وَالْخُنْثَى مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ لِأَنَّهَا لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى رَفْعِ صَوْتٍ وَالْأَذَانِ لِإِعْلَامِ الْغَائِبِينَ فَيُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّفْعِ وَالْمَرْأَةُ يُخَافُ مِنْ رَفْعِ صَوْتِهَا الْفِتْنَةُ فَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى احْتِيَاطًا، فَإِنْ أَذَّنَا لِلنِّسَاءِ بِقَدْرِ مَا يَسْمَعْنَ لَمْ يُكْرَهْ وَكَانَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فَوْقَهُ كُرِهَ بَلْ حَرُمَ إنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ وَذِكْرُ سُنَّ الْإِقَامَةِ لِلْمَرْأَةِ الْمُنْفَرِدَةِ وَلِلْخُنْثَى مِنْ زِيَادَتِي
ــ
[حاشية الجمل]
مِنْ رَفْعِ الْمَرْأَةِ صَوْتَهَا بِهِ الْفِتْنَةُ وَالْإِقَامَةُ لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ وَلَيْسَ فِيهَا رَفْعٌ كَالْأَذَانِ، وَالثَّانِي يَنْدُبَانِ بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَكِنْ لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا فَوْقَ مَا تَسْمَعُ صَوَاحِبُهَا. وَالثَّالِثُ: لَا يَنْدُبَانِ الْأَذَانُ لِمَا مَرَّ وَالْإِقَامَةُ تَبَعٌ لَهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَسُنَّ إقَامَةٌ لَا أَذَانٌ لِغَيْرِهِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْأَذَانَ لَا يُطْلَبُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى لَا بِأَنْفُسِهِنَّ وَلَا بِتَحْصِيلِ رَجُلٍ يُؤَذِّنُ لَهُنَّ وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلِغَيْرِ نِسَاءِ ذُكُورَةٍ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ النِّسَاءَ وَالْخَنَاثَى لَهُنَّ أَذَانٌ وَأَنَّ أَذَانَ النِّسَاءِ يَصِحُّ مِنْ الْإِنَاثِ وَالرِّجَالِ وَالْخَنَاثَى وَلِلْخَنَاثَى يَصِحُّ مِنْ الرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخُنْثَى لَا يُسَنُّ الْأَذَانُ مِنْ نَفْسِهِمَا وَيُسَنُّ أَنْ يُحَصِّلَا لَهُمَا ذَكَرًا يُؤَذِّنُ لَهُمَا سَوَاءٌ كَانَتَا مُنْفَرِدَتَيْنِ أَوْ مُجْتَمَعِينَ لَمْ يَحْصُلْ تَعَارُضٌ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ حُرِّرَ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ أَحَدِ الْمُرَادَيْنِ دُونَ الْآخَرِ (وَقَوْلُهُ مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُمَا تَحْصِيلَ الْإِقَامَةِ سَوَاءٌ كَانَا مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ أَيْ مُنْفَرِدٌ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي حَدِّ نَفْسِهِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ أَيْ مُجْتَمِعٌ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ أَوْ مَعَ أَبْنَاءِ الْجِنْسِ الْآخَرِ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ، وَأَمَّا بَيَانُ مَنْ يُقِيمُ لَهُنَّ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْخَمْسَةِ فَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلِغَيْرِ نِسَاءِ ذُكُورَةٍ فَحِينَئِذٍ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْ قَوْلُهُ مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ لَا تَقْتَضِي أَنَّ الْخُنْثَى يُؤَذِّنُ لِلْخَنَاثَى وَلَا لِلْخَنَاثَى مَعَ النِّسَاءِ لَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمُرَادِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ، فَإِنْ صَحَّ انْدَفَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي الَّذِي أَوْرَدَهُ الْحَلَبِيُّ تَأَمَّلْ اهـ لِكَاتِبِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَصْدُقُ بِاجْتِمَاعِ الْخَنَاثَى الْخُلَّصِ وَبِاجْتِمَاعِ النِّسَاءِ الْخُلَّصِ وَبِاجْتِمَاعِ الْجِنْسَيْنِ وَتَقْتَضِي أَنَّ الْخُنْثَى يُقِيمُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لَكِنَّ إقَامَتَهُ لِلْخَنَاثَى الْخُلَّصِ وَلَهُنَّ مَعَ النِّسَاءِ يُعْلَمُ امْتِنَاعُهَا مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَلِغَيْرِ نِسَاءٍ ذُكُورَةٌ إلَى أَنْ قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ وَلَا مِنْ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ وَخَنَاثَى انْتَهَى، فَإِنَّ قَوْلَهُ وَخَنَاثَى صَادِقٌ بِكَوْنِهِنَّ مُنْفَرِدَاتٍ أَوْ مُجْتَمَعَاتٍ مَعَ النِّسَاءِ وَإِقَامَتُهُ لِلنِّسَاءِ الْخُلَّصِ لَمْ يُعْلَمْ امْتِنَاعُهَا مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي بَلْ يُعْلَمُ جَوَازُهَا وَحِينَئِذٍ فَيَشْكُلُ مَعَ قَوْلِ م ر وَكَذَا أَيْ لَا يَصِحُّ لَوْ أَذَّنَ الْخُنْثَى لِلرِّجَالِ أَوْ لِلنِّسَاءِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ أَذَانِهِ لَهُنَّ حَيْثُ امْتَنَعَ وَإِقَامَتُهُ لَهُنَّ حَيْثُ جَازَتْ تَأَمَّلْ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لِاسْتِنْهَاضِ الْحَاضِرِينَ) أَيْ طَلَبِ نُهُوضِهِمْ أَيْ قِيَامِهِمْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ:، فَإِنْ أَذَّنَا لِلنِّسَاءِ إلَخْ) صُوَرُ أَذَانِهِمَا سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إمَّا أَنْ تُؤَذِّنَ لِنَفْسِهَا وَحْدَهَا أَوْ لِلنِّسَاءِ أَوْ لِلْخَنَاثَى وَالْخُنْثَى كَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مُحَرَّمَةٌ مَعَ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ مَعَ عَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْمُحَرَّمَةُ فَأَذَانُ الْمَرْأَةِ لِلْخَنَاثَى وَأَذَانُ الْخُنْثَى لِلنِّسَاءِ وَرَفْعُ صَوْتِهِ فِي هَذِهِ فَوْقَ مَا يَسْمَعْنَ وَأَذَانُهُ لِلْخَنَاثَى، وَالثَّلَاثَةُ الْجَائِزَةُ أَذَانُ الْمَرْأَةِ لِنَفْسِهَا وَأَذَانُ الْخُنْثَى لِنَفْسِهِ وَأَذَانُ الْمَرْأَةِ لِلنِّسَاءِ يُعْلَمُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ شَرْحِ م ر حَيْثُ قَالَ وَلَوْ أَذَّنَتْ الْمَرْأَةُ لِلْخَنَاثَى لَمْ يَصِحَّ أَذَانُهَا وَأَثِمَتْ وَكَذَا لَوْ أَذَّنَتْ الْخُنْثَى لِلنِّسَاءِ أَوْ الْخَنَاثَى إلَى أَنْ قَالَ أَمَّا إذَا أَذَّنَ كُلٌّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِنَفْسِهِ أَوْ أَذَّنَتْ الْمَرْأَةُ لِلنِّسَاءِ كَانَ جَائِزًا غَيْرَ مُسْتَحَبٍّ اهـ بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ فِي اللَّفْظِ.
إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت عَدَمَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ كَلَامِ م ر وَالشَّارِحِ فِي صُورَةِ أَذَانِ الْخُنْثَى لِلنِّسَاءِ حَيْثُ نَصَّ فِيهَا م ر عَلَى الْحُرْمَةِ وَنَصَّ الشَّارِحُ عَلَى الْجَوَازِ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ أَذَّنَا لِلنِّسَاءِ إلَخْ وَوَجْهُ دَفْعِ الْمُخَالَفَةِ أَنْ م ر قَيَّدَ الْحُرْمَةَ فِيهَا بِمَا لَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ فَوْقَ مَا يَسْمَعْنَ وَالشَّارِحُ قَيَّدَ الْجَوَازَ بِقَوْلِهِ بِقَدْرِ مَا يَسْمَعْنَ لَكِنْ تَبْقَى الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ أَوْ فَوْقَهُ مَعَ أَنَّ م ر نَصَّ عَلَى الْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ كَمَا عَلِمْت وَلَا جَوَابَ عَنْ هَذِهِ الْمُخَالَفَةِ غَيْرُ أَنَّ الشَّارِحَ قَدْ جَرَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى ضَعِيفٍ وَهَذَا يَكْفِي فِي الْجَوَابِ تَأَمَّلْ لِكَاتِبِهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ ذِكْرُ اللَّهَ تَعَالَى) أَيْ فَيَحْصُلُ لِقَائِلِهِ ثَوَابُ الذِّكْرِ الْمَخْصُوصِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ ذِكْرًا مَا لَمْ تَقْصِدْ الْأَذَانَ الشَّرْعِيَّ، فَإِنْ قَصَدَتْهُ حَرُمَ عَلَيْهَا ذَلِكَ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ فَوْقَهُ كُرِهَ) الْمُعْتَمَدُ حِينَئِذٍ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا أَيْ قَصَدَتْ الْأَذَانَ أَمْ لَا، كَانَ هُنَاكَ أَجْنَبِيٌّ أَمْ لَا وَهَذَا كُلُّهُ لِلنِّسَاءِ، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِنَّ حَرُمَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بَلْ حَرُمَ إنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ) وَإِنَّمَا جَازَ غِنَاءُ الْمَرْأَةِ مَعَ سَمَاعِ الرَّجُلِ لَهُ إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْهُ فِتْنَةً؛ لِأَنَّ فِي تَجْوِيزِ الْأَذَانِ لَهَا حَمْلًا لِلرَّجُلِ عَلَى الْإِصْغَاءِ وَالنَّظَرِ إذْ هُمَا لِلْمُؤَذِّنِ حَالَ أَذَانِهِ سُنَّةٌ وَهُمَا مُوقِعَانِ لَهُ فِي الْفِتْنَةِ بِخِلَافِ تَمْكِينِهَا مِنْ الْغِنَاءِ لَيْسَ فِيهِ حَمْلُ أَحَدٍ عَلَى مَا يَفْتِنُهُ أَلْبَتَّةَ لِكَرَاهَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute