للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنَافِعِهَا كَالْمُدَبَّرَةِ (وَلَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهَا مِنْ غَيْرِهَا) بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ جَابِرٍ «كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِيَّنَا وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا» أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَبِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ قَوْلًا وَنَصًّا وَهُوَ «نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ» كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مِنْ غَيْرِهَا تَمْلِيكُهَا مِنْ نَفْسِهَا فَيَصِحُّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ فِي الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِمَّا يُمْكِنُ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إعْتَاقٌ (و) لَا يَصِحُّ (رَهْنُهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّسْلِيطِ عَلَى بَيْعِهَا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا وَهِبَتُهَا

ــ

[حاشية الجمل]

ضَمِنَ قِيمَتَهَا ثُمَّ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ اسْتَرَدَّهَا الْغَاصِبُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِعِتْقِهَا وَكَذَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ جَانٍ يَدَ أُمِّ الْوَلَدِ وَغَرِمَ أَرْشَهَا ثُمَّ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ نُجِّزَ عِتْقُهَا لَا يَسْتَرِدُّ الْأَرْشَ لِأَنَّهُ بَدَلُ الطَّرَفِ الْفَائِتِ وَلَمْ يَشْمَلْهُ الْعِتْقُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا لَهَا وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى إقْرَارِ السَّيِّدِ بِالْإِيلَادِ وَحُكِمَ بِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَغْرَمَا لِأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ فِيهَا وَلَمْ يُفَوِّتَا إلَّا سَلْطَنَةَ الْبَيْعِ وَلَا قِيمَةَ لَهَا بِانْفِرَادِهَا فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا لِوَرَثَتِهِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِعِتْقِهِ وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا قِيمَةَ الْعَبْدِ وَلَمْ يُرَدَّ الْعِتْقُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَشْهُودُ بِعِتْقِهِ قِنًّا أَمْ مُدَبَّرًا أَمْ مُكَاتَبًا أَمْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِالْعِتْقِ النَّاشِئِ عَمَّا ذَكَرَهُ مِنْ الِاسْتِيلَادِ انْتَهَتْ مَعَ زِيَادَةٍ

(قَوْلُهُ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا وَلِقَوْلِهِ وَقِيمَتُهَا إذَا قُتِلَتْ وَقَوْلُهُ وَعَلَى مَنَافِعِهَا تَعْلِيلٌ لِمَا عَدَا هَذَيْنِ وَهُوَ أَرْبَعُ مَسَائِلَ تَأَمَّلْ وَفِي شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُهَا وَنَحْوُهُ لِتَأَكُّدِ حَقِّ الْعِتْقِ فِيهَا وَخَالَفَتْ الْمُكَاتَبَ حَيْثُ امْتَنَعَ اسْتِخْدَامُهُ وَإِنْ كَانَ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بَاقِيًا لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ مَقْصُودِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَهُوَ تَمَكُّنُهُ مِنْ الِاكْتِسَابِ لِيُؤَدِّيَ النُّجُومَ فَيُعْتَقُ وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مُكَاتَبَةً بِأَنْ سَبَقَتْ الْكِتَابَةُ الِاسْتِيلَادَ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَمْلِيكُهَا مِنْ غَيْرِهَا) مَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ الْإِيلَادُ فَإِنْ ارْتَفَعَ بِأَنْ كَانَتْ كَافِرَةً وَلَيْسَتْ لِمُسْلِمٍ وَسُبِيَتْ وَصَارَتْ قِنَّةً صَحَّ الْبَيْعُ اهـ شَرْحَ م ر (قَوْلُهُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ يَجُوزُ فِيهَا بَيْعُهَا: الْأُولَى الْمَرْهُونَةُ رَهْنًا وَضْعِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا حَيْثُ كَانَ الْمُسْتَوْلِدُ مُعْسِرًا حَالَ الْإِيلَادِ. الثَّانِيَةُ الْجَانِيَةُ وَسَيِّدُهَا كَذَلِكَ. الثَّالِثَةُ مُسْتَوْلَدَةُ الْمُفْلِسِ. الرَّابِعَةُ بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَبَيْعِهَا فِي ذَلِكَ هِبَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِهَا لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الْقَبُولِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعِتْقِ يَقَعُ عَقِبَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَوَدِدْت لَوْ قِيلَ بِجَوَازِ بَيْعِهَا مِمَّنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِقُرْبَةٍ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي صِحَّةُ بَيْعِهَا مِمَّنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ كَأَصْلِهَا أَوْ فَرْعِهَا أَيْ وَمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهَا اهـ وَهُوَ مَرْدُودٌ.

الْخَامِسَةُ إذَا سُبِيَ سَيِّدُ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَاسْتُرِقَّ فَيَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ. السَّادِسَةُ إذَا كَانَتْ حَرْبِيَّةً وَقَهَرَهَا حَرْبِيٌّ مَلَكَهَا وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا وَلَا وَقْفُهَا وَلَا تَدْبِيرُهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا لِعَلَقَةِ رَهْنٍ وَضْعِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ نَحْوِهَا تَمْتَنِعُ هِبَتُهَا اهـ سرح م ر (قَوْلُهُ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا) بِالْيَاءِ كَمَا فِي الْحَلَبِيِّ وَبِالنُّونِ كَمَا فِي ع ش وَقَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَقَوْلُهُ وَاجْتِهَادًا عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ مِنْ جَابِرٍ فِي نِسْبَةِ عَدَمِ رُؤْيَةِ الْبَأْسِ مِنْ النَّبِيِّ أَيْ قَالَ جَابِرٌ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا اجْتِهَادًا مِنْهُ فِي أَنَّهُ لَا يَرَى الْبَأْسَ وَهَذَا عَلَى كَوْنِهِ بِالْيَاءِ وَأَمَّا عَلَى كَوْنِهِ بِالنُّونِ فَالْمَعْنَى اجْتِهَادًا مِنْ جَابِرٍ فِي عَدَمِ رُؤْيَةِ الْبَأْسِ وَيَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الْأُصُولِ لَكِنَّ رِوَايَةَ النُّونِ لَا تُنَاسِبُ قَوْلَهُ مَنْسُوبٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا نِسْبَةُ عَدَمِ رُؤْيَةِ الْبَأْسِ لِلنَّبِيِّ وَإِنَّمَا فِيهَا نِسْبَةٌ لِجَابِرٍ وَنَحْوِهِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر قَوْلُهُ اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا أَيْ مِنَّا أَخْذًا بِظَاهِرِ قَوْلِ جَابِرٍ وَالنَّبِيُّ حَيٌّ لَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا انْتَهَتْ وَفِي الْمُخْتَارِ الْبَأْسُ الْعَذَابُ وَهُوَ أَيْضًا الشِّدَّةُ اهـ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ) أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَرَّهُ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ أَيْ مِنْ جَابِرٍ أَيْ ظَنَّ جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطَّلَعَ عَلَى بَيْعِهِنَّ وَأَقَرَّهُ اهـ عَزِيزِيٌّ

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ فَهَذَا نَهْيٌ ضِمْنِيٌّ لِأَنَّهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ) أَيْ مَا عَدَا الْغَرَضَ وَقَوْلُهُ مِمَّا يُمْكِنُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهَا فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّهَا تُعْتَقُ بِالْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ إعْتَاقٍ وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ كَمَا فِي ع ش اهـ وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلِلسَّيِّدِ بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَبَيْعِهَا فِي ذَلِكَ هِبَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِهَا لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الْقَبُولِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَعِتْقُهَا يَكُونُ عَقِبَهُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ رَهْنُهَا) لَمْ يُسْتَفَدْ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ فَلَعَلَّهُ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ مَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ لَمْ يَجُزْ رَهْنُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ بَيْعُهَا إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>