للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَخَّرَ بِقَدْرِهَا الصَّلَاةَ بَعْدَهُ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ سَنِّ التَّعْجِيلِ مَعَ صُوَرٍ ذَكَرْت بَعْضَهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ مَا ذَكَرْته بِقَوْلِي.

(وَ) سُنَّ (إبْرَادٌ بِظُهْرٍ) أَيْ تَأْخِيرُ فِعْلِهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا (لِشِدَّةِ حَرٍّ بِبَلَدٍ حَارٍّ)

ــ

[حاشية الجمل]

لَا يَكُونُ مُفَوِّتًا لِلْمُبَادَرَةِ بَلْ يُسَنُّ وَتَوَهُّمُ أَنَّ فِعْلَ الرَّاتِبَةِ وَأَكْلَ اللُّقَمِ لَيْسَا مِنْ الْأَسْبَابِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ السَّبَبِ حَقِيقَتُهُ وَهُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر تَقْتَضِي أَنَّهُمَا مِنْهَا وَنَصُّهَا وَلَا يَمْنَعُ تَحْصِيلُ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ اشْتِغَالَهُ فِي أَوَّلِهِ بِأَسْبَابِهَا مِنْ طَهَارَةٍ وَآذَانٍ وَسَتْرٍ وَأَكْلِ لُقَمٍ وَتَقْدِيمِ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ اهـ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ وَأَكْلُ لُقَمٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْبَابِ أَعَمُّ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ أَوْ كَمَالُهَا بِخِلَافِ صَنِيعِ الشِّهَابِ حَجّ حَيْثُ جَعَلَهَا مِنْ الشُّغْلِ الْخَفِيفِ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْبَابِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فَحَسْبُ اهـ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَيْهِ وَلَعَلَّ جَعْلَهُ أَكْلَ اللُّقَمِ سَبَبًا بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْخُشُوعِ فِيهَا وَإِلَّا فَالْأَكْلُ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الشِّبَعَ يُفَوِّتُ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ، وَقَدْ يُخَالِفُهُ مَا مَرَّ لَهُ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَالْأَقْرَبُ إلْحَاقُ مَا هُنَا بِمَا هُنَاكَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ حَجّ الْمَذْكُورِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ نَقْلًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْوَسَطُ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ لِئَلَّا يَخْتَلِفَ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ وَهُوَ غَيْرُ مَعْهُودٍ وَعُمُومُهُ شَامِلٌ لِهَذِهِ فَلَوْ خَالَفَ عَادَةَ الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَاتَتْهُ سُنَّةُ التَّعْجِيلِ، فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ وَنَوَى أَنَّهُ لَوْ خَلَا عَنْ الْعُذْرِ بِمَحَلٍّ فَمِنْ الظَّاهِرِ عَدَمُ حُصُولِ السُّنَّةِ وَلَكِنْ لَا مَانِعَ أَنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ لَهُ ثَوَابًا مِثْلَ ثَوَابِهِ لَوْ عَجَّلَ لِامْتِثَالِهِ أَمْرَ الشَّارِعِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ) أَيْ فِي سُنَّةِ التَّعْجِيلِ بَلْ يَكُونُ مُعَجِّلًا اهـ ح ل لَكِنَّ الْأَفْضَلَ الْفِعْلُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ لَوْ فَعَلَ بَعْدُ صُدِّقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ كَمَنْ أَدْرَكَ التَّحَرُّمَ مَعَ الْإِمَامِ وَمَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَالْحَاصِلُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ لَكِنَّ دَرَجَاتِ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَعَ صُوَرٍ) أَيْ نَحْوُ الْأَرْبَعِينَ اهـ شَرْحُ م ر.

وَقَوْلُهُ ذَكَرْت بَعْضَهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عِبَارَتُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ نَدْبِ التَّعْجِيلِ أَيْضًا أَيْ زِيَادَةً عَلَى الطُّهْرِ أَشْيَاءُ مِنْهَا أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ لِمَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ وَلِمُسَافِرٍ سَائِرٍ وَقْتَ الْأُولَى وَلِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ فَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ، وَإِنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ وَلِمَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ آخِرَ الْوَقْتِ وَلِدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا رَجَا الِانْقِطَاعَ آخِرَهُ وَلِمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهُ لَوْ أَخَّرَهُ انْتَهَتْ. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ بَعْدَ مِثْلِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّمَا تَرَجَّحَتْ مَصْلَحَةُ فِعْلِهِ وَلَوْ أَخَّرَ فَاتَتْ يُقَدِّمُ عَلَى الصَّلَاةِ وَأَنَّ كُلَّ كَمَالٍ كَالْجَمَاعَةِ اقْتَرَنَ بِالتَّأْخِيرِ وَخَلَا عَنْهُ التَّقْدِيمُ يَكُونُ التَّأْخِيرُ مَعَهُ أَفْضَلَ اهـ. وَقَدْ يَجِبُ التَّأْخِيرُ وَلَوْ عَنْ الْوَقْتِ كَمَا فِي مُحْرِمٍ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَكَمَنْ رَأَى نَحْوَ غَرِيقٍ أَوْ أَسِيرٍ لَوْ أَنْقَذَهُ أَوْ صَائِلٍ عَلَى مُحْتَرَمٍ لَوْ دَفَعَهُ خَرَجَ الْوَقْتُ وَيَجِبُ التَّأْخِيرُ أَيْضًا لِلصَّلَاةِ عَلَى مَيِّتٍ خِيفَ انْفِجَارُهُ اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ إبْرَادٌ بِظُهْرٍ) الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ فِي التَّعْجِيلِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مَشَقَّةً تَسْلُبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ فَسُنَّ لَهُ التَّأْخِيرُ كَمَنْ حَضَرَهُ طَعَامٌ وَنَفْسُهُ تَتُوقُ إلَيْهِ أَوْ دَافَعَهُ الْخُبْثُ اهـ شَرْحُ م ر وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِظُهْرٍ لِلتَّعْدِيَةِ يُقَالُ أَبْرَدَ بِهِ أَدْخَلَهُ فِي وَقْتِ الْبُرُودَةِ فَفِي الْمِصْبَاحِ الْبَرْدُ خِلَافُ الْحَرِّ وَأَبْرَدْنَا دَخَلْنَا فِي الْبَرْدِ مِثْلُ أَصْبَحْنَا دَخَلْنَا فِي الصَّبَاحِ، وَأَمَّا أَبْرَدُوا بِالظُّهْرِ فَالْبَاءُ لِلتَّعَدِّيَةِ وَالْمَعْنَى أَدْخَلُوا صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي الْبَرْدِ وَهُوَ سُكُونُ شِدَّةِ الْحَرِّ وَبَرُدَ الشَّيْءُ بُرُودَةً مِثْلُ سَهُلَ وَسُهُولَةً إذَا سَكَنَتْ حَرَارَتُهُ، وَأَمَّا بَرَدَ بَرْدًا مِنْ بَابِ قَتَلَ قَتْلًا فَيُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا يُقَالُ بَرَدَ الْمَاءُ وَبَرَدْتُهُ فَهُوَ بَارِدٌ وَمَبْرُودٌ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تَكُونُ فِي كُلِّ ثُلَاثِيٍّ يَكُونُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا اهـ.

وَقَوْلُهُ لِشِدَّةِ حَرٍّ اللَّامُ بِمَعْنَى فِي أَوْ عِنْدَ وَقَوْلُهُ بِبَلَدٍ حَارٍّ الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي وَقَوْلُهُ لِمُصَلٍّ اللَّامُ لِلتَّعْدِيَةِ وَكُلٌّ مِنْ اللَّامَيْنِ وَالْبَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِإِبْرَادٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَى أَنْ يَصِيرَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْضًا وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِمُصَلٍّ مُتَعَلِّقَةً بِسُنَّ الْمُقَدَّرُ وَهُوَ أَوْلَى اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَإِبْرَادٌ بِظُهْرٍ) خَرَجَ آذَانُهَا فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهِ إلَّا لِقَوْمٍ يُعْلَمُ أَنَّهُمْ إذَا سَمِعُوا الْآذَانَ لَا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ سَمَاعِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الْإِبْرَادِ بِهِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِقَامَةِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِبَلَدٍ حَارٍّ) أَيْ وَصْفُهُ الْحَرَارَةُ كَمَكَّةَ وَبَعْضِ بِلَادِ الْعِرَاقِ، وَإِنْ خَالَفَتْ وَضْعَ قُطْرِهَا اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ كَالْحِجَازِ وَبَعْضِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالْيَمَنِ لَا بِمُعْتَدِلٍ كَمِصْرِ وَلَا بَارِدٍ كَالشَّامِ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْبُلْدَانِ إنْ خَالَفَتْ وَضْعَ الْقُطْرِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِهِ خِلَافًا

<<  <  ج: ص:  >  >>