عَلَى مُسْلِمٍ) وَلَوْ فِيمَا مَضَى فَدَخَلَ الْمُرْتَدُّ (مُكَلَّفٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ ذَكَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (طَاهِرٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ بِهَا فِي الدُّنْيَا لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُ لَكِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبَ عِقَابٍ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهَا بِالْإِسْلَامِ وَلَا عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ: عَلَى مُسْلِمٍ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ اشْتَبَهَ صَبِيَّانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ وَبَلَغَا مَعَ بَقَاءِ الِاشْتِبَاهِ لَمْ يُطَالَبْ أَحَدُهُمَا بِهَا وَيُقَالُ عَلَى هَذَا لَنَا شَخْصٌ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ لَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إذَا تَرَكَهَا وَمِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا م ر فِي شَرْحِهِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ إسْلَامٌ كَصِغَارِ الْمَمَالِيكِ الَّذِينَ يَصِفُونَ الْإِسْلَامَ بِدَارِنَا لَا يُؤْمَرُ بِهَا لِاحْتِمَالِ كُفْرِهِ وَلَا يَتْرُكُهَا لِاحْتِمَالِ إسْلَامِهِ وَقَالَ الْخَطِيبُ الْوَجْهُ أَمْرُهُ بِهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ وَوُجُوبُهَا عَلَيْهِ بَعْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِيمَا مَضَى) قَالَ الشَّيْخُ هَذَا مَجَازٌ يَحْتَاجُ فِي تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ إلَى قَرِينَةٍ اهـ.
(أَقُولُ) يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْقَرِينَةُ قَوْلَهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ إذَا قَيَّدَ الْأَصَالَةَ أَخْرَجَ الْمُرْتَدَّ وَالْقَضَاءُ مِنْهُ فَرْعُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ لِكَاتِبِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ أَيْ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ كَانَ مُقِرًّا بِإِسْلَامِهِ فَلَا يُفِيدُهُ جَحْدُهُ لَهَا بَعْدَ نَظِيرِ مَنْ أَقَرَّ لِأَحَدٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ جَحَدَهُ وَبِهَذَا فَارَقَ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ دَيْنٍ إلَى آخَرَ، فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الصَّلَاةَ بِالْإِقْرَارِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ) أَيْ سَالِمُ الْحَوَاسِّ وَبَلَغَتْهُ الدَّعْوَى فَلَا يُطَالَبُ بِهَا مَنْ خُلِقَ أَعْمَى أَصَمَّ أَبْكَمَ وَلَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَى لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَوْرًا لِنِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ فِيمَا حَقُّهُ أَنْ يُعْلَمَ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مَنْ خُلِقَ أَعْمَى أَصَمَّ أَبْكَمَ، فَإِنَّهُ إنْ زَالَ مَانِعُهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَحِينَئِذٍ يَتَوَقَّفُ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَى، فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى كُفْرِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ غَيْرُ مُهْدِرٍ وَتَكْلِيفَهُ كَتَكْلِيفِ غَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَإِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَهُودِيِّ أَوْ النَّصْرَانِيِّ وَقَدْ يُفَرَّقُ عَلَى بُعْدٍ بِأَنَّ الْأَعْمَى الْأَصَمَّ الْأَبْكَمَ لَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْخِطَابِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَى وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَى وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي لِأَجْلِهَا أُسْقِطَتْ الصَّلَاةُ عَنْ الْكَافِرِ وَهِيَ النَّفْرَةُ عَنْ الْإِسْلَامِ مُنْتَفِيَةٌ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَى وَذَلِكَ أَنَّ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ كَانَ عِنْدَهُ عِنَادٌ وَزَالَ بِالْإِسْلَامِ وَرُبَّمَا كَانَ عِنْدَهُ عِنَادٌ يَعُودُ بِالْأَمْرِ بِالْقَضَاءِ فَيَنْفِرُ عَنْهُ، وَأَمَّا مَنْ تَبْلُغُهُ الدَّعْوَى فَلَيْسَ عِنْدَهُ عِنَادٌ يَعُودُ بِالْأَمْرِ بِالْقَضَاءِ فَيَنْفِرُ عَنْهُ بِسَبَبِهِ وَالْمَانِعُ لَهُ مِنْهُ لَيْسَ هُوَ الْعِنَادُ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ بَلْ الْمَانِعُ لَهُ هُوَ الْجَهْلُ بِالدَّعْوَى فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ مُسْلِمٍ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ فَافْهَمْ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ لِيَخْرُجَ النَّائِمُ وَالسَّاهِي وَالْجَاهِلُ بِوُجُوبِهَا لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَأَصْلُهُ فِي ع ش عَلَى م ر.
فَشُرُوطُ الْوُجُوبِ سِتَّةٌ فِي الْمَتْنِ ثَلَاثَةٌ وَالثَّلَاثَةُ الَّتِي زَادَهَا الْمُحَشِّي (قَوْلُهُ: ذَكَرٌ أَوْ غَيْرُهُ) تَعْمِيمٌ فِي الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ بِخِلَافِ الثَّالِثِ، فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالْأُنْثَى اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ هَذِهِ الْمُحْتَرَزَاتِ، فَإِنَّهَا تَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا قَضَاءَ عَلَى كَافِرٍ إلَخْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ وَمَا هُنَا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ) أَيْ وُجُوبًا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ مِنَّا وَفِي الْحَقِيقَةِ مَعْنَى الْعِبَارَةِ لَا تَجِبُ عَلَيْنَا مُطَالَبَتُهُ فَفِيهَا تَسَمُّحٌ وَقَوْلُهُ: وُجُوبَ عِقَابٍ عَلَيْهَا إلَخْ أَيْ وُجُوبًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِقَابُ فِي الْآخِرَةِ وَهَذَا الْوُجُوبُ فِي الدُّنْيَا اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ فَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ لَا يُطَالَبُ مِنَّا وَإِلَّا فَهُوَ مُطَالَبٌ شَرْعًا إذْ لَوْ لَمْ يُطَالَبْ كَذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِلْعِقَابِ عَلَيْهَا اهـ سم عَلَى حَجّ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُ) أَيْ مَعَ عَدَمِ تَلَبُّسِهِ بِمَانِعٍ يُطْلَبُ مِنْهُ رَفْعُهُ بِخُصُوصِهِ وَمَعَ عَدَمِ قَصْدِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ لَا نُطَالِبُهُ بِرَفْعِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْكُفْرُ بِخُصُوصِهِ، وَإِنَّمَا نُطَالِبُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ وَلَوْ كَانَ حَرْبِيًّا فَلَا يَرُدُّ عَلَى التَّعْلِيلِ الْمُرْتَدُّ وَالْمُحْدِثُ؛ لِأَنَّهُمَا يُطَالَبَانِ بِرَفْعِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْكُفْرُ بِخُصُوصِهِ فَيُطَالَبُ الْأَوَّلُ بِالْإِسْلَامِ بِخُصُوصِهِ وَالثَّانِي بِالطَّهَارَةِ وَكَذَا لَا يَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ الْمَجْنُونُ الْمُتَعَدِّي وَالسَّكْرَانُ لِقَصْدِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا أَسْلَمَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَلَا يُقْصَدُ حِينَئِذٍ التَّغْلِيظُ وَلَا يُنَاسِبُهُ اهـ شَيْخُنَا ح ف.
وَقَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ قَصْدِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَلَا لِمَا أَخْرَجَهُ بِهَا بِقَوْلِهِ وَكَذَا لَا يَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ الْمَجْنُونُ الْمُتَعَدِّي إلَخْ بَلْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ الْمُتَعَدِّيَ وَنَحْوَهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبُ أَدَاءِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَيْ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا لِجَوَازِ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ قَلَّدَ مَنْ يَقُولُ بِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute