كَطَلَبِ الْقَاذِفِ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ أَوْ وَارِثِهِ عَلَى أَنَّهُ مَا زَنَى (حَلَفَ) لِخَبَرِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ خَبَرُ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِمَا عَبَّرَ بِهِ وَخَرَجَ بِمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ نَائِبُ الْمَالِكِ كَالْوَصِيِّ، وَالْوَكِيلِ فَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ.
(وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ عَلَى تَرْكِهِ ظُلْمًا فِي حُكْمِهِ وَلَا شَاهِدٌ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ) فِي شَهَادَتِهِ لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا عَنْ ذَلِكَ (وَلَا مُدَّعٍ صِبًا) وَلَوْ مُحْتَمَلًا (بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْلُغَ) فَيُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ فِي وَقْتِ احْتِمَالِهِ قُبِلَ لِأَنَّ حَلِفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ وَصِبَاهُ يُبْطِلُ حَلِفَهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالُ تَحْلِيفِهِ (إلَّا كَافِرًا) مَسْبِيًّا (أَنْبَتَ وَقَالَ: تَعَجَّلْت) أَيْ إنْبَاتَ الْعَانَةِ فَيَحْلِفُ لِسُقُوطِ الْقَتْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِي.
(، وَالْيَمِينُ) مِنْ الْخَصْمِ (تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ حَالًا لَا الْحَقَّ) فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ رَجُلًا بَعْدَ مَا حَلَفَ بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ» كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ.
(فَتُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ الْخَصْمِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بَعْدَ حَلِفِهِ وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَنَكَلَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً وَلَوْ قَالَ بَعْدَ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِدَعْوَاهُ بَيِّنَتِي كَاذِبَةٌ أَوْ مُبْطَلَةٌ سَقَطَتْ وَلَمْ تَبْطُلْ دَعْوَاهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّ حَلِفَهُ يُفِيدُ الْبَرَاءَةَ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهَا لَمْ تُؤَثِّرْ فَإِنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ.
(وَلَوْ قَالَ الْخَصْمُ) قَدْ (حَلَّفَنِي) عَلَى مَا ادَّعَاهُ عِنْدَ قَاضٍ (فَلْيَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي) عَلَيْهِ (مُكِّنَ) مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ وَلَا يَرُدُّ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ حَلَّفَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ وَهَكَذَا.
ــ
[حاشية الجمل]
إنَّمَا اشْتَرَيْت لِابْنِي لَمْ يَحْلِفْ وَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِ الْمُفْلِسِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَادَّعَى أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ دَيْنَهُ لَمْ يَحْلِفُوا أَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ الْوَطْءَ وَأُمِّيَّةَ الْوَلَدِ فَأَنْكَرَ السَّيِّدُ أَصْلَ الْوَطْءِ لَمْ يَحْلِفْ وَمَرَّ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ فِيهَا يَمِينٌ أَصْلًا وَلَوْ ادَّعَى عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَطَلَبَ يَمِينَهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ انْعَزَلَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُ الِابْنِ بِإِقْرَارِ أَبِيهِ أَوْ عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ زَوْجٌ.
(قَوْله كَطَلَبِ الْقَاذِفِ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ) كَأَنْ يَقْذِفَ شَخْصٌ شَخْصًا بِالزِّنَا ثُمَّ يَتَرَافَعَ الْقَاذِفُ، وَالْمَقْذُوفُ أَوْ وَارِثُهُ لِلْقَاضِي وَيَطْلُبَ الْمَقْذُوفُ أَوْ وَارِثُهُ حَدَّ الْقَاذِفِ مِنْهُ الْقَاضِي فَيُحَلِّفُ الْقَاذِفُ الْمَقْذُوفَ أَنَّهُ مَا زَنَى أَوْ أَنَّ مُوَرِّثَهُ مَا زَنَى فَإِذَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِلَّا سَقَطَ وَهَذَا الضَّابِطُ مَوْجُودٌ فِي الْمَقْذُوفِ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا لَزِمَهُ وَفِي إدْخَالِ وَارِثِ الْمَقْذُوفِ فِي هَذَا الضَّابِطِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ. إلَخْ) كَأَنَّ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الضَّابِطِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: ظُلْمًا فِي حُكْمِهِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي حُكْمِهِ غَيْرُهُ فَهُوَ فِيهِ كَغَيْرِهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا مُدَّعٍ صِبًا) أَيْ أَوْ جُنُونًا إلَّا إنْ كَانَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ وَلَا يَحْلِفُ السَّفِيهُ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مَالٌ لِعِلْمِهِ بِسَبَبِ مُعَامَلَةٍ قَبْلَ السَّفَهِ وَقَرَّرَ الزِّيَادِيُّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِإِتْلَافِ الْمَالِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي بَابِ الْحَجْرِ فَرَاجِعْهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَلِفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ تَحْلِيفِ مُدَّعِي الصِّبَا عَلَى صِبَاهُ، وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرُ الصِّبَا فَتَأَمَّلْهَا اهـ سم (قَوْلُهُ: لِسُقُوطِ الْقَتْلِ) فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَسْقُطْ قَتْلُهُ أَيْ، وَالْإِمَامُ عَلَى خَيِّرَتِهِ فِيهِ بَيْنَ الْخِصَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَقَوْلُ شَيْخِنَا كَالتُّحْفَةِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قُتِلَ أَيْ جَازَ قَتْلُهُ مُخَيَّرًا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ إنْ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ حَالًا) وَمِثْلُ الْيَمِينِ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَإِنْ حَلَّفَهُ مَنْ لَا يَرَى التَّحْلِيفَ بِالطَّلَاقِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَتُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بَعْدُ) وَلَا يُعَزَّرُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْبَيِّنَةِ وَكَذَا يَنْبَغِي عَدَمُ تَعْزِيرِهِ لَوْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ بَعْدَ إنْكَارِهِ وَحَلِفِهِ لِاحْتِمَالِ النِّسْيَانِ وَنَحْوِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَوَافَقَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ عَلَيْهِ وَإِفْتَاءُ بَعْضِ مَنْ لَقِينَاهُ بِالتَّعْزِيرِ لَيْسَ فِي مَحِلِّهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَبْطُلْ دَعْوَاهُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ، وَالشُّهُودُ مُبْطِلِينَ لِشَهَادَتِهِمْ بِمَا لَا يُحِيطُونَ بِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أُخْرَى سُمِعَتْ اهـ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَا الْحَقُّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا لِتَلَفِ الْوَدِيعَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ أَوْ لِرَدِّهَا لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَدْ حَلَّفَنِي) تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي فَصْلِ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ وَفِي الْإِيلَاءِ، وَالْفَلَسِ فَلْيُنْظَرْ وَجْهُ تَقْدِيرِهَا وَقَدْ يُوَجَّهُ هَذَا بِأَنَّهُ لِدَفْعِ أَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ أَمْرٍ أَوْ لِذِكْرِهَا فِي الْأَصْلِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ) فَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعِي وَرَدَّ هَذِهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ عَنْهَا وَطَلَبَ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الْأَصْلِ قَالَ الْبَغَوِيّ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى لِأَنَّهُمَا الْآنَ فِي دَعْوَى أُخْرَى فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ قَالَ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ.
وَجَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ الشَّارِحُ وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ اهـ وَأَقَرَّ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَارْتَضَى كُلَّ ذَلِكَ الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلَّفَهُ وَطَلَبَ يَمِينَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَيْ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُحَلِّفْهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الْأَصْلِ بِغَيْرِ دَعْوَى قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَهُ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَلَا يَرُدُّ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُجَابُ الْمُدَّعِي لَوْ قَالَ قَدْ حَلَّفَنِي أَنِّي لَمْ أُحَلِّفْهُ فَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ الْأَمْرُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الرَّدِّ وَانْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ هَذَا إذَا قَالَ: قَدْ حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ قَالَ عِنْدَك أَيُّهَا الْقَاضِي فَإِنْ حَفِظَ الْقَاضِي ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْهُ وَمَنَعَ الْمُدَّعِيَ مِمَّا طَلَبَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ حَلَّفَهُ وَلَا تَنْفَعُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى تَذَكَّرَ حُكْمَهُ أَمْضَاهُ فَلَا يَعْتَمِدُ الْبَيِّنَةَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ حَلَّفَهُ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَّفَهُ الْمُدَّعِي عَلَى أَنَّهُ أَيْ الْمُدَّعِيَ مَا حَلَّفَهُ