبِ اهـ فَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِنَفَقَةِ الطَّرِيقِ أَصْلُ النَّفَقَةِ أَوْ الزَّائِدُ بِسَبَبِ السَّفَرِ فِيمَا اُحْتِيجَ إلَى سَفَرٍ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهَا كِسْوَةٌ اُحْتِيجَ إلَيْهَا فِي هَذَا السَّفَرِ وَانْظُرْ خَارِجَ الْبَلَدِ دُونَ الْعَدْوَى.

وَقَوْلُهُ: " وَأَمَّا الْأَدَاءُ. . . إلَخْ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ لَا لِلْأَدَاءِ إلَّا إنْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ عَدْوَى فَلَهُ نَفَقَةُ الطَّرِيقِ وَأُجْرَةُ الرُّكُوبِ لَا لِمَنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا إنْ احْتَاجَهُ اهـ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ عَلَى الْمُتَحَمِّلِينَ (قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا جَمْعًا) الظَّاهِرُ أَنْ يُقَيَّدَ الْفَرْضُ أَيْ أَيْضًا بِطَلَبِ الْأَدَاءِ مِنْ الْكُلِّ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ نِصَابِ الشَّهَادَةِ فَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ كُلًّا وَلَا بَعْضًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ أَصْلًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ زَادَ الشُّهُودُ عَلَى اثْنَيْنِ. . . إلَخْ) فَإِنْ شَهِدَ مِنْهُمْ اثْنَانِ فَذَاكَ وَإِلَّا أَثِمُوا سَوَاءٌ دَعَاهُمْ مُجْتَمَعِينَ أَمْ مُتَفَرِّقِينَ، وَالْمُمْتَنِعُ أَوَّلًا أَكْثَرُ إثْمًا لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ كَمَا أَنَّ الْمُجِيبَ أَوَّلًا أَكْثَرُهُمْ أَجْرًا لِذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ إذَا طُلِبَ مِنْ اثْنَيْنِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَطْعًا لِأَنَّهُ طَلَبٌ لِأَمَانَةِ يَتَحَمَّلُونَهَا اهـ عَمِيرَةُ.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَلَوْ طُلِبَ اثْنَانِ مِنْ جَمْعٍ لِيَتَحَمَّلَا لَمْ يَتَعَيَّنَا ثُمَّ إنْ ظُنَّ امْتِنَاعُ غَيْرِهِمَا اتَّجَهَ الْوُجُوبُ انْتَهَتْ فَهَلَّا جَرَى هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْأَدَاءِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هُمَا) كَأَنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ غَيْرُهُمَا أَوْ مَاتَ الْبَاقُونَ أَوْ جُنُّوا أَوْ فَسَقُوا أَوْ غَابُوا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَطْلُوبِ إلَيْهِ) يُعْلَمُ مِنْهُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَرَى ذَلِكَ تَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي الثَّالِثَةِ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالثَّالِثَةِ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: عَصَى) أَيْ وَكَانَ كَبِيرَةً اهـ عَزِيزِيٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] أَيْ مَمْسُوخٌ.

وَعِبَارَةُ ح ل عَصَى أَيْ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِكَوْنِهِ كَبِيرَةً انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَجِبُ الْأَدَاءُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ كَتْمُ ذَلِكَ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي الشَّهَادَةِ شَهِدَ وَصَرَّحَ ابْنُ سُرَاقَةَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِقَتْلِهِ لِلْكَافِرِ عِنْدَ حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مِنْهُ يُؤْخَذُ امْتِنَاعُ الشَّهَادَةِ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ أَوْ تَعْرِيضٍ بِقَذْفٍ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَيَحُدُّ بِالتَّعْرِيضِ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْبَيْعُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شُفْعَةُ الْجِوَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ آدَمِيٍّ اهـ وَاعْتَمَدَهُ م ر فَقَالَ يَحْرُمُ عَلَى الشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ عِنْدَ مَنْ يَحُدُّ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>